هل تُخبر نفسك بين الفينة والأخرى بأن أداءك سيكون أفضل في "المرة القادمة"، ولكن عندما تأتي المرة القادمة لا تجد أي تحسن في الأداء؟ هل تقرر غالباً أن تفعل شيئاً أفضل "لاحقاً" لتكتشف بأن هذا الأمر لا يُنجز البتة؟
إذا كانت إجابتك عن أي من السؤالين السابقين هي "نعم"، فإنك على الأرجح تتجاهل الحقيقة القائلة إن سلوكك اليوم هو مؤشر قوي على سلوكك غداً.
وبوصفي خبيراً في الاستثمار الفعال للوقت، فقد سبق وصادفت عدداً كبيراً جداً من الأفراد الذين يماطلون في عملهم لأن الواحد منهم يقول لنفسه: "سوف أنجز الكثير لاحقاً". ولكن لسوء الحظ، الاتكال والمراهنة على الزمن المستقبلي نادراً ما يقود أي منهما إلى نتائج مجدية. كما أن هذه العقلية تقود إلى إيذاء المرء لنفسه بطريقة لاواعية لأن الأفراد لا يغتنمون فرصة إنجاز المهام الآن، وعندما يأتي الزمن المستقبلي، يشعرون بالذنب لأنهم قد استهلكوا كل طاقتهم.
وما لم تبذل جهداً واعياً لتغيير سلوكك هذا، فإن سوء إدارتك للوقت اليوم لن تقودك إلا إلى سوء إدارة الوقت مستقبلاً. وإليك هاتين المقاربتين لتساعداك على تعزيز إنتاجيتك:
استبعد خيارات إنجاز العمل مستقبلاً: إذا كان لديك ميل أو نزعة نحو إخبار نفسك بأنك ستنجز أعمالك لاحقاً – ربما في المساء أو خلال عطلة نهاية الأسبوع – فإنك بذلك تزيد من فرصك للمماطلة خلال اليوم. والحقيقة هي أنك نادراً ما تكون قادراً على إنجاز المهام بكفاءة خلال تلك الأوقات اللاحقة نتيجة شعورك بالتعب والمقت لأنه ليس لديك أي وقت للراحة من دون أن تشعر فيه بالذنب.
ولكي تتغلب على هذه الحلقة المفرغة من الشعور النفسي، فأنت بحاجة إلى استبعاد خيار قيامك بعملك لاحقاً. حاول أن تتحدّى نفسك للعثور على أوقات خلال يوم عملك لإتمام مهامك. راجع قائمة مشاريعك وقدّر الوقت المطلوب تقريباً لإنجاز بعض البنود. على سبيل المثال، إذا كان لديك عرض تقديمي في نهاية الشهر، فقرّر الوقت الذي تحتاج إليه لجمع المعلومات، وصياغة مواد العرض ومراجعته مع فريقك. بعد ذلك حدد أوقاتاً معينة ضمن جدولك الزمني بين الوقت الحالي وموعد تقديم العرض لتنجز فيها كل مهمة من المهام المطلوبة منك.
خفّض حجم التغيّرات في جدولك الزمني: إذا بررت تصفحك للإنترنت في معظم أوقات النهار لأنك تخبر نفسك بأنك ستعمل دون توقف لاحقاً، فإنك بذلك تهيئ نفسك لحالة مؤكدة من الإحباط. فعندما تحاول أن تنجز ذلك العمل، إما أنك ستشعر بالذنب الكبير جرّاء النقص في إنتاجيتك بحيث يشتتك ذلك عن المهمة التي بين يديك، أو ستضغط على نفسك بشدة بحيث تشعر بالإجهاد والإنهاك.
لحسن الحظ، هناك طريقة تمكّنك من التعامل بطريقة أذكى مع الخدع الذهنية الموجودة في رأسك. أظهرت الدراسات التي أجراها عالم الاقتصاد السلوكي هوارد راتشلين، أن المدخنين الذين طلب إليهم خفض حجم التغيّرات في سلوكهم المرتبط بالتدخين – أي بأن يدخّنوا العدد ذاته من السجائر كل يوم – تمكّنوا تدريجياً من تقليل حجم تدخينهم الإجمالي، رغم أنه لم يطلب منهم أحد أن يدخنوا كمية أقل من السجائر. فمن خلال تركيزهم على حقيقة أنهم إذا دخنوا علبة سجائر اليوم، فإنهم سيحتاجون إلى تدخين علبة سجائر في اليوم التالي، واليوم الذي يليه، وجدوا أن تدخين تلك العلبة أقل جذباً لهم.
وأنت بمقدورك تطبيق المبدأ ذاته على موضوع إدارتك الفعّالة للوقت. فعوضاً عن أن تقول لنفسك: "لا بأس في أن أتصفح الإنترنت طوال نصف اليوم لأنني سأنجز الكثير هذا الأسبوع" اطرح على نفسك السؤال التالي: "هل أرغب في أن أتصفح الإنترنت لنصف يوم طوال بقية حياتي؟" إجابتك على الأغلب ستكون "بالطبع لا". بوسعك عندئذ أن تقرّر تخصيص تلك المدة من الزمن لشيء أكثر إنتاجية.
إن اغتنام اللحظة الراهنة بحكمة عوضاً عن الاتكال على الزمن المستقبلي يمكن أن يُساعدك على المحافظة على التزامك بتحقيق أهدافك. فإذا كان لديك مشروع في العمل تتجاهله منذ أشهر، حاول أن تفكر بالطريقة التي يمكنك بها تطبيق هذه الاستراتيجيات للبدء بالعمل عليه اليوم.