ملخص: يمكن أن يؤدي بذل القليل من المجهود الإضافي عند طلب المساعدة فرقاً كبيراً في إنتاجيتك، فضلاً عن تأثيره الجيد على سمعتك. لترك أفضل انطباع ممكن لدى الأشخاص، تأكد أولاً عند طلب المساعدة في العمل من أن سؤالك يستحق أن يُطرح. بمجرد أن يكون لديك سؤال من الممكن طرحه، فإن الخطوة التالية هي تحديد الطريقة الأقل إزعاجاً، وبالتالي الأكثر فاعلية، للتواصل مع الآخرين لطلب المساعدة. وعند طرح سؤالك، يجب أن تعلم أن أسلوب طرح السؤال يمكن أن يكون مهماً بقدر مضمونه. لا تطرح سؤالك فحسب، بل أخبر الآخرين بكل العمل الشاق الذي قمت به لمساعدة نفسك قبل طلب المساعدة منهم.
جميعنا مررنا بهذا الموقف: تقوم بعملك ثم تتعثر وتدرك أنك بحاجة إلى مساعدة، لكنك قلق من أن تزعج زملاءك في العمل أو أن تطرح سؤالاً بديهياً.
وأنا في صدد تأليف كتابي "القواعد غير المعلنة" (The Unspoken Rules)سألت أكثر من 500 عامل في مختلف القطاعات وأنواع الوظائف عن أكثر الأشياء التي يعانون منها في العمل، فسمعت هذا الأمر المثير لقلقهم مراراً وتكراراً: طلب المساعدة. ففي أفضل الأحوال، ستجعل نفسك عرضة لأن يصدر الآخرون أحكاماً عليك، وفي أسوأ الأحوال ستبدو غير كفء أو كسول. لحسن الحظ، وكما اكتشفت أيضاً من خلال بحثي، هناك طريقة أفضل. دعونا نوضح كيف يبدو الأمر وماذا يشبه.
كيفية طلب المساعدة في العمل
ابحث عن الإجابة بنفسك أولاً
الخطوة الأولى لطلب المساعدة ليست أن تطلبها، بل أن تتأكد ما إذا كان سؤالك يستحق أن يُطرح. وهذا يعني أن تجتهد في البحث عن الإجابة بنفسك أولاً.
أولاً، ارسم 3 دوائر متحدة المركز. تمثل الدائرة الداخلية ما تعرفه حالياً.
وتمثل الدائرة الوسطى ما لا تعرفه حالياً ولكن يمكن أن تكتشفه بنفسك. وأي سؤال يقع داخل هذه الدائرة الوسطى هو سؤال "سيئ". فهذه هي الأسئلة التي تجعل الأشخاص يعتقدون أنك لم تبذل ما يكفي من الجهد للبحث عن إجابة.
تمثل الدائرة الخارجية ما لا تعرفه ولا يمكنك معرفته بنفسك، وبالتالي لا يمكنك معرفته إلا بطلب المساعدة من الآخرين. فأي سؤال يقع داخل هذه الدائرة هو سؤال جيد، ويمكنك طرحه.
إذا كنت تطرح سؤالاً مثل "ماذا يعني كذا؟" (وهناك إجابة صحيحة أو خاطئة)، حاول البحث عن الإجابة بنفسك من خلال البحث عبر الإنترنت والبحث في صندوق رسائلك الواردة ومجلد الفريق والشبكة الداخلية للشركة. الفكرة ليست في فتح جميع الملفات أو رسائل البريد الإلكتروني الأخيرة أو زيارة جميع المواقع؛ بل في فعل كل ما تستطيع فعله بنفسك حتى تستفيد إلى أقصى حد من وقتك الثمين مع الآخرين.
ستكون قد اجتهدت في البحث إذا أصبحت متأكداً من أنه لم يتم إخبارك بالإجابة من قبل، ولا يمكن العثور عليها في مكان واضح، ولا تتوفر في الصفحة الأولى من نتائج البحث في جوجل. إذا تمكنت من العثور على إجابة تثق في أنها صحيحة في أثناء بحثك، فلا داعي إذاً لطرح سؤالك. وإذا لم تتمكن من ذلك، فيمكنك حينها أن تطرحه.
إذا كنت تطرح سؤالاً مثل "ما الذي يتعين عليّ فعله بعد ذلك؟" أو "كيف أفعل هذا؟" (حيث لا توجد دائماً إجابة "صحيحة" أو "خاطئة"، هناك فقط نُهج "أفضل" أو "أسوأ")، فكّر في خيارات متعددة وحدد الخيار الذي تفوق إيجابياته سلبياته. تصرف كما لو أنك ليس لديك أي شخص لتطلب منه المساعدة. ما هي الخيارات التي ستضعها في الاعتبار وأي خيار ستختار؟ يمكنك محاولة إكمال الجملة التالية بما يناسب حالتك: "يمكن أن أجرب [الخيار 1] أو [الخيار 2] أو [الخيار 3]. وفي ضوء [هذه الأسباب]، يُعد [الخيار 3] هو الخيار الأكثر منطقية". إذا كان بإمكانك تحديد خيار يتفوق بشكل واضح على الخيارات الأخرى ويمكنك اختياره دون التأثير على الآخرين، فلا داعي لطرح سؤالك؛ فقد وجدت الطريقة التي كان يمكن للآخرين اقتراحها على أي حال. وإذا لم تتمكن من ذلك، فيمكنك حينها أن تطرحه.
ابحث عن أفضل شخص وأنسب وقت لطلب المساعدة
بمجرد أن يكون لديك سؤال من الممكن طرحه، فإن الخطوة التالية هي تحديد الطريقة الأقل إزعاجاً، وبالتالي الأكثر فاعلية، للتواصل مع الآخرين لطلب المساعدة. في هذه الخطوة قد يكون من المفيد أن تسأل نفسك 3 أسئلة:
- مَن هو أفضل شخص يمكن أن أطلب منه المساعدة؟
- ما هو أفضل وقت لطلب المساعدة؟
- ما هو أفضل مكان لطلب المساعدة؟
عند اختيار الشخص الأفضل الذي يمكن سؤاله، ابدأ بزميل عمل في مرتبتك نفسها أو في مرتبة قريبة منها أو بشخص تتمثل وظيفته في الإجابة عن سؤالك المحدد، مثل موظفي أقسام الموارد البشرية أو تكنولوجيا المعلومات. وقبل أن تتواصل معه، اسأل نفسك "هل سأحتاج إلى مساعدته مرة أخرى قريباً؟". إذا كانت الإجابة بنعم، وإذا لم يكن سؤالك عاجلاً، ففكر في كتابة سؤالك وانتظر إلى أن تجمع مجموعة من الأسئلة أو أن تجد أنسب وقت لطرح سؤالك. وبهذه الطريقة، ستتمكن من طرح 5 أسئلة في جلسة واحدة بدلاً من طرح 5 أسئلة في 5 جلسات منفصلة. إذا لم يستطع هذا الشخص الأول المساعدة، فانتقل إلى زميل العمل التالي الأقل مرتبة.
عند اختيار أنسب وقت ومكان، ضع نفسك مكان الشخص الآخر. ما هو الوقت الأنسب للتواصل مع هذا الشخص ولن يتسبب ذلك في إزعاجه؟ وما هي طريقة التواصل التي يفضلها؟
في كثير من الأحيان، سيكون الوقت الأنسب هو خلال حديثكما معاً بالفعل. لذا، إذا كنتما ستحضران اجتماعاً معاً، فحاول أن تقول "هل سيكون لديك دقيقة بعد هذا الاجتماع للإجابة عن بعض الأسئلة؟". إذا كنتما تتواصلان عبر البريد الإلكتروني أو برامج المراسلة الفورية، ففكر في إضافة أسئلتك إلى محادثة قائمة بالفعل.
إذا لم تكن تتواصل بالفعل مع هذا الشخص ولكن يمكنك معرفة جدول مواعيده أو الوقت الذي يكون متاحاً فيه للتواصل عبر الإنترنت، فحاول التواصل معه خلال هذا الوقت. وهذا سيعني تجنُّب أوقات اجتماعاته أو العطلات أو الوقت الذي يسبق نهاية يوم العمل مباشرة حسب منطقته الزمنية. إذا لاحظت نمطاً لدى هذا الشخص يتمثل في الرد على رسائل البريد الإلكتروني في الصباح الباكر على سبيل المثال، فحاول إرسال رسالة البريد الإلكتروني في هذا الوقت نفسه.
أظهر لهم أنك اجتهدت في البحث عن الإجابة وأبدِ امتنانك لهم
عند طرح سؤالك، يجب أن تعلم أن أسلوب طرح السؤال يمكن أن يكون مهماً بقدر مضمونه. فكيفية صياغة سؤالك يمكن أن تكون هي الحد الفاصل بين الحصول على المساعدة التي تحتاج إليها (وعدم الحصول عليها) وبناء سمعة مهنية جيدة (وسيئة). لترك أفضل انطباع ممكن لدى الآخرين، لا تطرح سؤالك فحسب، بل أخبرهم بكل العمل الشاق الذي قمت به لمساعدة نفسك قبل طلب المساعدة منهم.
إذا كنت تبحث عن إجابة موضوعية، فقاوم الرغبة في طرح سؤالك بشكل مباشر. بدلاً من ذلك، حاول استخدام هذه الصيغة "سأطرح عليك سؤالي وسأوضح لك سبب طرحي لهذا السؤال". ففي كثير من الأحيان يمكن أن يكون الأمر بقدر بساطة تحويل سؤال مثل "كيف يمكنني تقديم كشف ساعات العمل الخاص بي؟" إلى "ذكرت لمياء أنك الشخص الذي يتوجه له الجميع للاستفسار عن كشوف ساعات العمل. هل هذا الإصدار الذي وجدته على الشبكة الداخلية للشركة هو الأحدث؟".
إذا كنت تبحث عن إجابة خاصة، سهِّل على الآخرين مساعدتك. وهذا يعني أن تقول للآخرين شيئاً يمكنهم الرد عليه؛ فبدلاً من طرح سؤال مفتوح، وبالتالي من المرهق الإجابة عنه، مثل "ما الذي ينبغي لي فعله بعد ذلك؟". ابدأ بمشاركة الظروف التي أدت إلى سؤالك متبوعة بسؤال محدد يمكن أن يكون في شكل سؤال متعدد الخيارات (أيهما تفضل: الخطة "أ" أم "ب" أم "ج"؟) أو سؤال يُجاب عنه بنعم أو لا ("هل أفكر في هذا الأمر بطريقة سليمة؟") أو سؤال اعتيادي مثل (كنت أفكر في الخطة "أ" والخطة "ب". وأقترح تطبيق الخطة "أ" نظراً إلى 'س'، فهل تتفق معي؟).
حاول ألا تجعل الآخرين يضطرون إلى إخبارك بالشيء نفسه مرتين. إذا أخبرك الآخرون بشيء ما، كرره عدة مرات ودوِّن ملاحظات؛ بمعنى أن تفعل كل ما يمكنك فعله لتتذكر ما قالوه. إذا كان عليك أن تسأل مرة أخرى (أو إذا استمررت في الاعتماد على الشخص نفسه)، ففكر في طلب المساعدة من شخص آخر. يمكنك أيضاً تقديم إقرار مثل "عذراً، أعلم أننا تحدثنا عن هذا الأمر من قبل، لكنني أردت التوضيح".
بعد حصولك على المساعدة التي تحتاج إليها، لا تنسَ إظهار امتنانك أيضاً. يمكن أن يكون الأمر بسيطاً كقول "أقدر حقاً أنك أخذت من وقتك لشرح هذا المفهوم لي على الرغم من انشغالك بـ _________". إذ يمكن أن تزيد اللفتات الصغيرة المعبرة عن التقدير والامتنان من احتمالات استعداد الآخرين لمساعدتك مرة أخرى.
في نهاية الحديث عن كيفية طلب المساعدة في العمل، يتعلق طلب المساعدة بالحصول عليها، بصورة جزئية فقط؛ فهو يتعلق أيضاً بإثبات أنك تستحق المساعدة. وعلى الرغم من أن ذلك قد لا يكون مرضياً لك بشكل فوري بقدر طرح سؤالك على زميل في العمل في اللحظة التي يظهر فيها سؤالك ثم الاختفاء على الفور بعد ذلك، فإن بذل القليل من الجهد الإضافي يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في إنتاجيتك، فضلاً عن تأثيره الجيد على سمعتك.