كيف تدير عواطفك دون مقاومتها

2 دقائق

كثيراً ما نسمع نصائح وحيلاً لمساعدتنا في "السيطرة" على عواطفنا، ولكن تلك الفكرة خاطئة: فالمشاعر القوية ليست سيئة، ولسنا بحاجة إلى إبعادها أو مراقبتها باستمرار. وفي الواقع هذه المشاعر يمكن اعتبارها بيانات. فعواطفنا تطوّرت مثل نظام إشارات، وهي وسيلة لمساعدتنا على التواصل مع بعضنا البعض وفهم أفضل لأنفسنا. وما يتعيّن علينا فعله هو تعلم تطوير الخفة العاطفية، والقدرة على استخلاص حتى أصعب العواطف للبيانات التي يمكن أن تساعدنا في إتخاذ قرارات أفضل.

ما هي وظيفة العاطفة؟

للحصول على أقصى استفادة من هذه البيانات، اسأل نفسك ما هي وظيفة العاطفية؟ ماذا تحاول إخبارك؟ ما الإشارة التي تحاول إعطاؤها؟

نتأمل، على سبيل المثال، عباس، الذي وجد نفسه في دوامة دائمة من التوتر بسبب هجوم المهام الذي لا ينتهي في العمل. عندما حدّد عواطفه بدقة، أدرك أن ما كان يشعر به لم يكن مجرد إجهاد: إنه يشعر باستياء عام من عمله وخيبة أمل في بعض من خياراته خلال مسيرته المهنية، بالإضافة إلى القلق حول ما يُخبّئ المستقبل له. وما إن اعترف عباس بهذه العواطف وقبلها، حتى أصبح قادراً على رؤية إذا كان على المسار الوظيفي الصحيح أم لا.

الذكاء العاطفي

هذا السياق يعني أنه بدلاً من معالجة مشكلة إنتاجية، يجب أن يصبح أكثر انضباطاً حول تحديد أولويات مهامه أو رفض أي مهام إضافية، فأصبح عباس قادراً على فعل شيء مناسب وبناء أكثر من ذلك بكثير: حيث بدأ العمل مع مدرب مهني. من خلال دراسة ما كانت عواطفه تقول له، وبدلاً من دفعها بعيداً أو التركيز على المشكلة الخاطئة، تعلم شيئاً جديداً بنفسه وفي النهاية أصبح لديه القدرة على إيجاد مسار وظيفي جديد، إذ صار مشغولاً بنفس الوتيرة كما قبل، ولكن شعوره بالتوتر أقل بكثير.

يمكن أن تعطينا عواطفنا دروساً قيمة. فدعها تسلط الضوء على ما تريد تغييره، وكيف تريد أن تتصرف في المستقبل، أو على ما هو قيّم لك.

هل ردة فعلك مُوائمة لقيمك؟

يمكن أن تساعدنا عواطفنا أيضاً في فهم أعمق قيمنا. ويمكنها غالباً الإشارة إلى ما هو أكثر أهمية لنا: أنت تحب عائلتك. وتشعر بالطموح في العمل، وتقدّر الإنجاز وتقدير الذات. وتشعر أيضاً بالرضا عندما تساعد إحدى الموظفات تحت إدارتك المباشرة في تحقيق أهدافها. إلى جانب أنك تشعر بالسلام والارتياح على قمة جبل. إن التركيز على هذه القيم أفضل بكثير من التركيز على العواطف الفورية، والتي يمكن أن تحفز على اتخاذ قرارات سيئة.

لننظر إلى هذا المثال: لفترض أنه عليك تقديم بعض ردود الفعل الصعبة لإحدى الموظفات تحت إدارتك المباشرة في العمل. وأنت تشعر بالحماس وتود القيام بتلك المحادثة ولكنك تماطل (وذلك يجعلك أكثر قلقاً). عندما تدرس عواطفك، تُدرك أن أحد القيم المختبئة وراء مماطلتك هو الإنصاف. فهي موظفة قوية، وأنت لا تريد أن تكون غير عادل معها. لذلك، عليك أن تسأل نفسك، كيف لوجود أو عدم وجود هذه المحادثة إلى تقريبك أو إبعادك عن إنصافك لها؟، وعند النظر إلى الوضع في ضوء ذلك، يمكنك رؤية أن إعطاءها ردود الفعل خلال هذه الحادثة ومساعدتها على النجاح هو في الواقع أكثر إنصافاً لها وللفريق بأكمله من الرضوخ إلى قلقك من المحادثة. بهذا تكون تمكّنت من نزع نفسك من عبودية العواطف الخاصة بك على الفور واتخاذ الخيار الأفضل والأقرب إلى القيم الكامنة وراء عواطفك.

يمكن أن يساعدك هذا النوع من التفكير في تجنب المواقف التي تقوم فيها بشيء يساعدك على الشعور بالرضا على المدى القصير، ولكن لا يتماشى مع قيمك على المدى الطويل. لذا فإن تجنب المحادثة هو مثال نموذجي، ولكن هناك العديد من الأمثلة الأخرى: الدافع لمطالبة شخص يثير أعصابك بالتوقف عن الكلام عندما يكون لديك قيمة التعاطف. البقاء في وظيفة مريحة لا تتماشى مع حلمك في بدء عمل تجاري عندما تمتلك قيمة نمو. انتقاد نفسك على أصغر الأشياء عندما تمتلك قيمة لتأكيد الذات.

أخيراً، إن إدارة العواطف ليست بالتخلص منها؛ بل بوضع الاستراتيجيات في المكان المناسب، وبدورها تتيح لك تلك الإدارة استخدام عواطفك بفعالية بدلاً من السماح لها بالتحكم في تصرفاتك وإجراءاتك. حيث إن عاطفتك هي نظام التوجيه الطبيعي الخاص بك وتصبح أكثر فعالية عندما لا تحاول محاربتها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي