يمكن أن تكون إقالة شخص ما واحدة من أكثر التجارب إيلاماً ومهانةً وتدميراً في حياته، إلا أنه لا يتوجب عليها بالضرورة أن تكون كذلك. وسوف يكون للكيفية التي تعاطى المدير بها مع العملية تأثير كبير على مضيّ الموظف السابق قُدماً في حياته المهنية، وعلى نظرته لاحقاً إلى تلك اللحظة التي غيرت حياته في الماضي.
لنستكشف هنا أسلوبين يمكن من خلالهما إقالة جمال (اسم مستعار):
السيناريو الأول: يُقيل مدير جمال دون إعطائه ما يكفي من الوقت للتحسّن أو الاستعداد (بتزويده بملاحظات حول أدائه وطرق للتحسّن وإدراجه في خطة تطوير للأداء والتنويه بوجود مشكلة)، الأمر الذي صَدَم جمال. أنهى المدير مقابلة الإقالة في عجالة وكان مُشتّتاً مع تعرضه للمقاطعة مرتين في الاجتماع الذي لم يتجاوز 17 دقيقة. ويبدو أن المدير كان ينظر إلى إقالة جمال على أنه أمر "يجب القيام به".
ويخرج جمال من الاجتماع وهو يشعر بالضآلة والإهانة وقلة الكفاءة. لقد اختفت الآن "العائلة" المهنية التي كان ينتمي إليها لسنوات، مما زاد من محنته العاطفية، وعليه الآن العودة إلى المنزل وإخبار أسرته بذلك، والتفكير بالخطوة التالية.
أين مكمن الخلل فيما سبق؟ إنه تقريباً كل شيء، ففي البداية، جاءت المحادثة بمثابة صدمة كاملة، إذ لم يكن مديره حاضراً من الناحية العاطفية، وأظهر له مشاعر الخوف والانزعاج والشفقة (بدلاً من التعاطف)، إضافة إلى رغبته في إنهاء الاجتماع بأسرع ما يمكن.
السيناريو الثاني: تحدّث مدير جمال معه بوضوح وصراحة، وحاول المدير جاهداً مساعدته على تحقيق النجاح عبر منحِه فرصاً كثيرة للتحسّن. بالتالي، عندما حدثت محادثة الإقالة، لم يكن الأمر مفاجئاً. صحيح أن جمال يشعر الآن بخيبة أمل، إلا أنه يشعر أيضاً أن الشركة كانت تهتم به، وتؤمن به، وتعطيه القيمة التي يستحقها. ويخرج من الاجتماع وهو يشعر أنه على ما يرام، وأن هناك مستقبلاً أفضل له في مكان آخر. وعندما يتأمل هذا الموقف لاحقاً في حياته، سوف يرى أنها كانت لحظة مهمة علّمته الكثير ومنحته الكثير. ولا يزال ينظر إلى الشركة والتجربة ومديره على أنها تجربة مميزة في حياته بدل كونها أمراً أنهكه نفسياً وجسدياً.
ويمكن أن تُساعد الممارسات المثلى التالية في جعل عملية الإقالة أشبه بالسيناريو الثاني:
قبل الاجتماع
استعد بشكل كامل، تأكد أنك مستعد لإقالة الشخص بشكل مسؤول. هل يعلم الشخص بوجود مشكلة؟ هل أتيحت له الفرصة لتغيير رد فعله والتصرف بناءً على ذلك؟ يجب ألا تشكّل الإقالة مفاجأة كبيرة له.
بعد ذلك، حدد البيئة المناسبة للمحادثة، والتي يجب أن تكون مكاناً خاصاً لن تحدث فيه أي مقاطعة.
أخيراً، فكر فيما تريد قوله، وعليك هنا التركيز على تحديد نواياك بدلاً من إعداد خطاب مكتوب. امنح نفسك بعض الوقت لتفكر حقاً بهذا الشخص: من هو ولماذا قمت بتعيينه في المقام الأول؟ ما هو شعوره تجاه ما سوف يحدث؟ كيف تريده أن يشعر؟ ما هي الوضعية التي سوف يتوجب عليك إظهارها خلال هذه المحادثة لتقديم الدعم؟ حاول أن ترى أفضل ما في ذاك الشخص، تخيل تقديمه لمساهمة أكبر في المؤسسة أو في منصب آخر. قم بإجراء المحادثة مع افتراض أنه موظف قيّم، إنما في وظيفة مختلفة مناسبة أكثر له.
أثناء المحادثة
إذا حددت الإطار الصحيح وأتممت واجباتك كما ينبغي، سيكون الحوار طبيعياً وسيُبلغك حدسك بما يتوجب عليك قوله. وأهم أمر هنا هو نيتك تجاه هذا الشخص وطاقتك ووجودك، فيمكن أن تؤثر كيفية نظرتك إليه على نظرته تجاه نفسه، والمحادثة نفسها، وبقية حياته المهنية.
ومع ما سبق، إليك بعض الأشياء التي يجب مراعاتها أثناء المحادثة:
لا تقم بالتالي
- تقديم استجابة معلّبة. بينما من المغري قول بعض الأمور للتخفيف من الضرر على غرار "أنت رائع، أنت مطرود، لقد أحببنا وجودك هنا"، إلا أنها ستتسبب في بعض الحيرة. لا تدع الشخص الآخر يتساءل عن سبب وجوده هنا، وتأكد من أن كلاكما يعلم أسباب الإقالة. قل شيئاً من قبيل "كما تعلم، لقد حاولنا العمل على تطوير أدائك في هذا المنصب خلال الأشهر الستة الماضية، إلا أن الأمر لم ينجح كما ترى، أريد أن أجري محادثة معك حول كيفية المتابعة من حيث توقفنا ودعمك للمضي قدماً في مسار جديد أفضل لك". بالطبع، إن ما سبق هي كلماتي الخاصة، ويُفضّل استخدام كلماتك الخاصة، والتي يجب أن تكون نابعة من داخلك.
- تجنُّب المحادثة، أو الالتفاف عليها، أو التقليل من أهميتها، أعطِ الكثير من الوقت للمحادثة، واعترف بأنها مهمة جداً، وامنح الشخص الآخر مساحة للتحدث واستيعاب ما يحدث.
- لا تدخل في لعبة اللوم أو توجيه أصابع الاتهام. احرص على أن تبقى المحادثة في الصميم وأن تركز على الحقائق.
قم بالتالي
- اعترف بأهمية العمل الذي قام به هذا الشخص على مر السنين، وأهميته كشخص.
- وضِّح الجداول الزمنية والاتفاقات والخطوات التالية (إذا لم تكن قد حددتها بالفعل) بحيث تكونان أنت وهو على توافق.
- اسأله عما يحتاج إليه، وما الذي يمكن أن يُسهّل عليه الأمر، وما أنواع الدعم التي يمكنك تقديمها له خلال عملية الإقالة. تسمح بعض الشركات - حسب الظروف - للموظفين باختيار الجدول الزمني للإقالة الخاص بهم، وكيفية مشاركة الأخبار مع أقرانهم. ولهذا إيجابيات وسلبيات، ويعود تقرير الأمر إلى الإدارة، وعليك أن تقرر ما هو الأفضل بالنسبة لك.
أخيراً، لا تتفاجأ إذا أصيب الشخص الذي تحاول إقالته بالغضب أو حاول لومك أو عجِز عن الكلام، حتى لو كان يعلم أن الإقالة مقبلة. إن الإقالة أمر مؤلم مهما كانت نيّتك فيما يتعلق بالتعامل مع ذلك الأمر، ومهمتك هي أن تقدم أفضل ما لديك، وأن تكون داعماً للشخص الآخر، وأن تحاول جعل التجربة أكثر إنسانية.
بعد تقديم الخبر
تُطبّق بعض المؤسسات عمليات دعم تساعد الشخص الذي يتم إقالته بأي طريقة تحقق الفائدة للشركة والشخص المُقال. ومن الأمثلة على ذلك مجموعات شبكات الخريجين للموظفين السابقين (سواء الذين تمت إقالتهم أو استقالوا طوعاً)، فضلاً عن ترك الباب مفتوحاً للملاحظات والدعم، ومنحه التوصية، وتوفير التدريب المهني، وحتى منحه شبكة تساعده في العثور على وظيفة تناسبه بشكل أفضل.
ويرجى ملاحظة أنني أتطرق إلى هذا الموضوع من منظور القيادة والحوارات الإنسانية التي تدعم الجميع. وتختلف السياسات بين شركة وأخرى، لذا ترجى مراجعة إرشاداتك التنظيمية، والخاصة بالموارد البشرية والعمليات لتحديد الأنسب. وخلاصة القول، أنه وبغض النظر عن تلك السياسات، ففي إمكانك أداء هذا بنية حسنة، وبذل الطاقة والجهد لتقديم أفضل تأثير ممكن على الشخص الذي تقيله. لديك قوة كبيرة هنا. سواء أكان أداء الموظف سيئاً لدرجة اضطررت فيها إلى إقالته، أم أنه فقط لم يكن مناسباً للشركة، سوف يؤثر أداؤك في عملية الإقالة على كيفية ظهور هذا الشخص أمام أسرته وأطفاله وأقرانه ومشاريعه المستقبلية. عليك احترام ذلك والارتقاء إلى المناسبة.