3 أشياء تتيحها الاجتماعات الافتراضية ولا توفرها الاجتماعات الشخصية التقليدية

6 دقائق
فوائد الاجتماعات الافتراضية

يترافق القيام بالأعمال عبر منصات مثل "زووم" و"ويبيكس" (WebEx) و"تيمز" (Teams) مع عدد من التحديات متعلقة بمحور فوائد الاجتماعات الافتراضية، على سبيل المثال: عدم القدرة على قراءة لغة الجسد مثلاً، أو الإصابة بالإعياء الناتج عن كثرة الاتصالات عبر الفيديو، أو عدم مشاركة أفراد الفريق الانطوائيين أو المشكلات التقنية في الاتصال وغيرها. لكن ما غفلنا عنه هو أن هذه المنصات الافتراضية تمنح المدراء مجموعة "قوى خارقة" استثنائية، كالقدرة على القيام بأمور أثناء الاجتماعات لم تكن تخطر على البال أو كانت صعبة جداً سابقاً في زمن الاجتماع حول الطاولة واستخدام المخططات الورقية.

وعلى الرغم من أن جائحة "كوفيد-19" ستنتهي يوماً ما، وسيكون بإمكاننا العودة إلى الاجتماع بصورة شخصية كما في السابق، فإن قليلاً من الفرق ستعود إلى تلك الاجتماعات التقليدية حول الطاولة والتحديق بالهواتف والاستماع إلى المشاركين عبرها من دون رؤية صورة الفيديو أو القدرة على مشاركة الملفات الإلكترونية، وخصوصاً عندما يفهم المسؤولون التنفيذيون الأدوات المتاحة بين أيديهم الآن ويستكشفونها ويستخدمونها.

فوائد الاجتماعات الافتراضية

لنستكشف ثلاثاً من هذه الأدوات ونرى كيف يمكن أن نستخدمها فعلياً.

عملية اقتراع محسنة

تواجه سماح مع فريقها قراراً صعباً أثناء اجتماع الفريق الأسبوعي عبر منصة "زووم"، وهو بشأن ما إذا كان عليهم فرض تخفيض شامل على الرواتب بنسبة 20% من الآن وحتى نهاية العام. يبدو أن الجميع موافقون على ضرورة هذه الفكرة على الرغم من صعوبتها، بيد أن كوثر أثارت بعض المخاوف. فأفراد فريقها يشعرون أنهم يتقاضون أجوراً متدنية، وهي مسألة تتكرر كلما طُرحت مسألة الرواتب للمناقشة. وبعد نقاش قصير حول الحاجة الملحة لتخفيض التكاليف، أصبحت سماح جاهزة لإنهائه.

في حال كان الاجتماع شخصياً، كانت ستقول: "ما هو رأي البقية؟ هل اتفقنا على تخفيض الرواتب بنسبة 20% أم لا؟" ثم تجول بنظرها حول الطاولة بحثاً عن أي إشارة مرئية عن تردد بقية أفراد الفريق، كأن يدير أحدهم وجهه إلى الجانب الآخر، أو أن يطرق على الطاولة بأصابعه أو ينظر إلى السقف، فتوجه الحديث إليه. أما في الاجتماع الافتراضي، فهي تنظر إلى صور وجوههم التي لا تتجاوز حجم الطابع البريدي على الشاشة أمامها، وتتساءل عما يفكرون به.

لكن لديها خيار آخر، وهو إجراء تصويت. وهذه الطريقة عملية في كلتا الحالتين، في الاجتماع الشخصي والافتراضي على حد سواء. لكن، لنقل أن سماح أجرت تصويتاً عبر الإنترنت، وكانت نتيجته صوتاً واحداً بالرفض (قدمته كوثر)، وتسعة أصوات موافقة. غير أن هذه النتيجة لن تؤدي إلى نتيجة مختلفة عن نتيجة السؤال الذي طرحته على الفريق.

هناك حل أفضل متاح في الاجتماعات الافتراضية عبر الإنترنت، ماذا لو أجرت سماح تصويتاً من نوع آخر بعد أن سمعت مخاوف كوثر؟ يمكنها أن تطرح سؤالاً سريعاً مثل: على مقياس من 1 إلى 5 (1= لا، 3= ربما، 5= نعم)، هل ينبغي علينا فرض تخفيض شامل على الرواتب بنسبة 20%؟

يجيب أحد المسؤولين التنفيذيين (ربما كانت كوثر) برقم 2، في حين يختار ستة مسؤولين آخرين رقم 5، ويختار ثلاثة رقم 4.

نقول عمن اختاروا رقم 4 أنهم يقولون "نعم، ولكن"، أي أنهم موافقون مع بعض التحفظات. تشارك سماح النتائج مع فريقها وتقول: "يبدو أن لدينا بعض التردد هنا، لماذا صوت بعضكم برقم 4؟" والآن، يشعر أفراد آخرون غير كوثر بقدرتهم على التعبير عن مخاوفهم. فيشير الرئيس التنفيذي للشؤون المالية إلى أنهم تحدثوا عن تمويل إضافي لتقنيي الخدمات الذين يعملون في مواقع العملاء، لذا قد يكون استثناء هؤلاء من التخفيضات الشاملة أمراً ممكناً. وهذه نقطة محقة تدفع سماح لإدراك أنه قد يكون بالإمكان التعامل مع فريق كوثر على نحو مختلف أيضاً.

بالطبع، كان بإمكان سماح اتباع هذا النوع من التصويت قبل أن تنتقل مع فريقها لإجراء الاجتماعات عبر الإنترنت، لكن اتباع المدراء لهذا الأسلوب قبل الأزمة الحالية كان أمراً نادر الحدوث. أما الآن فقد أصبح تطبيقه سهلاً وسريعاً ويتيح للمشاركين في الاجتماع التصويت علناً أو من دون الكشف عن أسمائهم. يبين التصويت للمشاركين أنهم ليسوا وحدهم من يحملون المخاوف.

إعادة تشكيل الاجتماعات التي تعقد خارج مكان العمل

بهاء هو مسؤول تنفيذي في شركة تصنيع تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار. ومؤخراً، وصف اجتماعات القيادة السنوية في مؤسسته كما يلي: "نبدأ عامنا المالي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام. ويجري رئيسنا التنفيذي ومرؤوسوه المباشرون سلسلة من الاجتماعات الخارجية يحضر كلاً منها قرابة 90 من أهم القادة المحليين. نقوم فيها بمراجعة الخطط ومناقشة الاستراتيجيات والتحدث بشأن المنتجات الجديدة والمبادرات المهمة، ونجري بعض التدريب القيادي ونقوم بكثير من الأمور غير الرسمية التي تساعد على توطيد العلاقات في الفريق. تعتبر هذه الاجتماعات الأهمّ في العام كله، وهي أربعة اجتماعات يجرى كل منها على يومين في أربعة مدن على مدى أربعة أسابيع متتالية، والمدن هي ساو باولو وشنغهاي وميونيخ ولاس فيغاس. كيف سنحولها إلى أربعة اجتماعات افتراضية كل منها على مدى يومين؟"

والجواب هو: لا تحولها. أصبحت الاجتماعات الخارجية التي تستمر على مدى عدة أيام قاعدة لأنك عندما تجتمع مع الآخرين شخصياً، لا يكون بإمكان جميع المشاركين السفر والإقامة في فندق والحضور إلى اجتماع يستغرق عدة ساعات ومن ثم العودة إلى المنزل. وحتى عندما تكون الفعالية مطولة، كانت الشركات تحدد عدد الحاضرين أحياناً أو تستضيف اجتماعات إقليمية من أجل تقليل الوقت الذي يمضيه المسؤولون التنفيذيون بعيداً عن أسواقهم المحلية.

لكن العناصر المتمثلة بمصاريف الطيران والوقت الذي تستغرقه الرحلة وتكاليف الفنادق لا تدخل في العالم الافتراضي. إذن، لم لا نغير صيغة هذه الاجتماعات الخارجية؟ فبإمكانك تحديد مواعيد لأربعة اجتماعات مركزة تستمر عدة ساعات على مدى أسبوعين أو ثلاثة. وبإمكانك عقدها بحسب المنطقة أو الوظيفة أو المستوى أو الموضوع أو بحسب دول أحد نصفي الكرة الأرضية (على فرض أن الفارق الزمني بين المناطق يعيق إجراء اجتماع يشمل دولاً في جميع أنحاء العالم).

يمكنك تفكيك بنية الاجتماع بأكملها وإعادة تشكيلها بطرق جديدة تماماً، كما تفعل مع مكعبات "ليغو". ربما في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، سيتمكن أحد مهندسي السلامة في ماليزيا، الذي لم يكن بإمكانه حضور الاجتماعات الشخصية من قبل، من المشاركة في الاجتماع الإقليمي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ مثلاً، والاجتماع الخاص بالعمليات، والاجتماع الخاص بالسلامة والاجتماع العام، وكل ذلك عبر جهاز الكمبيوتر المحمول (اللاب توب) الخاص به في المنزل.

القيام بعملية توليد الأفكار على نحو أفضل

كان عمرو، الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع تبلغ قيمتها 500 مليون دولار، بحاجة إلى إجراء تغيير. فمصدر الربح الأهم الذي كانت تعتمد عليه الشركة أكثر من أي مصدر آخر قد نضب تماماً نتيجة لأزمة "كوفيد-19"، وليس من الواضح ما إذا كان سيعاود التدفق مجدداً في المستقبل المنظور. فرأى أنه من الضروري إجراء تغييرات كبيرة في مجال تركيز الشركة. وسيضطر فريقه لبيع مزيج من المنتجات لزبائن مختلفين من أجل ضمان استمرار الشركة حتى نهاية العام، ويجب عليه التحرك بسرعة لاقتناص المال المحدود الذي يرغب الزبائن بإنفاقه مهما كان قبل أن يسبقه المنافسون إليه.

أعد عمرو اجتماعاً عبر اتصال الفيديو مع مرؤوسيه المباشرين الاثني عشر، وطلب مساعدتهم في العثور على مجموعة من الفرص الممكنة. وبكبسة زر، وجد المسؤولون التنفيذيون أنفسهم موزعين على ثلاث مجموعات، كل مجموعة في غرفة افتراضية مستقلة. وكان على كل مجموعة العمل على تسليط الضوء على خمسة احتياجات ملحة في السوق يمكن للشركة تلبيتها. وزّع عمرو المسؤولين التنفيذيين على المجموعات بعناية، وعين قادة في كل مجموعة. مثلاً، وضع القادة الثلاثة الأكثر حزماً وانفتاحاً مع أقوى الميسرين، وجمع المرؤوسين الأكثر تحفظاً معاً. كان لدى كل فريق لوح أبيض افتراضي لتسجيل الأفكار عليه، وأخذ عمرو يتنقل بين المجموعات، وأمضى في كل غرفة بضع دقائق في الاستماع والتعليق قبل تقديم بعض التوجيهات الإرشادية المقتضبة والانتقال إلى الغرفة الأخرى. وبعد 30 دقيقة، نقل الحاضرين إلى الاجتماع الأساسي من جديد.

وعندما طرح ممثل كل فريق أهم خمس فرص محتملة توصل إليها فريقه، وضعت قائمة رئيسية لاحتياجات الزبائن التي تم التقاطها أثناء الاجتماع وظهرت على الشاشة أمام كل مشارك. ثم ضمنت جلسة موجزة للأسئلة والأجوبة أن يكون الجميع قد فهم كل الأفكار، كما وُحدت بعض الأفكار المتماثلة وعُدل البعض الآخر.

وخلال ساعة من بدء الاجتماع، كان عمرو يحدق بقائمة جيدة تضم تسعة مجالات واعدة للنمو المحتمل، أربعة منها لم تخطر على باله من قبل. ثم شارك شاشته مع الجميع، وهي تستعرض شبكة من تسعة مربعات (3×3)، وطلب من أفراد فريقه استخدام ميزة التعليق للإشارة إلى المربع المناسب لكل فكرة جديدة. بالنسبة للفكرة الأولى، اختار لها الجميع مربعين كما هو موضح في الصورة أدناه.

دعا عمرو البعض لتوضيح اختياراتهم، وبعد حوار سريع، اتفقت المجموعة على أن المكان المناسب لتلك الفكرة هو المربع المتوسط الأعلى، أي أنهم قادرون على تنفيذها على نحو جيد، لكن بدت رغبة الزبائن في دفع المال لأجلها صعبة.

ثم قرأ عمرو الفكرة الثانية وسأل الفريق: "بالنسبة للفكرة الأولى، أين يجب وضع هذه الفكرة؟" أدلى أفراد الفريق بأصواتهم مجدداً، وكرروا هذه العملية سبع مرات، وأمضوا ما بين 5 إلى 10 دقائق على كل فكرة. وعندما اختلف أفراد الفريق في آرائهم، كان عمرو يطلب منهم مناقشة تفضيلاتهم معاً قبل الاتفاق على الموقع المناسب. وكانت النتيجة الجدول التالي:

وبعد استراحة لمدة 30 دقيقة، أمضى الفريق 30 دقيقة أخرى من أجل صقل الأفكار وتوحيدها، ومن ثم أمضى 57 دقيقة في مناقشتها، وتمكن عمرو وفريقه من تحديد أفضل ثلاث فرص سيسعون لاقتناصها.

هل كان سيتمكن عمرو من إجراء جلسة توليد الأفكار هذه في اجتماع وجهاً لوجه مع فريقه؟ بالطبع، لكنها لن تكون بنفس درجة الفاعلية هذه. فخروج أفراد الفريق إلى الاستراحة ومن ثم عودتهم منها سيستغرق ما بين 10 دقائق و15 دقيقة، ويمكن أن تستغرق النقاشات يوماً كاملاً من دون التوصل إلى نتيجة واضحة. لقد اجتمعت الأدوات الافتراضية الثلاث، اللوح الأبيض، والغرف الفرعية المستقلة، وميزة التعليق، لتمنح عمرو قدرة على التحكم وسرعة ونظاماً ووضوحاً أكبر مما كان سيتاح له لو جلس مع أفراد فريقه حول طاولة الاجتماعات.

ما هذه إلا بضعة أمثلة عن القوى الخارقة التي تتيحها الاجتماعات الافتراضية بغض النظر عن البرمجيات التي تستخدمها الشركة. غير أنها ليست القائمة الكاملة بالتأكيد. في الحقيقة، يكتشف المسؤولون التنفيذيون الذين نتحدث إليهم تقنيات وإمكانات وسبلاً جديدة لاستخدام الأدوات الرقمية كل يوم في جهودهم المستمرة لجعل تفاعلاتهم الإلكترونية مع فرقهم أكثر فاعلية.

صحيح أن بعض أوجه العمل أصبحت صعبة أكثر مما كانت عليه من قبل، بل مستحيلة أحياناً، لكن لا تنس جميع الأشياء الجديدة التي يمكنك فعلها الآن على نحو أفضل وأسرع وبكلفة أقل من ذي قبل إذا استفدنا من فوائد الاجتماعات الافتراضية. لم لا نتقبل العالم الجديد الذي وجدنا أنفسنا فيه ونستكشفه، فنحن نرى أننا سنبقى فيه طويلاً بعد انحسار أزمة "كوفيد-19".

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي