المسوقون مدرَّبون على التوفيق بين العرض والطلب. ويجب أن يتوفر كل ما يحتاج المستهلكون إليه في الوقت والمكان المناسبين وبالسعر المناسب. لطالما كان شعار شركة "كوكاكولا" (Coca-Cola) هو أن يكون مشروبها في متناول يد العميل دائماً في أي وقت ومكان. فنفاد المخزون يعني خسارة عملية بيع أو الأسوأ من ذلك: أن يفوز أحد المنافسين بها.
لكن المسوقين يدركون أيضاً أنه باستخدام وهم الندرة يمكنهم تسريع الطلب، فهذه الندرة الزائفة تشجعنا على الشراء بسرعة وربما شراء كميات أكبر من المعتاد.
رأينا مثالين ممتازين لهذا التأثير في هذا الصيف مع إطلاق أجهزة "آيفون" والكتاب السابع من سلسلة هاري بوتر. في كلتا الحالتين، تم تصميم دعاية ما قبل الإطلاق ليس فقط لزيادة الطلب بل أيضاً لخلق الوهم بأن الإمدادات ستكون محدودة. في الواقع، كان هناك نقص قليل للغاية في الإمدادات، وفي كلتا الحالتين، توقع المسوقون مستويات الطلب توقعاً رائعاً.
وكما تَبين من التغطية الصحفية الكبيرة والمبيعات المرتفعة في يوم الافتتاح، فإن استراتيجية وهم الندرة أتت ثمارها لشركة "آبل" ولشركة نشر سلسلة كتب هاري بوتر. لم يكن وهم الندرة في صالح المبيعات المباشرة لهذين المنتجين فحسب، ولكن ما حدث أيضاً هو أن الحشود الغفيرة زادت من مبيعات المنتجات ذات الصلة في متاجر "آبل" والمكتبات خلال شهر يشهد مبيعات بطيئة نسبياً.
لكن هناك مخاطر لاستخدام الندرة الزائفة كاستراتيجية. أولاً، تؤدي الضجة الإعلامية إلى إجراء فحص دقيق للغاية؛ فقد دفعت أوجه القصور الشائعة في الإصدار الأول من "آيفون" المستهلكين إلى تقديم تقييمات سلبية فاقمتها بعد ذلك المدونات الإلكترونية. ثانياً، قد يتخلى بعض المستهلكين المحبطين من انتظار دورهم عن رغبتهم في الشراء أو يتحولوا إلى بدائل أخرى.
يُعد خلق وهم الندرة وضعاً مختلفاً تماماً عن المسوقين الذين يستهينون بحجم الطلب على منتج جديد. أحد الأمثلة المعروفة على هذه العثرة كان في عام 1998 عندما أساءت شركة "فولكس فاغن" (Volkswagen) توقع حجم الطلب على سيارة "نيو بيتل" (New Beetle) في العام الذي أطلقتها فيه. بالطبع تُعد زيادة حجم إنتاج سيارة أكثر صعوبة من طباعة نسخ إضافية من كتاب، ولكن بعد الخطأ الذي ارتكبته الشركة، اتخذت بعض القرارات الذكية لتخفيف الضرر.
أولاً، كافأت الشركة أفضل تجارها من خلال إتاحة سيارة "نيو بيتل" المحدودة لهم أولاً بموجب شروط تفضيلية.
ثانياً، زوّدت مصانع "فولكس فاغن" سيارة "نيو بيتل" بإمكانيات لزيادة هامش الربح لـ "فولكس فاغن" والتجار في كل سيارة.
ثالثاً، شجعت الشركة تجارها على تخزين السيارات المتوفرة بكثرة مثل "غولف" (Golf) و"جيتا" (Jettas) مقابل استلام سيارات "نيو بيتل" الشحيحة. وغالباً ما كان ينتهي الأمر بالمستهلكين الذين يتوجهون إلى تجار "فولكس فاغن" لرؤية "نيو بيتل" إلى شراء موديلات أخرى من "فولكس فاغن" أكثر ملاءمة لاحتياجاتهم المحددة. وبهذه الطريقة، كان المنتج الشحيح بمثابة مغناطيس جذب المستهلكين لمجموعة المنتجات بأكملها.
كما يتضح من الأمثلة أعلاه، يمكن أن تكون استراتيجية وهم الندرة نعمة أو نقمة للشركات؛ إذ يمكن أن يكون خلق وهم الندرة استراتيجية تسويقية ذكية. وحتى إذا كنت في وضع سيئ وتعاني من ندرة شديدة حقيقية، فهناك أساليب يمكنك استخدامها لتقليل الضرر الذي لحق بالعلامة التجارية، بل وحتى تحقيق أرباح من هذا الخطأ.
هل استخدمت استراتيجية وهم الندرة في شركتك؟ هل باغتت شركتك أحداث غير متوقعة لم تكن مستعدة لها أم نجحت في خلق وهم الندرة لتسريع الطلب؟