"لن أفعلها" هذا ما قاله في حديثه عن التوقف عن تجنب سياسات المكتب "لا يهمني من هم، لن أصادق أشخاصاً لا يعجبونني ولا أحترمهم فقط لأنني أريد منهم شيئاً".
هذا الكلام صدر عن مدير عام لشركة مدرجة على قائمة "فورتشين 500" (Fortune 500) للشركات. نسمع هذا الكلام مراراً وتكراراً من مدراء على جميع المستويات. يتردد هؤلاء المدراء في المشاركة بما يسمونه "الألعاب السياسية". يعتبر المدراء أن ما يحرك الصراع التنظيمي والمنافسة بمعظم الحالات هو الغرور، وأن الصراع والمنافسة عبارة عن ألعاب مراهقين. يرغب المدراء بتسوية النزاعات من خلال تحليل البيانات والمنطق وبفعل ما هو "صواب" وليس من خلال من يعرف من أو من هو مدين لمن أو من يلعب الغولف مع من. بالنسبة للمدراء فإن بناء العلاقات مع الأشخاص بكل بساطة لأنهم يريدون منهم شيئاً هو تلاعب صارخ.
لذا فإنهم ينسحبون من أعمال تنظيمية كثيرة. كما هو الحال بالنسبة لمديرنا العام، فإنهم يتعاملون مع الآخرين عندما يكون هناك مشكلة ما، ولكنهم لا يبنون علاقات مستمرة ومثمرة إلا مع الفئة القليلة الذين يعجبونهم شخصياً، وعوضاً عن ذلك فإنهم يفضلون الانزواء والتركيز على مجموعاتهم وأعمالهم الخاصة.
هل أنت أحد هؤلاء المدراء؟ إذا كنت كذلك، فإنك غالباً تجعل من نفسك ومن مجموعتك أقل كفاءة مما يجب أو ينبغي أن يكون.
سل نفسك ما يلي: هل أملك التأثير الذي أرغب به أو الذي يجب أن أتمتع به في شركتي؟ هل يستمع الآخرون إلى وجهة نظري؟ هل تُحل الخلافات بين مجموعتي والآخرين لصالحنا؟ هل نحصل على المصادر والمعلومات والوقت والانتباه الذي نحتاجه ونستحقه؟ هل يُشتت انتباهنا بالضغط المستمر من الخارج؟
إذا أصاب أحد هذه الأسئلة وتراً حساساً، فيجب إعادة التفكير في كيفية تعاملك مع البيئة السياسية الموجودة في شركتك وفي جميع الشركات الأخرى.
بقدر ما ترغب بتجنب البيئات السياسية إلا أن أفضل طريقة للتعامل معها هي المشاركة فيها، بمعنىً آخر التوجه نحوها. التهرب من هذه البيئات يعني تنازلك عن مسؤولياتك كقائد ومدير، وهذا يعني أن تخذل نفسك وفريقك والشركة ككل.
ما لم تتمكن من التواصل مع الآخرين وإشراكهم وإنشاء علاقات نشطة ومستمرة معهم –العلاقات التي تحافظ عليها حتى عند عدم وجود مشكلة فورية– فإنك ستفتقد القدرة على ممارسة التأثير خارج مجموعتك، وحتى ضمن عالمك الخاص سيكون تأثيرك محدوداً أيضاً. إذا عملت سابقاً مع مدير يفتقر للنفوذ التنظيمي والمصداقية فإنك تعلم مقدار الإحباط الناجم عن ذلك.
نحن لا نقول إن الشركات عبارة عن عوالم لطيفة يريد فيها الجميع الأفضل للآخرين، حيث إن هذه الشركات غالباً ما تكون ذات أهداف متضاربة ومصالح متباينة ويحدث بينها صراعات شرسة من أجل موارد شحيحة، على أي حال فإن الدافع وراء هذه النزاعات هو الاختلافات التجارية المشروعة، وقد تتحول هذه النزاعات لتصبح شخصية في حال لم يكن المنخرطون بها ناضجين بما يكفي لإبقائها فوق هذا المستوى، لكن فشلهم لا يعني أن المشكلة الأساسية ليست مشكلة حقيقية يجب العمل عليها بشكل فعال من قبل جميع المعنيين.
بالطبع هناك متنمرون في الشركات يلعبون ألعاباً شخصية ويختلقون الشجارات ويخيفون الآخرين. يُعرّف هؤلاء عن أنفسهم من خلال المعارك الشخصية التي يفوزون بها وليس بالنتائج التي حققوها للمنظمة. هم من يبنون إمبراطوريات الأنا. كيف تتعامل معهم؟ مرة أخرى: ليس بالانسحاب.
كيفية التوقف عن تجنب سياسات المكتب
الطريقة الصحيحة ليست تجنب السياسة وإنما المشاركة بطريقة إيجابية للوصول إلى النهايات الجيدة. يمكن أن يكوّن العائق التنظيمي خللاً وظيفياً وشخصياً، ولكن لا يجب أن يكون كذلك. عندما تتواصل بنشاط وتجمع الحلفاء لدعم قضية مشتركة أثناء دخولك في النزاع، تساعدك هذه الإرشادات في ممارسة التأثير على البيئات السياسية دون "ممارسة السياسة":
-
أبقِ جهودك مركزة بشكل واضح على الفائدة المطلقة للمشروع من أجل التوقف عن تجنب سياسات المكتب.
-
اعمل مع الآخرين لتحقيق المنفعة المتبادلة وليس لمنفعتك الشخصية فقط.
-
لا تجعل الخلافات شخصية ولا تسمح لها أن تصبح شخصية، إذ يمكن للأشخاص ذوي النية الحسنة أن يختلفوا فيما بينهم بالآراء مع احترامهم لبعضهم البعض.
-
تصرف وفقاً لمجموعة المعايير المهمة لك – الصدق والصراحة والانفتاح والإخلاص والنزاهة – بغض النظر عما يقوم به الآخرون.
-
ابنِ علاقات مستمرة ومثمرة مع كل شخص تحتاجه لإنجاز عملك، بالإضافة لأولئك الذين يحتاجون لك وليس فقط من يعجبونك.
-
تذكر دائماً: هذه العلاقات رسمية وليست صداقات شخصية، ليس عليك أن تحبهم والعكس صحيح، عليكم فقط أن تعملوا بشكل مثمر مع بعضكم البعض.
يجب عليك التواصل مع الآخرين وبناء علاقات فعالة معهم لتكون قوة تتمتع بالحكم الجيد والنزاهة عند اتخاذ القرارات المهمة في مؤسستك ومن أجل التوقف عن تجنب سياسات المكتب. ترفّعك عن هذه الأمور يمنحك شعوراً بالسمو الأخلاقي، لكنه مجرد تخلٍ عن المسؤولية.
اقرأ أيضاً: