كيف تقود الفريق الذي ورثته؟

14 دقيقة
كيف تقود فريق شركتك

كيف تقود فريق شركتك؟ يختلف الأمر عن بناء فريق من الصفر.

كان لدى ديفيد بينيت مشكلات ينبغي حلها عندما تولى قيادة الوحدة الأكثر نمواً في شركة كبيرة للأجهزة الطبية. ورغم ارتفاع المبيعات عند إطلاق منتجين جديدين في العام السابق، إلا أن أرقامها بقيت أقل من التوقعات، وذلك في ضوء الدلائل التي تعكس حاجاتٍ لدى الزبائن لم تتم تلبيتها. وكان مستقبل الشركة متوقفاً على نجاح هذين المنتجين، وهما جهاز لإدخال الدعامات إلى الشرايين المسدودة، وزرعة إلكترونية لتنظيم ضربات القلب.

كانت رهانات الشركة عالية على المدى البعيد، ولم يكن الفريق بأقصى فعاليته. فقد بدأت تصل أحاديث إلى الإدارة العليا عن فوات بعض الفرص وإشارات عن ثقافة مسمومة في الشركة. فأدّت جميع هذه العوامل إلى اتخاذ القرار باستبدال نائب الرئيس التنفيذي للوحدة بشخصٍ من خارج الشركة. كان ديفيد هو الشخص المناسب، حيث كان لديه سجل ممتاز من الإنجازات في شركة منافسة، فقد طوّر إحدى وحدات العمل فيها وسرّع نمو وحدة أخرى. لكنه عندما تولى هذا الدور الجديد، واجَهَ التحدي الشائع: لم يتسنَّ له اختيار الأشخاص الذين يعملون معه. وبدلاً من ذلك ورث فريق سلفه، وهو الفريق نفسه الذي تسبّب في الحالة التي أحضرت الشركة ديفيد لإصلاحها.

اقرأ أيضاً: ما هو الفرق بين الزيارات المكتبية والزيارات الميدانية لفريق العمل؟

وبالفعل، لا تكون لدى معظم القادة المعيّنين حديثاً سوى معرفة محدودة بفريقهم في البداية، ولا يمكنهم جلب أشخاص جدد على الفور للمساعدة في تطوير العمل أو تغييره. ويفتقرون في بعض الأحيان إلى السلطة والموارد السياسية اللازمة لاستبدال أفراد الفريق، أو تمنعهم ثقافة الشركة من ذلك. وغالباً ما يكون أعضاء الفريق الحالي ضروريين لإدارة العمل على المدى القصير لكنهم ليسوا الأشخاص الملائمين لقيادته في المستقبل.

وكل هذا يسلط الضوء على أهمية التوصل إلى طريقة للعمل بفعالية مع الفريق الذي ورثته. فالعملية المليئة بالمفاضلات، تشبه إصلاح طائرة وهي في السماء. حيث لا يمكنك ببساطة إطفاء المحركات لتقوم بإصلاحها دون أن تتسبب في تحطم الطائرة. إنما عليك الحفاظ على الاستقرار بينما تمضي قدماً.

كيف تقود فريق شركتك؟

هناك العديد من إطارات العمل التي تساعد القادة على بناء فرق جديدة، وأشهرها هو نموذج "التشكيل، الاقتحام، التسوية، الإنجاز" الذي وضعه بروس تاكمان عام 1965. فوفقاً لهذا النموذج والنماذج الحديثة المشابهة له، تمرّ الفرق بمراحل متوقعة من التطور التي يمكن تسريعها بالتدخلات الصحيحة. لكن المشكلة أن هذه النماذج تفترض أن القادة يبنون فرقهم من الصفر، ويختارون أعضاءها بعناية، ويحددون اتجاهها منذ البداية.

الحفاظ على الاستمرار أثناء قيادة فريق العمل

ومن خلال عملي في مساعدة القادة على قيادة التحولات الكبرى، وجدت أن معظم الأشخاص مثل ديفيد يحتاجون بدلاً من ذلك إلى إطار عمل من أجل تولي شؤون الفريق وتحويله. وهذا ما تقدمه هذه المقالة. فأولاً، يجب على القادة تقييم رأس المال البشري وديناميكية المجموعة التي ورثوها للحصول على صورة واضحة عن الوضع الراهن. وبعد ذلك، يجب أن يعيدوا تشكيل الفريق وفقاً لما يحتاجونه، ناظرين بِعَين جديدة إلى أعضائه، والشعور بالاتجاه والهدف، والنموذج التشغيلي، والأنماط السلوكية. وأخيراً، يمكنهم تسريع تطوّر الفريق وتحسين أدائه عن طريق تحديد فرص للكسب المبكر ووضع الخطط لضمان هذه الفرص.

تقييم الفريق

عندما تقود فريقاً جديداً، يجب عليك أن تحدد سريعاً ما إذا كان لديك الأشخاص المناسبين للقيام بالمهام المناسبة بالطرق المناسبة من أجل المضي بالمؤسسة قدماً. ومنذ اليوم الأول سيكون لديك طلب كبير على وقتك وتركيزك، وسوف يزداد هذا الطلب، لذلك يُعد التقييم الفعال أمراً أساسياً.

ومن المهم أيضاً أن تكون منهجياً. فرغم أن معظم القادة يرثون الكثير من الفرق خلال مسيرتهم المهنية ويوسعونها، إلا أن القلائل يتأنون في فهم ما يحتاجونه في الأشخاص. فمن خلال الخبرة، يتوصلون إلى معايير وطرائق حدسية للتقييم. ولابأس بهذه الطريقة في المواقف المألوفة لكنها تنطوي على المشكلات فيما عدا ذلك. لماذا؟ لأن صفات أعضاء الفريق الفعّال تتباين تبايناً كبيراً حسب الظروف.

وسوف يكون تقييمك أسرع وأكثر دقةً إذا ذكرت معاييرك بوضوح. فما هي الخصائص التي ينبغي أن يتمتع بها الأشخاص من أجل معالجة التحديات التي يواجهها الفريق؟ وما هي أهمية المهارات المتنوعة أو المتكاملة في المجموعة؟ وما هي المزايا التي ستستطيع تشكيلها من خلال قيادتك؟ فربما تكون قادراً مثلاً على تحسين تفاعل أعضاء الفريق وتركيزهم، لكنك لن تستطيع تحسين جدارتهم بالثقة. (انظر العمود الجانبي "ما هي الخصائص التي تبحث عنها").

اقرأ أيضاً: كيف يقود المدراء الجدد فريقاً أعضاؤه في عدة دول؟

سوف تعتمد متطلباتك جزئياً على حالة الشركة. ففي حالة التغيير، سوف تسعى وراء أشخاص يعملون حالياً بالكفاءة المطلوبة، فلن يكون لديك الوقت للتركيز على بناء المهارات إلى أن تستقر الأمور. أما إذا كنت تعمل على استمرار نجاح الفريق، فقد يكون من المنطقي أن تطوّر أشخاصاً ذوي إمكانات عالية، وسوف يُتاح لك المزيد من الوقت للقيام بذلك.

فكرة مقالة كيف تقود فريق شركتك؟

كما أن ما يحدد حجم توقعاتك من أعضاء الفريق هو درجة أهمية تحقيق أدوارهم لأهدافك. حيث يجري تقييم الأشخاص الذين يتولون مواقع حساسة بإلحاح أكبر ومعايير أعلى. وكان لدى ديفيد بينيت (تم تغيير الأسماء) مديرين اثنين للمبيعات، وكانا يعتبران أساسيين لأنه كان يجب على مجموعتيهما قيادة حملة توعية لأطباء القلب بالمنتجات الجديدة. وكان كلاهما يحتاج لأن يكون فعالاً على الفور في تعريف قادة الرأي بفوائد المنتجات. كما كان لمدير الموارد البشرية أيضاً دوراً حيوياً، حيث ينبغي معالجة نقاط الضعف لدى الكفاءات في المستويات المتوسطة في قسم المبيعات والتسويق على الفور. إلا أن مدير الاتصالات لم يكن شخصاً ذا أولوية كبيرة، حيث كشفت مراجعات أعماله والمحادثات مع زملائه أنه يمكن أن يكون أكثر ابداعاً، لكن ديفيد قرر إبقاءه في الفريق في الوقت الراهن.

وثمة عامل آخر ينبغي أخذه بعين الاعتبار، ألا وهو، إلى أي درجة يحتاج موظفوك للعمل كفريق، وضمن أية مهام. فاسأل نفسك "هل سيتعاون الأشخاص الذين أشرف عليهم كثيراً، أم لا مانع أن يعملوا بصورة مستقلة في أغلب الأحيان؟" إجابة هذا السؤال سوف تساعدك في تحديد مدى أهمية تعزيز العمل الجماعي بالنسبة لك. فلنأخذ على سبيل المثال المدراء الذين يعملون تحت إدارة أمين الخزينة في الشركة، كمديري الضرائب والإدارة النقدية وتحليل الاندماجات والاستحواذات. ينبغي أن يسعى هؤلاء الأفراد إلى العمل كمجموعة عالية الأداء من المديرين الذين يقودون الأقسام بصورة مستقلة وفاعلة. وعند محاولة تحويل تلك المجموعة إلى فريق، من خلال الأنشطة التقليدية مثل تأسيس رؤية مشتركة ووضع أهداف ومقاييس مشتركة للأداء، سوف يزعج ذلك الجميع. إذ ليس هناك حاجة كبيرة للعمل التعاوني بينهم. ففي مثل هذه الحالات، ينبغي أن يركز التقييم والإدارة أكثر على الأداء الفردي وبدرجة أقل على القدرة على العمل الجماعي. إلا أن فريق ديفيد من قادة الأقسام كانوا مرتبطين إلى حدٍ كبير. فعلى سبيل المثال، كان يحتاج إلى قيام نواب الرئيس لشؤون المبيعات والتسويق والاتصالات بالعمل معاً عن قرب من أجل صقل استراتيجيات طرح منتَجي الشركة في السوق وتنفيذها. وبالتالي كان لا بد له من قياس علاقاتهم وقدراتهم التعاونية.

ولإجراء تقييم فعّال، يجب أن تعقد اجتماعات فردية وجماعية، وتضيف إليها آراء من أصحاب المصلحة الرئيسيون مثل الزبائن والموردين والزملاء من خارج الفريق. (انظر العمود الجانبي "تقييم الأشخاص فرداً فرداً"). كذلك يجب النظر إلى سجلات أعضاء الفريق وتقييمات أدائهم. ومع أن تلك السجلات لم تقدم أية إشارات تحذير لديفيد إلا أنه كان يعلم أن أداء الفريق كان دون المستوى. وساعدته الاجتماعات في تحديد أسباب ذلك وما عليه أن يفعله حيال ذلك.

سرعان ما اتضح أن لديه مشكلتين كبيرتين في الموظفين. أولهما هو كارلوس، نائب الرئيس لمبيعات الأدوات الجراحية. حيث كان كارلوس صاحب أطول مدة خدمة في الشركة، وعلى ما يبدو يتمتع بعلاقات قوية مع الرئيس التنفيذي. إلا أن أداءه كان ضعيفاً بالنسبة للمنتج الجراحي الجديد. والأهم من ذلك أن الحديث إلى زملائه ومرؤوسيه أظهر اتباعه أسلوب قيادة يتدخل في كل شاردة وواردة، ما أضعف الروح المعنوية في مجموعته وكشف عن الافتقار إلى التعاون مع بقية أعضاء الفريق. فعلى سبيل المثال، كان يحتكر معلومات كان من الممكن أن تكون ذات قيمة كبيرة بالنسبة لمجموعة المبيعات وفريق التسويق، وكان ذلك يفسد ديناميكية الفريق.

اقرأ أيضاً: ما الذي بوسعك فعله إذا خذلك فريقك؟

أما هنري، نائب الرئيس للموارد البشرية، فكان يمثّل تحدياً آخر. وكان يمكن أن يصبح قائداً قوياً للموارد البشرية في الأحوال العادية، لأنه كان ماهراً في معالجة التحديات المعتادة المتعلقة بالتوظيف وإدارة الأداء والتعويضات والمكافآت. إلا أنه لم يكن مناسباً لمتطلبات البيئة عالية النمو. إذ أن ديفيد أجرى مراجعة لعمل هنري على تقييم المواهب وتخطيط التعاقب الوظيفي، وأعطاه تقييم "متوسط" بأحسن الأحوال.
وبعد انتهائه من عملية التقييم، قرر ديفيد الاحتفاظ بمعظم أعضاء فريقه الذين تفاوتت مدة خدمتهم في الشركة بين 5 سنوات و25 سنة. لكنه كان يعلم أن عليه العمل على المواقف التي يتخذونها، خصوصاً الافتقار إلى الثقة بين الأقسام.

إعادة تشكيل الفريق

بعد التقييم، المهمة التالية هي إعادة تشكيل الفريق ضمن ما تتيحه ثقافة المؤسسة والتفويض الممنوح للقائد، والكفاءات المتوافرة له في المؤسسة. ففي نهاية المطاف، يريد القادة من موظفي الشركة أن يقدّموا سلوكيات الأداءٍ العالي مثل مشاركة المعلومات بحرّية، واكتشاف التعارض ومعالجته بسرعة، وحل المشكلات بطريقة مبتكرة، وأن يدعم أحدهم الآخر، وأن يقدّموا صورة موحدة إلى العالم الخارجي بمجرد اتخاذ القرار. ويمكن أن يعزز القادة هذه السلوكيات عن طريق التركيز على عوامل أربعة هي: تركيبة الفريق، وتوافقه مع الرؤية المشتركة، ونموذجه التشغيلي، وتكامله مع القواعد والتوقعات الجديدة.

التركيبة

إن أوضح طريقة لإعادة تشكيل الفريق هي استبدال ذوي الأداء المتدني وأي شخصٍ لا يتمتع بالقدرات الجيدة المناسبة للموقف. لكن ذلك يمكن أن يكون صعباً من الناحية الثقافية والسياسية، أو ببساطة غير ممكن في كثير من الحالات، حيث يجب على القادة العمل مع الأشخاص الذين ورثوهم. وحتى حين يمكن التخلي عن بعض الموظفين وجلب آخرين، فإن العملية ستستغرق زمناً وتستنزف طاقةً. وبالتالي ينبغي أن يقتصر القيام بذلك في الأشهر القليلة الأولى على الحالات الملحة فعلاً، كتغيير الأشخاص الذين يتولون مواقع حساسة ومن الواضح أنهم غير قادرين على أداء العمل، أو أصحاب الشخصيات المسمومة الذين يؤذي بقاؤهم الشركة.

ولحسن الحظ، يمكنك إعادة تشكيل تركيبة الفريق بطرقٍ أخرى. فعلى سبيل المثال، يمكنك انتظار الدورة الطبيعية للموظفين والتي تفتح لك مجالاً لتعيين الأشخاص الذين ترغب بهم في المناصب التي تشغر. وهذا يستغرق وقتاً في العادة، لكن يمكن أن تتمكن من تسريع العملية عن طريق الإشارة إلى توقع أداء أعلى من الموظفين، وهكذا تشجع ذوي الأداء الهامشي على السعي للبحث عن وظائف أخرى. ويمكنك أيضاً مراقبة الوظائف المتاحة في أقسام أخرى في المؤسسة والتي يمكن أن تنقل إليها أشخاص ذوي قيمة لكنهم لا يناسبون فريقك.

وأحد الخيارات الأخرى هو رعاية ذوي الإمكانات العالية حتى يتولوا مسؤوليات جديدة، ذلك على فرض أن لديك ما يكفي من الوقت والموارد الأخرى، وإلا يمكنك بدلاً من ذلك اختيار تغيير الأدوار التي يقوم بها الأفراد كي تتوافق بصورة أفضل مع قدراتهم. وهذه الطريقة القوية في إعادة تشكيل الفرق -التي كثيراً ما لا تقدّر حق قدرها- يمكن أن تتضمن تعديل أوصاف المناصب الحالية، وقيام الأشخاص بتبادل الوظائف، أو إيجاد مناصب جديدة عن طريق تقسيم العمل بطريقة مختلفة. ويمكن لأي من هذه التكتيكات أن ينعش الناس الذين أصبحوا موهنين في وظائفهم، لكن القليل من القادة يفكرون في تجربة طرق بديلة لتوزيع العمل.

وقد استخدم ديفيد مزيجاً من تلك المنهجيات من أجل تغيير تركيبة فريقه. وتوصّل إلى أن كارلوس -نائب الرئيس لمبيعات الأدوات الجراحية- يقوّض فعالية الفريق ويجب أن يغادر. وبعد التشاور مع الإدارة العليا وإدارة الموارد البشرية، عرض عليه ديفيد تعويضاً سخياً للتقاعد المبكر، وألغى منصبه، وأعاد هيكلة مجموعة المبيعات تحت قيادة نائب رئيس واحد. فعيّن لويس، نظير كارلوس في مبيعات أجهزة الأشعة، لقيادة منظومة موحدة للمبيعات. ولمساعدة لويس في النجاح في الدور الأكبر حجماً، طلب ديفيد من الموارد البشرية إدراجها القسم الجديد في برنامج مكثف لتطوير القيادة يتضمن تدريباً خاصاً.

اقرأ أيضاً: هل تثق حقاً بفريق عملك وموظفيك؟

النقلة الكبيرة الأخرى التي قام بها ديفيد على صعيد الفريق كانت العثور على منصب جديد في الشركة من أجل هنري، نائب الرئيس للموارد البشرية. ولحسن الحظ، كان لدى مجموعة التعويضات والمكافآت شاغرٌ مناسب تماماً، فتولاه هنري بكل سرور بعد أن شعر بالإنهاك من الضغوطات التي مرّ بها قسم ديفيد. وأتاح ذلك لديفيد البحث عن نائب جديد للرئيس يتمتع بالكفاءة في التخطيط والاستحواذ على الكفاءات والتطوير المطلوبة من أجل تعزيز المستويات الدنيا في قسمي التسويق والمبيعات في المؤسسة.
التوافق.

غدم تعاون فريق العمل

سوف تحتاج أيضاً إلى ضمان أن لدى الجميع شعور واضح بالاتجاه والهدف. وفي بعض الأحيان يحتاج التوجه المعلن في الفريق إلى التغيير. وفي حالات أخرى، يكون الاتجاه صحيحاً تقريباً لكن الناس لا يتعاونون معاً.

ومن أجل تحقيق التوافق بين الجميع، يجب أن يتفق الفريق في الإجابة على أربعة أسئلة أساسية:

ما الذي سوف نحققه؟ أعلن عن ذلك في مهمتك وأهدافك ومعاييرك الرئيسية.

لماذا ينبغي أن نقوم به؟ هنا يأتي دور العبارة التي تعبر عن الرؤية والمحفزات.

كيف سنقوم بتحقيق ذلك؟ وهذا يتضمن تحديد استراتيجية الفريق بالنسبة لاستراتيجية المؤسسة، إضافةً إلى فرز الأنشطة المطلوبة من أجل التنفيذ.
من سوف يفعل ماذا؟ يجب أن تدعم أدوار الأشخاص ومسؤولياتهم كل المذكور أعلاه.

يرتاح القادة عموماً مع التوافق أكثر من الجوانب الأخرى لإعادة التشكيل، ذلك لأن لديهم أدوات وعمليات راسخة لمعالجتها. لكن هناك عنصر واحد محدد يجعلهم يتعثرون: ألا وهو "لماذا؟". فإذا كان الفريق يفتقر إلى الرؤية الواضحة والمقنعة التي تلهمهم، وإذا كان الأعضاء يفتقرون إلى الحافز المناسب، فإنه من المرجح ألا يتحركوا بهمّة في الاتجاه الصحيح. فالتعويضات والمكافآت ليست حافزاً كافياً بحد ذاتها. وعليك أن تقدم مجموعة كاملة من المحفزات، بما في ذلك العمل المثير والمنزلة الجيدة وإمكانية التقدّم.

ويمكن أن يكون هذا صعباً لسببين: فمن الصعب عادةً معرفة متى تشكّل المحفزات الخفية عائقاً (مثل التنافس مع التزامات الموظف للفرق الأخرى). وربما يكون لديك تأثير محدود على محفزات معينة، كما هو الحالة عادةً مع التعويضات المالية.

وخلال مقابلات التقييم الفردية ومناقشات المجموعة، اكتشف ديفيد أن الموظفين لم يكونوا متوافقين فيما بينهم حول الأهداف والمعايير والحوافز كما ينبغي. وبالتحديد، لم يكن لدى قوتي المبيعات الحافز لمساعدة بعضهما البعض. بالإضافة إلى أن فريقي التسويق لكلا المنتجين يعانيان من نقص الموارد ويتنافسان على التمويل المتاح بطرقٍ تعيق العمل.

وكي يتمكن من جعل أعضاء فريقه يسعون نحو الشيء نفسه، عمل ديفيد معهم على وضع لوحة شاملة من المقاييس التي يمكن مراجعتها على نحو منتظم. وأعاد أيضاً توافق الفريق مع بقية الشركة عن طريق رفع مستوى الأداء حتى يتوافق مع توقعات اللجنة التنفيذية. وفي عملية تخطيط الأعمال، كرّس فريقه لتحقيق أعلى مستوى من النمو. وربما أهم ما قام به هو معالجة مسألة عدم توافق الحوافز التي أدت إلى حدوث صراع بين مجموعتي المبيعات. وبما أن الوظائف باتت الآن موحدة، أعاد هو ولويس هيكلة قوة المبيعات على أساس جغرافي بحيث أن أفراد المبيعات الذين يمثّلون كلا المنتجين الجديدين يحصلون على المكافأة وفقاً لذلك.

النموذج التشغيلي

تشمل عملية إعادة التشكيل أيضاً إعادة التفكير في كيف ومتى يجتمع الأشخاص للقيام بالعمل. ويمكن أن يتضمن ذلك زادة عدد الأعضاء الأساسيين في الفريق أو تخفيضه، وتشكيل فرق فرعية، وتعديل عدد الاجتماع وتواترها، وإدارة الاجتماعات بطريقة مختلفة، وتصميم بروتوكولات جديدة للمتابعة.

خصائص فريق العمل

صفات فريق العمل

تمرين تحديد صفات الموظفين

ويمكن أن تشكّل مثل هذه التغييرات رافعات قوية لتحسين أداء الفريق. ولسوء الحظ، فإن معظم القادة إما يستمرون في العمل بالطريقة التي كان يتبعها سابقيهم أو يُجرون تعديلات طفيفة فقط.

ومن أجل التفكير بطريقة خلاقة أكثر بشأن نموذج تشغيل فريقك، عليك أن تحدد المعوقات الحقيقية حول كيفية إنجاز العمل -مثل العمليات المتبعة في تخطيط الأعمال ووضع الموازنات لكامل الشركة- ثم تسأل نفسك كيف يمكن أن يعمل الفريق ضمنها بطريقة أكثر كفاءة وإنتاجية. وبالإضافة إلى ذلك، عليك التفكير فيما إذا كان من المنطقي تشكيل فريق فرعية (سواء رسمية أو غير رسمية) من أجل تحسين التعاون بين الأعضاء المرتبطين. وفكّر أيضاً ما إذا كانت هناك أنشطة محددة تتطلب انتباهاً أكثر تواتراً من الأنشطة الأخرى. وسوف يساعدك ذلك على بناء إيقاع ناجح للاجتماعات، سواء بالنسبة للفريق ككل أو أي من الفرق الفرعية.

وقد أدرك ديفيد أوجه الاعتماد المتبادل بين التسويق والمبيعات والاتصالات، وبالتالي أنشأ فريقاً فرعياً من قادة تلك الوظائف. وللحصول على انتباه أكثر تركيزاً وتغذية راجعة أسرع من أجلهم، قرر الاجتماع معهم كل أسبوع، مع عقد اجتماعات لكامل الفريق كل شهرين فقط، وأن تقتصر على مشاركة المعلومات ومناقشة القضايا الاستراتيجية. وتولى الفريق الفرعي الإشراف على استراتيجيات دخول السوق وتنفيذها في المنتجين اللذين يشكلان الأولوية المباشرة بالنسبة لديفيد. وتم العمل عن طريق فرق متعددة الوظائف، تتألف من الموظفين الذين يعملون مباشرةً مع قادة التسويق والمبيعات والاتصالات. حيث أن انسياب العمليات، وزيادة التعاون، وتسريع زمن ردة الفعل -إضافةً إلى إعادة هيكلة قوى المبيعات والتمويل الإضافي لفرق التسويق- زاد نمو المبيعات زيادة سريعة.

وعند إعادة التفكير في تواتر الاجتماعات وجدول أعمالها، فإنه من المفيد فهم الأنواع الثلاثة للاجتماعات التي تكون عادةً لدى فرق القيادة -وهي الاستراتيجية والتشغيلية والتعليمية- وبالتالي يمكنك تخصيص مدة زمنية ملائمة لكلٍّ منها. وتهتم الاجتماعات الاستراتيجية بالقرارات الكبرى التي يجب اتخاذها بشأن نماذج الأعمال والرؤية والاستراتيجية والبنى التنظيمية وما إلى ذلك. ورغم أنها تميل لأن تكون غير متواترة نسبياً، إلا أنها تحتاج زمناً من أجل التفكير العميق. وتتضمن الاجتماعات التشغيلية مراجعة التوقعات وقياس الأداء قصير المدى، وتعديل الأنشطة والخطط في ضوء تلك النتائج. وهي عادةً أصقر وأكثر تواتراً من الاجتماعات الاستراتيجية. أما الاجتماعات التعليمية، فهي مقررة على أساس "عند الحاجة" وخصوصاً بعد الأزمات أو استجابة للمسائل الناشئة، ويمكن أيضاً أن تركز على بناء الفريق.

وعندما تحاول الفرق حشر كل هذه الأنشطة في اجتماعٍ متكرر واحد، فإن المسائل التشغيلية العاجلة تطغى على النقاشات الاستراتيجية والمعرفية. ويمكنك من خلال التمعن في المزيج المناسب من أنواع الاجتماعات ووضع الجدول الزمني لكل نوع في دورة منتظمة خاصة به أن تمنع حدوث تلك المشكلة. والأفضل عادةً وضع نظام لاجتماعاتك التشغيلية أولاً، وتحديد مدى تواترها ومن الذين يشاركون فيها. ومن ثم يمكنك إضافة الاجتماعات الاستراتيجية الأقل تواتراً، ما يتيح الكثير من الوقت للنقاش. وأخيراً، ينبغي أن تحدد أنواع الأحداث التي تستدعي الاجتماعات المعرفية المخصصة. فيمكنك على سبيل المثال أن تقرر عقدها بعد حدثٍ كبير في السوق، مثل دخول منتج منافس، أو في أعقاب فشلٍ داخلي كبير مثل استدعاء منتج ما.

التكامل

العنصر الأخير من عناصر إعادة التشكيل هو التكامل. ويشمل ذلك وضع القواعد والعمليات الأساسية من أجل تغذية السلوكيات المرغوبة والحفاظ عليها، وأداء دور القدوة لأعضاء فريقك. وبالطبع فإن تركيبة الفريق وتوافقه ونموذجه التشغيلي تؤثر أيضاً في سلوك أعضائه. إلا أن التركيز على هذه العناصر ليس كافياً، خصوصاً عندما يرث القادة فرقاً ذات ديناميكية جماعية سلبية. وتتطلب هذه الحالات عملاً علاجياً: أي تغيير النماذج السلوكية المدمرة وتعزيز الشعور بالهدف المشترك.

هكذا كانت حالة فريق ديفيد. فالصراع الداخلي بين نواب الرئيس للتسويق والمبيعات، إضافةً إلى عدم قدرة القائد السابق على الحد من سلوك كارلوس السيء أو تأمين الموارد، كل ذلك أدى إلى تآكل ثقة الأعضاء. وما إن أعاد ديفيد هيكلة المبيعات، أدرك الفريق أنه شخص نزيه وحازم (خلاف سلفه). كما أنه نال الاحترام من خلال التغييرات التي أجراها في عضوية الفريق والتمويل الذي حصل عليه من أجل التسويق. وهكذا أصبح في موقع جيد لإعادة بناء الثقة. فبدأ إجراء تقييم أكثر تركيزاً لديناميكية الفريق، حيث كان الوقت ملائماً للغوص عميقاً بهذا الشأن، حيث مضى عليه مدة أطول قليلاً منذ تولى منصبه واستطاع إرساء المصداقية مع المجموعة. وتضمن هذا التقييم الخبير المستقل استطلاعاً دون ذكر أسماء لأعضاء الفريق ومقابلات بغرض المتابعة ركزت على العناصر الرئيسية للثقة ضمن فِرق القيادة:

الثقة بأن جميع أعضاء الفريق لديهم القدرات اللازمة لأداء عملهم.

الشفافية في تبادل المعلومات.

تقييم الأشخاص

الاعتقاد أن الالتزام سينال الاحترام.

الأمان النفسي في التعبير عن الآراء المتباينة دون الخوف من الاستخفاف أو النقد أو العقاب.

الاطمئنان إلى الحفاظ على السرية.

الاتحاد بشأن القرارات عند الاتفاق عليها

فكشف التقييم أن الشفافية والأمان النفسي والاتحاد كانت تشكل مشكلة الثقة الرئيسية بالنسبة للفريق. ومن أجل إبلاغهم بهذه النتائج، دعا ديفيد الجميع إلى اجتماع خارج العمل. وأشار إلى أنهم لن يصبحوا فيقاً ناجحاً أبداً إذا استمرت مشكلات الثقة. وأخبرهم أيضاً أنه وجد الأسباب البنيوية المحتملة (الدوافع غير الموافقة، ونقص التمويل، وتأثير كارلوس) والإجراءات المتخذة للتعامل معها. والأهم أنه عبر عن ثقته بأن الوحدة يمكن أن تصبح فريقاً عالي الأداء، وأعلن عن التزامه بتحقيق ذلك.

ثم عرض ديفيد عملية إعادة تشكيل ديناميكية المجموعة. فأولاً، سوف يتفق الجميع على مبادئ سلوكية معينة: إنهم سيتبادلون المعلومات، ويتعاملون باحترام، ويتصرفون كفريقٍ واحد عند اتخاذ القرارات. ومن ثم سيقتربون من اتخاذ القرار بشفافية أكبر.

وفي كل قرار، سيبلغهم مسبقاً ما إذا كان سيتخذه بنفسه، أو سيفتحه أمام مجموعة صغيرة، أو يسعى للحصول على توافق كامل الفريق.
وبعد ذلك الاجتماع الخارجي ركز ديفيد على "عيش" هذه المبادئ والعمليات الجديدة بنفسه، كما عزز أيضاً السلوكيات المرغوبة. وعندما يرى ظهور أي سلوك غير منتج كان يتدخل على الفور، إما في اجتماعات الفريق أو بشكل خاص مع الأفراد ورغم أن ذلك استغرق وقتاً طويلاً لأنه ليس من السهل التغلب على العادات القديمة، إلا أن ديناميكية المجموعة قد تحسنت.

وكان ديفيد حريصاً على إعادة النظر في تلك المبادئ والعمليات عندما انضم إلى الفريق نائب الرئيس ومدير الموارد البشرية الجديدين. وينبغي أن تكون إعادة النظر في السلوكيات المتوقعة وتعزيزها ممارسةً معتادة كلما كان هناك تغيير في عضوية الفريق أو مهمته. وهي مفيدة أيضاً عند وضع الجدول الزمني (الربع سنوي أو النصف سنوي) للمراجعة المنتظمة لمستوى أداء الفريق ومدى الحفاظ على المبادئ.

تسريع تطور الفريق

بناء على التقييم وعملية إعادة التشكيل، يحتاج القادة إلى تنشيط أعضاء الفريق عن طريق بعض المكاسب المبكرة. وكما عرف ديفيد عن طريق التجربة، فإن هذا يزيد ثقة الناس في قدراتهم ويعزز قيمة القواعد والعمليات الجديدة. فقد بدأ هو وفريقه بوضع أهداف صعبة لمبيعات الأشهر الثلاثة التالية، ثم عزموا تحقيق تلك الأهداف. فحددوا العمل المطلوب ومن هو المسؤول عنه، وما هو الدعم اللازم من أصحاب المصلحة الخارجيين، وعيّنوا المسؤولية لبناء العلاقات، وطوروا الرسائل والوسائل لمشاركة النتائج مع بقية المنظمة، فتجاوزا الأهداف التي وضعوها بهامش كبير.

اقرأ أيضاً: هل تؤذي توقعاتك العالية فريقك؟

وما إن حقق الفريق تلك النجاحات حتى استمروا في الاستناد إليها، وكانت النتيجة دورةً مثمرةً من الإنجازات والثقة. وبمضي السنة الأولى من تولي ديفيد لمنصبه، تجاوز نمو المبيعات الأهداف الموضوعة له. بل في الحقيقة، كان ينبغي مراجعة التوقعات الطموحة لها ومضاعفتها ثلاث مرات. وكانت اللجنة التنفيذية مسرورة بهذا التقدم لأسباب مفهومة، ما أتاح الفرصة لديفيد لتأمين موارد إضافية، وتوسعة قوات المبيعات، وتجاوز سقف الراتب المعتاد من أجل تعيين أصحاب المواهب المتميزة.

وفي نهاية الإجابة عن سؤال كيف تقود فريق شركتك؟ لقد استمر مسار النمو في العامين التاليين، إلى أن بدأت المنتجات الجديدة التي قدمها المنافسون في جعل الأمور أصعب. لكن بحلول ذلك الوقت، كان فريق ديفيد قد حقق مركزاً مهيمناً في السوق، وكان مستعداً لإطلاق المنتجات الجديدة الخاصة به.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي