3 خطوات تساعدك في تحديد أولوياتك في العمل والحياة

5 دقائق
رسالة الأسرة

ملخص: تسبب جائحة "كوفيد-19" في توقف الكثير من الأسر العاملة وإعادة تقييم قيمها.  وهناك 3 ممارسات شائعة في العمل يمكن أن تساعدنا على تحديد ما يجب الاستمرار في فعله وما يجب التوقف عنه. أولاً: حدّد رسالة الأسرة أو غايتها. سيساعدك ذلك على التركيز على الأشياء الهادفة وتحديد الأولويات والتخلُّص من العناصر التي لا تتناسب مع قوائم المهام الفردية والجماعية. ثم اعمل بعد ذلك على تحديد أهداف عملية وقابلة للإنجاز تتفق مع رسالة أسرتك باستخدام استراتيجية الأهداف الذكية. وأخيراً، تعرَّف على ما يجب فعله عندما تحيد عن المسار السليم. وإذا اصطدمت بعقبة في الطريق، بدلاً من الانطلاق نحو تحقيق هدفك، فلا بد من وقفة مع النفس وإعادة تقييم الموقف. وعندما تتغيّر الظروف، قد نضطر أيضاً إلى تغيير توقعاتنا بشأن ما يمكننا تحقيقه على أرض الواقع.

 

لا أجد من الكلمات ما يسعفني لوصف حياة الآباء والأمهات العاملين. إن قلتُ مشغولين دائماً، فلن أوفيهم حقهم. فقد تسببت جائحة "كوفيد-19" في اضطرارنا إلى التزام البقاء في المنازل والدخول في دوامة لا تنتهي من العمل وتولي مسؤوليات تعليم أطفالنا وإعداد وجبات متعددة خلال اليوم الواحد لإطعام كافة أفراد الأسرة، وهو ما أقنع الكثيرين في النهاية بأنهم بحاجة إلى وقفة مع النفس وإعادة تقييم الموقف. ومع بدء العام الدراسي الجديد وعودة بعضنا إلى المقرات المكتبية خلال بعض أيام الأسبوع على الأقل، كيف نبدأ ممارسة روتين حياتنا اليومية دون العودة إلى طاحونة المهمات التي لا تنتهي؟

هناك 3 ممارسات شائعة في العمل يمكن أن تساعدنا على تحديد ما يجب الاستمرار في القيام به وما يجب التوقف عنه.

  • حدّد رسالة أو غاية جامعة.
  • ضع أهدافاً عملية قابلة للإنجاز تتوافق مع هذه الرسالة.
  • راجع رسالتك كلما حدتَ عن المسار الصحيح.

أوضح رسالة أسرتك

أعرف أسرة صنعت لنفسها تقليداً لتحديد الأهداف، وبدلاً من اتخاذ القرارات في مستهل العام الجديد، فإنهم يجلسون حول الطاولة في وقت مبكر من العام، ويذكر كل فرد من أفراد الأسرة شيئاً يريد تحقيقه في العام المقبل. قد يكون شيئاً بالغ الأهمية، مثل العثور على وظيفة جديدة أو ركوب دراجة دون سنّادات، أو شيئاً بسيطاً، مثل تحطيم رقمك القياسي الشخصي للجري مسافة 5 كيلومترات بمقدار بضع ثوانٍ فقط أو اختيار عدد من الكتب التي تريد قراءتها على مدار العام.

في الواقع تعد أهداف العام الجديد المشار إليها هنا جزءاً من شيء أكبر يتمثّل في الرسالة الأسرية الجامعة على غرار رسالة الشركة التي يمتلكها الكثير من المؤسسات. وتتمثل رسالة هذه الأسرة في الإنجاز؛ أي مساعدة كل فرد على تعلم تحقيق أهدافه الخاصة ومساندة باقي أفراد الأسرة لتحقيق أهدافهم.

وقد تكون لأسرتك رسالة أسرية جامعة، حتى لو لم تفكروا في الأمر أو لم تتحدثوا عنه بهذه الطريقة. هل تسهم أسرتك في معالجة التغير المناخي؟ أو في المجتمع؟ أو تهتم بالأماكن الطبيعية الخلابة؟ هل هناك عبارة أو مقولة أسرية تستخدمها لوصف انتمائك الأسري للآخرين؟ تعد هذه كلها أدلة على غاية أسرتك.

إذا لم تكن لديك كلمات تستخدمها بانتظام حتى الآن، فاختر عبارة تناسب رسالة أسرتك. استشر أطفالك وسلهم عن رأيهم. اجعلها عبارة قصيرة بحيث يسهل تذكرها وتكرارها. لست بحاجة إلى كتابتها في مكان ما، على الرغم من إمكانية نشرها على لوحة إعلانات أسرتك إن أردت ذلك. سيساعد التفكير في الأمر وتكراره أسرتك على التحرك في الاتجاه نفسه. وتساعدك رسالة الأسرة في التركيز على الأشياء الهادفة وتحديد الأولويات والتخلُّص من العناصر التي لا تتناسب مع قوائم المهام الفردية والجماعية.

عندما كنت صغيرة، كانت أسرتي تستخدم شعار "لا نُصاب بدوار البحر أبداً". صحيحٌ أننا لم نُصَب بدوار البحر قطّ في واقع الأمر، لكن ما كان يعنيه هذا الشعار حقاً هو أنه بغض النظر عما يفعله الآخرون من حولك (مثل التقيؤ)، فإن كل واحد منّا دائماً ما يكون على مستوى التحدي. وكان من المتوقع أن يعرب كل فرد فينا عن رأيه ويدافع عن موقفه، حتى مع والديه. لطالما تسبب ذلك في حدوث حالة من الصخب على وجبات العشاء الأسرية، ولكنه أدى لاحقاً إلى اتصافنا في الكِبَر بقوة العزيمة والإصرار.

وكان شعار أسرة صديقتي كريستين هو "التعليم: إنه الشيء الوحيد الذي لا يمكن لأحد أن يسلبه منك". وعلى الرغم من وفاة والد كريستين في حادث عمل أليم عندما كانت في الرابعة من عمرها، فقد حرصت والدة كريستين على تعليم أطفالها غاية الأسرة، وأتمت كريستين وإخوتها وأخواتها تعليمهم الثانوي والتحقوا جميعهم بالجامعات.

ضع أهدافاً ذكية قصيرة المدى

ربما كنتَ تستخدم أهدافاً ذكية في العمل للمساعدة على وضع أهداف قابلة للإنجاز، وهذا ما نعنيه بالأهداف الذكية في سياق الأسرة العاملة:

  • محدد. بدلاً من تحديد هدف مع طفلتك البالغة من العمر 10 أعوام بأن تكون "لطيفة" مع جارك، حدد هدفاً معها بأن تقول: "مرحباً، سيد ووكر" عندما تراه. فهذا يوضح لها ما يعنيه لك أن تكون لطيفة مع الآخرين.
  • قابل للقياس. من السهل تتبُّع وتقييم عملية تحديد هدف مع طفلك البالغ من العمر 12 عاماً لتعلم كيفية غسل ملابسه، إذ تشير كومة الملابس الكبيرة أو رائحة الجوارب المتسخة تحت سريره إلى مستوى تقدمه.
  • قابل للإنجاز. إذا حددت أهدافاً تبدو طموحة جداً أو حاولت تحقيق الكثير من الأهداف في وقت واحد، فسوف تصاب بالإحباط وتشعر بالفشل. ولتجنب هذا المصير، راجع الأهداف الأسرية مع أفراد أسرتك قبل أن تطلب التزامهم بها: هل يمكننا تحقيق هذا الهدف؟ هل تسمح لي بمعرفة ما إذا كان يبدو أصعب من اللازم؟ كم سيستغرق من الوقت في رأيك؟ وتعتبر القدرة على تقدير ما يمكنكم فعله ومتى تستطيعون فعله مهارة حياتية مهمة. وينطبق هذا عليك أيضاً، لذا احرص على أن تسأل نفسك الأسئلة نفسها قبل الشروع في تنفيذ أي مشروع. عبّر عن رأيك وقدّم البدائل المتاحة إذا لم تكن متأكداً من قدرتك على تحقيق هدف معين في الوقت المحدد.
  • مناسب. يجب أن تتناسب أهدافك الفردية مع رسالة أسرتك. وأعرف أسرة تتمثل رسالتها الجامعة في التأكد من أن كل فرد يتعلم كيف يكون مستقلاً، حتى دجاجاتهم ترعى بحرية. ووضع جدول زمني دقيق بالساعة والدقيقة مع السماح بالقليل من المرونة أمرٌ لا يتناسب مع رسالة هذه الأسرة أو أهداف أفرادها. في حين أن هدف التعليم في المنزل حيث يحدد أفراد الأسرة الموضوعات التي تهمهم ويصممون أنشطة لاستكشاف المزيد يضاعف احتمالية تحقيق أفراد هذه الأسرة لأهدافهم وخدمة رسالة الأسرة.
  • ذو إطار زمني محدد. على الرغم من أن رسالة الأسرة لا تحتاج إلى تاريخ انتهاء محدّد، فإن الأهداف الذكية دائماً ما تحتاج إلى تاريخ انتهاء. سل طفلك البالغ من العمر 12 عاماً عن المدة التي سيستغرقها لتعلم غسيل الملابس وحده دون مساعدة. وإذا بدا لك الأمر معقولاً، فهذا هو الموعد النهائي. ولكن إذا صبغ قميصه الأحمر جميع ملابسه الأخرى باللون الوردي، أو إذا كانت لديك أسباب أخرى للاعتقاد بأنه يعاني بعض الصعوبات، فلا ضير من تمديد الموعد النهائي. لكن احرص دائماً على تحديد موعد نهائي يوافق عليه.

راجع رسالتك كلما حدتَ عن المسار الصحيح

ماذا عن تلك الأهداف الجيدة التخطيط التي تصطدم بعقبات كبيرة؟ على الرغم من أن الغريزة الطبيعية تدفع معظم الناس إلى البحث عن طريقة للانطلاق نحو هدفهم، فمن المهم التوقف والتفكير في الأمور عندما تواجه انتكاسة. سل نفسك: هل نحن بحاجة إلى إعادة الالتزام برسالتنا أو غايتنا؟ هل نحن بحاجة إلى تغيير أهدافنا؟ أو تحديد أهداف جديدة؟ وعندما تتغيّر الظروف، قد نضطر أيضاً إلى تغيير توقعاتنا بشأن ما يمكننا تحقيقه على أرض الواقع.

فعندما علمت موريل أنها ستتلقى علاجاً لمدة عام للعلاج من سرطان الثدي، طلبت عقد اجتماع أسري لمعرفة كيف تتصدى مع أفراد أسرتها لهذا الموقف حتى يستطيعوا تجاوز المحنة معاً. كانت المهمة الأولى هي تأكيد الالتزام تجاه الأسرة؛ أي أن ينجحوا معاً من خلال تكاتف أفراد الأسرة جميعاً. وفي نهاية الاجتماع، قرر الابن الأكبر أخذ إجازة لمدة عام من الكلية للبقاء في المنزل والعمل في مكان قريب. وتطوع الطفلان المراهقان لأداء المهمات المنزلية. ووافقت الجدة على رعاية الطفل الأصغر للتأكد من أدائه لواجباته المدرسية وتدربه على الساكسفون. وتولى زوج موريل مهمة دعمها شخصياً طوال فترة العلاج، والترتيب مع صاحب العمل للحصول على إجازة مرضية لرعاية الأسرة في أصعب الشهور. لم تنجح خطتهم المدروسة جيداً طوال العام، وكانت بحاجة إلى إعادة النظر في بعض الأحيان وإعادة تقييم الموقف من حين لآخر. لكن الأسرة نجحت في مساندة موريل ودعم بعضهم لبعض، مع ترسيخ شعورهم بالاعتزاز بالعمل معاً.

وقد قال لي أحدهم ذات مرة: "لن تكون مديراً حقاً حتى تعرف ما لا يتعين عليك القيام به دون التخلي عن النجاح". وستساعدك هذه الأساليب الثلاثة على إعادة رسم ملامح الحياة بعد انقضاء الجائحة من خلال تحديد ما يمكنك تأجيله أو تأخيره أو التخلص منه. ستظل مشغولاً؛ فالآباء والأمهات العاملون دائماً ما يكونون مشغولين، لكن أولوياتك ستكون واضحة، ما سيقلل من شعورك بالتوتر ويجعلك أكثر سعادة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي