لا شك أنك ترغب بالعمل لدى مدير متميز، تحترمه وتتعلم منه. لكن ماذا إن لم يكن مديرك جيداً بما يكفي لهذا العمل؟ ماذا إن كنت أكثر كفاءة أو لديك مهارات أفضل؟ هل عليك أن تثير ضجة حيال الأمر أم تتجنب الحديث عنه؟ وكيف تحصل على ما تريد دون أن تجعل مديرك يظهر بشكل سيء؟
ما يقوله الخبراء
تقول آني ماكي مؤسسة معهد "تيليوس للقيادة" (Teleos Leadership Institute) ومؤلفة مشاركة لكتاب "القيادة البدائية" (Primal Leadership): "هناك الكثير من المدراء السيئين". لذلك فإنه ليس غريباً أن تشعر أنك أذكى أو أكثر كفاءة من مديرك. ومع ذلك، كونك في شركة جيدة لا يجعل الوضع مقبولاً أكثر، فمن المحبط أن تكدح في عملك تحت إدارة من تعتقد أنه غير كفؤ. ولكن لا تفقد الأمل، حيث أنه حتى المدراء غير المميزين لديهم ما يمكن أن تتعلمه منهم. وبحسب ما تقول ليندا هيل أستاذة كرسي "والاس بريت دونهام" في إدارة الأعمال في كلية هارفارد للأعمال، ومؤلفة مشاركة لكتاب "العبقرية الجماعية" (Collective Genius) وكتاب "أن تكون المدير" (Being the Boss): "هناك القليل جداً من الأشخاص في هذا العالم ممن لا أعتقد أنه يمكنني أن أتعلم منهم". لذلك حاول ألا تنتقص من مديرك كلياً. وإليك بعض الحلول لمساعدتك على الاستفادة قدر الإمكان من هذه الحالة التي غالباً ما تكون محبطة.
كن صادقاً مع نفسك
قبل أن تقرر أن مديرك غير كفؤ، انظر بقرب أكثر إلى ما يحصل فعلاً. تقول ماكي: "بعض الناس بحاجة إلى تصديق فكرة أنهم أفضل للحفاظ على ثقتهم بأنفسهم، أو أنهم قد يكونون أكثر كفاءة في مجال واحد". اسأل نفسك إذا كنت فعلاً أذكى من مديرك أو إذا كنت أكثر كفاءة في مجالات معينة دون غيرها. تقول ماكي: "مع التقدم الذي يحرزه الناس، من الطبيعي أن يتحسنوا إدارياً وقيادياً بينما يفقدون بعض مهاراتهم التقنية". كن صادقاً مع نفسك حيال المهارات التي تمتلكها ويفتقر إليها مديرك. تقول هيل: "كونك أذكى من مديرك لا يعني أنك ستكون أكثر فاعلية". وفي النهاية، حتى تكون جيداً في عملك أنت لا تحتاج إلى الذكاء فقط. تقول هيل: "أنت بحاجة إلى الخبرة والعلاقات القوية ورأس المال الاجتماعي والذكاء العاطفي".
ابق هادئاً
إذا توصلت إلى نتيجة أنك فعلاً أذكى أو أكثر كفاءة من مديرك بعد التفكير ملياً في الموضوع، أعد التفكير مرة أُخرى قبل أن تتحدث عنه مع أي شخص آخر. تؤكد ماكي أنه ربما يكون هناك مغريات لرفع قضيتك إلى المسؤولين الأكبر أو لإثبات أنك يجب أن تحصل على وظيفة مديرك، ولكن هذا نادراً ما ينجح. إذ تقول: "تعرض نفسك للخطر إذا ما قررت أن تخوض ذلك النزاع مباشرة لأن الفوز عادة ما يكون من نصيب المدراء". بالطبع ربما تكون بحاجة للتنفيس عن نفسك لزميل أو زميلين ممن تثق بهم، ولكن كن حذراً عندما تفعل هذا. تقول ماكي أيضاً: "إذا شعر مديرك بانتقادك له أو بحطّك من قيمته، قد تكون هذه نهاية العلاقة". ويقع العديد من الأشخاص في الخطأ نفسه بإخبار الناس عن مدى عدم كفاءة مدرائهم. تقول هيل: "عليك أن تكون محترماً، فإذا تكلمت عن مديرك بالسوء، سينعكس هذا عليك بشكل سيء. وهذا لأن الناس يلاحظون ويقلقون من أن تتحدث عنهم بالطريقة نفسها". كما أنه عليك ألا تصب غضبك على المدير، إذ تقول هيل: "لا تغضب من مديرك، اغضب ممن لم يسلمك منصب المدير".
ركّز على إنجاز عملك
لا تشغل تفكيرك حول من ينبغي أن يحصل على وظيفة ما. بينما، من الأفضل أن تركز على مسؤولياتك. تقول هيل: "عليك التأكد من قيامك بعملك ومن إدراك الناس للأشياء التي استطعت تحقيقها". ربما يكون من المفيد أن تركز على الصورة الأكبر بدلاً من علاقتك بمديرك. تقول ماكي: "عليك البحث عن هدفٍ أسمى". وتوافق هيل قائلة: "حاول إخراج الأمر من دائرة معركتك الشخصية مع مديرك. ولا تتصرف كأنك النجم والشاب الذكي، عليك أن تفعل ما هو أفضل لمصلحة الشركة".
ساعدك مديرك ليكون أفضل
لا شيء يمنعك من أن تكون معطاء. إذا كان مديرك ناجحاً، فهناك احتمال أكبر لأن تكون ناجحاً أيضاً. تقول هيل: "انظر إلى نفسك كمكمل لذلك الشخص، وابحث عن طريقة للتعويض عن نقاط ضعفه". إذا لم يكن جيداً في قراءة الصورة الأكبر، اطرح أسئلة تساعده في الابتعاد عن التفاصيل. وإذا كان غير قادر على فهم المداخل والمخارج التقنية لمنتجك، اعرض عليه أن تقوم بتغطية الجزء المتعلق بمناقشة خصائص المنتج أثناء الاجتماع. تقول ماكي: "اعرض على مديرك/ مديرتك طرقاً بحيث يمكنهم الاستفادة منك بشكل أفضل".
لا تتستّر
تقول ماكي: "هناك فرق كبير بين تقديمك للعمل الذي يفترض بك أن تقوم به وبين التستّر على أخطاء مديرك". إذا كان مديرك لديه نمط معين من ارتكاب الأخطاء، فلن يكون من صالحك أو صالح الشركة أن تنظم باستمرار الفوضى التي يتسبب بها مديرك". تقول ماكي أيضاً: "عليك أن تقوم بعملك جيداً وتنفّذ المهام التي يطلبها منك المدير. ولكن إذا كان عملك يُستخدم للتستّر على عيوب خطيرة، ربما تكون بحاجة إلى إجراء محادثة مع الموارد البشرية".
جد شيئاً لتحترمه
من السهل التركيز على الجانب السيء، ولكن حتى أسوأ المدراء لديهم صفات تعويضية. ولهذا تسأل ماكي: "كيف يمكنك أن تجد شيئاً تحترمه؟"، وتقترح البحث خارج بيئة العمل إذا كان هذا ضرورياً. "هل مديرتك أم جيدة أو هل مديرك زوج لطيف؟"، إذا كنت فعلاً غير قادر على إيجاد ما تُعجب به، ربما تكون بحاجة إلى إيجاد وظيفة أُخرى. تقول ماكي: "إن لم يكن الآن، سيكون هذا قريباً. فمن الأشياء التي تدمر النفس، العمل مع شخص لا تحترمه فعلاً". وتوافق هيل قائلة: "إذا كنت تعتقد أنه لا يمكنك إقامة شراكة مع ذلك الشخص، عليك حينها أن تفكر فيما إذا كان عليك البقاء في تلك المؤسسة أم لا".
تعلم من شخص آخر
إذا لم يكن مديرك قادراً على تدريبك كما تريد، تقترح هيل أن "توسع شبكتك"، وتتعلم بنفسك، وكما تقترح ماكي، أن تتطوع للعمل في مشاريع تسمح لك بالتفاعل مع مسؤولين آخرين ضمن الشركة. وكن واضحاً تجاه ما تريده. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول لأحد المدراء الآخرين: "أود أن أتعلم أكثر عن كيفية القيام بهذا الأمر. هل لديك مانع من أن نجلس سوية لبضع ساعات خلال الأشهر القليلة القادمة؟"، تقول ماكي: "يمكنك أن تختار التفكير في كل فرصة على أنها طريقة للتعلم".
المبادئ التي عليك تذكرها
ما عليك فعله:
1- ساعد مديرك على إنجاز عمله، وانظر لنفسك على أنك مكمّل.
2- ابحث عن شيء تقدّره فعلاً في مديرك.
3- ابحث عن موجّهين آخرين لمساعدتك على التعلم والنمو.
ما عليك تجنبه:
1- افتراض أنك أكثر كفاءة من مديرك، فهناك احتمال أن يكون لديه مهارات لا تمتلكها أنت.
2- محاولة الاستيلاء على وظيفته، فالاحتمال الأكبر هو فوز المدراء في معركة كهذه.
3- التستّر على الأخطاء الفادحة أو التستّر على نمط مستمر من عدم الكفاءة.
دراسة حالة رقم 1: قدم المساعدة عند استطاعتك
عندما تم تعيين باتريشيا رايت من قبل مسؤول حكومي في جنوب أفريقيا كمساعدة، كان من المفترض أن تكون الوظيفة إدارية. لكنه سرعان ما اتضح لها ولمديرها أنها تمتلك مهارات وخبرة تقنية قيمة. تقول: "تجاوزت معرفتي وخبرتي في الشؤون المتعلقة بتقنية المعلومات خبرات زملائي ومديري".
وجدت باتريشيا في البداية أنه من المزعج أن تعرف أكثر من مديرها، ولكن كما تقول باتريشيا: "كان منفتحاً جداً على التعلم والاطلاع على كيفية إنجاز الأمور". وتضيف: "نشأنا في مناطق مختلفة لذلك استغرق تعليمه وقتاً وصبراً. ولكن عندما كان يستخدم أفكاري، كان يشكرني وينسب الاقتراحات لي". وبذلك سرعان ما تحول إحباطها إلى فخر.
في النهاية غيرت باتريشيا وظيفتها لأنها لم تشعر بالشغف تجاه العمل. لكن مع ذلك فقد تعلمت الكثير من تجربتها. تقول باتريشيا: "تعلمت أن أكون صبورة جداً وأكون باحثة عن الحلول. وساعدتني هذه الطريقة في التفكير للحصول على الوظيفة التي أعمل بها اليوم".
دراسة حالة رقم 2: اجعل مديرك يظهر بشكل جيد
بعد فترة وجيزة من استلام أبيك إيز لمنصب مدير التسويق وتطوير الأعمال في شركة توفّر الخدمات المالية ضمن مدينة لاغوس في نيجيريا، أصبح لديه مديرة جديدة تدعى روز. انتقلت روز من الموارد البشرية إلى التسويق وبهذا لم يكن لديها خلفية عن مهام وظيفتها. وجد أبيك نفسه مضطراً إلى التستّر على الكثير من عملها. يقول: "على الرغم من أنها تدير قسم التسويق، إلا أنني المسؤول عن جلب استراتيجيات للارتقاء بالعمل ولخفض التكاليف".
يعترف أن الأمر محبط أحياناً، وخاصة عندما تتخذ مديرته قرارات تتعارض مع ما يعتقده أفضل بناء على خبرته. ومع ذلك، يقوم بكل ما بوسعه لدعمها ولجعلها تظهر بشكل جيد. يقول: "التواضع هو الطريقة الأفضل". "أعرض مساعدتي عندما أشعر أنها تعاني من مهمة أو فكرة ما". وعندما يعرض فكرة على مسؤولين تنفيذيين أعلى منصباً، فإنه غالباً ما يُرجع الفضل إلى روز أو على الأقل يخبرهم أنهما عملا مع بعضهما للخروج بهذه الفكرة. وهي أيضاً تُدرك ما يفعله أبيك من أجلها وتردّ له الجميل من خلال التحدث عنه بشكل جيد أمام مديرهم.
نجح هذا المنهج التعاوني (بدلاً من العدواني) مع أبيك، إذ أنه يلاقي تقديراً من مدير مديرته، كما أنّ لديه مسؤوليات مهمة جداً في الشركة حتى لو لم يكن حاملاً لمنصب "رئيس قسم التسويق". بالإضافة إلى أنه لا يرى خياراً جيداً آخر. ويشرح قائلاً: "إذا كنت على احتكاك مع مديرك، وهو يحظى بتقدير من الشركة أكثر منك، فستقع في خطر احتمال تخلي الشركة عنك. إنها تعمل في الشركة لأكثر من عشرة أعوام، وأنا أعمل هنا قرابة الثمانية أشهر فقط، كما أنها مديرتي على كل حال".