في بداية كل سنة جديدة يتعهد الكثيرون منا بفعل الأمور بشكل مختلف، والتي غالباً ما تُترجم إلى رغبة غامضة في توسعة آفاقنا أو تعلم أشياء جديدة، إلا أنه يتعين علينا جعل التعلّم عادة إن أردنا تحقيق تقدم ثابت. ويعدُّ إنشاء العادات أمراً جميلاً، لأنها تنقذنا من العمل الصعب المتمثل في اتخاذ القرارات وممارسة ضبط النفس. ونظراً لأن حوالي 40% من تصرفاتنا اليومية هي نتاج عادات، فإنه من المرجح أن نغدو أكثر سعادة وصحة وإنتاجية إذا كانت لدينا عادات موظفة لصالح رفاهنا.
حدّدت في كتابي "أفضل من السابق" (Better than Before) أهم 21 استراتيجية مختلفة نستطيع اتباعها لإنشاء عادات جديدة، أو تخطي العادات القديمة في جوانب الحياة جميعها. ولكن هناك القليل من هذه الاستراتيجيات مفيد بشكل خاص في جعل التعلّم عادة.
حدّد ما تحتاج إلى تعلمه
1- خذ وقتاً للتفكير بأهم العادات التي تريد تعلمها. قد يكون من الصعب أخذ فترة للتفكير في خضم الحياة اليومية، فكّر في أن تأخذ 30 دقيقة مرة واحدة أسبوعياً، أو يوم راحة شخصي، أو يمكنك الذهاب في نزهة على الدراجة الهوائية. فكِّر أين تريد أن تكون في غضون عامين؟ وكيف يمكنك تطوير مهاراتك لجعل عملك أكثر إثارة للاهتمام وجعل نفسك أكثر قيمة؟ ويُفضّل البعض التفكير في هذه القضايا وحدهم في وجود مفكرة يكتبون عليها أفكارهم، في حين يفضّل البعض الآخر التحدث مع بعض زملاء العمل الموثوق بهم أو مع صديق قديم.
2- خذ الوقت الكافي للتفكير على نطاق صغير. في بعض الأحيان، يُصاب الناس بالارتباك عندما يحاولون وضع خطط كبيرة أو طرح أسئلة مصيرية، لذا من المفيد التركيز على خطوات صغيرة يمكنك التحكم فيها، ودمجها في حياتك فوراً. ما الذي عليك أن تتحسن فيه الآن لتجعل عملك غداً أسهل أو لتكون أكثر ثراءً؟
3- اسأل نفسك: من تحسد؟ الحسد هو شعور غير مريح، لكنه مفيد، إذا كنت تحسد أحدهم، فهل لدى هذا الشخص شيء تتمنى أن يكون لديك؟ هل تحسد صديقك الذي يسافر طوال الوقت، أم تحسد ذاك الذي لا يسافر مطلقاً؟ هل تحسد زميلك في العمل الذي يأخذ دروساً ليلية لنيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال، أم ذاك الذي يقدم الكثير من العروض التقديمية؟ يمكن للحسد أن يساعدنا على معرفة كيف نريد أن نتغيّر ونغير في أنفسنا، وبالتالي معرفة ما نحتاج إلى تعلمه...
اقرأ أيضا: ما هي أهمية التعلم مدى الحياة؟
اجعل التعلُّم عادة
4- كن محدداً فيما تطلب من نفسك، ولا تذكر عبارات غامضة على غرار "القراءة أكثر" أو "تعلُّم أشياء جديدة". صِغ قرارك في شكل عمل ملموس وقابل للقياس، حتى تستطيع التحكم فيه، من قبيل "الذهاب إلى مناسبتين على الأقل شهرياً كفرص للتعلم" أو "قضاء ساعتين كل يوم خميس لقراءة المقالات التي جمعتها خلال الأسبوع". يساعدك ما سبق على أن تكون محدداً تجاه ما يجب القيام به...
5- راقب تقدمك. للمراقبة قوة هائلة، فقد أظهرت الأبحاث أننا نميل إلى تقديم ما هو أفضل من المعتاد عبر مراقبة كيف نتصرّف، سواء أكان عدد الخطوات اليومية التي نمشيها أم عدد المرات التي شعرنا فيها بالتردد. وينطبق الشيء نفسه على عدد مقاطع الفيديو التعليمية التي نشاهدها، أو عدد المرات التي نخصص فيها وقتاً لممارسة مهارة جديدة. تتبع ما تفعل، وسوف تدفع نفسك في الاتجاه الصحيح.
6- ضع جدولاً زمنياً لعادتك. يمكن لهدف من قبيل "البحث عن كذا" أن يتهادى تدريجياً إلى أسفل قائمة مهامك، لأنه غير عاجل، وإن كان مهماً. فضع جدولاً زمنياً محدداً للبحث والتعلم، ولكن من المهم أن تتذكر أن..
7- التسويف أمرٌ يسهل القيام به دائماً. وعندما تجدول وقتاً لتنفيذ إجراء معين، يجب عليك تنفيذه بلا تلكؤ أو إبطاء، وعدم الانشغال بأمور أخرى على غرار ترتيب الملفات أو التنظيف أو التحقق من رسائل البريد الإلكتروني. إما القيام بالعمل المقرر، أو عدم القيام بشيء بالمرة. وإذا لم تفعل ذلك، فقد ينتهي المطاف بك لأن تعمل على أمور مختلفة على الدوام في تأجيل للمهمة التي قررت القيام بها في البداية.
8- اقض بعض الوقت مع الأشخاص الذين لديهم عادات التعلم التي تريد محاكاتها. تشير الدراسات إلى أننا نميل إلى التقاط العادات من الأشخاص من حولنا. لذا، اختر شركاءك بحكمة. إذا كنت تعرف أن بعض زملائك في العمل يجعلون التعلم أثناء العمل عادةً، حاول بذل كل جهد لتكون معهم، ولتقضي بعض الوقت معهم، وهو ما سوف يجعلك تتمكن بسهولة من التقاط هذه العادة بنفسك.
وما هو الأمر الأكثر أهمية الواجب علينا تذكره حيال تشكيل عادة؟ يجب علينا تشكيل عاداتنا لتناسب أنفسنا، أي طبيعتنا ومصالحنا ونقاط القوة الخاصة بنا، لأنه عندما نفهم أنفسنا، نستطيع تطبيق استراتيجيات تشكيل عادة لها فرص نجاح أكبر.