محمد يونس مؤسس بنك رواد الأعمال

3 دقائق

حاز محمد يونس على جائزة "نوبل" بصفته رائد فكرة "القروض التجارية الصغيرة" (Microcredit)، وهي قروض لمساعدة الفقراء على بدء أعمالهم التجارية، وذلك عبر بنك "غرامين" في بنغلادش. استقال محمد يونس من منصب الرئيس التنفيذي للبنك عام 2011، عن عمر يناهز 70 عاماً، بضغط من الحكومة البنغالية حينها، لكنه لا يزال يلعب دوراً في مشاريع مختلفة لبنك "غرامين" في دول أخرى. أجرى هذه المقابلة مع محمد يونس أليسون بيرد.

هل ندمت على بقائك في منصبك لفترة طويلة دون أن تؤهل شخصاً مناسباً ليشغل مكانك؟

لا، ليس هناك ما يدعو للندم. بنك "غرامين" شركة ذات هيكلية تراتبية هرمية. وأعتقد أنه سيكون من المخجل فعلاً لو أن هذه المؤسسة الحاصلة على جائزة "نوبل"، والتي ولدت من رحم مبادرة لأحد أبناء هذا البلد، ونمت بسواعد كادر من الموظفين المحليين، وما زالت مؤسسة تعمل داخل بنغلادش، ستبحث عن رئيس تنفيذي أجنبي لم ينشأ في بنغلادش، وقد لا يكون قادراً على التواصل بشكل جيد مع أصحاب البنك. فهل سيكون هذا الرجل الأجنبي أفضل من الأشخاص الذين تركتهم بعدي؟

لقد بدأ بنك "غرامين" كمشروع ميداني. لماذا كان النزول إلى الميدان بهذا القدر من الأهمية؟

حين كنت في مرحلة الدكتوراه، وخلال عملي بعدها محاضراً، تشكلت لدي نظرة عامة عن الواقع، وتمكنت من ملاحظة نطاق واسع من الأمور يكاد يكون شاملاً. ولكنني كنت حينها أرى نماذج الأشياء وأملؤها بالمعلومات، كالطفل الذي يلون الأشكال، وكنت بنفسي أرسم قصصاً حول الناس وسلوكهم. لكن حين عملت في القرية، وتنقلت بين منازل الناس وتحدثهم إليهم عن قرب، تشكلت لدي نظرة دقيقة عن الواقع ورأيت الأمور عن كثب، وتعرفت على كافة التفاصيل وما يحدث داخل حياة الناس. وهذه المعرفة أكثر أهمية، لأنها مكنتني من الوقوف على أصل المشكلة وبالتالي البدء في حلها، حيث كانت البداية بتحديد مشكلة صغيرة وحلها، فتشكل لدي الدافع والحماسة لمواصلة العمل.

إلى أي مدى تنخرط عملياً في المشاريع المشتركة لبنك "غرامين"؟

في معظم الأحيان لا أسهم شخصياً في تصميم المنتجات، ولكنني أكون الطرف المحرك الذي يجمع بين الأطراف المعنية للتعاون معاً، بحيث أركز على الأهداف وأذكّر الجميع بما نسعى إلى تحقيقه. في حالة شركة "دانون" مثلاً، عرضوا علي علبة لبن بلاستيكية، فقلت لهم: "في مؤسسة الأعمال الاجتماعية لا يمكن استخدام البلاستيك. علينا استخدام مواد قابلة للتحلل". فقال لي المسؤولون من "دانون": "ولكننا نستخدم البلاستيك في كافة أرجاء العالم"، فأجبتهم وقلت: "أنتم في بقية أرجاء العالم تسعون لتحقيق الربح، أما هنا فهذه مؤسسة أعمال اجتماعية". لم يرق لهم ما قلت، ولكنهم شرعوا في البحث عن حل لهذا الأمر. وبعد 4 أشهر عادوا بعلبة جديدة مصنوعة من نشا الذرة. فسألتهم: "هل يمكن أن آكل هذه العلبة؟ لماذا يجب على الفقراء إنفاق المال على أمر سيضطرون للتخلص منه في النهاية؟ ما الذي يمنع من وضع مواد غذائية في تصنيع العلبة؟" فعادوا واجتهدوا من أجل تصنيع علبة صالحة للأكل. فهذه الشركات تمتلك مقدرات إبداعية هائلة، لكن إن لم تطلب منهم ما تحتاج إليه فلن تحصل منهم على إجابة.

لديك شبكة واسعة من العلاقات والداعمين. كيف تنجح في بناء هذه العلاقات وضمان الدعم لأفكارك؟

أنا لا أتبع أساليب ملتوية من أجل الحصول على دعم، لكن الآخرين يعرضون دعمهم لأن الأفكار تنسجم مع رغبتهم وحرصهم على مساعدة الفقراء.

97 % من القروض التي يوفرها بنك "غرامين" تذهب للنساء، فهل هن أفضل من الرجال في الأعمال؟

كانت النساء لا يحصلن سوى على 1% من القروض التي تقدمها البنوك في بنغلادش، وعندما أنشأت بنك "غرامين"، حرصت على أن يكون نصف المستفيدين من القروض على الأقل من النساء. وحين تواصلنا مع السيدات في المجتمع قلن لنا: "نحن لا نعرف ماذا نفعل بالمال، نحن نخاف من المال، أعطوا المال لأزواجنا". فقلت في نفسي: "هذا الصوت لا يمثل المرأة، ولكنه صوت النظام والتاريخ والظروف التي خلقت هذا الخوف في ذهنها". لقد احتجنا 6 سنوات حتى حققنا هدفنا بأن تمثل المرأة 50% من العملاء المستفيدين من القروض. ثم لاحظنا أن النساء اللواتي يحصلن على القروض يحققن لأسرهنّ منافع أكبر مما يتمكن الرجال من تحقيقه، فالمرأة تريد أن تبني شيئاً للمستقبل بما يتوفر لديها من مال، أما الرجل فيميل إلى إنفاقه بسرعة، لذا قررنا تغيير سياستنا للتركيز على المرأة.

لبنك "غرامين" حضور عالمي الآن، ما الفروقات الثقافية التي لاحظتها؟

لدينا الآن بنك في مدينة نيويورك، فيه 9 آلاف مقترض، ويبلغ متوسط قيمة القرض 1,500 دولار، بمعدل سداد يتجاوز نسبة 99%، وهذا الفرع يؤدي نفس مهمة البنك في بنغلادش، وليس هنالك تباين ثقافي في هذا الهدف، فنحن نركز على هدف "غرامين" الأساسي: توفير قروض صغيرة للنساء الفقيرات.

هل تعتقد أنك ستتقاعد نهائياً من العمل يوماً ما؟

لا أعتقد أن أي إنسان يرغب في التقاعد طالما أنه يستمتع بالحياة، وأنا الآن أستمتع بحياتي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي