كيف تتوقفون عن المماطلة؟ 7 استراتيجيات مدعومة علمياً

10 دقائق
المماطلة
هارفارد بزنس ريفيو- المماطلة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

معظمنا يُماطل. ونحن نشعر بالذنب جرّاء هذه الحالة، وننتقد أنفسنا عليها. ومع ذلك، فإننا نظل نماطل. لماذا؟ هذا الشيء له ثلاثة أسباب على الأقل هي: غياب العادات والأنظمة الجيدة (ضعف الانضباط)، وعدم القدرة على تحمّل مشاعر معيّنة (مثل القلق أو الضجر)، وأنماط تفكيرنا الذاتية التي تشوبها العيوب. عندما تفهمون هذه الأسباب، بوسعكم استعمال استراتيجيات معيّنة لاستهدافها. فأنتم تستطيعون تقليل حالات المماطلة البسيطة إلى الحد الأدنى – كما يحصل عندما تتلكؤون ولا تبدؤون العمل على مشروع هام إلا عندما يقترب موعد تسليمه – ومواجهة المشاكل الأكبر التي تتسبب بها أنماط تأخيركم.

عاداتكم (أو غيابها)

تقول إحدى النظريات الشائعة إن المماطلة تأتي نتيجة لغياب الانضباط. فالمماطلون يختارون الاستمتاع والرفاهية على حساب العمل الجاد. وثمة تنويعة أحدث لهذا التفسير تقول إنهم يفتقرون إلى الأنظمة والعادات الجيدة. وقد أظهرت دراسات عديدة أن العادات القوية تقلل حاجتنا إلى ضبط الذات. فهي تسهّل الالتزام بسلوكيات لا تحتاج إلى أي جهد، ومقاومة كل ما يشتت الانتباه. لكن ترسيخ عادة تعطي هذه المنافع يستغرق عادة بضعة أشهر.

إذا كنتم تريدون أن تعرفوا ما إذا كانت هذه مشكلة بالنسبة لكم، اطرحوا على أنفسكم السؤال التالي: ما هي العادات التي اتّبعها للتصدي لأهم المهام الملقاة على عاتقي؟ إذا كانت الإجابة هي أنه لا توجد أي عادة، جرّبوا المقاربات التالية:

حددوا جداول زمنية أكثر اتساقاً لإنجاز عملكم العميق. أعرّفُ العمل العميق على أنه التركيز على مشروعكم الأهم على المدى البعيد. وهو قد يشمل، مثلاً، صياغة استراتيجية تجارية، أو تحليل بيانات معقدة، أو تأليف كتاب. وعادة ما ينطوي العمل العميق على تحديات، لكن فعله بطريقة متسقة كل يوم، وبنمط منتظم، سيجعله أقل تحدياً بالنسبة لكم.

تجعل العادات السلوكيات المتتابعة أكثر تلقائية. خذوا مثلاً حالة السائقين. فعندما لا نعود سائقين مبتدئين، لا نفكّر بشكل واعٍ بما نفعله كلما جلسنا خلف مقود السيارة. ويمكن للعادات الأعقد مثل الذهاب إلى صالة الرياضة (الجيم) أو تعلّم لغة أن تصبح أيضاً أكثر تلقائية. ويحصل ذلك من خلال التكرار والتلقين. لذلك، لا يجب أن تحاول إنجاز عمل عميق في الحادية عشرة صباحاً في أحد الأيام، والثالثة بعد الظهر في اليوم التالي. وحتى لو لم يكن الوقت الدقيق الذين تختارونه لإنجاز هذا العمل العميق هو نفسه، فإنه يجب أن يُنجز ضمن يومكم بالنمط ذاته: بعد أن أفعل هذا، سأنجز عملي العميق. على سبيل المثال، كل يوم وبعد أن أمضي ما يصل إلى ساعة في العمل على رسائل البريد الإلكتروني والمهام الإدارية، أبدأ جلسة عملي العميق، وهي في حالتي تشمل عادة الكتابة.

أنشئوا نظاماً للبدء بالمهام الجديدة. ماذا عن المسؤوليات التي تتعاملون معها للمرة الأولى وتشعرون أنها تقع خارج نطاق سيطرتكم؟ ستكونون أقل ميلاً إلى تأجيل المهام المستجدة إذا كان لديكم نظام عام للتعامل معها. وستتحول الخطوات التي تتخذونها عندما تواجهون شيئاً جديداً إلى عادة تتّبعونها كلما واجهتم مهمة جديدة، ما سيقلل من التعب المرافق للقرار المتعلق بكيفية البدء.

يشمل نظاميَ الخاص مجموعة من الخطوات المتتابعة الثابتة. فأنا أدرس أولاً ثلاثة خيارات لكيفية التعامل مع المهمة. بعدها أنجز تحليلاً استباقياً لما قد يحصل لاحقاً على الأرجح من أخطاء محتملة. ثم أحسب طول المدة التي يجب أن أقضيها في إنجاز المهمة. أخيراً أبحث عن طرق لاختبر افتراضاتي بسرعة.

عندما تكون هناك مهمة تتسبب لكم بالضجر، حددوا لأنفسكم جائزة تحصلون عليها بعد استكمالها أو أنجزوها بطريقة ممتعة – كأن تعملوا عليها مع زملاء عمل تحبّونهم مثلاً.

فكيف بوسعكم تطوير نظامكم الذاتي؟ طبّقوا عليه مبدأ الهندسة العكسية: تذكّروا مثالاً على مهمة محفوفة بالتحديات استكملتم العمل عليها بنجاح، وحددوا الخطوات التي استعملتموها لإنجازها. فأنا أفضّل هذه المقاربة على محاولة تقليد الطرق التي يتّبعها شخص آخر، لأنها ستؤدي إلى نظام يناسب طبيعتكم ونقاط قوتكم.

مشاعركم

نميل عادة إلى تجنّب المهام التي تؤجج عواطف سلبية لدينا. ففي علم النفس، يشتهر الإحجام، وقريبه، الاجترار، بأنهما عَرَضان يظهران في تشخيص الكثير من المصاعب المعروفة في مجال الصحة النفسية. والأشخاص الذين يتأقلمون مع التوتر عبر استعمال تكتيكات الإحجام أكثر عرضة للاكتئاب والقلق واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، واضطرابات الأكل، وهو يتحول إلى حلقة مفرغة. وعندما تزداد حالتهم النفسية سوءاً، تزداد حالة الإحجام لديهم سوءاً أيضاً.

ولكن حتى الأشخاص الذين يشعرون أحياناً فقط بالحزن أو الشك أو القلق بسبب عملهم – أو لا يستطيعون تحمّل الضجر أو التوتر الناجمين عنه – يميلون إلى تجنّب المهام التي تستدعي مثل هذه المشاعر. ويزداد مستوى هذه الاستجابة خلال الفترات التي تتصف بعدم اليقين. فعندما تشعرون أنكم غارقون في عمل يغمركم من كل حدب وصوب، فإنكم أكثر ميلاً إلى المماطلة. وفي هذه الحالة، يمكن حتى لمهام بسيطة مثل الرد على الرسائل الإلكترونية أن تبدو مرهقة.

إذا كنتم تريدون أن تعرفوا ما إذا كانت عواطفكم هي السبب الأساسي الذي يدفعكم إلى تأجيل عملكم، اطرحوا على أنفسكم السؤال التالي: كيف حال صحتي النفسية؟ هل تؤدّي المهام التي أتحاشاها إلى توليد مشاعر معيّنة لديّ؟ هل تجعلني أشعر بالضجر، أو الغضب، أو القلق، أو الانزعاج؟ بعدها جرّبوا الاستراتيجيات التالية:

افصلوا مشاعركم عن بعضها البعض. إذا ما حددتم عواطفكم بدقة وميزتم بينها – أي ما يطلق عليه الباحثون النفسيون اسم “التجزئة العاطفية” – فإن ذلك سوف يساعدكم في التعامل معها. وعندما يتعلق الأمر بالمماطلة، فمن المفيد أيضاً أن تحللوا تأثير كل عاطفة أو شعور على موقفكم من مهمة معيّنة. فعلى سبيل المثال، قد تجدون أن كتابة نص لأحد العروض المقدمة لمديركم تتسبب لكم بقلق من الدرجة الثامنة على مقياس من واحد إلى عشرة، وباستياء من الدرجة السادسة، وبضجر من الدرجة الرابعة. بعد أن تنتهوا من تحديد ذلك، بوسعكم وقتها التعامل مع كل واحد من هذه المشاعر على حدة. وسوف يساعدكم نظام التصنيف هذا في تقييم مدى فاعليتكم في التقليل منها إلى الحد الأدنى.

عندما تكون هناك مهمة تتسبب لكم بالضجر، حددوا لأنفسكم جائزة تحصلون عليها بعد استكمالها أو أنجزوها بطريقة ممتعة – كأن تعملوا عليها مع زملاء عمل تحبّونهم مثلاً.

عندما تكون هناك مهمة تتسبب لكم بالاستياء أو الانزعاج، ابحثوا عن الشيء الذي تجدونه قيّماً حقاً فيها. ربما تجدون أن ما يزعجكم هو اضطراركم إلى إدخال التعديلات التي يطلبها مديركم، لكنكم تقدّرون صقلكم لموهبتكم. وقد تشعرون بالاستياء من عملكم ضمن لجنة مؤلفة من أشخاص ينتمون إلى أقسام متعددة، لكنكم تقدّرون الحصول على فرصة لتحسين ثقافة العمل في مؤسستكم. وقد تُصابون بالإحباط بسبب طلب أحد زملائكم للمساعدة في مجال تقني، لكنكم تحبّون فكرة دعم الزملاء.

عندما تكون هناك مهمة تتسبب لكم بالقلق، ابدؤوا بعناصرها التي تجعلكم الأقل تردداً ثم انطلقوا منها. فهذا نوع من العلاج عبر التعرض، حيث إنكم تنتقلون تدريجياً إلى العنصر الذي يتسبب لكم بأكبر قدر من الخوف. فالشيء الذي يبدو غير قابل للتخيل في بادئ الأمر ستشعرون أنه أصبح تحت سيطرتكم بعد أن تكونوا قد تجاوزتم الخطوات الأسهل.

هذه المقاربة القائمة على تحويل المشاعر والعواطف الصعبة إلى قدر أكبر من التركيز والتفاني هي جزء من مجموعة مهارات تسمّى المرونة النفسية كان قد طوّرها عالم النفس تود كاشدان وفريقه. وكلما استعملها الناس أكثر، كانوا أكثر ميلاً إلى أن يكونوا أسعد وأكثر صحة وأعلى أداء.

استعملوا تقنيات التعاطف مع الذات للتغلب على الذكريات السلبية القوية. في بعض الأحيان، تكون المشاعر التي تنتابنا تجاه مهمّة معيّنة ناجمة عن تجربة سابقة. وإليكم القصة التالية التي حصلت معي لأوضّح بها المقصود.

في المرة الأولى التي ألقيت فيها كلمة عن بحثي في أحد المؤتمرات، لم تمضِ الأمور على ما يُرام. كنت طالبة دراسات عليا، وكنت أعيش وقتها في نيوزلندا، بينما كان المؤتمر منعقداً في أستراليا. قررت أن أذهب بالطائرة إلى مدينة أكبر حجماً قريبة من مكان انعقاد المؤتمر، على أن استقل الحافلة ليلاً إلى المدينة الأصغر التي كان يُعقد فيها لأن الرحلة الجوية كانت أرخص. لم أكن في أفضل حالاتي عندما وصلت. شعرت كما لو أنني غزال يواجه أنوار سيارة قوية تقترب منه فحدّقت في ملاحظاتي المدونة وأنا أقرأ محاضرتي. ما زلت أتذكر وبكل جوارحي كيف كان شعوري وأنا واقفة في تلك القاعة أنظر إلى الجمهور الذي كان يضم بين صفوفه المشرف الأكاديمي على بحثي وزملائي في الفريق، حيث شعرت بموضوعية أنهم كانوا أفضل مني في كل ما له علاقة بالبحث، وتحديداً تقديم العروض.

أما الآن وعندما أريد إلقاء محاضرة، فإن تلك الذكرى التي يزيد عمرها على 20 عاماً تغمرني. فجأة أعود إلى شبابي وتتبخر كل المهارات والثقة التي راكمتها على مدار السنين. عندما تجتاح هذه الذكريات القوية أي شخص، فإنه ومهما كان خبيراً في إدارة المشاريع ويمتلك مهارات حل المشاكل سيجد أنها تتلاشى بومضة عين.

إذا لاحظتم أنكم تعانون من هذا النوع من ردود الأفعال، راجعوا ذاكرتكم لتتأكدوا ما إذا كان ذلك مرتبطاً بحدث حصل معكم في طفولتكم، أو في وقت مبكرة من مسيرتكم المهنية، أو له صلة بعمل أحدث عهداً. راجعوا أيضاً لتتأكدوا ما إذا كانت أنواع المهام والذكريات المرتبطة بهذه الحالة تتخذ نمطاً معيّناً.

يُظهِرُ الكثير من الأبحاث الجذابة أنكم قادرون على الشفاء من هذه الندوب العاطفية من خلال الحديث مع ذواتكم بطريقة فيها شيء من التعاطف. وإليكم مثالاً على هذا النوع من الأحاديث: “أنا شعرت بخيبة أمل من أدائي في الماضي، وهذا الشيء يجعلني أتردد. هذا شعور طبيعي ومفهوم. فقد كنت مبتدئة وقتها، ولم أعد مبتدئة الآن. ولا بأس من التعلم من خلال التجربة”. حاولوا العثور على الحديث المناسب مع ذاتكم الذي يفيدكم واستعملوه من جديد كلما دعت الحاجة.

قد تبدو مهمّة معيّنة غير قابلة للتحقيق إذا تخيّلتُ أنني يجب أنجزها بطريقة مثالية من المرة الأولى أو أن أنجزها بذات الطريقة التي أنجزتها بها زميلة أنا معجبة بها.

أنماط تفكيركم

إذا كنتم منضبطين انضباطاً جيداً في مجالات عديدة، لكنكم تعانون في مجالات أخرى، فإن بعض أنماط التفكير قد تكون هي السبب. فبعض العوامل الإدراكية المرتبطة بالمماطلة تنطبق على الجميع – مثلاً، معظمنا لا يقدّر التعقيد الحقيقي للمهام التي يجب إنجازها ضمن مهل زمنية طويلة – في حين أن البعض الآخر هو شخصي جداً.

إليكم مثلاً أحد أنماط تفكيري الإشكالية: فعندما يخبرني الناس أنهم يحبّون نصاً معيّناً كتبته، فإنني أكثر ميلاً إلى القفز إلى استنتاج مفاده أن كتاباتي الأخرى غير جيدة، ما يجعلني أشعر أنني مقيدة اليدين عندما يحين موعد الكتابة مجدداً – رغم أنني قد تلقيت المديح والإطراء للتو!

إذا كنتم تريدون معرفة ما إذا كانت العوائق الذهنية والإدراكية تُسهم في حالة المماطلة لديكم، اطرحوا على أنفسكم السؤال التالي: هل تبدو المهمة أصعب مقارنة بالصعوبة الموضوعية للخطوات التي تتألف منها، إذا ما أخِذت مهاراتي بالحسبان؟ هل استمتع أيّما استمتاع بالمهمة بعد أن أبدأ بها (أو على الأقل ينتابني شعور بالرضا تجاهها)؟ إذا كانت الإجابة هي نعم، فهذا يعني ضمناً أنكم تميلون إلى التفكير في العمل بطريقة تجعله يبدو أقل إمتاعاً مما هو عليه في الحقيقة. جرّبوا الاستراتيجيات التالية لكي تمكّنكم من تجاوز العوائق الذهنية التي تقف حجر عثرة في طريقكم:

مارسوا العصف الذهني العكسي. رغم أنني لم أكن قد استعملت العصف الذهني العكسي كثيراً قبل أن أتطرّق إليه في كتابي “إنتاجية بلا توتر” (Stress-Free Productivity)، إلا أنه ومنذ ذلك الوقت أصبح أحد تكتيكاتي المفضلة. وعندما يُطبّق على المماطلة، فإنه يشمل التفكير فيما يجب عليكم فعله لكي تجعلوا مهمتكم صعبة إلى حد الاستحالة أو في شيء ترغبون بتحاشيه حقاً. بعد أن تصبح هذه الإجابات لديكم، يمكنكم وقتها أن تطرحوا الحالات المعاكسة لها، وهذا الشيء سيجعلكم تشعرون بقيود أقل.

على سبيل المثال، قد تبدو مهمّة معيّنة غير قابلة للتحقيق إذا تخيّلت أنني يجب أن أنجزها بطريقة مثالية من المرة الأولى أو أن أنجزها بذات الطريقة التي أنجزتها بها زميلة أنا معجبة بها. الوجه الآخر لذلك هو أن المهمة ستبدو أسهل إذا قبلت أن أخطاء وأشياء غير مثالية ستحصل، وإذا ما حاولت التعامل معها بطريقتي الخاصة معتمدة على نقاط قوّتي.

ثمة تقنية أخرى سريعة لإعادة التأطير وتتمثل في أن تفكروا بجميع أوجه التشابه بين مهمة تعملون على تأجيلها ومهمّة تستطيعون إنجازها بسهولة وعلى أكمل وجه. على سبيل المثال، أنا أشعر بقدر لا يصدق من عدم الارتياح عند كتابة المدونات وليس عند كتابة الخطابات. بيد أن كليهما ينطويان على إيصال بعض النقاط إلى الآخرين بسرعة، والكتابة بلغة حوارية، ورواية القصص، ومنح كل واحد من أفراد الجمهور الشعور بأنه معني بالكلام المكتوب. وتتمثل النقطة الأساسية هنا في تحديد العناصر المتوازية بشكل دقيق كما فعلت أنا.

تعلّموا كيف تقبلون عملاً مفعماً بالاحتكاكات. عادة ما يكون إنجاز المهام المألوفة المثمرة سلساً نوعاً ما، وبالتالي فإنها قد تعطي شعوراً أكبر بالرضا مقارنة بالمهام المستجدة التي تُعتبر أصعب لكنها تنطوي على قيمة محتملة أكبر. وهذا هو السبب الذي يدفعنا غالباً إلى شطب المهام الصغيرة الموجودة على قوائم المهام الواجب علينا إنجازها عوضاً عن العمل على المشاريع التي ستترك أثراً أكبر.

لا تخطئوا في المساواة بين العمل الخالي من أي احتكاك والإنتاجية. فالفِرَق المتنوعة، على سبيل المثال، غالباً ما تولّد أفكاراً أفضل لكنها تشهد قدراً أكبر من التوتر. وغالباً ما يتضمن العمل المستجد الكثير من الاحتكاك، وهذا الشيء بطبيعته يبطئ التقدم المحرز ويمكن أن يتسبب بالتوتر. تقود هذه الحالة إلى خطأ ذهني شائع يُدعى “المنطق العاطفي”، الذي يتجلى عندما تبالغون في استقراء الأحداث بناء على شعوركم. فعندما تشعرون بالتوتر والتحدي، على سبيل المثال، فإنكم قد تخلصون إلى أنكم تسيرون في الاتجاه الخاطئ أو أنكم لا تُحرِزون ما يكفي من التقدم. لذلك من المهم أن تفهموا هذه الظاهرة وأن تنتبهوا إليها عندما تحصل لكم. فإدراك الإدراك، أي وعيكم بعملية التفكير التي تدور في رؤوسكم، يمكن أن يساعدكم على مواجهة الأخطاء الذهنية.

تذكّروا أنكم إذا سعيتم إلى إنجاز عمل معيّن وتعاملتم معه بأكبر قدر ممكن من الاستراتيجية، فإنكم ستحرزون تقدماً، حتى لو كان شعوركم يشير إلى خلاف ذلك. وكلما زادت درجة تحمّلكم للعمل المليء بالاحتكاكات، ستكونون أقل ميلاً إلى المماطلة. التزموا بإنجاز المهمة التي تنطوي على أكبر قدر من الإمكانيات المستقبلية لفترة معيّنة كل يوم، حتى لو كانت تثير لديكم مشاعر وأفكاراً صاخبة وعاصفة.

ألزموا أنفسكم بالعمل لفترات قصيرة. عندما تكون لدينا مهمّة هامة أو كنا نؤجلها، فإننا غالباً ما نظن أننا بحاجة إلى جلسات عمل ماراثونية لإنجازها. وفي معظم الحالات، ينبع هذا التفكير من انتقادنا لذواتنا بسبب شعورنا بالذنب جرّاء الإنتاجية التي خسرناها. لكن احتمال التقدم بصعوبة في إنجاز مهمة محفوفة بالتحديات طوال اليوم يؤدي عادة إلى المزيد من المماطلة.

في هذه الحالة، بوسعكم اتّباع واحدة من استراتيجيتين: (1) خططوا للعمل على أي شيء تتجنبونه لمدة 10 دقائق اليوم، ومتابعة العمل عليه مجدداً غداً. فإنجاز القليل اليوم سيساعدكم على تجاوز العقبة العاطفية المرتبطة بالانطلاق. (2) خططوا للعمل عليه لمدة 90 دقيقة اليوم لا أكثر. فإذا ما كنتم قد وضعتكم أنفسكم في حالة مشروطة معقولة لإنجاز العمل العميق، فستكونون على الأرجح قادرين على إجبار أنفسكم على فعل أي شيء خلال تلك الفترة الزمنية. هذا هدف معقول. وبوسعكم تكييف هذا المبدأ أيضاً. فعلى سبيل المثال، بوسعكم تجريب استراتيجية من قبيل إضافة 10 دقائق إضافية كل يوم عمل إلى الوقت الذي تمضونه على المهمة حتى تصل المدة الإجمالية إلى ساعتين كاملتين. الأمر يشبه التدرب على خوض سباق تحمّل.

في أي مقالة تندرج ضمن فئة مساعدة الذات، من المهم الاعتراف بحدود النصيحة المقدمة. فإذا ما كانت هناك مشكلة نفسية متواصلة مثل الاكتئاب أو القلق تُسْهِم في دفعكم إلى المماطلة، فساعتها أنتم بحاجة إلى الحصول على علاج مسند بالبراهين، وفي الحالة المثالية لابد من أن يكون هذا العلاج بإشراف اختصاصي، وليس أن تعالجوا أنفسكم بأنفسكم. وعندما يتحسن مزاجكم، وتخفّ حالة القلق لديكم، ستكونون أقل عرضة للشعور بالإرهاق والجمود.

وإليكم نقطة إضافية لا بد منها. فرغم أنني قد قسّمت أسباب المماطلة إلى ثلاث فئات هنا، إلا أنها متداخلة. فسلوككم (عاداتكم وأنظمتكم)، وعواطفكم، وأفكاركم كلها مترابطة. لذلك بغضّ النظر عن السبب الأساسي الكامن وراء ميلكم إلى تأجيل مهام محددة، إلا أن أياً من هذه الاستراتيجيات الموصوفة هنا يجب أن يساعدكم على أن تتصدوا باتّساق أكبر لإنجاز العمل الذين تجدون صعوبة في تجميع طاقتكم أو تركيزكم لاستكماله. انظروا إلى هذه الاستراتيجيات المطروحة بوصفها قائمة من الخيارات لمواجهة المماطلة، وجرّبوا هذه الخيارات المتعددة، واعثروا على الخيار الأنسب لكم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .