ملخص: من الطبيعي أن تشعر بالقلق عندما تحصل على ترقية لأول مرة، ولكن يجب ألا تدع شكك بنفسك يتغلب عليك. بدلاً من ذلك، حاول تغيير نظرة زملائك الجدد إليك. نظّم سلسلة من الاجتماعات الفردية مع كل منهم واسألهم: ما الذي يجب أن أعرفه عن الفريق؟ كيف يمكنني مساعدتكم؟ أظهر الكفاءة والثقة، ولكن حافظ على درجة معقولة من التواضع. تحلّ بالصبر. لن تتغير نظرة الناس إليك بين عشية وضحاها وقد يحتاج الزملاء إلى وقت للتكيف مع شخصيتك المهنية الجديدة. قد يحاول بعض أعضاء الفريق الذين يمثلون تحدياً اختبار مرونتك من خلال معاملتك كمساعد أو تجاهلك تماماً مثلاً، لذلك طوّر درجة ملائمة من المرونة وضع حدوداً واضحة لما أنت مستعد أو غير مستعد لفعله، وإلا فستصبح عرضة للاستغلال والتجاوز.
ستحتاج إلى تعديل العديد من علاقات العمل عندما تحصل على ترقية إلى وظيفة جديدة: سيكون لديك مدير جديد ومرؤوسين مباشرين جدد، والأهم من ذلك، مجموعة جديدة من الزملاء؛ الأشخاص الذين كانوا أعلى منك في المخطط التنظيمي ولكنهم الآن في مستواك نفسه. كيف يمكنك إثبات أنك تتمتع بالكفاءات التي تؤهلك لتكون متساوياً معهم دون أن تبدو متعجرفاً؟ وكيف تتخطى ديناميكية الموجّه والمتدرب؟ وماذا يجب أن تفعل حيال ذلك الزميل الذي لا يأخذك على محمل الجد؟
ما الذي يقوله الخبراء؟
تهانينا بمناسبة حصولك على ترقيتك. لقد حان الوقت لتثبت للذين اعتادوا رؤيتك مرؤوساً أنك تستحق منصبك الجديد. تقول الشريكة الإدارية لشركة بارافيس بارتنرز (Paravis Partners) والمؤلفة المشاركة في كتاب "سيطر على المكان" (Own the Room)، إيمي جين سو: "إن تغييراً يجب أن يطرأ على قواعد التواصل عندما يتغير دورك أو تحصل على ترقية"، وتوصي بالاستمرار في التركيز على مسارك المهني على المدى الطويل، وتقول إن مجموعة زملائك يمكن أن تمثل ائتلافاً قوياً محتملاً ومجموعة لاختبار الأفكار ومصدراً يوفر الدعم لك. يتطلب تطوير هذه العلاقات بطريقة هادفة جهداً ممنهجاً، وفقاً لما يقوله رئيس مجلس إدارة شركة جينسيس أدفايزرز (Genesis Advisors) والأستاذ في المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) ومؤلف النسخة الموسّعة من كتاب "الأيام التسعون الأولى" (The First 90 Days)، مايكل واتكينز، ويؤكد الحاجة إلى تغيير نظرة زملائك إليك بصورة جذرية. فيما يلي بعض النصائح حول كيفية تحقيق ذلك.
فكِّر بطريقة إيجابية
يقول واتكينز: "من الطبيعي أن تشعر بالضعف وعدم الثقة بالنفس عند التعامل مع زملائك الجُدد، لا سيما في المراحل الأولى. فأنت ترتقي إلى مستوى أعلى، وقد تعاني حتى حالة طفيفة من متلازمة المحتال. ومع ذلك، من المهم ألا تدع شكك بنفسك يتغلب عليك، وتجنّب افتراض الأسوأ وحاول الحفاظ على نظرة إيجابية. وتضيف جين سو أنه من المحتمل جداً أن يكون لهؤلاء الأفراد دور في تأييد ترقيتك ويعتقدون أنك على مستوى المسؤولية ويثقون في مؤهلاتك وقدراتك واستعدادك للوظيفة. لذلك حاول ألا تنشغل كثيراً في الاجتهاد بمحاولة إثبات جدارتك لمجموعة زملائك الجديدة. يكمن الخطر في أنك قد تبدو كما لو كنت تبذل جهداً كبيراً أو مهتماً بمصلحتك الشخصية أو متشبثاً بآرائك، أو حتى الظهور كما لو أنك تحاول التفوق على زملائك. من المهم إظهار أكبر قدر ممكن من الثقة بالنفس ورباطة الجأش، وتذكّر أنك لن ترسم لنفسك صورة في عين أحد قبل أن تقتنع بها أنت أولاً".
تعامل بأسلوب مهني
ثق بنفسك، ولكن تجنب الإفراط في الثقة لأنك تخاطر بأن يراك الآخرون متعجرفاً جداً حسب واتكينز. ويضيف: "ضع في اعتبارك الطريقة التي تريد أن ينظر بها زملاؤك إليك، وكيف سيشكلون آراءهم عنك". تعامل معهم بعقلية تعاونية. يقول واتكينز: "هدفك أن يرى الآخرون أنه بإمكانهم العمل معك، وإثبات أنك شخص يتمتع بمعرفة عميقة ولكنه يريد أيضاً التعلم والمساعدة". وتضيف جين سو قائلة: "إن تفاعلاتك الأولى مع الأشخاص الذين كانوا يرونك زميلاً أقل خبرة تتطلب اللباقة والانتباه. عليك إظهار الكفاءة والقناعة، ولكن احرص على التواضع في ذلك، ولا تبالغ في مراعاة رغبات زملائك؛ بل احترمها بالدرجة الملائمة".
ابنِ الجسور
يقول واتكينز إنه بصفتك الوافد الجديد، تقع على عاتقك مسؤولية بذل جهد للتواصل مع زملائك ومحاولة التعرف عليهم، ويقترح عند بدء الوظيفة الجديدة تنظيم سلسلة من اللقاءات الفردية مع زملائك الجدد والتحدث إليهم عن أفضل السبل للتعاون في المستقبل، والسؤال عما يجب أن تعرفه عن الفريق. وتضيف جين سو من جانبها أنه ليس بالضرورة إجراء هذه المحادثات في غرف الاجتماعات أو المكاتب تحديداً، وتقترح دعوتهم إلى تناول القهوة أو الغداء، وتقول إن هناك قيمة كبيرة لقضاء وقت غير رسمي مع زملائك في أثناء تبادل الأفكار. هدفك هو إثبات جدارتك بصفتك شريكاً جيداً لزملائك كما تقول جين سو، وتضيف: "اسعَ إلى فهم وجهات نظرهم. اطلب إسهاماتهم لإظهار أنك تقدر نصائحهم وليس لأنك بحاجة إلى موافقتهم".
افهم ديناميات الفريق
تحتاج أيضاً إلى اكتساب فهم عميق لديناميات الفريق حسب واتكينز، ويوصي بإيلاء اهتمام وثيق لديناميات التأثير داخل الفريق تحديداً، يقول موضحاً: "حدد من يثق به مديرك ومن يستمع إليه، ومن له تأثير بين أعضاء الفريق الآخرين". وتتفق جين سو مع هذا المنظور وتقول: "عند الانضمام إلى مجموعة جديدة، من المفيد أخذ الوقت الكافي لفهم دينامياتها وآلية سير العمل. افهم كيفية عمل الفريق وأنماط التواصل وآلية صناعة القرارات، واكتشف الموضوعات أو القضايا التي قد تثير ردود فعل قوية لدى أعضاء الفريق". لكنها تحذر من البقاء طويلاً في وضع المراقبة، وتقول إن عليك في النهاية الانتقال من متعلم إلى مسهم فعال ومن ثم إلى قائد.
اخطُ برفق في البداية
ربما تتحمس لمشاركة أفكارك حول كيفية إدارة الفريق وما يجب أن تركز عليه الأعمال، ولكن من الحكمة تخفيف حماسك لا سيما في البداية. يقول واتكينز إن هناك ميلاً طبيعياً للدخول وإثبات نفسك بقوة على الفور، ولكن من غير المرجح أن يكون هذا النهج مثمراً. "قد يؤدي ذلك إلى الإساءة إلى أعضاء الفريق القدامى أو مضايقتهم دون قصد. بدلاً من ذلك، تريّث قليلاً واستمع إليهم، وافهم دورك في الفريق قبل أن تقرر كيف ستفرض نفسك ومتى". وفقاً لجين سو، عندما تشعر أنك مستعد لمشاركة أفكارك ركّز في المقام الأول على مصلحة العمل بدلاً من محاولة تعزيز صورتك الشخصية، سيوضح ذلك لزملائك أنك تضع مصالح العمل في صميم اهتماماتك.
كن صبوراً
تستغرق إعادة تكوين شخصيتك المهنية وقتاً وقد لا تتغير آراء زملائك بك بين عشية وضحاها. كن مستعداً أيضاً لأن بعض أعضاء فريقك الذين يمثلون تحدياً قد يحاولون مثلاً اختبار مرونتك من خلال معاملتك على أنك مرؤوس أو تجاهلك تماماً. ومهما فعلت، تؤكد جين سو ألا تأخذ الأمر على محمل شخصي، وتحذّر من أنه إذا سمحت لنفسك بالتأثر بسلوك هذا الشخص أكثر، فسيستمر باستفزازك وإزعاجك. من جانبه يوصي واتكينز بتطوير درجة المرونة الملائمة ووضع حدود واضحة لما أنت مستعد أو غير مستعد لفعله، وإلا فستصبح عرضة للاستغلال والتجاوز. من المهم أيضاً ألا تغفل عن العلاقات الأهم، فنظرة زملائك إليك مهمة، لكن رأي مديرك بك أهم بكثير.
مبادئ يجب تذكرها
ما ينبغي لك فعله
- أظهر أنك تريد التعلم والتعاون مع زملائك الجدد.
- انتبه جيداً لديناميات الفريق. اكتشف كيفية اتخاذ القرارات وأنماط التواصل.
- اكتشف دورك في الفريق ثم قرر كيف ستفرض نفسك ومتى.
ما ينبغي لك تجنبه
- بذل مجهود كبير في إثبات نفسك كي لا تبدو مهتماً بمصلحتك الشخصية، بدلاً من ذلك، اعتمد على ثقتك بنفسك.
- المبالغة في مراعاة رغبات زملائك؛ بل احترمها بالدرجة الملائمة.
- ترك كبريائك يؤثر سلباً في أفعالك وسلوكك. قدّر أن آراء الناس بك لن تتغير بين عشية وضحاها.
دراسة حالة رقم 1: استجمع ثقتك بنفسك؛ ابذل قصارى جهدك للتعرف على زملائك
عندما حصل نيت ماسترسون على ترقية إلى منصب الرئيس التنفيذي للتسويق في شركة ميبل هوليستيكس (Maple Holistics) لمنتجات الشعر الطبيعي ومستحضرات التجميل وتتخذ من نيو جيرسي مقراً لها، عانى درجة طفيفة من متلازمة المحتال.
يقول ماسترسون: "كان إظهار الثقة تحدياً في مثل هذه الظروف. ليس من السهل أن تكون الوافد الجديد، لا سيما إذا لم تكن جديداً بالفعل! كنت ذلك الموظف القديم الذي كُلف بمهمة جديدة ومنح منصباً ومكتباً جديدين، يجب أن أعترف أني شعرت بالقلق في البداية".
للتغلب على شكه بنفسه، ركّز نيت على الجوانب الإيجابية لموقفه، لا سيما فريق الزملاء الذي قدم له دعماً كبيراً ورحب به بحرارة في الدور الجديد، في الواقع، اتخذ العديد منهم خطوات إضافية للتعبير صراحة عن ثقتهم في قدراته.
يقول نيت: "استطعت اجتياز تلك الفترة الأولية بسبب عدم وجود أي تعارض وبسبب ثقة زملائي بي وبقدراتي".
لتقوية علاقاته بزملائه الجدد، دعا نيت كل واحد منهم لتناول الغداء على حدة، كان يعرفهم بالطبع، ولكن بما أنهم أصبحوا الآن زملاء، فقد أراد مناقشة أفضل الطرق التي تمكّنهم من التعاون بفعالية. يتذكر قائلاً: "كنت جزءاً من شركة ميبل للتسويق لفترة من الوقت، وفهمت هذا المجال بعمق؛ لكن ترقيتي إلى الرئيس التنفيذي للتسويق تطلبت مني تبنّي منظور أوسع. أردت معرفة طرقهم في العمل ورؤيتهم لتوجه أقسامهم".
سعى نيت أيضاً للتعرف عليهم على المستوى الشخصي، يقول: "سألت عن الكتب التي يوصون بقراءتها والمدونات الصوتية التي يتابعونها، واستفسرت منهم عن كيفية حفاظهم على التوازن بين عملهم وحياتهم الشخصية، وهو أمر لم أكن أفكر فيه عندما كنت أعمل في قسم التسويق بدوام كامل".
حرص نيت في الأيام الأولى من وظيفته الجديدة على إعطاء الأولوية للاستماع بفعالية والمراقبة الدقيقة، يقول: "أردت أن أفهم آلية عمل الفريق وتحديد المجالات التي يمكنني الإسهام فيها بفعالية، لذلك كان من الضروري بالنسبة لي فهم كيفية عمل فريق الإدارة وآلية النقاش واتخاذ القرارات".
نصيحته لمن يحاولون إثبات جدارتهم لزملائهم الجدد: أظهر المستوى المهني الذي يتوافق مع المنصب الذي ارتقيت إليه: "ما دمت تبذل قصارى جهدك للحفاظ على مهنيتك ولا تحيط نفسك بأشخاص لا يريدون الخير لك، ستتمكن من تجاوز المراحل الأولى الأصعب وإثبات أنك موظف أفضل وذو خبرة أكبر".
دراسة حالة رقم 2: أثبت أنك تعطي الأولوية لمصالح الشركة؛ تمسّك بموقفك
عندما حصل كريستوفر سميثماير على ترقية من مدرب أول إلى منسق تطوير الموارد الاستراتيجية في شركة الوساطة القائمة على الويب، براف أونلاين كونفليكت مانجمينت (Brav Online Conflict Management)، كانت أولويته إعادة بناء العلاقة مع نظرائه الجدد.
يقر سميثماير أن رحلته نحو تحقيق ذلك لم تكن خالية من التحديات، ويقول: "لقد شهدت طوال مسيرتي المهنية الكثير من الحالات لزملاء يعاملون القادة الجدد على أنهم مساعدين، كنت أتمنى استخدام هذه المعرفة لمنع حدوث ذلك لي، لكني لم أستطع".
يقول كريستوفر إن عبء عمله تضاعف 5 مرات بعد ترقيته، ويرجع ذلك أساساً إلى أن العديد من زملائه عهدوا إليه بمشاريعهم الدولية. يقول موضحاً: "كان العديد من المشاريع زائداً عن الحاجة ويمكن إلغاؤه، ولكن بعض المشاريع التي كُلفت بها لم تكن ذات صلة بمجال عملي في الأصل".
أدرك كريستوفر أن عليه التحدث إلى زملائه حول الموقف لكنه أراد تجنب الانخراط في جدل حول سياسات مكان العمل، لذلك صاغ المحادثات التي خاضها معهم بطريقة تُظهر أنها محاولة للعمل بما يصبُّ في مصلحة الشركة.
يقول كريستوفر: "جلست مع زملائي كلاً على حدة وناقشت معهم دوري الجديد وارتباطه بأدوارهم، وكانت المحادثات مهنية وصريحة، وذكرت أن توزيع المسؤوليات بطريقة معينة سيعود بالنفع على الشركة. وعلى الرغم من أن هذا الأمر أثار بعض المشاكل، فإن معظم زملائي اتفقوا معي في النهاية".
ومع ذلك، استمر أحد الزملاء في تحديه بشأن توزيع المشاريع الدولية والعديد من القضايا الأخرى، ويقول كريستوفر إنه تحتم عليه الثبات على موقفه وشرح أسبابه باستمرار: "أدركت أنه بصفتي عضواً في الإدارة، أصبح من واجبي الآن رفع صوتي عالياً لحماية مصالح الشركة".
مع مرور الوقت، توقف الزميل عن تحدي كريستوفر وبدأ يقدّر وجهة نظره. يعتقد كريستوفر أنه من الصعب أن تكون عضواً يؤدي دوراً في الفريق، ولكن عندما تتخذ قراراتك بناءً على مصالح الشركة في المقام الأول، ستجد نفسك دائماً على أرض صلبة".