بحث: الرئيس التنفيذي الحاصل على ماجستير في إدارة الأعمال يخدم مصالحه الشخصية أكثر

6 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

البحث: قامت داني ميلر، وهي أستاذة باحثة في كلية إدارة الأعمال في جامعة مونتريال، بالتعاون مع تشياوي تشو، الأستاذة المساعدة في جامعة رود آيلاند، بتحليل أداء 444 من الرؤساء التنفيذيين المرموقين في الولايات المتحدة الأمريكية والذين ظهرت أسماؤهم على أغلفة مجلات فورتشن وفوربس وبزنس ويك بين العامين 1970 وحتى 2008. وقد تتبعت كل من ميلر وتشو إستراتيجيات النمو في الشركات التي تترأسها هذه الشخصيات وأداءها والتعويضات التي حصلوا عليها، ووجدتا أن الرؤساء التنفيذيين الذين يحملون شهادات عليا في إدارة الأعمال أكثر ميلاً للتصرف بما يضمن مصالحهم الشخصية ولو كان في ذلك ضرر على الشركات التي يعملون بها. وقد كانوا على وجه الخصوص يتبعون إستراتيجيات نمو أكثر تكلفة رغم أنهم كانوا أقل مقدرة من غيرهم من غير الحاصلين على درجة الماجستير في إدارة الأعمال على الحفاظ على مستوىً متميز من الأداء.

التحدي: هل حصولك على الماجستير في إدارة الأعمال يجعلك أكثر ميلاً لتقديم مصالحك على أية مصلحة أخرى؟ هل يجب على مجالس الإدارة في الشركات أن تكون حذرة عند التعامل مع الرؤساء التنفيذيين الحاملين لشهادة الماجستير في إدارة الأعمال؟ أستاذة ميلر، دافعي عن بحثك العلمي.

ميلر: كنا نرجو أن نجد أن حاملي درجة الماجستير في إدارة الأعمال هم مدراء أكثر فعالية ومسؤولية من نظرائهم من غير الحاصلين على هذه الشهادة، أو ألا يرتبط الحصول عليها بأمر سلبي على أقل تقدير. ومع الأسف، لم يكن الأمر كذلك. لقد شكّل الرؤساء التنفيذيون الحاصلون على درجة الماجستير في إدارة الأعمال ربع عينة الدراسة، وقد وجدنا أنه بعد مضي ثلاث سنوات على ظهورهم على غلاف إحدى المجلات المهمة كانت قيمة شركاتهم في السوق تشهد تراجعاً بنسبة تزيد عن 20% مقارنة بالشركات التي يرأسها أشخاص غير حاصلين على هذه الدرجة. وقد كانت هذه الفجوة في الأداء كبيرة حتى بعد مضي سبع سنوات على ظهور أي من هذه الشخصيات على غلاف إحدى المجلات المعروفة.

كما لاحظنا أن إنفاق الرؤساء التنفيذيين الحاصلين على درجة الماجستير في إدارة الأعمال على عمليات الاستحواذ كان أكبر بمقدار ضعفين عما يقدم عليه غيرهم من الرؤساء التنفيذيين، وذلك بعد النظر في كافة متغيرات التحكم في الدراسة، كحجم الشركة والديون فيها. وفي العام الذي سبق ظهور أولئك الرؤساء التنفيذيين على أغلفة المجلات فقد كان لشركاتهم مستويات أدنى من السيولة المالية وعائدات أقل على الأصول، ما يشير إلى أنهم كانوا يسعون إلى تحقيق نسب نمو سريعة ومكلفة.

هارفارد بزنس ريفيو: وكيف تدل هذه النتائج على سلوكٍ يقدم المصلحة الذاتية؟
نحن نرى أن ثمة عناصر ثلاثة في الشركات تدل على وجود نمط سلوك أناني عند الرئيس التنفيذي وهي: (1) النجاح يتحقق من خلال العمليات السريعة والتي تنطوي على الكثير من المخاطر، مثل عمليات الاستحواذ. (2) النجاح يكون قصير المدى. (3) الرئيس التنفيذي ينتفع شخصياً من ذلك من خلال زيادات كبيرة في التعويضات التي يحصل عليها.

وهل حصل الرؤساء التنفيذيون الحاملون لشهادة الماجستير في إدارة الأعمال في دراستك على زيادات؟

نعم. وذلك رغم ضعف أدائهم. لقد ازدادت التعويضات التي يحصلون عليها أكثر من غيرهم من الرؤساء غير الحاصلين على درجة الماجستير في إدارة الأعمال بعد نشر المقابلات معهم في تلك المجلات. وبالمعدل فإن الرؤساء التنفيذيين الحاصلين على درجة الماجستير في إدارة الأعمال حصّلوا زيادات في تعويضاتهم بشكل أسرع بنسبة 15% مقارنة بغيرهم من غير الحاصلين على هذه الدرجة في السنوات الثلاثة التي تلت نشر قصتهم في إحدى تلك المجلات، وكانوا يحصلون قرابة مليون دولار أكثر من سواهم كل عام.

إن دراستكم تتناول فترة تبدأ من العام 1970. هل عدد الرؤساء التنفيذيين الحاصلين على الماجستير في إدارة الأعمال في ازدياد اليوم؟ وهل صارت درجة الماجستير في إدارة الأعمال أكثر أهمية في عالم الأعمال؟

ازداد عدد الحاصلين على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال كثيراً مقارنة بما كانت عليه الحال عام 1970. فاليوم تزيد نسبة الرؤساء التنفيذيين الحاصلين على هذه الشهادة عن 30%، بينما لم تكن هذه النسبة تتجاوز 12% في السبعينات، وقد بلغت حوالي 20% فقط في الثمانينات والتسعينات.

لم اخترتم التركيز في الدراسة على من ظهروا على أغلفة المجلات المهمة؟ وهل يمكن أن تمثل هذه العينة جميع الرؤساء التنفيذيين؟

لقد أردنا إجراء الدراسة على أولئك الرؤساء التنفيذيين الذين حققوا مستوى عالياً من النجاح جعلهم مادة للاحتفاء بهم إعلامياً والذين كانت لديهم الفرصة لاستغلال هذه النجاح على المستوى الشخصي. ففي مثل هذه العينة يكون هنالك نطاق واسع للسلوك الذي يتّسم بخدمة المصالح الشخصية.

وعلى الرغم من حجم العينة الكبير، إلا أنها تشتمل فقط على أولئك الرؤساء التنفيذيين في أكثر الشركات العامة نجاحاً والتي يتمتع معظمها بقدر كبير من الشهرة. ولذلك فإن النتائج التي توصلنا إليها قد لا تنطبق على الشركات الأصغر والأقل شهرة، أو الشركات الخاصة.

لقد وجدت أبحاثٌ أخرى أن العمر، ومكانة مؤسّس الشركة، وجودة التعليم، وحتى الجندر عوامل قد تؤثر على سلوك الرئيس التنفيذي وأدائه. هل حاولتم النظر إن كان لأي من هذه العوامل أي أثر؟

بالتأكيد. لقد تحققنا في التحليلات التي أجريناها من كافة هذه العوامل وغيرها. ثمة أمران وحيدان وجدنا أن لهما أثراً على التغييرات الحاصلة في الأداء بعد ظهور الرئيس التنفيذي على غلاف مجلة ما وهما جودة الجامعة التي تخرّج منها ومستوى الأداء السابق في الشركة. لقد كانت الجودة الأفضل للجامعة ترتبط بأداء أفضل للرئيس التنفيذي حتى بعد ظهوره على غلاف إحدى المجلات، بالإضافة إلى أداء الشركة الأفضل قبل المقابلة ارتبط بأداء أسوأ بعد المقابلة لجميع الرؤساء التنفيذيين – يبدو أنه من الصعب الحفاظ على التميز في الأداء. بينما لم تشهد الشركات التي يديرها رؤساء تنفيذيون غير حاصلين على الدرجة تراجعاً بالأداء بذلك القدر من السرعة. لقد وجدنا كذلك أن المؤسسين والحاصلين على درجة الماجستير في إدارة الأعمال قد أجروا عمليات استحواذ أكثر من غيرهم، مع انخفاض ذلك في حالة الرؤساء التنفيذيين الذين ارتادوا جامعات أفضل.

أما بالنسبة للجندر فلم نجد اختلافات وفق هذا العامل، وذلك عائد ربّما إلى أنه لم يكن هنالك الكثير من النساء في العينة. كما أننا لم نتمكن من قياس السمات الشخصية، والتي قد يكون لها دور مهم.

هل تشجع كليات إدارة الأعمال على السلوك الأناني؟

هذا أمر محتمَل. فالعديد من برامج الماجستير في إدارة الأعمال تركّز على الأداء المرتكز على النتائج النهائية، والإجراءات المالية والمحاسبية وأسعار البورصة والمنافسة والنجاح الاقتصادي الشخصي، ولكنها تركز بشكل أقل على المهارات العملية والرضا الوظيفي والمساهمة الاجتماعية والتعامل الأخلاقي مع المساهمين. وفي المقابل، قد لا يكون تفسير النتائج التي توصّلنا إليها متعلقاً بالمنهاج بقدر ما هو متعلّق بالاختيارات الشخصية. فربما يكون الأشخاص الذين يميلون للتركيز على مصالحهم الشخصية أكثر رغبة في الانخراط في برامج إدارة الأعمال، وليس في تخصصات الفنون أو العلوم.

كما يمكن التعامل مع النتائج التي توصّلنا إليها عن طريق النظر إلى كيفية تعامل الآخرين مع سلوك الرؤساء التنفيذيين. فالأبحاث تشير إلى أن عمليات الاستحواذ تعدّ إستراتيجية أخطر عند مقارنتها بتحقيق النمو بشكل عضوي، ومن الممكن أن المستثمرين أكثر قدرة على معاقبة الشركات التي تحقّق نموها عن طريق شراء شركات أخرى.

والأهم من ذلك هو أننا لا ندّعي أن الحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال هو ما يدفع الرؤساء التنفيذيين إلى التصرّف بشكل سلبي، وإنما نحن نصف علاقة التلازم بين الأمرين لا السببيّة، وقد بذلنا قصارى جهدنا لبيان هذه النقطة في البحث.

كيف يمكن للمؤسسات مجابهة السلوك الأناني؟

تعزيز الثقافة الجيدة في المؤسسة قد يحدّ من هذا الأمر. إن القيم التي تتجلّى في أهداف الشركة، وممارسات قسم الموارد البشرية فيها، وممارسات التواصل الاجتماعي فيها، وكيفية تعامل الشركة مع المساهمين، كل ذلك من شأنه أن يساعد في ضمان تعيين الرئيس التنفيذي المناسب، سواء كان حاصلاً على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال أم لا.

كما أن ثقافة الشركة نفسها تحدّد المعايير التي يتمّ تقييم الرئيس التنفيذي وفقها. لقد قمت أنا وإيزابيل لي بريتون-ميلر بدراسة ما أسميناه “الثقافات المتينة” في شركات العائلات العريقة، ووجدنا أن حصول الرئيس التنفيذي في مثل هذه الشركات على درجة الماجستير في إدارة الأعمال لا يؤثر على سلوكه الإستراتيجي ولا على طريقته في الإدارة على المدى الطويل.

كما أن لنظام الحوافز أهمية كبيرة. فحين يحصل الرئيس التنفيذي على مكافآت عالية غير متناسبة مع الأداء قصير المدى، فإن هذا يعزز من السلوك السائد الذي وجدناه. أما الإجراء الأفضل فهو ربط المكافأة بالنتائج طويلة المدى التي يضمنها الرئيس التنفيذي للشركة سواء كانت مالية أو غير مالية.

ما الذي يجدر التركيز عليه في الأبحاث الأخرى في المستقبل؟

سنحاول أنا وتشياوي تشو أن نتابع بحثتنا هذا ليشمل عينة أوسع من الشركات في المستقبل. وسيكون من المفيد كذلك النظر في مدى تأثير محتوى بعض برامج الماجستير في إدارة الأعمال على الحد من الآثار التي وقفنا عليها في هذه الدراسة. نريد أن نعرف مثلاً إن كان التركيز بشكل أكبر على الاستدامة أو خدمة المساهمين أو مسؤولية الشركة الاجتماعية سيحد من تلك الميول الأنانية. لكلٍ منا شخصية مختلفة عن الآخرين في حقيقة الأم، فكيف يا ترى يمتزج كل ذلك مع التعليم في تشكيل السلوك الإداري؟

هل من المبكر إذاً أن نحذّر الآخرين من تعيين رؤساء تنفيذيين يحملون درجة الماجستير في إدارة الأعمال؟

لقد كُتب الكثير عن الميول للتركيز على المنفعة الشخصية لدى الحاصلين على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وقد حاولت أنا وتشياوي أن نتأكد إن كانت هذه الاتهامات في مكانها. نحن جميعنا في حقيقة الأمر نعمل في كليات إدارة الأعمال، وأنا نفسي أحمل هذه الدرجة والعديد من زملائي كذلك، وهم أشخاص أصحاب كفاءة ونزاهة أخلاقية. ولذا فإننا لا نريد أن تُستخدم دراستنا هذه للانتقاص من حاملي درجة الماجستير في إدارة الأعمال. ولكن يجدر بنا أن نبقى متيقظين لملاحظة أي أمر يدل على وجود أنماط من السلوك الانتهازي الذي وصفناه، بصرف النظر عن الرئيس التنفيذي ومن يكون.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .