إليكم هذه القصة التي تتحدث عن الثرثرة في العمل باستمرار: "هل سمعتم ما قاله رامي لمروان أمس؟ لقد سمعت من غياث أن رامي أخبر مروان أنه ينزعج من الاستماع لأحاديث لينا المملة والتي تركز فيها باستمرار على إنجازاتها".
تُعد الثرثرة والقيل والقال في مكان العمل أمراً شائعاً جداً، حيث تملك أشكالاً عديدة وتظهر في أي مكان. والمثال الذي أوردته للتو ليس إلا شكلاً واحداً من عشرات ملايين أشكالها في مكان العمل. صحيح أنه من المقبول أن تخرج بعض الحوارات في المكتب عن موضوع العمل، ويكون من المقبول أن يتناقل الموظفون الكلام (بحدود المعقول) فيما بينهم، ولكن عليك إن كنت مديراً أن تفكّر كثيراً قبل أن تكون جزءاً من ذلك. فالانخراط في هذا الأمر (مهما كان ممتعاً) هو أسهل طريقة لتضعف ثقة الآخرين بك وتهدد مكانتك الإدارية أمامهم وتخسر كذلك احترامهم.
كيف يمكنك تجنّب المشاركة في القيل والقال في العمل؟ كيف تخرج نفسك بلباقة حين تجد نفسك فجأة بين أشخاص يتناقلون الكلام عن الآخرين؟ فيما يلي بعض الاقتراحات العملية التي قد تساعد المدير ليقول "لا للقيل والقال" بطريقة تجعل منه مثالاً للآخرين دون اتخاذ موقف منهم بالضرورة.
كيفية الحد من الثرثرة في العمل
كثيراً ما يكون الأمر، كما هي الحال في الكثير من الجوانب الإدارية، متعلقاً بالمنطق العام والإدراك السليم:
انسحب من الجلسة
إن بيان رأيك عبر مغادرة الجلسة طريقة بسيطة وفعالة في آن معاً. يمكن أن تقول في أثناء خروجك: "عليّ مهمة يجب تسليمها بعد قليل تتعلق بتقرير مجلس الإدارة، لا وقت لدي للحديث الآن"، وستكون بذلك نقلت رسالة واضحة وسريعة للآخرين وانسحبت من جلستهم.
غيّر الموضوع
في حال قررت البقاء والاستمرار في الحديث مع الزملاء، يجب عليك نقل الحديث إلى موضوع آخر ترتاح إليه، كالحديث عن أعمال الشركة بدلاً من الخوض في الأمور الشخصية.
سلّط الضوء على الإيجابيات لتجنب الثرثرة في العمل
يمكنك لو قدّرت وجاهة ذلك أن تستمر بالحوار عن الأشخاص المعنيين ولكن من زاوية مختلفة. "لا يعقل أن يكون رامي قد فعل ذلك. لقد رأيته يوم الثلاثاء ويقدم عرضاً مذهلاً عن حصة السوق أمام فريق المبيعات في الشركة".
من المفيد كذلك ألا نحمّل الأمور أكثر مما تحتمل. كنت أرى دوماً قضية القيل والقال في المكتب أشبه بزكام عابر ولا أرى فيه ورماً مزمناً. ومن المهم لذلك أن نجتنب المبالغة في ردة الفعل، وألا نثير منها قضية أكبر مما تستحق. تجنب أن تقول مثلاً: "لا أستطيع تصديق أنكم تثرثرون عن رامي ومروان ولينا مرة أخرى، وأنتم تعلمون أن المبيعات منخفضة بواقع 87% في ربع السنة هذا! هذا غير ملائم تماماً وإطلاقاً! لو سمعت كلمة أخرى من هذه الثرثرة السخيفة، سأكتب بكم جميعاً تقريراً للإدارة العليا!".
من المؤكد أن ردة الفعل العنيفة لن تدل على وجود حسن النية لدى الإدارة، وستُفهم على أنها مبالغة في ردة الفعل على تصرف بسيط. وحين يظهر المدير على أنه شديد التزمت، فإن هذا لا يساعد في بناء الروح الجماعية للفريق.
يُعتبر الأسلوب المفضل لدي والذي استخدمته بنجاح طيلة سنوات هو تجاهل الحوار برمته، والتدخل في الحديث عن موضوع له علاقة بالعمل لا يرتبط بموضوع الثرثرة الدائرة بين الموظفين.
لنفرض مثلاً أنني كنت في جلسة قال فيها أحدهم تلك الجملة التي صدّرت بها هذه المقالة، فإنني سأقول من دون إظهار أي امتعاض ولا تركيز بها: "هل تعرفون، لا أسمع الكثير عن أخبار مروان مؤخراً، ولكنني كنت أود أن أسألكم عن ذلك التحليل التنافسي الذي كنتم تعملون عليه لتقديمه لغياث. كيف تسير الأمور في هذا التحليل؟ أعتقد أن موعد تسليمه اقترب، وأريد الاطمئنان أن جميع البيانات التي تلزمكم موجودة معكم".
ما الهدف من ذلك؟ الهدف هو تحويل الحديث بسرعة دون أن يلاحظ أحد عن تلك الثرثرة والانتقال للحديث عن العمل دون إثارة الكثير من اللغط عما حدث، ولكنك في الوقت ذاته توضح للآخرين أنه لا وقت لديك لسماع تلك الحكايات (المزعومة) عن رامي ومروان.
وحين تبني سمعتك على أنك شخص لا تهتم بالمشاركة بحديث القيل والقال في بيئة العمل، فالآخرون سيتفادون إشراكك في الحديث. أما لو كنت تحب المشاركة في هذه الأحاديث، سيعرف الناس ذلك.
قد يكون تجنب الخوض في هذه الحوارات رسالة إدارية مهمة: ليس هذا ما ينبغي علينا قضاء الوقت في الحديث عنه ضمن الشركة. ولن يضيرك كمدير أن تكون صورتك أمام الموظفين هي صورة للشخص النزيه الذي لا يهتم إلا بالعمل، فهذه السمعة أفضل بكثير من أي سمعة سيئة متعلقة بموضوع الثرثرة في العمل باستمرار.
اقرأ أيضاً: