إليك هذا المقال الذي يتحدث عن محادثات مهمة لكل أم أو أب تحديداً. يخوض الأبوان العاملان في بعض الاحيان صراعاً داخلياً بين عدم قدرتهما على الإيفاء باحتياجات أسرهم وتلبية أهدافهما المهنية. ولا شك أنّ تحقيق التوازن الصحيح بين الأمرين صعب. وكما هي الحال مع معظم التحديات التي نواجهها في العمل، فإنّ إجراء محادثة صريحة وصادقة هو إحدى الخطوات الأولى نحو إيجاد حل. إذا كنت قادراً على التحدث عن المشكلة، فيمكنك في أغلب الأحيان حلها، أو على الأقل التوصل إلى حل وسط لها.
أنجبت بريتني (المشاركة في كتابة المقال) طفلها قبل ست سنوات وقررت خوض تجربة إعادة التفاوض على الحدود الفاصلة بين حياتها المهنية وحياتها الشخصية. أما جوزيف (الكاتب الآخر)، فرأى كيف أنّ مهارة بريتني في القيام بذلك لم تجعلها أكثر سعادة فحسب، بل غيّرت كذلك ثقافة شركتنا بأكملها لتصبح أكثر استعداداً لتقديم الدعم للآباء والأمهات العاملين.
محادثات مهمة لكل أم أو أب
إذا كنت أباً أو أماً يتطلع إلى إقامة توازن صحي والحفاظ عليه _ من أجلك ومن أجل أطفالك وحتى من أجل شركتك أو مؤسستك - فهناك أربعة أنواع محددة من المحادثات التي نوصي بها.
محادثة مع نفسك
إنّ المحادثة الأولى المستمرة التي تحتاجها هي مع نفسك. عليك توضيح من تكون وماذا تريد قبل أن تتمكن من التفاوض بثقة على حدودك. إذا فشلت في خوض هذه المحادثة الأولية، قد تتغلب العواطف على العقل ومن السهل أن تتورط في لعبة خاسرة لإرضاء شخص آخر بدلاً من اختيار ما هو مناسب بالنسبة لك. إنّ إجراء هذه المحادثة مع نفسك أولاً سيجعل جميع المحادثات الأخرى أقل إرهاقاً.
محادثة مع رئيسك وزملائك
تعامل مع هذه المحادثة بصفتها محادثة تكتيكية جارية تتفاوض خلالها على تفاصيل ساعات العمل وكمية العمل المطلوبة منك.
اجلس مع رئيسك وزملائك في الفريق وأخبرهم عن مدى شغفك بحياتك المهنية والتزامك بتحقيق أهدافك المتعلقة بالعمل، ومن ثم شاركهم دون أن تشعر بالأسف كيف ترتبط التزاماتك تجاه عائلتك بهذه الأولويات. قد تقول على سبيل المثال: "أرغب في إدارة مشروعات كبيرة. شعوري لا يوصف عندما أنجز أموراً مهمة. أنا على استعداد للإشراف السريع على عمل الفريق ومتابعته لفترات قصيرة للتأكد من أنّ الأمور تسير على ما يرام. لكن هذه المهام الإشرافية يجب أن تكون عرضية. فأنا أعتزم كذلك أن أكون حاضراً باستمرار وأن أتابع حياة أطفالي". بعد تحديد هذه المبادئ بصراحة، لاحظ ما إذا كان زملاؤك يعبرون عن خيبة أمل خفيفة أو عن دعم أو مجرد تسليم بالأمر. إذا قبلوا بالأمر على مضض، يجب أن تتوقع الأسوأ عندما يكون هناك ثمن عليهم أن يدفعوه كي تستطيع أن تضع حدوداً لنفسك.
من المحتمل ألا يدعم زملاؤك في الفريق نمط الحياة الذي تنوي إلزام نفسك به. لكن تذكر أنه حتى وإن لم تحصل من هذه المحادثة على ما تريد، فإنها لا تعد فاشلة. إنّ معرفة أين يقف الجميع سيوفر لك المعلومات التي تحتاجها لاتخاذ الخيار الأمثل بشأن كيفية المضي قدماً في حياتك المهنية. قد تجد أنّ ترك الشركة أو المؤسسة وإيجاد شركة توفر لك المزيد من الدعم هي أفضل طريقة للوصول إلى أهدافك وتجنب البديل وهو التأخر في ترك العمل بالشركة، على الرغم من أنه أمر لا مفر منه.
عندما عادت بريتني إلى العمل، شعرت بالتوتر في البداية بشأن طلب مزيد من المرونة في العمل من مديرها وإجراء تعديل طفيف على جدول مهامها نظراً لحاجتها إلى البقاء لفترة أطول في المنزل. في نهاية المطاف، كانت محادثتهما ناجحة لأنها كانت تؤمن بصدق بأنّ حصولها على مرونة أكبر في العمل سيتيح لها الوفاء بالتزاماتها بشكل أفضل في المنزل وفي العمل.
محادثة مع الزوج أو الزوجة
تحدث بصدق مع زوجتك أو تحدثي بصدق مع زوجك حول أهدافكما المشتركة المتعلقة بأطفالكما. إذا اتفقتما، على سبيل المثال، على أنه من الضروري أن يكون أحد الوالدين على الأقل حاضراً في المناسبات المهمة في حياة طفلكما، ابحثا عن طرق لتبادل المهام للإيفاء بهذه الالتزامات. قد ترغب في التحدث مع رئيسك في العمل بشأن أهدافك في تحقيق التوازن بين عملك وحياتك الأسرية، ولكن إذا لم يكن شريكك مستعداً لفعل الشيء نفسه، فسيكون من الصعب تلبية الأهداف التي حددتماها وقد يشعر كلاكما بالاستياء. شجع شريكك على إجراء هذه المحادثات الصعبة في مكان العمل بحيث يمكنكما تحقيق أهدافكما معاً.
عندما عدلت بريتني برنامج عملها، فعل زوجها الذي يعمل لحسابه الخاص الأمر نفسه. على الرغم من أنه كان يعمل بلا كلل من أجل إطلاق شركته، فقد خفض ساعات عمله لقضاء بعض الوقت مع ابنهما أثناء وجود بريتني في العمل، والعكس صحيح. ساعد نهج العمل المشترك المتبع على إدارة وقتهما بطرق تتماشى مع أهدافهما.
محادثة مع طفلك (أطفالك)
اشرح لهم الالتزامات التي التزمت بها عن طيب خاطر سواء في العمل أو في المنزل. ساعد أطفالك على فهم أنّ الوقت الذي تقضيه بعيداً عنهم ليس لمجرد أن تكون بعيداً عنهم، وإنما هو أمر له قيمة لديك ويساهم أيضاً في توفير حياة أكثر سعادة لجميع أفراد العائلة. تحدث إلى أطفالك عن شغفك بعملك والمهارات التي طورتها لتتفوق في منصبك وكم أفرحك ذلك. اشرح لهم مدى رغبتك في إعطائهم الأولوية، وكيف أنّ الأمر قاس عليك أيضاً عندما لا تقدر على ذلك. لا تقلل من صعوبة مشاعرك، وعبر عما تشعر به من حزن عندما لا تكون معهم. إنّ تشارك الشعور بالحزن يخلق في الواقع اتصالاً. إذا رأى طفلك أنّ الأمر صعب عليك سيمكنه أن يفهم بشكل أفضل أنّ غيابك العرضي لا يعكس مدى حبك له.
عندما طُلب من بريتني أن تسافر لأجل العمل، لم تدع على الإطلاق بأنّ مديرها الشرير أرغمها على السفر، حتى وإن كان من الأسهل عليها إيصال تلك الرسالة لأولادها الذين أخبرتهم أنها ستفتقدهم لكن عليها الآن أن تفي بمسؤوليات أخرى مهمة. والآن بعد أن أصبح أطفالها أكبر سناً، تتحدث معهم بصدق عن برامج العمل والأولويات. وفي هذه المحادثات الجارية، تشرح لهم أنه حتى عندما يكون الأم والأب مشغولين بالعمل، فإنّ احتياجات الأسرة تبقى دائماً على رأس أولوياتهما.
لا شك أنّ هذه المحادثات الأربع تمثل تحدياً وقد لا تسير دائماً مثلما تريد أو تخطط، وذلك تبعاً لظروفك وتوقعات رئيسك وزملاء العمل وشريكك. كما أنّ إجراءها لا يضمن ألا تتأثر مهنتك على الإطلاق، وخصوصاً بالنسبة للمرأة الموظفة. لسوء الحظ، ما زلنا نعيش في عالم تدفع فيه الكثير من النساء ضريبة الأمومة عبر تقليص الفرص والتعويضات في حياتهن المهنية. كما أنّ إجراء المحادثات الأربع لا يضمن الحصانة ضد مظاهر عدم المساواة في مكان العمل، ولكنه يضمن إمكانية تحقيق التغيير الذي تريد رؤيته في حياتك. إذا لم تجر المحادثة على الإطلاق، فإنك ستفشل قبل أن تجرب ذلك.
إنّ التوازن هدف منشود على الدوام ويتطلب الوعي المستمر والتواصل عن طريق محادثات مهمة لكل أم أو أب ولكنه قابل للتحقق من خلال التحلي بالمهارة ووجود غاية واضحة. هل هناك حافز أفضل من الأطفال بالنسبة للأهل من أجل الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة الأسرية؟
اقرأ أيضاً:
- كيف يمكن للوالدين أن يخصصا الوقت للتركيز الذهني؟
- كيف يمكن أن يعدل المدراء في مرونة العمل بين الوالدين وغير الوالدين؟
- عودة الوالدين إلى العمل بعد تجربة فقدان الحمل
- كيف يمكن للوالدين العاملين إعطاء الأولوية للنوم؟