إليكم هذه القصة التي تتحدث عن موضوع الأعداء في العمل وكيفية التعامل معهم. احتفلت هذا الصيف بذكرى غالية جداً على قلبي، وهي مرور 25 عاماً على انطلاقة عملي أستاذاً جامعياً، لذلك، قضيت بعض الوقت أتأمل مدى نجاح المسار المهني الذي اخترته لنفسي.
لقد قضيت معظم وقتي في الصفوف الدراسية مع المدراء التنفيذيين الذين انضموا إلى هذه الدورات لأنهم غير سعداء في مواقعهم -أو على الأقل غير راضين عن موقعهم في العمل لفترة طويلة من الزمن. لقد كان أملهم معقوداً على أن أي أمر نفعله سوياً في غرفة الصف يمكنه المساعدة على تحقيق تطلعاتهم. هذا الأمر جعلني أشعر بالغبطة والامتنان لأنني لم أشعر بذلك الشعور من قبل.
اقرأ أيضاً: لا تستهن بأهمية التنقل الأفقي بين الوظائف لدعم تطورك المهني
وإن كان من شخص يجب أن أكون ممتناً له، فهو أحد المشرفين المبكرين في حياتي والذي أهداني نصيحة قادتني إلى حظي السعيد. فقد بدأت حياتي المهنية في جامعة لويزيانا ستيت (إل إس يو) (LSU)، في شهر أغسطس/ آب عام 1989. وكان رئيس القسم في الجامعة قد عمل جاهداً على توظيف مجموعة مؤلفة من 5 مدرسين جامعيين يمكنهم النهوض بالقسم الذي كان يعاني من الاستنزاف. وبوصفنا من الخريجين الجدد الحاصلين على شهادة الدكتوراه، فإن ما افقترنا إليه من حكمة اقترن بانعدام الخبرة، فرض على رئيس القسم أعباء عمل إضافية.
الأعداء في العمل وكيفية التعامل معهم
في وقت ما من الفصل الدراسي الأول، كنت أتمشى في أروقة الجامعة مع رئيس القسم في طريقنا لتناول طعام الغداء وأذكر أنني عبّرت له عن مدى شعوري بالإحباط. بالطبع، لا أتذكر التفاصيل الدقيقة للمشكلة، لكنني أعلم بأنها قادتني إلى الرغبة بالاستنجاد بشخص ما نتيجة لشعور كبير بالمهانة. وعلى الرغم من أنني لا أتذكر الحادثة التي قضّت مضجعي وقتها، فإنني أتذكر نصيحته، قال لي ذلك اليوم: "يجب أن تتذكر أن هذا مجال صغير وأن مسارك المهني سيكون طويلاً وحافلاً". لم يمر شهر واحد خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية تلك لم تساعدني فيه تلك النصيحة الصغيرة على تحديد الطريقة التي أرد بها على أي تحدٍ أو طالب أو مشرف إداري.
عندما أدلى المشرف بملاحظته تلك، كان يتحدث بدقة متناهية حول المهنة التي نعمل فيها، وكان مجال عملنا صغيراً، حيث لم يكن عدد كليات الأعمال كبيراً وعدد الأساتذة لم يكن كبيراً أيضاً، وبما أنها مهنة جيدة، فإن الراغبين في تركها كان عددهم ضئيلاً. فإذا خلقت لنفسك عدواً، ستظل تقابل ذلك العدو لفترة طويلة من الزمن. وإذا لطّخت سمعتك، ستجد أنه من شبه المستحيل البدء من جديد.
اقرأ أيضاً: لا تسمح لمخاوفك أن تضع حداً لمسيرتك المهنية
ويخطر لي أن ما كان مناسباً لعالمنا قبل ربع قرن من الزمن صحيح وشامل في هذه الأيام أكثر، هو أمر يصح وبشمولية أكبر في هذه الأيام. فالتكنولوجيا التي بين أيدينا اليوم جعلت نصيحته صالحة للتطبيق على أي شخص يباشر رحلته المهنية في الحياة. الآن، مهما كانت مهنتك، وبغض النظر عن مكان عملك، فإنك فعلياً تعمل في مجال هو بالأساس صغير.
بالتأكيد، يسهم المتفاعلون منا في شبكات التواصل الاجتماعي مع الآخرين في وضع سمعتهم بين أيدي جمهور أوسع من ذي قبل – علماً أن هذا الأمر قد يكون له تبعات لا يمكننا التنبؤ بها، ولكن حتى لو لم نكن شخصياً من المساهمين في هذه الشبكات، يسهم الآخرون نيابة عنّا.
نعلم جميعاً أن هذه المعلومات هي ماردٌ خرج من القمقم ولن يعود إليه. لذلك لدي نصيحة أسديها لكم أنتم الذين تباشرون الآن الدخول في حياتكم المهنية، وهي بأن تتطلعوا حولكم: فالأشخاص المحيطون بكم سيكونون بمثابة مرافقين لكم في رحلة طويلة جداً، لذلك ليكن تعاملكم معهم مبنياً على هذه الحقيقة.
اقرأ أيضاً: ما الذي يتعيّن عليك فعله عندما يتوقف نموك المهني؟
وفي نهاية الحديث عن الأعداء في العمل المهني، بالنسبة لمن شرع منكم في مساره المهني قبل فترة أطول من الزمن، ربما أثناء رحلتكم تلك، حرقتم الجسور أو المراكب، أو اصطدمتم بالآخرين، أو صنعتم أعداء، أنصحكم ببذل قصارى جهدكم لإصلاح ذات البين وإعادة هذه العلاقات إلى نصابها الأفضل والأكثر مهنية. فكل الاحتمالات تقول إن الشخص الذي اختلفتم معه سيظل جزءاً من مجال عملكم لسنوات طويلة من الآن. ومساركم المهني سيكون طويلاً وحافلاً.
اقرأ أيضاً: ماذا تفعل إن عصفت أزمة شخصية بحياتك المهنية؟