تقرير خاص

4 مبادرات استراتيجية طموحة للارتقاء بمنظومة وزارة البيئة السعودية

4 دقيقة
مبادرات البيئة السعودية
shutterstock.com/Hyserb
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع توقع نمو عدد سكان العالم إلى 9.8 مليارات نسمة بحلول عام 2050، أصبح ترشيد استخدام الموارد المتاحة أكثر أهمية من أي وقت مضى، ولا سيما وسط تهديدات كلّ من الأمن الغذائي والمائي والمناخي التي يعاصرها سكان كوكب الأرض، إذ يعيش أكثر من ملياري شخص في بلدان لا تملك إمدادات الوصول الآمن إلى المياه النظيفة، ويموت نحو 25 ألفاً يومياً بسبب الجوع، وقد يصبح الوضع أسوأ باستمرار الآليات نفسها المتبعة في الإنتاج، إذ إن استمرار الممارسات غير المستدامة قد تؤدي إلى تدهور أكثر من 90% من تربة الأرض بحلول عام 2050، وخسائر في غلة المحاصيل تصل إلى 50%، إضافة إلى تأثر الملايين بالتقلبات المناخية.

مع رهبة هذه الأرقام، يعلّق الكثيرون، ولا سيما في قطاعات الزراعة والمياه والغذاء، آمالاً كبيرة على البحث والابتكار لإيجاد طرق جديدة وأكثر كفاءة لإدارة الموارد، وإنتاج خدمات وحلول مستدامة، لضمان استمرار ازدهار الكوكب والمجتمع للأجيال القادمة.

وقد وضعت المملكة العربية السعودية محور الاستدامة البيئية والاحتياجات الأساسية في صلب أولوياتها الوطنية للبحث والابتكار التي أعلنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار.

وتماشياً مع هذا التوجّه، وإيماناً منها بأهمية البحث والابتكار في قطاعاتها، وضعت وزارة البيئة والمياه والزراعة البحث والابتكار ضمن أولوياتها، فأسست وكالة للبحث والابتكار، تُعنى بإدارة ملف البحث والابتكار في المنظومة، وذلك بتوجيه الجهود والموارد تجاه الأولويات البحثية والابتكارية التي تسهم في مواجهة التحديات القطاعية، وتمكين الابتكار في هذه القطاعات من خلال بناء الشراكات، وتبنّي التقنيات والحلول الجاهزة، وبناء منظومة لريادة الأعمال.

وللقيام بهذا الدور في منظومتها، حدّثت الوزارة استراتيجيتها للبحث والابتكار بمشاركة أكثر من 150 خبيراً من أعضاء اللجنة العليا للابتكار بالوزارة ونخبة من الخبراء والمستشارين ومجموعة من قيادات المنظومة، إلى جانب مراجعة أكثر من 30 تقريراً ومستنداً ذا صلة للخروج بخطة استراتيجية تنفيذية للبحث والابتكار قادرة على توفير حلول وتضع أولويات ابتكارية لتحديات قطاعات الوزارة الثلاث.

وطورت وكالة البحث والابتكار هذه الاستراتيجية بالنظر إلى جانبي الطلب والعرض في البحث والابتكار، فمن ناحية الطلب، نظرت الاستراتيجية في التحديات التي تواجهها منظومة البيئة والمياه والزراعة، وإلى الحلول التقنية الجاهزة وشبه الجاهزة التي يمكن أن تسهم في تجاوز هذه التحديات الملحّة؛ ومن هذه التحديات الموازنة بين تعزيز الأمن الغذائي في المملكة وشح المياه فيها، وتعزيز الاستدامة البيئية دون التأثير على النمو الاقتصادي، كما نظرت الاستراتيجية كذلك في جانب العرض من خلال تطوير برامج ريادة الأعمال وبناء القدرات التي تمكّن من الاستفادة من الزخم الابتكاري في المملكة.

وبناءً على هذه التحديات، خرجت الاستراتيجية المحدّثة بأربع مبادرات استراتيجية، وهي: توجيه المنظومة عبر توجيه جهود البحث والابتكار بالقطاع تواءماً مع الاستراتيجيات ومهام الابتكار الوطنية، وتحسين الترابط وتعزيز الوعي بمجالات الابتكار، وريادة الأعمال في منظومة البيئة والمياه والزراعة، وتحفيز الطلب على تبنّي المنتجات التقنية والحلول المبتكرة في هذه القطاعات، وتعزيز المعروض عبر بناء قدرات البحث والابتكار لضمان تدفق كافٍ ومستقر من المنتجات والحلول الابتكارية التي تلبي الاحتياج في قطاعات الوزارة، وهكذا تؤدي الخطة دوراً مهماً في سد فجوة العرض والطلب لتحقيق الهدف النهائي المتمثل في تبنّي التقنيات المبتكرة بنجاح في قطاعات البيئة والمياه والزراعة.

وهكذا، حددت الخطة 20 مشروعاً تندرج تحت هذه الأهداف، ورتبت تنفيذها عبر 3 مراحل وفقاً إلى عاملي الأثر والجدوى، فمثلاً يضم هدف توجيه المنظومة مشروعات مثل وضع إطار حوكمة للبحث والتطوير والابتكار، وآلية توجيه التمويل للبحث والابتكار، وتقييم قدرات المنظومة وأدائها، ورصد التقنية واستشرافها، ووضع خريطة طريق نشر التقنيات، ويضم هدف تحسين الترابط مشروعات مثل بناء برامج للشراكات التقنية في قطاعات الوزارة، وتنفيذ منصة رقمية شاملة تُعنى بمشاركة الفرص المتاحة للابتكار، وتصميم جوائز البحث والتطوير، وخلق مجتمع ابتكاري في قطاعات البيئة والمياه والزراعة.

ويضم تحفيز الطلب مشروعات مثل تطوير الأطر التنظيمية، وتجريب التقنيات وبرهنتها، ودعم تبني الحلول من المستخدم النهائي، وتطوير المحفزات المساعِدة على تحسين الطلب على المنتجات والحلول الابتكارية، ودعم استيعاب المنتجات والحلول الابتكارية من المستخدمين النهائيين وتبنّيها، في حين تندرج تحت الهدف الأخير مشروعات مثل تصميم مساحات لريادة الأعمال، وتطوير منظومة ريادة الأعمال، وتصميم مراكز لتطوير التقنيات ونشرها، وتطوير الكفاءات، وإدارة التقنية وبراءة الاختراع.

وقد أعطت الخطة الاستراتيجية الأولوية للحلول الابتكارية التي تتسم بجاهزية عالية للتطبيق، إذ اتبعت نهجاً مكوناً من 3 خطوات لترتيب الحلول الابتكارية بحسب الأولوية، فأولاً قسّمت القطاعات إلى 12 نشاطاً في سلسلة الإمداد وحددت أكثر من 45 تحدياً وفرصة في هذه النشاطات، وثانياً حددت مجموعات التقنية وقوائم التقنيات المفصّلة التي وصلت إلى 60 مجموعة تقنية تحمل أكثر من 350 تقنية وابتكاراً، وأخيراً حددت المجموعات التقنية ذات الأولوية وفقاً لمعيارين هما الأثر المتوقع وسهولة التنفيذ، واختارت 30 مجموعة تقنية ذات أولوية.

فعلى سبيل المثال، كانت من بين مجموعات التقنية ذات الأولوية في قطاع البيئة مجموعات الري الذكي، وإدارة أراضي الرعي، ومراقبة النظام البيئي، وفي مجموعة الري الذكي مثلاً نماذج تقنيات مثل الري تحت السطح، والري الجزئي أو الري بالتنقيط، وأجهزة استشعار رطوبة التربة وإنترنت الأشياء.

ومن بين مجموعات التقنية ذات الأولوية في قطاع المياه، مجموعات إدارة التسرب الذكية، وإعادة استخدام مياه الصرف، واستهلاك المياه المبتكرة في المنازل، والاستهلاك المبتكر للمياه في الزراعة، وأنظمة التناضح العكسي المتقدمة. وعلى سبيل المثال، في مجموعة إدارة التسرب الذكية نجد نماذج تقنيات مثل كشف التسرب المباشر، وكشف التسرب عن بُعد، وتقنيات الحد من التسرب. وفي مجموعة إعادة استخدام مياه الصرف نماذج لتقنيات مثل تقنيات إعادة استخدام الزراعة وتربية الأحياء المائية وتربية الحيوانات، وتقنيات إعادة الاستخدام الصناعي.

وفي مجموعات التقنية ذات الأولوية في قطاع الزراعة، ركزت الاستراتيجية على تقنيات تسهم في حل تحديات مثل فقد الأغذية وهدرها، والزراعة المحمية، والإدارة المتكاملة للاستزراع المائي، والأقمار الصناعية والطائرات دون طيار. وفي مجموعة فقد الأغذية نجد نماذج لتقنيات مثل التسميد، والهضم اللاهوائي (عملية تحلل حيوي بطريقة طبيعية للمواد العضوية في غياب الأوكسجين)، واستخدام الضغط المرتفع، والتعبئة والتغليف المبتكرة، وتقنية البلازما.

وأخيراً، فإن وزارة البيئة والمياه والزراعة تؤمن بالدور الجوهري للبحث والابتكار في الخروج بحلول جديدة ومستدامة تسهم في حل التحديات القطاعية التي تواجهها المملكة، ووضعت لخطتها مراحل تنفيذ واضحة ومؤشرات أداء استراتيجية لتحقيق مستهدفاتها حتى عام 2030، وهي بذلك تسعى إلى الاضطلاع بدورها في بناء منظومة بحثية وابتكارية فعالة تعزز نشر التقنيات وتبنيها للارتقاء بمنظومة البيئة والمياه والزراعة، وتسهم في تحقيق مستهدفاتها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .