أعلنت الحكومات ضخ تريليونات الدولارات؛ لتخفيف أثر الأزمة الراهنة، ولكن ترجمة هذه الخطوة إلى انتعاش مستدام ليست بالأمر الهين، ولهذا علينا معرفة كيف تتعامل الحكومات مع الأزمات المتكررة.
لم يشهد العالم منذ قرن مضى اندلاع أزمة صحية أسوأ من تلك التي شهدناها إثر تفشي وباء "كوفيد-19"، ولن يكون أثرها الاقتصادي أقل حدة بحال من الأحوال. وعلى الرغم من أن معدلات البطالة لم تصل لذروتها إلا بعد مضي عدة أشهر في الأزمات الأخرى، فإن الصدمة الاقتصادية لأزمة "كوفيد-19"سرعان ما أثبتت أنها أكبر من صدمة أي أزمة سابقة، بعد أن تسببت في وصول معدلات البطالة إلى ذروتها في غضون أسابيع فقط، ففي الولايات المتحدة وبعد مضي خمسة أسابيع من الأزمة، استمر ارتفاع عدد الوظائف المفقودة أسبوعياً، متجاوزاً أي رقم قياسي سابق، وتوقف الطلب بصورة شبه تامة خلال أيام في بعض القطاعات، نتيجة لإجراءات الإغلاق.
كيف تتعامل الحكومات مع الأزمات الراهنة؟
جاءت استجابة الحكومات على الصعيد الاقتصادي غير مسبوقة، فقد أعلنت الحكومات عن ضخ 10 تريليونات دولار خلال أول شهرين فقط، وهذا الرقم أكبر من الرقم الذي ضخته الحكومة، استجابة للأزمة المالية عام 2008- 2009 بمقدار 3 أمثال (شكل 1)، بل إن دول غرب أوروبا وحدها خصصت ما يقرب من 4 تريليونات دولار، وهو مبلغ أكبر بنحو 30 ضعفاً من القيمة الحالية لخطة مارشال، واتسع مدى الاستجابة الحكومية لتغطية مناطق مجهولة، واستطاعت الحكومات تضمين كافة الأشكال والنماذج في حزم الحوافز التي قدمتها مثل الضمانات والقروض وتحويلات القيمة للشركات والأفراد والتأجيلات واستثمارات الأسهم، وكأنها نجحت في تطبيق مشورة جميع المدارس الحديثة للفكر الاقتصادي مجتمعة.
ولكن هل أتى ذلك بثماره؟
لم تنته الأزمة بعد، وأمامها شوط طويل حتى تنتهي على ما يبدو، حيث تشير استطلاعات الرأي الأخيرة للمستهلكين إلى أن حركة الإنفاق لم تعد بعد لطبيعتها. واستناداً إلى تحليل الاستجابات الاقتصادية التي أظهرتها 54 من أكبر اقتصادات العالم والتي تبلغ حصتها 93% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تهدف إلى مايلي :
- عرض مجموعة التدابير التي اتخذتها الحكومات لدعم الشركات والمواطنين.
- تقييم مدى تأثير مختلف الخيارات التي تتخذها الدول على رفاهتها على المدى القصير ومساراتها الاقتصادية على المدى الطويل.
- تسليط الضوء على المسائل الحاسمة التي ستحتاج الحكومات لأخذها بعين الاعتبار، عندما توجّه تركيزها صوب تحفيز الانتعاش الاقتصادي على المدى الطويل، بدلاً من التركيز على الإغاثة قصيرة المدى.
تستجيب الحكومات بتوسع غير مسبوق في حجم الإنفاق: 10 تريليونات دولار والأرقام في تزايد
تُشير القياسات المرجعية التي أجريناها حول كيف تتعامل الحكومات مع الأزمات والإجراءات التنشيطيةتحديداً التي اتخذتها 54 دولة إلى وجود تباين كبير في حجم الاستجابة، حيث تعهدت بعض الدول بإنفاق ما يصل إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي (شكل 2)، لكننا لاحظنا انخفاضاً ملحوظاً في حجم الإنفاق المخصص لحزم الحوافز في معظم دول الأسواق الناشئة، على الرغم من معايشتها لظروف مماثلة (سواء من حيث الصرامة أو المدة)، مثل خسائر الناتج المحلي الإجمالي والخضوع لإجراءات إغلاق متتابعة.
ولم يفلح سوى عدد قليل من الشعوب والشركات والقطاعات والأقاليم في تجنب الآثار الاقتصادية السلبية لأزمة "كوفيد-19"، وذلك نظراً لتأثيرها العالمي واسع النطاق، وهذا يعني أنه كان يتعين على الحكومة اتخاذ إجراءاتها في وقت مبكر للغاية لدعم قطاعات كبيرة من الاقتصاد والحفاظ على الاستقرار المالي والرفاهية الاقتصادية للأسر، ومساعدة الشركات على النجاة من الأزمة (شكل 3). بالإضافة إلى اتجاه الدول إلى تصعيد مبادراتها، مع ازدياد حدة الأزمة واستمرار إجراءات الإغلاق، وقد وجدنا من واقع البيانات التي بين أيدينا أن تسعة من بين كل عشر دول، أعلنت بالفعل عن حزمة إضافية واحدة على الأقل من حزم الإغاثة المالية أو التنشيطية، حيث أعلن ثلثا الدول عن 3 حزم إضافية أو أكثر، في حين أعلنت بضع دول عن 6 أو 7 حزم إضافية.
جاءت الاستجابة الأولى للأزمة على هيئة تدابير تخص السياسات النقدية، ففي أوائل مارس/آذار 2020 بدأت الاستجابة بضخ السيولة النقدية التي شكلت أكثر من 60% من إجمالي الحزم التنشيطية (شكل 4). وانخفض هذا الرقم إلى 15% من إجمالي الاستجابة وفقاً لآخر إحصاء، حيث لجأت أكثر من 90 دولة إلى أشكال أخرى لضخ السيولة، وذلك بظهور تدابير أخرى عبر الإنترنت.
يتجاوز حجم الإعانات الحكومية التنشيطية عبر مختلف دول العالم استجابة لأزمة "كوفيد–19" وتداعياتها 10 تريليونات دولار
وبالانتقال إلى تدابير الإعاشة، كانت السمة الواضحة عبر الدول هي تقديم الإعانات الفورية للفئات الأكثر تأثراً، لاسيما في الدول التي تفتقر إلى عوامل استقرار ذاتية.
فقد اتجهت مصر، على سبيل المثال، إلى زيادة المعاشات التقاعدية، بينما لجأت عدة دول في أميركا الجنوبية إلى توسيع نطاق المستفيدين من التأمين ضد البطالة. وسعت دول أخرى إلى حماية المرضى أو المشردين، ووفرت لهم الأمن الغذائي، وقامت إندونيسيا، على سبيل المثال، بتوسيع نطاق برنامج الرعاية الاجتماعية الخاص بها؛ ليشمل تقديم المساعدات الغذائية؛ في حين قدمت تايوان قسائم شراء صالحة للاستخدام في الأسواق الليلية والمحلات التجارية والمطاعم، بينما أصدرت بعض الدول برامج أوسع نطاقاً لتوزيع الدخل، لدعم العاملين في القطاعات غير الحكومية وأصحاب المهن الحرة، في المقام الأول، فلجأت البرازيل، على سبيل المثال، إلى توفير تحويلات نقدية لغير العاملين بالقطاع الحكومي، في حين قدم المغرب مساعدات متدرجة للإعاشة لأسر غير العاملين بالقطاع الحكومي، على أساس عدد أفراد الأسرة، وفي المقابل لم تتخذ سوى ما يقرب من 20% فقط من الحكومات التي تولينا دراستها خطوات تهدف إلى زيادة قدرة الأفراد على التحمل على المدى الطويل، مثل إعادة نشر الوظائف وصقل المهارات.
وعند التطرق إلى الحديث عن كيف تتعامل الحكومات مع الأزمات والتدابير الخاصة بقطاع الأعمال، فقد ركزت الخطوات الأولية في معظم الدول على حماية الشركات الصغيرة والمتوسطة الأكثر عرضة للخطر والشركات العاملة في القطاعات الأكثر تأثراً، حيث اتخذت أكثر من 90% من الدول تدابير تستهدف الشركات الصغيرة والمتوسطة بصفة خاصة، واتخذ أكثر من 50% منها تدابير تستهدف قطاعات السياحة والنقل والسفر، وكان النهج الأكثر شيوعاً (والذي انتهجته أكثر من 80% من الدول التي شملتها الدراسة) هو إطلاق تدابير لإعادة هيكلة الديون وضمانات القروض.
وهناك تباين واسع في حجم التدابير التي اتخذتها كل دولة لحماية الميزانيات العامة للشركات. فقد بلغت ضمانات القروض الألمانية، على سبيل المثال، 29% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يبلغ المتوسط لبقية دول مجموعة العشرين 4% فقط. أما الدول التي لجأت إلى طرح الأسهم، فلم تتجاوز 10% فقط من الدول التي تناولتها الدراسة حتى الآن، ولكن قد تزداد هذه النسبة مع تقدمنا نحو تدابير التعافي، عوضاً عن تدابير الإغاثة.
وتنقسم البرامج التنشيطية إلى شقين، فهي تنقل القيمة إلى الشركات إما عن طريق زيادة الإيرادات، وإما من خلال تخفيض التكاليف. وقدمت ألمانيا مدفوعات مباشرة للشركات بناء على حجم نشاطها التجاري، وقدمت 70% تقريباً من الدول دعماً مباشراً أو تعويضاً لتقليل تكاليف الرواتب، فقد نجحت المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، في تغطية 60% من رواتب شركات القطاع الخاص المتضررة من أزمة "كوفيد-19" ، وطرحت أستراليا برنامج إعانات للحفاظ على الوظائف وأسمته "جوب كيبر" (JobKeeper) الذي يهدف إلى دعم أجور ما يصل إلى 6 ملايين عامل من خلال المدفوعات التي تصدر كل أسبوعين.
وتُعد سرعة تنفيذ هذه التدابير أمراً بالغ الأهمية، حيث تواجه العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة صعوبة في توفير التدفقات النقدية، ففي المملكة المتحدة والولايات المتحدة، على سبيل المثال، أظهر مقدار الوقت المستغرق لوصول التمويل إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة أن 25% إلى 32% من تلك الشركات عاجزة عن الصمود والنجاة دون الحصول على التمويل الذي تقدمه برامج الدعم، وذلك لعدم امتلاكها احتياطات نقدية كافية.، وأشارت دراسة حديثة، أُجريت بواسطة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، إلى أن ثلاثة أرباع الشركات الصغيرة في الدول التابعة للمنظمة تمتلك احتياطيات نقدية تكفيها لمدة شهرين أو أقل.
ثلاثة نماذج أساسية: مدى تأثير استجابة الدول اليوم على مساراتها للخروج من الأزمة
بالحديث عن كيف تتعامل الحكومات مع الأزمات الراهنة، ربما يتشابه منشأ الأزمة، إلا أن الحكومات انتهجت استراتيجيات مختلفة استجابة لأزمة "كوفيد-19". وفي دراستنا التحليلية التي تناولت 20 دولة، وجدنا أن هناك ثلاثة عوامل يبدو أنها شكلت صور الاستجابة لكل دولة على المستوى الاقتصادي، وهي كالآتي: حجم تفشي الفيروس ومدى صرامة إجراءات الإغلاق (التي تعبر عن خطورة الأزمة)، وإجراءات الدعم الاجتماعي والتجاري المفعلة مسبقاً، والبنية الاقتصادية، مثل وجود مزيج من أصحاب العمل الحر والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة.
ويؤدي اقتران هذه العوامل الثلاثة إلى ظهور ثلاثة نماذج للاستجابة، وهي: اقتصادات السوق المنسقة والمنفتحة والناشئة، دون أن تكون تلك النماذج الأولية حصرية بالضرورة، فقد تتميز بعض الدول بأكثر من نموذج، ولكنها توفر أطراً مفيدة لمساعدة الحكومات على دراسة أثر الخيارات المختلفة التي تتخذها الآن على الرفاهية قصيرة المدى لشعوبها وشركاتها، وعلى المسارات الاقتصادية طويلة المدى للدول على حد سواء. كما توفر النماذج الأولية توجيهات حول المعوقات وخيارات السياسات المتاحة في السياقات المختلفة في ظل قيادة الحكومات لبلدانها خلال الأزمة، وصولاً إلى مسار التعافي المستدام.
اقتصادات السوق المنسقة
تمكنت دول اقتصادات السوق المنسقة من إبداء استجابة سريعة واسعة النطاق لحماية الأعمال والوظائف، واستفادت من امتلاكها لميزانيات قوية ولتدابير قائمة بالفعل، ولكن لا بد لها من التحول إلى تفعيل تدابير طويلة الأجل وتوخي الحذر لتجنب أي ركود يلوح في الأفق. ينطبق هذا النموذج الأولي على كلّ من النمسا والدنمارك وفنلندا وألمانيا وهولندا والسويد وكوريا الجنوبية، حيث تمتلك هذه الدول سياسات قوية للموازنة (حقق العديد من بينها مؤخراً فائضاً بالميزانية) ومؤسسات قوية قادرة على التحرك سريعاً لتنفيذ التدابير المطلوبة. وتُعد اقتصاداتها أكثر تنظيماً من تلك التي لديها اقتصادات السوق المنفتحة، وتطبق سياسات عمل أكثر صرامة، ولمشاريعها الصغيرة والمتوسطة أثر أكبر. ويُمثل إجمالي القيمة المضافة التي تنتجه الشركات الصغيرة والمتوسطة لديها أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط 43% في اقتصادات السوق المنفتحة.
تواجه الدول ذات اقتصادات السوق المنفتحة مخاطر قصيرة المدى أكبر، مقارنة بتلك التي تواجهها اقتصادات السوق المنسقة ولكنها تمتاز بإظهار مرونة أكبر في مواجهة التغيرات على المدى الطويل.
وغالباً ما تمتلك هذه الدول مبادرات قائمة بالفعل تهدف لمساعدة الأسر الأكثر تأثراً والإسهام في تمويل الأجور، وتحويل العمالة إلى العمل بدوام جزئي في حال انخفاض الطلب، ويحظى أكثر من 90% من شعوبها بالحد الأدنى من الحماية الاجتماعية، حيث تنفق ألمانيا والدول الإسكندنافية ما بين 25% إلى 29% من الناتج المحلي الإجمالي على الحماية الاجتماعية (بزيادة قدرها 20% مقارنة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية). وجاءت استجاباتهم سريعة وواسعة النطاق وتهدف إلى دعم قطاع الأعمال من خلال توفير ضمانات القروض وضخ الأسهم وإدخال تعديلات على السياسات المالية. وتمكنت الدول الإسكندنافية من الاستفادة من عائداتها الضريبية المرتفعة التي تُمثل 39% - 45% من الناتج المحلي الإجمالي (مقارنة بـ 24% في الولايات المتحدة، و 14% في ماليزيا، و6% فقط في نيجيريا) واستخدمتها كوسيلة فاعلة للاستجابة لتخفيف وطأة النفقات المعيشية للأسر.
وقد ركزت التدابير الخاصة بقطاع الأعمال في هذه الدول على الشركات الصغيرة والمتوسطة، نظراً لأهميتها الواضحة في بنية الاقتصادات، وبنظرة مستقبلية، نجد أن التركيز الحالي على الإغاثة الفورية يشير إلى حاجة هذه الدول إلى إجراء تحول لسن تدابير طويلة الأجل، وبالنظر إلى الدعم واسع النطاق الذي تقدمه تلك الدول، سنجد أن هناك حاجة إضافية للتأكد من عدم ركود الشركات التي تمولها، وذلك بتشجيعها على الاستثمار في الأولويات الاستراتيجية (مثل البحث والتطوير وكفاءة الطاقة وصقل المهارات والتوظيف) للحفاظ على القدرة التنافسية وتوفير "الوقاية المستقبلية" لاقتصاداتهم.
اقتصادات السوق المنفتحة
تواجه الدول ذات اقتصادات السوق المنفتحة مخاطر أكبر على المدى القصير، مقارنة بتلك التي تواجهها اقتصادات السوق المنسقة ولكنها تمتاز بإظهار مرونة أكبر في مواجهة التغيرات على المدى الطويل. وتشمل المجموعة كلاً من أستراليا وكندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. والسمة الأساسية هنا هي وجود إطار محدود من التدابير الموجودة مسبقاً لحماية الأسر المعيشية، حيث تنفق دول هذا النموذج الأولي ما يتراوح بين 17%-20% من الناتج المحلي الإجمالي على الحماية الاجتماعية، وتميل اقتصاداتها بقدر أكبر نحو الشركات الكبرى مقارنة بالدول التي تتبنى اقتصادات السوق المنسقة، وتتسم بدور أصغر نسبياً للشركات الصغيرة والمتوسطة، بينما تكون سياسات العمل المرنة هي المهيمنة.
ونظراً لمحدودية التغطية الذاتية المخصصة للعمال والشركات، تُضطر هذه الدول إلى التركيز على الفواتير الطارئة لدعم أجور الشركات والتحويلات المباشرة للأفراد، ومن المتوقع سقوط عدد أكبر من الشركات في مثل هذه الاقتصادات، وسيؤدي الاعتماد على التحويلات النقدية الضخمة في تلك الدول إلى زيادة الحاجة إلى إنشاء بنية تحتية رقمية قوية، ومع ذلك فإن الزعزعة الإبداعية في القطاعات الأقل مرونة ستوفر مرونة أكبر للعبور والخروج من الأزمة بشكل أقوى وأكثر تنافسية، شريطة ألا تستمر عمليات الإغلاق الاقتصادي لفترة طويلة جداً، حتى لا تتحول البطالة إلى أمر ثابت، مؤدية إلى زيادة التكاليف وتخفيض الاستهلاك على المدى الطويل.
اقتصادات الأسواق الناشئة
أثرت الأزمة بشدة على العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة، وسيتعين على الدول التي تتبنى هذا النموذج الأولي اللجوء للابتكار وتحديد الأهداف بدقة نظراً للتمويل المحدود. ويتضمن هذا النموذج دول، مثل مصر وكينيا ونيجيريا، وفي المقابل استطاعت دول جنوب شرق آسيا، مثل إندونيسيا والفلبين، الحد من حدوث تفشي هائل لمرض "كوفيد-19" (مقارنة بأوروبا وأميركا الشمالية) ولكنها لا تزال تواجه العديد من التحديات شأنها شأن غيرها من الأسواق الناشئة، وتُمثل القطاعات غير الحكومية جزءاً كبيراً من اقتصادات هذه الدول ذات الموارد المحدودة، وينتج عن ذلك عادة إطلاق حزم إغاثة وحوافز أكثر تواضعاً، تقل قيمتها عن 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتواجه الدول ذات اقتصادات الأسواق الناشئة فجوة تمويلية، نظراً لضيق "السعة" التمويلية التي تمتلكها مصارفها المركزية للإنفاق على إجراءات مبادرات تخفيف آثار الأزمة، ولديها قدرة أقل على تحمل الديون بسبب ارتفاع نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع تكاليف الديون، وتنفق مصر، على سبيل المثال، ما قيمته 9.6% من ناتجها المحلي الإجمالي لسداد أقساط ديونها، وتُستخدم الأدوات النقدية أيضاً بدرجة أقل (تبلغ قيمة ضخ السيولة النقدية 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي حتى الآن، مقارنةً بأكثر من 5% في العديد من الاقتصادات المتقدمة)، بالإضافة إلى القيود التي تفرضها العملات الأكثر تأثراً على قدرة البنوك المركزية على تطبيق تلك المبادرات.
وفي ظل انحسار الدعم الموجه للأعمال التجارية في حيز ضيق للغاية، نجد أن هذه الدول تعتمد بصورة أساسية على الدعم المقدم لها من الجهات المانحة، وتركز جهودها بصورة أساسية على الأسر الأكثر تأثراً، وتشمل التدابير عادة خفض أسعار الفائدة على القروض وتأجيل الرسوم الحكومية وزيادة فرص الحصول على التمويل، وبنظرة مستقبلية، يمكننا التنبؤ بحاجة هذه الدول إلى اللجوء للابتكار لإيجاد وسائل تمكّنها من التعامل مع التمويلات المحدودة المتاحة، وتوجيه الموارد إلى الأسر والشركات الأكثر تأثراً، وإلى القطاعات التي ستمثل أهمية أكبر في مرحلة التعافي.
النماذج الأولية المختلفة تُنتج مفاضلات وخيارات مختلفة
يتحدد وضع الاقتصادات الذي سنشهده بعد تخطي أزمة "كوفيد-19" بناء على الإجراءات التي تتخذها الحكومات اليوم، لاسيما في ظل إجراء مفاضلة بين الاستقرار والمنافسة، فلجأت بعض الدول ذات اقتصادات السوق المنسقة، على سبيل المثال، إلى حماية الوضع الراهن من خلال سن تدابير طويلة الأجل (بالتوسع في توفير الضمانات وضخ الأسهم) لتوفير الاستدامة وحماية الوظائف. وعلى صعيد آخر قدمت الدول ذات اقتصادات السوق المنفتحة حزم إغاثة لمن فقدوا مصدر دخلهم أو أصبحوا عاطلين عن العمل، وهو ما يمكن ملاحظته في نوعية التمويل المقدم، حيث قدمت الدول ذات اقتصادات السوق المنفتحة حوالي 60% من إجمالي تدابير الإغاثة على هيئة تحويلات القيمة المباشرة والقروض، مقارنة بحوالي 10% فقط في الدول ذات اقتصادات السوق المنسقة، التي أنفقت حوالي 80% من حزم التدابير التنشيطية على ضمانات القروض.
ولاحظنا أن الآثار بدأت تظهر بالفعل، فمن المتوقع، وفق تصريحات صندوق النقد الدولي، أن يرتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة بمقدار ثلاثة أمثال (لتبلغ نسبة البطالة 10.4%، بعد أن كانت 3.7% فقط) وذلك عن الفترة من الربع الرابع لعام 2019 وحتى الربع الرابع من عام 2020. ومن المتوقع أن يرتفع معدل البطالة في ألمانيا ارتفاعاً طفيفاً (ليصل إلى 3.9%، بعد أن كان 3.2%) عن الفترة ذاتها.
بيد أن الإبقاء على الشركات التي تفتقر إلى مقومات الاستمرار ومواصلة عملها قد يحول دون اغتنام الأزمة كفرصة للتكيف والتمركز حول التغيرات الدائمة، مثل زيادة الحاجة إلى التوجه نحو الرقمنة والأتمتة. أما الدول التي لديها إجراءات حماية أقل وتوجه تركيزها على حماية الموظفين مع توفير دعم أقل على المدى الطويل للشركات، فلديها الفرصة للبدء من جديد وتشكيل اقتصادات أكثر مقاومة في مواجهة المستقبل (شكل 5).
تحسين فاعلية الإعانات المقدمة: الأمور الواجب على الحكومات أخذها بعين الاعتبار
لا بد أن يكون ضمان معرفة كيف تتعامل الحكومات مع الأزمات والتوصيل الفاعل للإغاثة المالية أولوية رئيسية لجميع الدول، حيث تواجه الحكومات حتى الآن تحديات كبيرة تدفعها لتوجيه الحجم الهائل للإجراءات المالية المعلنة نحو الفئات الأكثر احتياجاً إليها وبصورة عاجلة، ويوضح استعراضنا لآليات توصيل الإعانات في الدول المختارة (شكل 6) تفعيل إجراءات دعم الدخل منذ اليوم الأول للأزمة التي استمرت لأكثر من شهرين مستهدفة الوصول إلى الفئات السكانية الأكثر تأثراً، وعلى الرغم من ارتفاع معدلات البطالة في العديد من الدول، فهناك عدد كبير من العاطلين في الآونة الأخيرة لم يتمكنوا من تقديم طلبات للحصول على أموال التأمين ضد البطالة.
وبعد دراسة المناهج العالمية التي انتهجتها الدول خلال تقديمها للإعانات المالية، تبين لنا وجود ثلاثة عوامل حاسمة للنجاح ترشدنا لمعرفة كيف تتعامل الحكومات مع الأزمات الراهنة، أولها توسيع نطاق البنية التحتية للدعم الاجتماعي، وتحتاج الدول التي تفتقر إلى وجود بنية تحتية كافية إلى إعادة هيكلة البنية الحالية أو إنشاء قنوات دفع جديدة ومبتكرة بسرعة، ففي المغرب، على سبيل المثال، اتسع نظام التغطية الصحية "راميد" (RAMED) ليشمل أكثر من مليوني أسرة لم تكن مؤهلة سابقاً لتشملها التغطية.
وفي المقابل، نجحت الدول التي تمتلك بالفعل بنية تحتية للدعم الاجتماعي في دعم الفئات السكانية الأكثر تأثراً، على الفور ودون الحاجة إلى تدابير خاصة للاستجابة للأزمة، وهذا يفسر الحاجة إلى إنشاء آليات توزيع خاصة، والتأكد أيضاً من وجود أنظمة مختبرة جيداً، فقد خصصت الدنمارك، على سبيل المثال، حسابات جارية للمواطنين "الكونتانت يلب" (kontanthjælp)، ليتمكنوا في نهاية الشهر من الحصول على إعانة اجتماعية عند الحاجة.
أما العامل الرئيسي الثاني للنجاح في توصيل الإعانات المالية، الذي يدعم العامل الأول، فهو تعزيز التوصيل الرقمي، حيث برزت منصات التوصيل الرقمية كأدوات رئيسية في توصيل الأموال للأسر، ولا أحد ينسىأن انبثاق أسرع وسائل التوصيل الرقمي جاءت من الأسواق الناشئة التي لا تزال حتى الآن إحدى قصص النجاح الأكثر إلهاماً لطرق الاستجابة العالمية للأزمة.
أما في بيرو، فقد استطاعت السلطات الاستفادة من النجاحات السابقة في توجيه المدفوعات الموجهة من الحكومة إلى الأفراد عبر حساباتهم وزادت المدفوعات التي وجهتها للمستفيدين القدامى والجدد خلال الوضع الطارئ، وتتولى توسيع نطاق مقدمي الخدمات المالية، كما لاحظنا التحرك السريع لدولة باكستان التي استفادت من البنية التحتية الرقمية القائمة لتحديد 12 مليون أسرة من الأسر الأكثر تأثراً بالأزمة (ويتراوح عدد أفرادها بين 70-80 مليون شخص)، وجرى تفعيل تطبيقات الحصول على الإعانات عبر الهواتف المحمولة، وخصصت الحكومة أكثر من 18,000 منفذ لصرف الإعانات المالية، مع التزام كل منفذ بتطبيق تدابير التباعد الجسدي والتحقق من المؤشرات الحيوية لجميع المنتفعين، وتمثل نسبة الدعم المقدم للسيدات حتى الآن حوالي 70% من إجمالي الدعم المقدم، ومن بين جهود الإغاثة التي اتخذتها باكستان، جاء سعيها لإضافة 3.5 مليون أسرة إلى قاعدة البيانات الحكومية الخاصة بالأشخاص الأكثر استحقاقاً، كما ساعدت أكثر من 7 ملايين فرد في فتح حسابات مصرفية لأول مرة.
كما يُعد التتبع الآني أمراً بالغ الأهمية لإتاحة وصول الإعانات بنجاح، حيث تعجز أنظمة المراقبة التقليدية عن أداء هذه المهمة، بسبب الترددات المنخفضة والفترات الزمنية الطويلة المستغرقة في جمع البيانات ومعالجتها (فمعظم الدول لن يكون بإمكانها معرفة مآل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من عام 2020 إلا بحلول يوليو/تموز 2020). وهناك أداتان يمكنهما مساعدة الحكومة على اتخاذ قرارات أكثر فاعلية طوال الأزمة، وهما لوحات متابعة المعلومات (داشبورد)، التي تضم أساليب تحليل وبيانات غير تقليدية ومتطورة (يُجرى تحديثها يومياً أو أسبوعياً)، وإجراء استطلاعات رأي بصفة منتظمة تستهدف القطاعات الأساسية للأسر والشركات (كالشركات الصغيرة والمتوسطة على سبيل المثال)، لتفقد أحوالهم ومعرفة ما إذا كانت هناك حاجة لتصحيح المسار.
ولا شك أن استخدام المنصات الرقمية يجب أن يأتي مقترناً بتدابير أمنية صارمة، مثل زيادة وعي المستخدم بشأن تسرب البيانات وزيادة القدرة على المراقبة لمنع الهجمات الإلكترونية وعمليات الاحتيال التي تستهدف الوصول لأموال الإغاثة، وهناك بعض الدول التي سقطت بالفعل ضحية لمحتالين استطاعوا اختراق أموال الإعانات.
وأخيراً وليس آخراً، من المهم أن تسعى الحكومات لتصميم مبادرات تستهدف سرعة وصول الإعانات المالية لمستحقيها. وعلى الرغم من التحدي الذي يمثله توزيع الدخل على نطاق واسع في ظل غياب آليات توصيل، فقد بادرت العديد من الدول بسن تدابير إغاثة فورية، والتي تمثلت في إلغاء فترات الانتظار اللازمة لتقديم طلبات الحصول على إعانات البطالة، ودعم أو خصم رسوم المرافق الأساسية للشركات والأسر، هذا بالإضافة إلى جعل تفعيل الحزم التنشيطية مرهوناً بإنفاق الأفراد والشركات للأموال التي تلقوها وليس بادخارها، واتجهت بعض الدول إلى زيادة ميل المستفيدين إلى الإنفاق من خلال تقديم الدعم العيني عبر قسائم الطعام والمشتريات.
وحال غياب التدابير الذاتية للدعم الاجتماعي، يمكن اللجوء إلى تسريع وتيرة الإجراءات الخاصة بآليات الإنفاق، ومن بينها آليات تأجيل المصروفات، وتشير دراساتنا التحليلية لإجمالي الدعم المقدم للأسر إلى أن بعض الدول تمكنت من توفير ما يصل إلى 40% من متوسط الدعم المقدم للأسر من خلال التنازل عن المصروفات غير التقديرية والحكومية واستطاعت بذلك تقديم الإغاثة الفورية للأسر، وقد نفذت العديد من الدول تدابير بالغة السرعة، مثل فرنسا التي اتجهت إلى إيقاف سداد قيمة تعليق فواتير المياه والغاز والكهرباء والإيجارات، بالإضافة إلى مدفوعات الضرائب وأقساط اشتراكات التأمينات الاجتماعية للشركات الصغيرة التي تأثرت بشدة بأزمة "كوفيد-19"، وقدمت ماليزيا خصماً بنسبة 15% على فواتير الكهرباء الشهرية للفنادق ووكالات السفر وشركات الطيران ومراكز التسوق ومراكز المؤتمرات والمعارض.
استشراف المستقبل: ضرورة وضع خطط حالية للتعافي
تركزت الاستجابة الاقتصادية العالمية حتى الآن على الإعانات المالية، كما أسلفنا القول، ومن المحتمل أن تكون هناك حاجة للمزيد من المبادرات لإعادة إنعاش الطلب الكلي، فإذا لم تتحسن أوضاع المستهلكين والشركات تماماً بمجرد إعادة فتح الاقتصادات، سينتج عن ذلك ركود حركة الإنفاق والاستثمار.
ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، خصصت الحكومة 3 تريليونات دولار ووجهتها كلها تقريباً نحو تدابير الإغاثة الفورية استجابة لأزمة "كوفيد-19". وفي المقابل، خصص قانون الانتعاش وإعادة الاستثمار الأميركي لعام 2009 نسبة 55% من إجمالي تمويله، أي حوالي 450 مليار دولار لتنشيط الصناعات وإعادة إنعاش حركة الطلب الكلي من خلال الاستثمار في توسعات البنية التحتية لقطاعات النقل والرعاية الصحية والتعليم والطاقة.
وعلى الرغم من أن الدروس المستفادة من التعافي من الأزمات الاقتصادية السابقة ربما تكون مفيدة في تصميم خطة التعافي من أزمة "كوفيد-19"، فهناك أربعة مجالات ذات صلة بالسياق الحالي على وجه الخصوص يمكنها مساعدتنا لمعرفة كيف تتعامل الحكومات مع الأزمات بطريقة صحيحة:
1- الطاقة النظيفة: تسريع الاستثمار الحكومي في الطاقة النظيفة وتحفيز الشركات لتحسين كفاءة الطاقة
ما أهميتها؟ على الرغم من عدم ارتباط أزمة "كوفيد-19" ارتباطاً مباشراً بتغير المناخ، فإن الرأي العام يؤيد إجراءات التعافي التي تتناول أيضاً جدول أعمال المبادرات الهادفة للحفاظ على النظام البيئي. وصرح حوالي 70% من المشاركين باستطلاع الرأي حول رغبتهم في وضع تغير المناخ كأولوية ضمن جهود التعافي. قد يكون التأثير البيئي والاقتصادي عنصرين متكاملين، ففي أثناء وضع برنامج لتقليل انبعاثات الكربون لإحدى الدول الأوروبية، قُدرت الاستثمارات المطلوبة لتنفيذ البرنامج بقيمة تتراوح بين 75 - 150 مليار يورو، ليُنتج عائداً بقيمة تتراوح بين 180 - 350 مليار يورو من إجمالي القيمة المضافة، ويوفر البرنامج حوالي ثلاثة ملايين فرصة عمل.
2- الرقمنة والموجة التكنولوجية المقبلة: تسريع الرقمنة الحكومية ودعم الشركات لتبني التقنيات الجديدة
ما أهميتها؟ اتخذ تبني التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي اتجاهاً سريعاً حتى قبل أزمة "كوفيد-19"، ومن المتوقع زيادة استيعاب التقنيات الرقمية لتصل إلى 66% بحلول عام 2030، مقارنة بالنسبة الحالية التي تبلغ 37%. في حين أنه من المتوقع أن يزيد استيعاب الذكاء الاصطناعي وصولاً إلى 50%، مقارنة بالنسبة الحالية والبالغة 7%، خلال الفترة الزمنية ذاتها. وسيسهم التحول إلى الاقتصاد اللاتلامسي في هذا التسارع مدفوعاً بالجائحة، وفي ظل تكيف العديد من القطاعات مع هذا التغيير، شهدت الولايات المتحدة زيادة قدرها 20% في تفضيل الإجراءات غير التلامسية. وستكون التدابير الخاصة بعمليات الدفع وتجارة التجزئة والغذاء والإسكان والتعليم والصحة من بين الدوائر التي ستتأثر تأثراً هائلاً بهذا الاتجاه.
3- تشكيل القوى العاملة المستقبلية: تطوير مهارات القوى العاملة لتتمكن من الاحتفاظ بقدراتها الإنتاجية مستقبلياً في ظل زيادة الأتمتة
ما أهميتها؟ سيكون لتقنيات الأتمتة والذكاء الاصطناعي دور كبير في تحفيز تحول القوى العاملة على نطاق واسع خلال السنوات المقبلة، وحتى في ظل التقنيات والمعارف المعاصرة، سنجد أن حوالي 30% من المهمات يمكن أتمتتها في 60% من المهن. وسيشهد العديد من المهن طلباً متزايداً، بينما سيتقلص حجم مهن أخرى، وبحلول عام 2030 سيتراوح عدد العمال الذين سيكونون بحاجة إلى تغيير فئاتهم الوظيفية بين 75 مليوناً إلى 375 مليون عامل.
4- قدرة تحمل سلاسل التوريد وأمن السلع الأساسية: دعم إنشاء صناعات محلية تزيد من مرونة الدول
ما أهميتها؟ منذ وقت مبكر من أزمة "كوفيد-19"، اضطرت الحكومات والشركات على حد سواء إلى تفعيل وضع الطوارئ لتخفيف حدة الأزمة على سلاسل التوريد، وكشفت الأزمة عن نقاط ضعف أو مخاطر تهدد قطاعات السوق المختلفة، فهناك الحكومات التي حظرت تصدير المنتجات الغذائية أو الطبية والشركات التي تكافح من أجل الحفاظ على استمرارية الإنتاج، وبنظرة مستقبلية، فإننا سنشهد سعي الحكومات والشركات إلى وضع تدابير لزيادة قدرتها على التحمل في مواجهة الصدمات المستقبلية.
وفي نهاية الإجابة عند سؤال كيف تتعامل الحكومات مع الأزمات الراهنة، لقد اتخذت الحكومات إجراءات سريعة، وأظهرت حجم إنفاق مالي غير مسبوق استجابة للتداعيات المباشرة لأزمة "كوفيد-19"، مثل زيادة البطالة بين الفئات منخفضة الدخل. وتتضمن الخطوات التالية الفورية ضمان الوصول العاجل والفاعل للإعانات المالية فور الإعلان عنها، وستحتاج الحكومات إلى النظر في مجموعة الاتجاهات طويلة المدى وتبنيها، وقد أسهمت الأزمة في تسريع إيقاع هذه الاتجاهات في أثناء تصميمها لحزم التعافي، وربما يُحدث تطبيق نهج قائم على الأدلة وأخذ الموضوعات التي ناقشناها في هذا المقال بعين الاعتبار فارقاً هائلاً في حجم الأثر الاقتصادي لبرامج التعافي.
اقرأ أيضاً: