سواء في حياة الشركات أو في ريادة الأعمال، فإن وصفة النجاح واضحة، ألا وهي: الكسب وتنفيذ مشاريع مربحة. والأسباب واضحة أيضاً وهي أنه لن يكون عملك التجاري موجوداً دون نقود لتشغيله، وكلما زادت تلك النقود أكثر، كان ذلك أفضل. ولكن الأمر الذي يُعتبر أقل وضوحاً هو أنه عند مرحلة معينة، قد يؤدي عدم رفضك لأعمال مربحة إلى إحباط نجاحك المستقبلي بالفعل.
بعد سنوات من تنمية عملك التجاري إلى الحد الذي يكثر فيه الطلب على ما تقدمه، فإنه غالباً ما يكون من الصعب على نحو لا يُحتمل تحويل أولوياتك من كسب الإيرادات وقبول كل طلب عمل يأتيك إلى تعلم كيف ومتى تقول "لا". إليك فيما يلي كيفية تحديد متى يجب عليك رفض ما كنت قد تعتبرها، في الماضي، فرصاً مثيرة.
أولاً، يمكنك التفكير في رفض عمل ما عندما يصبح منحنى التعلم لديك مسطحاً. فخلال الأيام الأولى من عملك التجاري، يكون النوع الجديد من المشاريع مثيراً للغاية، ولا سيما ذلك المشروع المربح. وستعتبره فرصة للنمو تختبر خلالها حدود مهاراتك وتوسعها، والذي ربما سيمكّنك من الدخول في "حالة التدفق" التي قد تتباهى بها كثيراً. ولكن بعد فترة، يصبح الأمر روتينياً وستعمل من أجل المال فقط بكل ما في الكلمة من معنى.
وكما يشير كل من ويتني جونسون وجوان منديز: "عند اقترابنا من مرحلة الإتقان، يتباطأ تقدم معدل التعلم لدينا، وفي حين أن القدرة على فعل أمر ما تنطوي تلقائياً على الكفاءة، فذلك يعني أيضاً أن أدمغتنا أصبحت الآن تُصدر عدداً أقل من الناقلات العصبية المسؤولة عن الشعور الجيد، وتكون رحلة التشويق قد انتهت". ذلك الشعور بالملل يؤدي في النهاية إلى فقدان الدافع، وفي بعض الحالات، ضعف الأداء. إذا كان بإمكانك بدلاً من ذلك تحويل انتباهك إلى إتقان مهارات جديدة، وهي الحالة المعروفة باسم "القفز على منحنى S"، فيمكنك عندها مواصلة المثابرة في العمل وجعله أكثر متعة.
ثانياً، يجب أن تفكر في رفض المال عندما تكون قد حددت طرقاً أكثر استراتيجية لبناء عملك التجاري. قد بدأ مايكل بنغاي ستانير مسيرته المهنية مدرباً تنفيذياً لأنه أراد مساعدة القادة، لكنه يشير إلى اكتشاف مؤسف إلى حد ما. يقول: "في مرحلة معينة، وصلت إلى فهم عميق بأنني في الواقع لم أستمتع بالتدريب كثيراً". لقد كان مهتماً بمساعدة الناس على تغيير سلوكياتهم، ولكن "كان عمله يجعله يشعر بالوحدة القاتلة والعزلة الشديدة ويسخر طاقته في غير محلها". وعلى الرغم من أنه كان يحقق مكاسب جيدة في النهاية بصفته مدرباً، فقد أدرك الحاجة إلى رفض ذلك العمل من أجل بناء نموذج عمل أكثر قابلية للتطوير بما يتناسب مع شخصيته على نحو أفضل. واليوم، يترأس مايكل شركة بوكس أوف كرييونز (Box of Crayons)، وهي شركة لتدريب المدراء على كيفية تدريب موظفيهم بفاعلية، والتي ساعدته على تعزيز خبرته وإخراجه من عمل التدريب الفردي الذي لا يحبه.
أخيراً، بمجرد أن يبلغ عملك التجاري عتبة الاستدامة المالية، يمكنك البدء في التخلي عن العمل الذي لا تستمتع به.
أسس جيسون غايغنارد، وهو رائد أعمال كندي، والذي كتبت عنه بإيجاز في كتابي الأخير "الريادي الذي بداخلك" (Entrepreneurial You)، مؤتمراً شعبياً أطلق عليه اسم حوارات مع العقول المدبرة أو "ماسترمايند توكس" (Mastermind Talks). وعلى خلفية ذلك النجاح، بدا أنه لن يكون هناك عناء فكري في البدء بتجهيز مجموعة من الأنشطة الحصرية لهذا المؤتمر بمبلغ 25 ألف دولار سنوياً على أن تضم ندوات ربع سنوية لمناقشة ما يدور خلف الكواليس في شركات، مثل "سيرك دي سولي" (Cirque du Soleil) و"آبل" و"آريا ريزورت آند كازينو"، يليه حضور متحدثين ومشاركين ضيوفاً يناقشون التحديات التي تواجه أعمالهم.
لكن ما وجده غايغنارد، وعلى عكس مؤتمر "ماسترمايند توكس" الذي كان مرهقاً لكنه مبهج بالنسبة له، كان تنظيم الندوات مجرد استنزاف لطاقته، يقول: "إنه لم يُشعل الحماس في داخلي تماماً بل إنه استنزفتني بالفعل، وظننت أنني سأستمتع به لكنني أدركت أنني كنت مخطئاً". وعلى الرغم من الإيرادات الضائعة المقدرة بمئات الآلاف من الدولارات، فقد أغلق البرنامج بعد عامين. في بعض الأحيان، عليك أن ترفض المال من أجل الحفاظ على سعادتك.
لقد شقّ القادة الناجحون طريقهم من خلال إعطاء الأولوية للإيرادات، ولكن، عليك تكييف استراتيجياتك لتناسب الظروف. فمع نموك ونمو عملك التجاري، يمكنك البدء في موازنة مسائل أخرى فيما يتعلق بأين سوف تستثمر وقتك. إن الإيرادات مهمة دائماً، ولكن في بعض الأحيان، قد تكون المتغيرات الأخرى أكثر أهمية.