سؤال من قارئ: أنا أعمل في مجال التصنيع منذ أكثر من 20 عاماً، وأعمل الآن لصالح شركة منتجة للمواد غذائية ومدرجة على قائمة "فورتشن 500". كانت الأشهر الـ 18 الأخيرة بمثابة العيش في جحيم، فقد اتُهمت زوراً بارتكاب عدة مخالفات، ولا أعلم كيف أتصرف إذا اتهمني مديري مجدداً. لم يطلب مني مدير المصنع تفسير ذلك على الإطلاق، لكنه اعتقد أنني مذنب. كما أنهم لم يخفضوا رتبتي، لكنهم أبعدوني عن الوظيفة التي كنت أؤديها، لقد أوكلوا إلي وظيفة أخرى، لكنني أجدها مملة جداً وعديمة الجدوى، ولا أستمتع فيها على الإطلاق، وما يجعلني استمر في العمل هو المال، إذ إنني أتقاضى راتباً جيداً. لكنني لا أتلقى الاحترام على الإطلاق، ولهذا فسؤالي هو:
كيف يمكنني أن أجد السعادة مجدداً في العمل بعدما تلقيت الاتهامات الباطلة؟
يجيب عن هذا السؤال:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
بلير ديسيمبريل: خبيرة مهنية في شركة "لينكد إن".
بلير ديسيمبريل: إن اتهامك زوراً بارتكاب مخالفات دون إتاحة الفرصة لك لمشاركة وجهة نظر هو أمر سيئ جداً. ويمكنني فهم سبب شعورك بعدم الاحترام والاستياء، إذ إن الاحترام هو أحد أهم مقومات مكان العمل الناجح. تشير البيانات لدينا إلى أن 66% من المهنيين سيرفضون فرصة جديدة إذا رأوا أن مديرهم لن يشعرهم بالاحترام. ويقول أكثر من 75% من الموظفين أنه عند التفكير في قبول وظيفة جديدة، من الضروري أن يشعروا بالراحة تجاه الشخص الذي سيكون مسؤولاً عنهم. لذلك، فإن مسؤولية ترك العمل أو الاستقالة تقع على عاتق الطرفين، أي الموظفين والمدراء، ويجب أن يكون هناك أخذ وعطاء عندما يتعلق الأمر بالاحترام. لذلك، فأنا أفهم ما الذي يشعر به تماماً.
أليسون بيرد: لقد واجهت صعوبة كبيرة في معرفة كيف يمكننا الاستجابة إلى صاحب هذا السؤال، لأنه يبدو في موقف صعب جداً. ولا أستطيع تخيل نفسي أعمل في مكان اتهمت فيه بارتكاب أمر معين، ولم يطلب مني أحد توضيح ما حصل، ولم تؤخذ وجهة نظري في الاعتبار، ثم يجري نقلي إلى وظيفة لم أجدها ممتعة على الإطلاق، ولا أعلم بالتحديد ما الذي يمكنه فعله سوى المغادرة، إلا إذا كان هناك طريقة بحيث يعلم من خلالها ما إذا كان لديه حلفاء في مكان ما في هذه الشركة يمكنهم دعمه.
دان ماغين: أعتقد أن الجميع يمر بأيام سيئة في العمل، والأشخاص الذين يبقون في وظائف لفترة طويلة يطورون آليات للتكيف عندما يمرون بيوم سيئ، كما أنهم يطورون صداقات وثيقة في العمل مع أشخاص يمكنهم التنفيس عنهم والتعاطف معهم ويشعرونهم بأنهم بجانبهم. لكن حين تشعر أنه تم اتخاذ قرار غير عادل بحقك، ولم يكن هناك ملاذ آمن، ولم يستمع أحد إليك خلال كل ذلك يكون ذلك موقفاً يصعب التعافي منه.
أليسون بيرد: ما الذي كان يحدث برأيك وساهم في جعله طرفاً سلبياً في هذا الظرف بأكمله؟
بلير ديسيمبريل: يعود ذلك إلى غياب التواصل المباشر. وبما أن هذه الاتهامات كانت مرتبطة بوظيفته الحالية الجديدة، فهناك الكثير من الأسئلة المفتوحة حول ما إذا كانت هذه الاتهامات الخاطئة لها بالفعل تأثير على وضعه الحالي. لذلك، قبل أن يفترض أنهم هم المخطئون، أود أن أوصيه بالتفكير فيما حصل سابقاً، وأن يسأل نفسه التالي: لماذا لم يطلب مني أحد توضيح المشكلة. ألا يتواصل عادة مع مديره؟ هل يعلم على وجه اليقين أن تلك الاتهامات كانت نتيجة وضعه الحالي؟ أم أنه يفترض فقط؟
أليسون بيرد: هل يعلم ما هي الاتهامات بالتحديد، أم أنه سمعها فقط عن طريق دوامة الشائعات التي تحصل عادة، بدلاً من سماعها من مديره مباشرة؟
بلير ديسيمبريل: عندما تعالج أي مشكة وتحاول حلها، فأنت بحاجة إلى التأكد من أنك واضح تماماً بشأن المشكلة قبل أن تحلها، أما بخلاف ذلك، سيكون الأمر أشبه بالسير في الظلام.
أليسون بيرد: هل يستطيع العودة إلى أصل المشكلة؟ هل يستطيع تبرئة نفسه؟ هل يمكنه إصلاح علاقته مع مديره، وكسب الاحترام الذي يستحقه، والعودة إلى العمل الذي يحبه؟
بلير ديسيمبريل: يعتمد الأمر على الإجابة عن بعض الأسئلة. لذلك، أقترح أن يفتح حواراً مع مديره بطريقة تتيح له الفرصة لمشاركته ما يفكر فيه مباشرة من دون أن يُشعر المدير بأنه في موقع الدفاع. إذا طلب منه مراجعة أداء بشأن الوظيفة الجديدة، فإن هذا يمنح المدير الفرصة والأرضية المناسبة لمشاركة الملاحظات معه حول جودة عمله الحالي، بكل انفتاح وصراحة، وسوف تسمح له تلك الأرضية أيضاً أن يفهم ما إذا كانت تلك الاتهامات ستؤثر على وظيفته الحالية. إذا لم يكن المدير على استعداد لإجراء ذلك الحوار، فيمكنه الاختيار بين أمرين، إما إدراك أن الوقت قد حان لتخطي الأمر، أو الاعتراف بأنه لا يستطيع البقاء في الشركة مع حقيقة وجود تلك الاتهامات. أظن أن الوقت مناسب للمضي قدماً.
أليسون بيرد: ولا بد أيضاً من طرح هذا السؤال: هل أعيد طرح المشكلة القديمة، أم نتحدث عن المشكلة الحالية؟ وأرى أنه لا يمكن التطرق إلى أحد تلك الجوانب دون الآخر. لا أعتقد أنه يمكنننا الطلب من صاحب السؤال المضي قدماً في ذلك الحوار من دون الحديث حول حقيقة أنه لم يفعل ما اتهم به. إذا لم يوضح ذلك، فلا أعلم كيف يمكنه إيجاد السعادة في تلك المؤسسة.
دان ماغين: يمكنني تذكر اثنين من الأشخاص الذين أعرفهم ممن تعرضوا لمواقف إما مشابهة لهذا الموقف إلى حد ما، أو مرتبطة به على أقل تقدير، حيث شعرا أنه جرى اتخاذ قرارات غير عادلة، بالإضافة إلى الشعور بعدم الاحترام. وانتهى الأمر بكليهما بمغادرة المؤسسة، وبالنظر إلى الوراء في ذلك القرار فقد كان الأفضل من بين جميع القرارات الأخرى. وقد تمنيا لو أنهما غادرا المؤسسة في وقت أبكر، إذ إنهما لا يزالان منزعجين من تلك المواقف، وإن محاولة العثور على مؤسسة أخرى للعمل فيها قد يكون أفضل قرار يقوده إلى السعادة، على الرغم من حاجته للمال الذي يتقاضاه.
أليسون بيرد: لقد كتب لنا توماس تشامورو بريموزيتش مقالة رائعة مستندة إلى العلم حول المؤشرات التي تنبهك بأن الوقت قد حان للانتقال إلى وظيفة جديدة، وكان من بينها حقيقة إذا كنت ما زلت في وظيفتك الحالية من أجل المال فقط. وهناك مؤشران آخران، وهما إذا كنت تشعر بأنك غير مقدر في العمل، أو إذا كنت تكره مديرك. لذلك، إذا كان كل ما سبق ينطبق على صاحب هذا السؤال، فأنا أرى أن الوقت قد حان بالنسبة إليه للبدء باستكشاف الفرص الأخرى، ويمكنه فعل ذلك وهو لا يزال في عمله الحالي.
بلير ديسيمبريل: عندما يتعلق الأمر بما نقدره، وما إذا كان وقت المغادرة قد حان، فإن أول ما أنصح به أي شخص مهني وخاصة صاحب هذا السؤال هو تدوين ما يريده من الوظيفة بدقة، هل ما يريده هو المرونة؟ هل هو المال؟ هل هو القدرة على التعلم؟ إن ذلك سيعطيه إجابة واضحة لنوع الخطوة التالية، بالإضافة إلى الرؤية الأفضل التي سيكتسبها حول إمكانية التعايش مع هذه الاتهامات في المحيط.
دان ماغين: إذا كان بحاجة إلى البقاء في هذه الوظيفة من أجل المال، الأمر الذي تشكل لديه ربما بسبب ما يمر به في حياته فيما يتعلق بالنفقات ومكان وجوده وما نوع الفرص الأخرى التي قد تكون موجودة، أتساءل عما إذا كان يفكر بعمل جانبي في محاولة للعثور على أمر يشغله أكثر. إذاً، ربما هناك طريقة تمكنه من فعل أمر كهذا؟
بلير ديسيمبريل: إن فكرة العمل الجانبي التي طرحتها تنطوي على شغف كبير في وقتنا الحالي، وإنها بمثابة مشروع ينظر إليه الكثيرون، خاصة موظفي جيل الألفية. وهي طريقة رائعة تمكن المهنيين من اكتشاف الفرص والتحولات المحتملة إذا كانوا يبحثون عن انتقال وظيفي.
أليسون بيرد: في الوقت نفسه، أنت تؤدي عملك خلال معظم ساعات اليوم وأعتقد أن قلة الحماس يجعلك تدفع ثمناً نفسياً بعد مرور بعض الوقت. لكن قد يكون من الأفضل فعل أمر يخدمك أكثر في هذه الحالة وهو قضاء هذا الوقت في التواصل، وتنقيح السيرة الذاتية، واكتشاف فرص أخرى يمكنك البدء من خلالها العمل بدوام كامل لتكون أكثر سعادة.
بلير ديسيمبريل: تعد مهارات قضاء الوقت بالتدريب طريقة ممتازة حقاً للتأكد من أنك قادر على المنافسة في سوق العمل اليوم. إذ يوظف 70% من مدراء التوظيف مرشحين لا يتطابقون تماماً مع المهارات أو الخبرة التي يبحثون عنها في إطار شغل وظيفة معينة، ولكنهم يظهرون مهارات قابلة للتكيف.
دان ماغين: هناك افتراض بأنه يشعر بالذنب إلى حد ما، وهو جزء من السبب الذي يجعله يشعر بهذه العواطف المعقدة، وقد يكون من المفيد له إعادة طرح المشكلة ومحاولة فهم ظروف عملية صنع القرار على الأقل، تلك الظروف التي أحاطت بمدير المصنع وجعلته يرغب بعدم مناقشة المشكلة معه. نرى أن محاولة تحويل تركيزه وتركيز الشركة من مرحلة ما حدث في الماضي إلى مرحلة أدائه الوظيفي الحالي ربما سيساعده في هذا الحالة. إنه لا يستمتع بالوظيفة الجديدة، بل إنه يكرهها تماماً، ولكن إذا كان يؤديها بصورة جيدة جداً، فقد يمنحه ذلك المزيد من الأمان فيما يحدث حوله. في النهاية، سيحتاج إلى تحديد متى يمكنه تخطي الأمر، وإذا لم يتمكن من ذلك، فربما سيحتاج إلى اتخاذ قرار مغادرة المؤسسة. إذا اتخذ قرار المغادرة، ينبغي أولاً التفكير في المهارات التي قد يحتاجها للوظيفة الجديدة، مثل تلقي بعض التدريب من أجل الحصول على المهارات اللازمة التي ستجعله أكثر جاذبية لباقي المؤسسات. قد يفكر أيضاً في أكثر الأمور التي تعنيه في الوظيفة، هل يعنيه المال فقط؟ هل المرونة هي أكثر ما يهمه؟ هل يتعلق الأمر بالتعلم؟ أم أن مهمة المؤسسة هي التي تجعله يتمسك فيها؟ إذاً، بدلاً من مجرد مغادرة الشركة ومحاولة العثور على وظيفة من أجل الهروب فقط من هذا الوضع غير المريح، يمكنه التصرف على نحو استراتيجي من خلال محاولة العثور على وظيفة تعطيه تلك السعادة التي يبحث عنها كل يوم، وذلك أفضل إجابة لسؤاله الذي كان: كيف أتصرف إذا اتهمني مديري زوراً بارتكاب المخالفات؟.
اقرأ أيضاً: