قد تكون وظيفتك في خطر لعدة أسباب، بعضها تحت سيطرتك وبعضها الآخر ليست كذلك. بغض النظر عن الأسباب، من المهم التعرف على المؤشرات التي تدل على أن الأمور لا تسير على ما يرام قبل فوات الأوان. إن إدراكك لتلك المؤشرات التي تنذر بوجود مشكلات كبيرة سيضمن عدم وضعك في موقف محرج على حين غرة، وسيمنحك الفرصة للتعامل مع الموقف والاستعداد في حال حدوث الأسوأ.
إن الشعور بالإهانة في حال جرى الاستغناء عنك أمر صعب بلا شك. مع ذلك، عندما أتحدث مع عملائي من المدربين التنفيذيين الذين سُرحوا مؤخراً، أجد أن ما يزعجهم أكثر من أي شيء آخر هو انعدام السيطرة الذي يشعرون به على خلفية هذا القرار المهني الحرج. إذا كانت مؤسستك تعمل على تقليص حجمها، أو شعرت أن وظيفتك في خطر، فإن إمكانية السيطرة على جزء من العملية في أقرب وقت ممكن، ستشعرك بارتياح أكثر، وستمنحك سرعة في الانتقال إلى شركة جديدة. والسؤال الذي يُطرح هنا: إذا وجدت نفسك في هذا الموقف، فهل ستتمكن من اتخاذ الخطوات الاستباقية اللازمة للبدء في بحث فعال عن وظيفة على الرغم من الضغوط والتحديات التي ينطوي عليها الاستغناء عنك أو تسريحك؟
إليك بعض الاقتراحات التي قدمتها لإحدى العميلات لدي، وسأدعوها جمانة، التي علمت أن المنصب الذي كانت تشغله قد أُلغي بسبب عملية الاندماج.
خطوات عليك القيام بها إذا شعرت أن وظيفتك في خطر
1. احرص على تنمية شبكة واسعة من العلاقات
إن الخطأ الوحيد الأكبر الذي ارتكبه عملائي الذين جرى تسريحهم من أعمالهم هو فشلهم في تنمية شبكة علاقاتهم أثناء عملهم. ونتيجة لذلك، كان عليهم إنعاش تلك الروابط بصعوبة بالغة وتحت وطأة الضغط، من أجل العثور على وظائف جديدة، وأقل ما يمكننا القول هو أن التوقيت دون المستوى الأمثل. ومن حسن حظ جمانة، فقد حافظت على شبكة علاقات قوية، وخصصت وقتاً على جدول مواعيدها للتواصل مع الأشخاص الذين لم ترهم منذ مدة، بدلاً من ترك تلك العلاقات تضعف مع مرور الوقت.
من أجل فهم المهارات المطلوبة بعد ثلاث أو أربع أو خمس سنوات من الآن في مجال عملك، من الضروري بناء شبكة علاقات داخل مؤسستك وخارجها على حد سواء، ما سيساعدك على البروز في المجالات التي قد لا تتكشف أمامك من دون هذه الخطوة. توجه إلى المؤسسات المهنية وأوساط التوجيه والمؤتمرات، إذ إنها توفر جميعها الفرصة لمقابلة أشخاص جدد، وتوسع نطاق تفكيرك. توضح دوري كلارك الخبيرة الاستراتيجية في مجال التسويق أنه نظراً لأن المسارات المهنية الخطية التقليدية أصبحت أقل شيوعاً، فمن المهم "اتباع نهج المحقق، أي تقصي الفرص وتمحيصها".
عندما تبني شبكة علاقاتك قبل أن تكون تحت وقع أزمة مهنية، فإنك تظهر للآخرين مدى شغفك بما تفعله، وتكشف عن إمكاناتك حتى عندما تكون مستقراً في وظيفتك. قد تتعلم أيضاً حول المهارات التي ستحتاجها في النهاية لتوقع مستقبلك المهني. إذا تركت انطباعاً جيداً وعملت على رعاية تلك العلاقات، فستكون أول شخص يتذكره أولئك الأشخاص عندما يحتاجون، هم أو غيرهم، إلى خدمتك.
2. اطلب النصح
عندما تكون في موقف ضعيف، أي عند تعرض عملك للخطر، تتكون لديك نزعة أولية متمثلة في الرغبة في الاختفاء عن الأنظار. لكن ما تحتاجه أكثر من أي وقت مضى هو دعم الأشخاص الذين يمكنهم تقديم نصائح سليمة وجديرة بالثقة حول خياراتك المهنية. وهذا هو الوقت الصحيح الذي قد تكون فيه شبكة العلاقات الواسعة التي عملت على تنميتها مفيدة. انطلاقاً من ذلك، يمكنك دعوة مجموعة صغيرة من المرشدين الشخصيين لتقديم المشورة إليك. اسأل نفسك عن أهدافك المهنية اليوم وما هي المعلومات ونوع المساعدة التي أنت بحاجة إليها للوصول إلى تلك الأهداف.
على سبيل المثال، كانت جمانة تأمل في الاستفادة من خبرتها الممتدة إلى نحو 20 عاماً في مجال مبيعات المستحضرات الدوائية الحيوية وتسويقها، بالإضافة إلى خبرتها في التخطيط لإطلاق المنتجات، واستراتيجية المنتج، والقيادة لأغراض تجارية، للوصول إلى منصب الرئيس التجاري التنفيذي، وقد فضلت أن يكون ذلك في مجال العلاج الجيني. لقد نصحتها بالتحدث إلى أفراد شبكتها المهنية قبل التقدم إلى وظائف شاغرة، حتى تتمكن من توسيع نطاق فهمها لمسائل العمل الجوهرية التي تواجه قطاع التكنولوجيا الحيوية الناشئة، وتحديد الثغرات المحتملة في مجموعة المهارات التي تمتلكها، وتعزيز علامتها التجارية الشخصية قبل بدء البحث عن الوظيفة بصورة رسمية. حددت جمانة الأشخاص الذين يمكنهم تزويدها بمعلومات حول كيفية الوصول إلى منصب الرئيس التجاري التنفيذي، والذين يمكنهم تقديم الرؤى التي تحيط التحديات الخاصة في مجال العلاج الجيني. كما وجدت الشخص المناسب الذي يمكنه تقديم الدعم العاطفي لها لمواجهة تلك اللحظات الحتمية من الشك في قدراتها، أو انخفاض الدافع خلال فترة بحثها عن الوظيفة التي من المحتمل أن تكون طويلة.
3. تحقق من عافيتك المالية
إذا كنت تعتقد أنه سيجري الاستغناء عنك في العمل، فمن الحكمة ضمان وجود بعض المال في صندوق الطوارئ، وسيكون مثالياً لو كان ذلك في حساب سوق المال (Money market account)، الذي يدفع سعر فائدة أعلى من حساب التوفير. ينبغي أن تمتلك من المال ما يكفي لتغطية نفقات أكثر من ستة أشهر، لأن العثور على وظيفة جديدة قد يستغرق وقتاً طويلاً، خاصة على المستوى التنفيذي. إذا كنت شخصاً متزوجاً، فاحرص على معرفة كيفية الحصول على تغطية صحية في ظل خطة زوجتك أو زوجك في حال عدم تغطية شركتك لتكاليف مدفوعات برنامج تسوية الميزانية الشاملة الموحّد (COBRA)، وهو التأمين الصحي الذي يسمح للموظف ومُعاليه بالاستفادة من المزايا المستمرة في حال فقدان الوظيفة.
بعد ذلك، حدد ميزانيتك الأساسية، أي الحد الأدنى من المال الذي تحتاجه لتغطية النفقات الأساسية، مثل الطعام والسكن وخدمات المرافق العامة وسداد الديون. يمكنك أيضاً التحقق من الموقع الإلكتروني الخاص بوكالة إعانات البطالة في الولاية التي تسكن فيها من أجل الحصول على فكرة حول المزايا الأسبوعية التي يمكنك الاستفادة منها، والتقدم بطلب للحصول عليها في أقرب وقت ممكن. عندما فعلت جمانة ذلك، اكتشفت أن هذا قد ساعدها على معرفة مقدار المال الذي ستحتاجه لتلبية الاحتياجات الأساسية من مصادر أخرى، مثل المدخرات، وما مقدار النفقات غير الأساسية التي ستحتاج إلى تخفيضها إلى حين الحصول على منصب جديد.
قد تفكر أيضاً في مقابلة مستشار مالي لوضع خطة حول كيفية دعمك لنفسك خلال المرحلة الانتقالية.
4. احرص على تحديث سيرتك الذاتية
أخيراً وليس آخراً، إذا كنت تتوقع أن يتوقف عملك قريباً، فيجب عليك تحديث سيرتك الذاتية، وملفك الشخصي على موقع "لينكد إن" بأسرع وقت ممكن، لتعكس المناصب التي شغلتها مؤخراً، بالإضافة إلى مسؤولياتك، وإنجازاتك، وطموحاتك المهنية الجديدة. أنصح جميع عملائي بالاحتفاظ بقائمة أسبوعية بالإنجازات، وقد اتبعت جمانة ذلك، وتمكنت من تحديث وجودها على وسائل التواصل الاجتماعي بسهولة، وتجنبت الارتباك عندما يطلب مسؤول التوظيف أو مدير التوظيف سيرتها الذاتية.
إن التغيرات غير المرغوب فيها في العمل هي واقع الحياة، على الرغم من أنها مسألة صعبة. لكن الانتباه إلى المؤشرات التحذيرية، والتخطيط لسيناريوهات بديلة في حال جرى الاستغناء عنك، سيبقيك أكثر مرونة وصموداً، وسيمكنك من التحكم في مصيرك المهني.