لا تندفع لإنجاز المهام قبل أوانها

2 دقائق

ثمة مقولة شائعة في اللغة الإنجليزية تقول: "من يتردد يخسر". إنها مقولة مثيرة للفضول، ليس فقط بسبب أصل هذه المقولة غير المعروف، وإنما أيضاً لأنها قد تكون نصيحة سيئة وغير مفيدة للإنتاجية. إذ تشير البحوث التي جرت إلى أن الاندفاع لإتمام المشاريع يؤدي فعلياً إلى إيذاء إنتاجيتنا، وهي ظاهرة أطلق عليها اسم "الاندفاع لإنجاز المهام قبل أوانها" – والتي تعني اختيار أي طريقة لإنجاز مهمة ما، فقط لمجرد القول إن المهمة قد أنجزت.

هذه النتيجة هي خلاصة وافية لـ 9 دراسات نشرت مجتمعة في مجلة "العلوم النفسية" من قبل فريق من الباحثين في جامعة "بين ستيت" بقيادة ديفيد روزينباوم. ففي كل واحدة من هذه الدراسات، أعطى الباحثون المشاركين (وهم من طلاب المرحلة الجامعية الأولى في هذه الجامعة) خياراً بسيطاً: انتقاء دلو من دلوين اثنين وحمله حتى نهاية الممر.

وأثناء الاختيار ما بين الدلوين، طُلب من المشاركين تحديداً التقاط الدلو الذي يبدو أنه الأسهل لاستكمال المهمة. وضمن التجارب التسع، تفاوت وزن محتويات الدلو (والتي تراوحت ما بين الدلو الفارغ إلى وزن 3 كيلوغرامات)، إضافة إلى اختلاف موقع وضع الدلو مقارنة مع المكان الذي كان المشارك موجوداً فيه. في معظم التجارب، كان أحد الدلوين أقرب بكثير إلى نقطة النهاية من الدلو الآخر. وقد افترض الباحثون بأن المشاركين في التجربة سيفضّلون اختيار الدلو الذي كان أقرب إلى نقطة النهاية، ولكن ما فاجأ الباحثين هو أن معظم المشاركين اختاروا الدلو الأقرب إلى نقطة البداية. بعبارة أخرى، في معظم الحالات اختار المشاركون المهمة التي احتاجت إلى جهد بدني أكبر. وعندما طلب الباحثون من الطلاب المشاركين في هذه الدراسة، بأشكالها المختلفة، أن يفسّروا سبب اختيارهم للدلو الذي اختاروه، كانت أكثر الإجابات شيوعاً والتي قدّمها الطلاب بأنهم "أرادوا إنجاز المهمة في وقت أسرع".

ربما يبدو من المبالغ فيه تعميم سلوك هؤلاء الطلاب الذين حملوا الدلو على سكان المجتمع عموماً، لكن التفسير الذي قدّمه الباحثون لما لاحظوه يتوافق مع أحد الجوانب المتعلقة بكيفية تصرّف العديد منا: نحن نحاول دائماً أن نضع علامة "تم" أمام المهام بغية إفساح المزيد من المجال في ذاكرتنا العاملة – أي المعلومات التي نتذكرها على المدى القصير. وقد طرح الباحثون نظرية تقول "إننا نرغب في الوصول إلى الراحة الذهنية الناجمة عن استكمال المهام إلى الحد الذي نبذل فيه جهداً إضافياً لتحقيق ذلك".

وعندما يتعلق الأمر بطريقة تحديد الهيكلية التي ننجز فيها أعمالنا، فإن العديد منا يمارسون ما أسميناه قبل قليل "الاندفاع لإنجاز المهام قبل أوانها" وبطرق عدة. فكم مرة اندفعت لإنجاز مهمة قبل الأوان، وتكتشف بعدها بأنك تحتاج إلى الرجوع وإصلاح بعض الأخطاء الشائعة التي كان يجب أن تعلمها ولا ترتكبها أصلاً؟ وهل سبق لك أن قضيت الدقائق الخمس الأولى من يوم عملك وأنت تضع خطة لكيفية الاستعمال الأمثل للساعات الثماني المقبلة؟ وعندما تنظر إلى قائمة المهام التي يتعيّن عليك استكمالها، فهل تنجز المهام السهلة أولاً، أم أنك تركّز على الواجبات الأكثر أهمية على القائمة وتخصص ساعات الذروة لديك لإنجاز تلك المهمّة؟ هل سبق لك أن قضيت يوماً كاملاً في الرد على رسائل إلكترونية وإنجاز مهام بسيطة، لتكتشف عند الساعة الخامسة مساء وقد شارف دوامك على الانتهاء بأنك لم تحرز أي تقدم في استكمال الأعمال التي تحقق القيمة لك شخصياً ولمؤسستك؟

على الرغم من أن هذه التكتيكات قد تشعرك على المدى القصير بأنك شخص منتج وتساعدك على تحقيق بعض الانتصارات الصغيرة التي تمدك بالعزيمة والدافع، فيشير روزينباوم وفريقه من الباحثين يشيرون إلى أن الاندفاع لاستكمال المهام غالباً ما يقودك إلى ضياع وقتك نتيجة اضطرارك للرجوع إلى العمل الذي أنجزته بسرعة بغية تصويبه أو تعديله أو تنقيته من الشوائب.

وعوضاً عن توقنا لإنجاز المهام بسرعة، ربما نحن نحتاج إلى التركيز على إنجاز المهام بوتيرة أبطأ، ولكن بجودة أفضل وبقدر أقل من التعديلات والتنقيح مع مرور الوقت.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي