لماذا يكذب الناس في العمل؟

2 دقائق
الكذب في العمل

على الرغم من أن كل المجتمعات تدين الكذب، فإنه لا يزال واحدة من الخصال الشائعة في الحياة اليومية. وبالتالي، كيف تتعامل مع زميل في العمل تشك في أنه يكذب؟ ولماذا أصلاً يحصل الكذب في العمل؟

الأمر يتوقف على نوع الكذب، ونوع الشخص الكاذب، الذي تتعامل معه.

الأشخاص دائمو الكذب

يتميز دائمو الكذب بصفتين أساسيتين: أولاً، هم يعانون من ضعف أخلاقي، وبالتالي لا يعتبرون الكذب غير أخلاقي. ثانياً، صحيح أن معظم الناس يكذبون تحت الضغوط، إلا أن المتمرسين في الكذب يمارسونه حتى عندما يكونون مرتاحين أو مسيطرين على الوضع – لأنهم ينتشون بكذبهم.

إذا كنت تتعامل مع شخص يلجأ إلى الكذب مراراً وتكراراً، فإنه على الأغلب يتمتع بمهارات اجتماعية قوية وبقدرات دماغية كبيرة. على سبيل المثال، هناك براهين عصبية نفسية تشير إلى أن الكذب يتطلب سعة أكبر في الذاكرة العاملة، وهذا يرتبط بقوة بحاصل الذكاء البشري. إضافة إلى ذلك، يتمتع الأشخاص البارعون في الكذب عادة بمقدار أعلى من الذكاء العاطفي، مما يمكّنهم من التلاعب بإشاراتهم العاطفية في أثناء التواصل، والتحكم في ردود أفعال جمهورهم وتحاشي ما يسمى بـ "التسريبات غير اللفظية" – أي عدم توافق لغة جسدنا مع ما نقوله.

كيفية التعامل مع الكذب في العمل

والنقطة الأساسية في حالة الكذابين هي ليست معرفة ما إذا كانوا يقولون الحقيقة أم لا، وإنما فيما إذا كنا قادرين على التكهّن بما بما قد يفعلونه أم لا. فقد أقول: "أنا استمتع بالعمل معك"، وقد أكذب. ولكن، ما دمت أتظاهر بأنني أستمتع بالعمل معك عندما نعمل معاً، فعندها لا يهم كيف أشعر حقاً تجاهك. ولكن عندما تستند الأكاذيب إلى حقائق موضوعية – "أنا تخرجت في جامعة ستانفورد" أو "سوف أنهي هذا المشروع يوم الإثنين"، فإنها عندئذ تهزم ذاتها بذاتها، لأنه تؤذي سمعة الكاذب عندما يُفتضح أمره؛ من الصحيح أن المرء يشعر بإغراء المسؤولية تجاه معاقبة الكاذب، إلا أنك يجب أن تتذكر بأن فضح الكاذب وببساطة قد يقود إلى الأثر ذاته.

وبالتالي، فإن الأشخاص الذين يمارسون الكذب الدائم هم إشكاليون تماماً حالهم حال الأشخاص دائمي التأخر: كل ما تحتاجه هو اكتشاف أنماطهم النموذجية في السلوك وبناء خططك من خلال التحايل عليهم. هذا ما لم ترغب في منعهم من الكذب عليك، ففي تلك الحالة، بوسعك فضح أكاذيبهم برقة لتبيّن لهم بأنك لست بالغباء الذي يعتقدونه.

اقرأ أيضاً: كيف تحاور شخصاً كاذباً

أما الشخص الذي لا يكذب كثيراً، فإن تركيبته النفسية مختلفة تماماً. فالعديد من أكاذيبه هي نتاج شعوره بعدم الأمان. فهذه الأكاذيب ناجمة عن الخوف، وهي تؤمّن حماية نفسية مؤقتة لـ "أنا" الشخص الكاذب. ومثال بسيط على ذلك، عندما تُسأل ما إذا كنت تعرف شخصاً مهماً أو ما إذا كنت قد قرأت كتاباً يحظى بشعبية كبيرة، قد تجيب غريزياً "نعم" لتتحاشى الرفض. لكن ذلك بدوره يزيد من شعورك بعدم الأمان – فماذا لو افتضح أمرك؟ – مما سيزيد من احتمالية استمرار الكذب مستقبلاً.

إن أفضل طريقة للتعامل مع الكذب في العمل والكذابين تحديداً الذين يشعرون بعدم الأمان هي جعلهم يشعرون بأنهم مقبولون. فالكاذبون الذي يشعرون بعدم الأمان هم شديدو النقد لذاتهم – لذلك، فإن هناك حاجة إلى وقت وجهد للتعويض عن شعورهم بالكمال، وجعلهم يشعرون بأنهم مقبولون. أظهر لهم أنك تقدّرهم لما هم عليه، وعلى حالهم، وليس للشخص الذي يرغبون بأن يكونونه.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي