خلال استبيان شمل 7,631 شخصاً، لمعرفة إجابة سؤال لماذا يتجنب المدراء المدح وما إذا كان التقييم أمراً صعباً. وافق على ذلك 44% من العينة. فعند الحديث مع المدراء عن إعطاء التقييم، عادة ما نسمع تعليقات مثل "لم أنم ليلة البارحة"، "فقط أردت الانتهاء من الأمر بسرعة"، "كانت يداي تتعرقان وكنت عصبياً"، "لا يدفعون لي ما يكفي لفعل هذا". بسبب هذا التوتر، وجدنا أن بعض المدراء يتجنبون تقديم أي شكل من أشكال التقييم المهم لمرؤوسيهم. وعندما طلبنا من مجموعة أخرى تتألف من 7,808 أشخاص إجراء تقييم ذاتي، اعترف 21% أنهم يتجنبون إعطاء تقييم سلبي.
لماذا يتجنب المدراء المدح
لا يوجد مفاجأة في هذا، بالنظر لمدى الإزعاج الذي ينطوي عليه تقديم تقييم مهم. لكن ما أحدث المفاجأة هو أن 37% من الأشخاص الذين شاركوا في التقييم الذاتي أكدوا أنهم لا يقدمون دعماً أو تقييماً إيجابياً.
وعليه، نستنتج أن الكثير من المدراء يشعرون بأن عملهم يتوقف على إخبار مرؤوسيهم بالأخبار السيئة وتقويمهم عندما يرتكبون الأخطاء، أما تخصيص الوقت للتقييم الإيجابي فيُعتبر مهمة اختيارية. لكن هذا الأمر خاطئ، إذ يرى بحثنا أن زملاء العمل يولون أهمية كبيرة للتقييم الإيجابي، لأنه يقوي العلاقة في العمل أكثر من التقييم السلبي.
وعند مقارنة التقييمات الذاتية لـ 328 من المدراء، مع نتائج استبيانات شاملة للآراء (استبيانات 360 درجة) تم خلالها تصنيف كل قائد من قِبل 13 مشاركاً على الأقل على أساس مجموعة متنوعة من السلوكيات بما فيها "منح تقييم صريح بأسلوب مفيد". وجدنا أنه يتأثر تصنيف القائد عندما يمنح الآخرين تقييمات فعالة بمدى استعداده لتقديم دعم إيجابي وانفتاحه على ذلك، أما التقييمات السلبية التي كانت تصدر عن المدير، فلم تؤثر في تصنيف المرؤوسين له إلا في حال كان القائد يتجنب منح رأي تقييمي إيجابي لمرؤوسيه. والنتيجة نفسها ظهرت عند النظر إلى تقييمات المرؤوسين المباشرين فقط دون مقارنتها بالتقييمات الذاتية للمدراء.
على أي حال، عندما نظرنا فقط إلى التقييمات الذاتية للمدراء، رأينا قصة أخرى. إذ كانت هناك علاقة قوية بين الأشخاص الذين يؤمنون بأنهم يعطون تقييمات "صريحة ومباشرة" وبين من يعطون تقييماً سلبياً، بغض النظر عما إذا كانوا يعطون أيضاً تقييمات إيجابية.
كما يوجد بعض الاعتقادات الخاطئة لدى القادة تتعلق بقيمة ومنافع مختلف أنواع التقييم، إذ يقللون كثيراً من قوة الدعم الإيجابي والحاجة إليه، ويغالون في تقدير قيمة وفائدة التقييم السلبي أو التصحيحي. عموماً، هم مخطئون في الحكم على تأثير التقييم السلبي في نظرة زملائهم ومدرائهم ومرؤوسيهم لهم، فحصر التقييم بإعطاء تقييم سلبي فقط يقلل من فعالية القائد في أعين الآخرين وليس له الأثر الإيجابي الذي يعتقدونه.
وربما يُنظر للمدراء الذي يفضلون إعطاء تقييمات سلبية في محاولة تقديم تقييم مباشر وصريح لموظفيهم على أنهم لا ينظرون إلا إلى الأخطاء. حيث وصف بعض الموظفين هذا الأمر بالقول: "سريع في النقد، وبطيء في المديح". وفي حين أن نتائجنا لا تخبرنا سبب تردد المدراء في إعطاء تقييم إيجابي، لكن ربما يعود ذلك لمجموعة متنوعة من الأسباب تبدأ من الإحساس بأن المدراء الجيدين بحق هم المقيّمون الحقيقيون الذين لا يخشون إخبار الناس بما هو خاطئ. أو ربما يعتقدون أن إعطاء الأشخاص تقييماً إيجابياً سيشجع على التهاون والاسترخاء. أو لعلهم يقلدون مديراً سابقاً لم يكن يعطهم إلا القليل من المديح ويكثر من الإشارة إلى كل خطأ أو ضعف. أو اعتقاد البعض بأن المدح إشارة ضعف. أو ربما هم لا يعرفون كيف يمررون مديحاً أو تقديراً. ويمكن أن يكونوا ينوون التعبير عن الإعجاب، لكنهم يشعرون أنهم مشغولون جداً بحيث تمر الأيام ولا يتذكرون إرسال ملاحظة المديح تلك للعمل المنجز بإتقان.
ولا بأس إن كان التقييم الإيجابي مختصراً، لكن يجب أن يكون محدداً وليس مجرد ملاحظة عامة مثل "عمل جيد"، وأفضل وقت لتقديمه هو بعد انتهاء العمل الذي يستحق الثناء، ويجب أن يكون التقييم صادقاً ونابعاً من القلب.
وبناء على ذلك، يمكننا القول عند الإجابة عن سؤال لماذا يتجنب المدراء المدح إذا أردت أن يُنظر إليك على أنك شخص جيد في إعطاء تقييم إيجابي، فعليك المبادرة بتطوير مهارة الثناء ومهارة النقد على حد سواء. حيث يظهر إعطاء التقييم الإيجابي لمرؤوسيك أنك في جانبهم، وأنك تريدهم أن يفوزوا وينجحوا. وحالما يعرف الناس أنك في جانبهم، يجب أن يصبح توجيه النقد لهم أمراً أقل توتراً وأكثر فعالية.
اقرأ أيضاً: