هل تتناول المشاكل مع زملائك، وشركائك، وزبائنك بطريقة مباشرة؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت غالباً من الثقافات التي تنتمي إلى أوروبا الغربية أو أميركا الشمالية، وفقاً لأبحاثنا، ما يجعلك عرضة لنقاط عمياء عند النقاش مع الثقافات المختلفة حول العالم. وإذا كنت تنتمي إلى ثقافة شرق آسيوية، فإن التلميحات الغامضة التي تعتمد عليها لتشير إلى رفضك ستمر دون لفت انتباه الغربيين.
كيف تختلف طريقة حل المشكلات في مكان العمل بين الثقافات حول العالم؟
في معظم أنحاء العالم الغربي، يُعتبر الحديث عن موضوع ما بطريقة التفافية ومداورة أمراً معيباً ومغضباً، أما بالنسبة لشعوب شرق آسيا، فهم يميلون إلى اعتبار المواجهة المباشرة غير ضرورية وإشارة إلى الجهل. يرقى هذا الفرق إلى مستوى الشرخ الثقافي المحبط في كيفية حل الناس لمشاكلهم في مكان العمل، وكيفية النقاش مع أفراد من ثقافات متنوعة.
يفضل الغربيون عرض القضايا علناً، إذ يطرحون المشكلة وكيف يرغبون في حلها. ولا يتوقع الناس أن تؤخذ نقاشاتهم المنطقية على محمل شخصي. وغالباً، يصفون المشاكل بأنها خرق للحقوق ويحمل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية حلها. عملياً، هم يعتبرون هذا السلوك "احترافياً". ومع ذلك، تعتبر هذه المقاربة ذاتها مقاربة بغيضة في أنحاء شرق آسيا، حيث الميل المهيمن هو للعمل في الكواليس وعبر طرف ثالث لحل النزاعات، مع الحفاظ على الانسجام والعلاقات طوال الوقت، وعندما لا يوجد طرف ثالث يتدخل، فإن المقاربة الاحترافية تعتمد على لفت الانتباه بطريقة غير مباشرة إلى المخاوف عبر القصص أو التشبيهات المجازية، مع إلقاء الكرة في ملعب الطرف الآخر للاعتراف بالمشاكل وتقرير كيفية التجاوب.
تحاشي سكان شرق آسيا للمواجهة المباشرة يجعلهم يبدون في نظر الغربيين كأنهم غير متجاوبين، ومنفعلين وعدائيين أيضاً. وفي الوقت نفسه، قد يظهر الغربيون الذين يواجهون الأمر مباشرة في نظر سكان شرق آسيا على أنهم يخرقون التراتبية الاجتماعية التقليدية. ولا أحد من الطرفين يعترف بتخريبه غير المتعمد للعلاقة التجارية. فما نتيجة كل ذلك؟ يتصاعد الخلاف الذي كان يمكن حله ويتحول إلى نزاع كبير يخسر كل المنخرطين فيه، ما يقود إلى تهاوي الصفقات والعلاقات التجارية الراسخة منذ أمد بعيد.
يطور المدراء العالميون القدرة على التحول من أسلوب في المواجهة إلى آخر، بحسب ما تقتضي الحالة. فإذا كنت تتمتع بخبرة محدودة في إدارة النزاعات خارج أطرك الثقافية المريحة، إليك بعض المقترحات لتتعلم كيفية النقاش مع أفراد من مختلف الثقافات:
إذا كنت مطلعاً تماماً على الثقافة الغربية:
• أقرأ ما بين السطور. فإذا ما وجدت نفسك فجأة تصغي إلى قصة أو تشبيه مجازي، فهذه إشارة يجب التقاطها. اطرح على نفسك السؤال التالي: لماذا هذه القصة؟ لماذا هذا التشبيه المجازي؟ إذا كنت مرتبكاً من هذا الوضع، بوسعك الجواب على النحو التالي: "قصة ملفتة. لماذا تعتقد أن الشخص في هذه القصة لجأ إلى هذا التصرف؟ ما الذي كان يتوقع من الآخرين فعله؟".
• اقترح حلاً مؤقتاً أو مشروع حل. عبر عن ذلك بصيغة سؤال، وليس على شكل مُسلّمة. استمع إلى الإجابات التي قد تكون على الشاكلة التالية: "قد يكون ذلك صعباً" أو "نعم"، التي لا تدل على التزام، وقد تعني فعلياً "لا"، وهي بذلك تشير بالتأكيد إلى انتهاجك لمقاربة غير مثالية.
• لا تنزعج من تدخل طرف ثالث. يجب أن تعرف أن عدم مواجهة زميلك الشرق آسيوي لك بصورة مباشرة هو دلالة على احترامه لك، حتى عندما يختلف معك على مقاربتك.
إذا كنت مطلعاً تماماً على الثقافة الشرقية:
• جهز نفسك لمواجهة السلوك المباشر. فعندما يتحدى نظيرك الغربي افتراضاتك أو يطلب منك تحمل المسؤولية، فهو على الأغلب لا يشن هجوماً شخصياً عليك. وستقلل من احتمال خسارتك لماء وجهك من خلال الترتيب للقاء خاص لمناقشة القضايا.
• اطرح أسئلة استفسارية لاحقة لاختبار مدى فهمك للأمور. ما يبدو واضحاً لك قد يفوت شخصاً مطلعاً على أسلوب التواصل الغربي – حتى لو كنت تحادثه بلغته.
• تأكد أن نظيرك قد يُفاجأ وربما يشعر بالإهانة إذا عبرت عن مخاوفك عبر طرف ثالث عوضاً عن التعبير عنها مباشرة.
بالطبع، لا يتعين عليك تقديم كل التنازلات لوحدك، ولكن عليك تقديم بعض التنازلات إذا كنت تريد حل المشاكل الناجمة عن الاختلافات الثقافية وليس خلق هذا النوع من المشاكل، وبهذا ستتمكن من النقاش مع الثقافات الأخرى على اختلافها.