هل يمكنك اكتساب ثقة الموظفين بالفعل؟ يستثمر التنفيذيون والمدراء الكثير من الجهد والوقت في بناء الثقة بفرقهم، إذ يعملون على بناء الثقة بموظفيهم وضمان أن موظفيهم يثقون بهم في المقابل. لكن يقول الكثير من الموظفين إنهم لا يشعرون بالثقة من قبل مدرائهم. وعندما لا يشعر الموظفون بالثقة، غالباً ما تضطرب إنتاجية مكان العمل ومشاركة الموظفين فيه. لذلك، فإن الأمر متروك إلى المدراء لإثبات ثقتهم بموظفيهم بمختلف الطرق المناسبة والمدروسة.
لقد بحثنا في ديناميكيات علاقة الثقة بين المدراء وموظفيهم على مدى أكثر من 10 أعوام في مؤسسات متعددة وبمشاركة المئات من أزواج المدراء والموظفين. ويقدم البحث الذي أجريناه بمشاركة آخرين، دليلاً على تداعيات الفجوة في علاقة الثقة بين المدير والموظف. أول هذه التداعيات هو أن الموظفين الذين لا يوثق بهم حد كبير من قِبل مدرائهم يقلّ جهدهم وإنتاجيتهم ويزداد احتمال مغادرتهم للمؤسسة. وعلى العكس من ذلك، فإن الموظفين الموثوق بهم فهم أعلى أداء ويبذلون جهداً إضافياً، ويحققون أكثر من المتوقع. بالإضافة إلى أن الموظفين الذين يشعرون بالثقة في إنجاز المهام الرئيسية من قبل المشرفين، تزداد ثقتهم بمكان العمل ويرتفع مستوى أدائهم.
باختصار، تولّد الثقة المزيد من الثقة. عندما يشعر الناس بالثقة، فإنهم يميلون إلى منحها في المقابل. ولكن أولاً يجب أن يشعر الناس بالثقة حتى يكونوا قادرين على منحها. وعلى المدراء تقديم أكثر من الثقة لموظفيهم، إذ عليهم إظهار ذلك أيضاً. وبناء على عملنا البحثي والوقت الذي قضيناه في دراسة الثقة في الشركات، حدّدنا بعض أهم الطرق التي يُضعف بها المدراء الثقة وطريقة إثبات ثقتهم بفرقهم.
كيف يكسر المدراء الثقة؟
تتطلب الثقة المتبادلة درجة من المجازفة والتفكير. وهناك ثلاثة أسباب على الأقل تمنع القادة والمؤسسات من إظهار الثقة في الموظفين.
الافتقار إلى الوعي الذاتي. غالباً ما يفتقر المدراء إلى الوعي الذاتي المطلوب لإدراك أن تصرفاتهم تعكس انعداماً للثقة. يعتقد المدراء أن الثقة بموظف ستجعله يعلم بهذه الثقة. لكن حتى التصرفات حسنة النية، مثل تقديم الدعم أو إجراء فحوصات دورية على مشروع ما، ربما تدل على ثقة غير كافية بالموظفين لإكمال عملهم باستقلالية.
تجنب المخاطر عمداً. غالباً ما تُصمم المؤسسات هياكلها وسياساتها وثقافتها بهدف تقليل المخاطر وتحسين الكفاءة. ولكن المؤسسات التي تخشى المخاطر تُشير إلى أنه لا يمكن الوثوق بالموظفين من ناحية الموارد والمعلومات. العديد من السياسات، مثل مركزية السلطة ومحدودية الموارد والمعلومات والثقافات البيروقراطية المثقلة بالأنظمة، تحدّ من قدرة الموظفين على المبادرة. ويستطيع المدراء دعم موظفيهم لأخذ زمام المبادرة، لكن في مؤسسة تتجنب المخاطر فإنه من غير المحتمَل لمثل هذه الأفكار أن ترى النور. كانت إحدى الشركات التي عملنا معها تسعى إلى تشجيع الابتكار والإبداع، لكن الموافقة على المشاريع الجديدة كانت تتضمن عملية تمتد لـ 12 شهراً وتتطلب موافقة من لجنة تنفيذية. وكانت هذه الإجراءات غير عملية لكثير من الموظفين، إذ إنها خانقة لابتكار الموظفين وتمنح شعوراً بانعدام الثقة. حتى إن كان الخطأ كامناً في سياسة المؤسسة، إلا أن الموظفين يستمرون بلوم مشرفيهم، وبالتالي تُفقد الثقة.
عقلية "الحد الأدنى". يدفع الضغط الذي يشعر به المدراء إلى تحقيق الأداء المطلوب والتحكم بالتكاليف إلى فعل أشياء تشير من غير قصد إلى انعدام الثقة. فعندما يكون الضغط كبيراً، يركز العديد من المدراء على الأمان الوظيفي ويستجيبون عن طريق تشديد السيطرة. وربما يؤدي هذا إلى نوع من التفكير يركز على تأمين النتائج الأساسية، التي غالباً ما تكون على حساب أولويات أخرى مثل تطوير العلاقات وتمكين الموظفين من اتخاذ قرارات مستقلة.
ما الذي يمكن للمدراء أن يفعلوه للإشارة إلى ثقتهم؟ وكيف يمكنك اكتساب ثقة الموظفين بفعالية؟
على الرغم من كل هذه العقبات الشائعة، فإن هناك العديد من الطرق التي يمكن للمدراء من خلالها الإشارة إلى ثقتهم في الموظف.
التقييم. أولاً، لا تفترض أن موظفيك يثقون بك كثيراً. عليك أن تتعلم قراءة مستويات ثقتهم من خلال فهم المخاطر والحساسيات التي يواجهونها. ثم قيّم حالة الممارسات والسياسات والضوابط الموجودة في مؤسستك: هل تتحمل المخاطر؟ عندما تنظر إلى السياسات من وجهة نظر الموظف، هل تجدها مُصممة لإشراك الموظفين أو لحماية المؤسسة منهم؟
علاوة على ذلك، قيّم سلوكك الخاص أيضاً، يمكنك أن تبدأ بقائمة الأسئلة الواردة أدناه. إذا كان جوابك "لا" على أي سؤال من الأسئلة، فهذا يعني أن موظفيك لا يثقون بك كما تظن.
التخلي عن التحكم (بعناية). يقع عبء تأسيس علاقة ثقة متبادلة على عاتق المدير. وهذا لا يعني تنمية الثقة بالموظفين وحسب، بل الإعراب عن الثقة الحكيمة والمتزايدة فيهم. وعلى المدراء توزيع المهام بطريقة مناسبة ومنح سلطة الموارد وعدم تقويضها لاحقاً. كما يتطلب التنازل عن السيطرة أيضاً تسامحاً محدداً تجاه الأخطاء. وبالتالي، بدلاً من اتخاذ إجراءات تصحيحية قاسية تجاه الموظفين، تعامل مع أخطائهم على أنها فرص لتسهيل عملية التعلم.
مشاركة المعلومات. هناك طريقة أخرى مهمة للمجازفة، ألا وهي التواصل بانفتاح وصدق مع الموظفين. غالباً ما يمتنع المدراء عن مشاركة المعلومات وشرح أسباب القرارات بسبب خوفهم من تسريبات سابقة لأوانها أو التشكيك أو وقوع خلاف. لذلك فإن شفافيتك تدل على ثقتك بموظفيك عند قول الحقيقة حتى في الظروف الصعبة.
واجه مدير موظفي القطاع العام لدينا هذا التحدي لعدة أعوام عند اتخاذ قرارات الأجور المرتبطة بالجدارة بالاعتماد على ميزانية مستمرة في التقلص. ولكنه توصل إلى حل وهو مشاركة وصف مفصّل لقيود الميزانية وكيفية تطبيق معايير الجدارة. وقدم هذا الشرح المفصل قبل إعلان قرارات الجدارة. وبالنتيجة فإن هذا الانفتاح سبق كل شكوك قد تُثار حول التحيز لاحقاً، بل وعكس ثقة المدير في إيصال المعلومات الحساسة إلى موظفيه.
الدفع نحو التغيير المطلوب. ذكرنا سابقاً تلك الشركة التي كان الإبداع فيها مقيداً بثقافة تجنب المخاطر، وهي إحدى الشركات التي أدركت أنها بحاجة إلى إحداث تغيير. ولهذا السبب أسست لجنة مراجعة جديدة تتكون من مدراء متوسطي المستوى، الذين خصصوا مبالغ صغيرة من رأس المال للمشاريع في غضون يوم أو يومين. بتوسيع هذه الصلاحية، أعربت الشركة عن ثقتها بالموظفين من مختلف الرتب. ومن خلال تخصيص مبالغ صغيرة من رأس المال بسرعة، أظهرت الإدارة استعداداً للتعلم من الأخطاء المحتملة. وباختصار، فإن هذا يعني استعداد الشركة لتحمل المخاطر مع الموظفين.
الاستثمار في تطوير الموظفين. إذا عرف الموظفون أنك على استعداد للاستثمار في قدراتهم والدفاع عنهم، فإنك بذلك تكون قد أعربتَ عن ثقتك بهم. لذلك، تعرّف على طموحاتهم المهنية ثم ساعدهم على الوصول إلى أهدافهم. وفي النهاية، يعتمد نجاحك في الإدارة على نجاح الأشخاص الذين تسهم في تطويرهم.
قد لا يكون المدراء على دراية بالإشارات غير المقصودة التي يرسلونها حول مدى ثقتهم في موظفيهم. من أجل اكتساب ثقة الموظفين ولتأسيس بيئة من الثقة المتبادلة المستدامة، تعلم قراءة مشهد الثقة كاملاً واهتم بإيصال ثقتك في موظفيك.
اقرأ أيضاً: