يبدو للوهلة الأولى أن السؤال الشائع في مقابلات التوظيف "لماذا يجب علينا تعيينك؟" شبيهاً بسؤال "لماذا تريد العمل لدينا؟"، لكن تغيير صيغة السؤال تستلزم تغيير صيغة الإجابة، فبدلاً من البدء بالحديث عن آمالك وتوقعاتك، عليك أن تبدأ بإبراز اهتمامات الشركة واحتياجاتها. بعبارة أخرى، ترتبط إجابة السؤال الأول بالفوائد العائدة على الشركة لا الفوائد العائدة عليك أنت.
ومثلما هي الحال مع أسئلة مقابلات التوظيف كلها، ينطوي هذا السؤال على عدد من الأغراض، بعضها واضح وبعضها الآخر خفي؛ فعندما يطرح مدير التعيينات هذا السؤال، فهو يريد:
- معرفة مدى فهمك لأهداف شركته أو رسالتها.
- تكوين فكرة عامة عن الوسائل التي يمكنك من خلالها الإسهام في تحقيق هذه الأهداف أو هذه الرسالة.
- تقييم توافقك مع ثقافة الشركة.
- اكتشاف صفة تميزك عن المرشحين الآخرين.
قد يطرح مدير التعيينات هذا السؤال بصيغة مختلفة أيضاً. على سبيل المثال، بدلاً من طرح السؤال بالصيغة التقليدية التي تقول: "لماذا يجب علينا تعيينك؟" قد يستخدم صيغة أخرى تقول: "ما هي المميزات التي تجعلك مرشحاً جيداً لهذا المنصب؟" أو حتى: "لماذا يجب علينا تعيينك بدلاً من المتقدمين الآخرين؟". أياً كانت الصيغة التي يطرح بها السؤال، فهو سؤال عادل لأن عملية التوظيف تتطلب توافقاً مثالياً يلبي احتياجات كلا الطرفين. وإذا فهمت السؤال على النحو الصحيح وعرفت الغرض منه واتبعت بعض المبادئ التوجيهية البسيطة، فستتمكن من تقديم إجابة مثالية تصيب الهدف في الصميم.
تحدثتُ إلى مجموعة متنوعة من وكلاء التوظيف ومستشاري المسارات المهنية الذين قدموا لي نصائح رائعة تعزز فرصك في إنهاء تجربتك بنتيجة إيجابية.
كيف تستعد لهذا السؤال قبل المقابلة؟
تقول مؤسِسة شركة ريكروت ذي إمبلوير (Recruit the Employer)، جنا دوناي، إن الباحثين عن عمل يجب أن "يكفوا عن التفكير مثل المؤرخين ويبدؤوا التفكير مثل المسوقين"، وتشجعهم على التفكير في الأسباب التي دفعت الشركة إلى تعيين موظف لدور معين وفي فجوة المهارات التي تريد سدها أو الحاجة التي تسعى لتلبيتها بشغل هذا المنصب، كما تدعوهم إلى التفكير في كيفية إسهام مهاراتهم وخبراتهم في سد هذه الفجوات. وما يدعو للتفاؤل أن معظم الخيوط اللازمة للإجابة عن هذه الأسئلة متاحة بسهولة.
الوصف الوظيفي أفضل مصدر للإجابة عنها.
راجع الوصف الوظيفي وأعد قراءته بدقة، مع التركيز على المهارات والخبرات المشار إليها ضمن القسم الذي يوضح ما تبحث عنه الشركة في المرشحين لهذا المنصب؛ واعلم أن المهارات التي تشير الشركة إلى أنها "ضرورية" أو "أساسية" هي مهارات إلزامية ولا يمكن التهاون بشأنها، أما المهارات التي تحظى بالتقدير ولكنها ليست إلزامية، فغالباً ما تصنفها الشركة تحت مسميات مثل "مرغوبة" أو "مفضلة". بعد ذلك، اكتب قائمة بمهاراتك الخاصة وقارنها بالمهارات التي تبحث عنها الشركة، ويجدر بك أن تشير إلى هذه المهارات في إجابتك وتسلّط الضوء عليها في أثناء المقابلة.
بعد ذلك، اقرأ صفحة "نبذة عن الشركة" على موقعها الإلكتروني وأحدث تقاريرها السنوية؛ فهذه مؤشرات ممتازة على قيم الشركة وكيفية تصورها لرسالتها أو أهدافها وقياسها. وإذا لاحظت عدم تطابق بين قيمك وقيمها فهذه إشارة تحذيرية يجب أخذها بعين الاعتبار. فكِّر فيما إذا كانت هذه الاختلافات تشكل عقبات لا يمكن تجاوزها أم لا، وإذا لم تكن كذلك فلا تتردد في تسليط الضوء عليها في أثناء المقابلة.
أخيراً، تدرَّب على الإجابة عن هذا السؤال والأسئلة الأخرى بصوت عالٍ، دون الاكتفاء بترديدها في ذهنك فقط، كي تتمكن من تدريب ذهنك ولسانك على العمل معاً بأعلى فعالية ممكنة. وتدرَّب في اليوم السابق للمقابلة ويوم المقابلة نفسه، إن أمكن، لتعزيز قدرتك على استرجاع المعلومات والردود بسرعة وسهولة.
عناصر الإجابة الجيدة
تعامل مع هذه العناصر باعتبارها قائمة مراجعة لضمان تطابق إجاباتك مع توقعاتهم.
تتضمن الإجابة الفعالة عن هذا السؤال كلاً مما يلي:
- توضيح الخبرات ذات الصلة بالوظيفة المعنية.
- إبداء التجانس مع ثقافة الشركة.
- إبراز مهاراتك الفريدة وتمتعك بعقلية النمو.
- إظهار امتلاكك المهارات اللازمة لأداء مهام الوظيفة.
- التعبير عن حماسك وشغفك.
كيف تجيب عن سؤال "لماذا يجب علينا تعيينك؟"؟
لنفترض أنك تُجري مقابلة توظيف، سواءً كنت تجريها عن بُعد في منزلك أو في مقر العمل، وتخاطب زملاءك المحتملين وتتلقى أسئلتهم. تتعلق هذه التوصيات الست بتجهيز أفضل الإجابات في ذهنك وتقديمها بفعالية في أثناء المقابلة.
1. ركِّز على البيانات
تقول خبيرة التوظيف في شركة توب ريزيميه (TopResume)، أماندا أوغستين، التي تقدم هذا المثال للإجابة عن سؤال يخص وظيفة في مجال تكنولوجيا الرعاية الصحية: "ابحث عما يثير حماسك في الوظيفة أو القطاع أو الشركة وأدرجه في إجابتك":
"أنا من أشد المعجبين بالطريقة التي تقود بها شركتكم الابتكار في قطاع الرعاية الصحية، خاصة فيما يتعلق بتسخير الذكاء الاصطناعي. ومثلما تعلمون، فلديّ خبرة في كلٍّ من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الصحية، وكلي حماس للإسهام في تعزيز مستقبل القطاع".
تنصح مستشارة الحياة المهنية، فران بيريك، مؤسِّسة شركة سبيرمنت كوتشنغ (Spearmint Coaching)، الباحثين عن عمل بأن يحددوا مهاراتهم التي تلبي متطلبات الوظيفة بدقة قدر الإمكان. تقول بيريك: "عادةً ما تكتب الشركات الوصف الوظيفي بعناية ولغاية محددة، ويمكنك اعتباره خطة توجيهية تستفيد منها في ردك. حاول أيضاً استخدام الأفعال بدلاً من الصفات، ما سيجعل إجابتك تركز على النتائج التي يريدها مسؤول التوظيف، دون الاكتفاء بالتركيز على المهارات التي تمتلكها".
على سبيل المثال، تنصح بيريك بتغيير الوصف السطحي الذي يتكون من صفة فقط، مثل: "أنا مدير مشروعات جيد"، إلى وصف أكثر دلالة يبدأ بجملة فعلية: "أمتلك خبرة في إدارة المبادرات المعقدة وضمان وضوح أهداف المشروع وتحقيقها في المواعيد المحددة".
بمجرد أن توضح مهاراتك التي تلبي متطلبات الوظيفة، أكِّد حماسك لتسخير قدراتك كلها لمساعدة الشركة على تحقيق هدفها المحدد، سواء كان هدفاً بسيطاً، مثل بيع جزَّازات العشب، أو عظيماً، مثل إنقاذ الأرواح.
2. ركِّز على ما يميزك
ركِّز على التوافق بين قدراتك واحتياجات الشركة، الذي يميزك عن المرشحين الآخرين؛ فالسؤال المطروح في النهاية ليس: "لماذا يجب علينا تعيين شخص مثلك؟"، بل "لماذا يجب علينا تعيينك أنت؟".
عند شرح أسباب وجوب تعيينك في الشركة، قدِّم أمثلة مميزة تُبرز تفردك، بدلاً من استخدام عبارات عامة، لربط مهاراتك وخبراتك بالمتطلبات المذكورة في الوصف الوظيفي. ومثلما تنصح بيريك أعلاه، تجنّب الصفات العامة غير المحددة، مثل "رائع" و"قوي"، والعبارات النمطية المكررة، مثل: "مهاراتي تتوافق مع أهدافكم".
تقول مؤسِّسة شركة التوظيف ذا هايرد غنز (The Hired Guns)، أليسون هيمينغ: "ابدأ بعرض أحدث أعمالك وأكثرها صلة بمهام الوظيفة المعنية واستعرض تجارب محددة تتوافق مع متطلباتها المهنية. وفي حين قد يتحدث منافسوك عن التدريبات التي تلقوها خلال دراستهم ماجستير إدارة الأعمال منذ عقود مضت، استثمر وقت المقابلة الثمين لإثبات امتلاكك المهارات والخبرات المناسبة لتحقيق النتائج التي تأمل الشركة تحقيقها". تقدم هيمينغ هذا المثال لمَن يعملون في مجال التسويق أو المجالات الإبداعية:
"أعلم أن شركتكم تُجري حالياً عملية شاملة لإعادة تصميم العلامة التجارية، وأثق في قدرتي على تقديم المساعدة. فبعملي (اذكر اسم منصبك) في (اذكر اسم شركتك الحالية)، صمَّمت علامات تجارية من الصفر وطوّرتُ علامات تجارية لاقت نجاحاً هائلاً. يتطلب إنجاز هذا العمل طرح الأسئلة المناسبة حول هوية العلامة التجارية وقيم الشركة وتصورات العملاء، ونتعاون حالياً من كثب مع مؤسسات تشبه شركتكم وندرس احتياجاتها بدقة، وغالباً ما نفوز بمهام إضافية منها ومن شركائها لتصميم العلامات التجارية".
3. ارسم تصوراً لمستقبلك في الوظيفة
يتيح طرح هذا السؤال لك فرصة ثمينة لرسم تصور مستقبلي لك في الدور المعني، وعليك أن تغتنم هذه الفرصة. ارسم تصوراً تتجاوز به وصف مهاراتك، بحيث توضح دورك في تحقيق رسالة الشركة وأهدافها ودعمها. وإليك أمثلة تساعدك على فهم المعنى المقصود:
"أرى نفسي ناجحاً في هذا الدور مستفيداً من قدرتي على (اذكر المهارة المعنية) وخبرتي في العمل مع (فرق أو عملاء أو شركاء محددين يرتبطون بمتطلبات الدور)".
"أثق في قدرتي على الإسهام في تحقيق رسالتكم (أو أهدافكم)؛ لأنني أمتلك خبرة في إدارة فرق مكلَّفة بتحقيق رسائل (أو أهداف) مماثلة. وقد تعلمت أن (اذكر الدروس المستفادة التي أدت إلى نجاحك)".
"أنا متحمس لأبدأ بدعم رسالة شركتكم؛ فأهم ما يحفزني هو مساعدة (العملاء أو المستفيدين) في الوصول إلى (الخدمات أو المنتجات) التي يحتاجون إليها ويستحقونها".
4. تحدّث عن التوافق الثقافي
تعني الملاءمة الوظيفية القدرة على التأقلم مع الفريق، وبالتالي يمكنك الإجابة عن السؤال من منظور الثقافة المؤسسية أو السمات الشخصية بالإضافة إلى التوافق بين احتياجات الشركة ومهاراتك، لكن من المهم أن تقدم نفسك بصورة أصيلة وصادقة.
تقول مستشارة المسارات المهنية، أليسون تشيستون: "عليك أن تفهم كيفية تقديم الشركة نفسها وما تقدّره فهماً دقيقاً من خلال متابعة ما تنشره الشركة من مقاطع فيديو والاطلاع على قيمها الأساسية ومراجعة ما يقوله الموظفون عنها على منصات التواصل الاجتماعي، ثم حاول أن تعكس هذه القيم في إجابتك دون تصنّع؛ لأن التصنّع سيرسل إشارة تحذيرية تدل على عدم التوافق مع ثقافة الشركة".
وتقدم تشيستون هذا المثال لتوضيح كيفية التعبير عن توافقك مع ثقافة الشركة بصدق:
"أنا معجب بالطريقة التي تسلطون بها الضوء على الموظفين المتميزين كل شهر. وأثق في أنكم بذلك تعززون شعور الموظفين بالتقدير؛ لأنني أعلم أن الموظف الذي يشعر بأن شركته تهتم به يبذل قصارى جهده في العمل".
5. استفد من المصطلحات والتعبيرات التي يستخدمها مسؤول التوظيف.ينصح مستشار التوظيف المتمرس ومدير المواهب في منصة النمو المهني تيل (Teal)، مايك بيديتو، بالاستفادة من مصطلحات مسؤول التعيينات وتعبيراته واستخدامها في إجابتك.
يقول مايك: "عادة ما يكون سؤال ’لماذا يجب علينا تعيينك؟‘ واحداً من الأسئلة الأخيرة التي يطرحها المحاورون في مقابلات التوظيف، ما يعني قدرتك على الاستفادة من مصطلحاتهم وتعبيراتهم التي يستخدمونها خلال المقابلة. لاحظ السمات المهنية التي بدت مهمة بالنسبة لهم واربط خبراتك بها مباشرة".
قدَّم مايك هذا المثال على جواب يظهر تلبية المتقدم لمتطلبات وظيفة في المبيعات:
"أثق في قدرتي على النجاح في هذا الدور. على سبيل المثال، ذكرتَ أنكم بحاجة إلى شخص استطاع تكوين علاقات تجارية مع حسابات على مستوى الشركات وحمل مسؤولية إدارة مجموعة مهمة من سجلات العملاء. ومثلما ذكرنا من قبل، عندما كنت في الشركة [س]، كنت مسؤولاً عن إدارة سجل عملاء بقيمة 30 مليون دولار وفتحت 4 حسابات جديدة على مستوى الشركات. لقد شعرت بترابط قوي بيني وبين الأشخاص الذين التقيتهم هنا، كما أنني متحمس للمنتج، لذلك أثق في قدرتي على الوصول إلى هذا المستوى من النجاح أو تجاوزه".
يتيح لك توقيت هذا السؤال أيضاً تعزيز أي فكرة أشرت إليها من قبل، مثل مواطن قوتك والدروس المستفادة من خبراتك السابقة وسماتك الشخصية ذات الصلة. إذا كنت قلقاً بشأن تكرار ما قلته سابقاً في أثناء المقابلة، فابدأ بمقدمة مثل "مثلما قلت سابقاً"؛ فهذا الاعتراف البسيط يحصنك من أي مخاوف تتعلق بالتكرار، وهي بالمناسبة نصيحة كلاسيكية لإتقان فن الخطابة.
6. قدّم أجوبة قصيرة وواضحة
مثلما هي الحال مع أسئلة المقابلة كلها، كن موجزاً قدر الإمكان. تنصح خبيرة استراتيجيات البحث عن عمل ومؤسِّسة شركة كارير شيربا دوت نت (CareerSherpa.net)، هانا مورغان، بأن تقدِّم أجوبة مختصرة ومنظمة، تقول: "يجب أن تكون الإجابة واضحة ومركَّزة ومرتبة وفق تسلسل منطقي. ويمكن صياغتها من خلال التفكير سلفاً في 3 فوائد لتعيينك وإنهاء كلامك بإبداء اهتمامك الحقيقي بالوظيفة والشركة. وكما هي الحال دائماً، فالحديث بثقة يرسل رسالة قوية خاصة عند توضيح سبب وجوب تعيينك. تحدث ببطء وركِّز على النقاط الرئيسية".
أخطاء يجب تفاديها
قد ترغب في أن تقول: "عليكم تعييني لأنني رائع!" ومن ثم تبدأ في سرد الجوائز التي نلتها والتوصيات التي حصلت عليها والإنجازات التي حققتها، لكن هذا ليس ما يبحث عنه مدراء التعيينات عندما يسألونك: "لماذا يجب علينا تعيينك؟"؛ بل يريدون في هذه اللحظة أن تطمئنهم لقدراتك وتمدهم بالحماس للعمل معك، لا أن تبهرهم بسجل إنجازاتك، لذا يجب أن ينصبّ حديثك على العمل الجماعي لا على إنجازاتك الفردية.
إليك بعض الأمثلة للأجوبة المحظورة عن سؤال "لماذا يجب علينا تعيينك؟" (لاحظ أن العبارات كلها تنطوي على استخدام ضمير المتكلم المفرد):
"لأنني فزت (بالجوائز والأوسمة)".
"لأنني أمتلك خبرة واسعة ومؤهلات ممتازة وأنا المرشح المثالي لهذه الوظيفة".
"لأن نظرائي أوصوا بي".
"لأنني أجدها فرصة عظيمة للتعلم والنمو".
"لأنني أجيد ما أفعله ويمكنني تقديم رؤى قيمة".
"لأنني أريد الارتقاء بمسيرتي المهنية أو أن آخذها في اتجاه جديد".
"لأنني متحمس للعمل في هذا القطاع وأشعر بأن هذه هي وظيفة أحلامي".
"لأن هذه هي الوظيفة المثالية بالنسبة لي وتتناسب مع أهدافي المهنية المستقبلية".
في نهاية المطاف، أو على الأقل في نهاية المقابلة، يجب أن يشعر مدير التوظيف ورئيسك المحتمل بأنك الشخص المناسب لهذه الوظيفة والشركة والفريق. عندما تفكر بهذه الطريقة وتصوغ أجوبة مقنعة باستخدام هذه النصائح، ستكون مؤهلاً لتحقيق هذه الثلاثية، والأهم من ذلك، الحصول على وظيفة مثالية.
اقرأ أيضاً: