كيف تتعرف على أقوى قصصك وترويها؟

3 دقائق

عندما أسأل المدراء عن الخطاب المفضل لديهم، أجد خطاب ستيف جوبز الرسمي في حفل تخرج جامعة "ستانفورد" دائماً على رأس القائمة. إذ يفضل الكثيرون خطاب جوبز هذا لأنه مثير للحماسة بصورة كبيرة بفضل القصص التي يحتويها.

يحب المدراء الاستماع إلى خطابات كهذه، ولكن القليل منهم يستطيعون إلقاءها. لماذا؟ لأن القصص العظيمة تكشف عيوبنا وصراعاتنا، وهذا ما يجعلها ملهمة. وعدم مشاركتها ما هو إلا تفويت فرصة لجذب مستمعيك والتواصل معهم.

عندما نعمل على مساعدة المدراء من زبائن شركتي على صياغة الخطابات المقنعة التي تحقق التواصل مع المستمعين، نضطر غالباً لمساعدتهم على تذكر قصص كامنة أو نبشها من أعماق قناعاتهم الشخصية. واستخدمنا على مدى أعوام تقنيات فعالة لاستخراج هذه القصص الشخصية، ليقوموا بعد ذلك بفهرستها وإضافتها إلى الخطابات والقيام بإلقائها بفعالية. إليكم بعض التقنيات التي نعتمد عليها على الدوام:

إثارة القصص عن طريق استعادة الذكريات

يحاول معظم الناس استعادة الذكريات بتسلسلها الزمني عند صياغة قصة ضمن خطاب، إلا أن هناك طريقة أخرى للتعمق فيها أكثر، والوصول إلى القصص النائمة.

اجلس مع مفكرة وفكّر بالأسماء المهمة لك، الأشخاص والأماكن والأشياء التي شكلت حياتك. وأعني ذلك حرفياً، اجلس مع مفكرة وأوراق، إذ تبين الدراسات أن إبداعك عندما تكتب على الورق أكبر منه عندما تكتب على الأجهزة الذكية.

  • الأشخاص. اكتب اسمك في منتصف الورقة وارسم أنواع العلاقات: العائلة والأصدقاء وزملاء العمل وما إلى ذلك. وكل مرة ترسم فيها خطّ وصل بينك وبين شخص آخر فكر بديناميات وعواطف العلاقة، فالقصة موجودة فيها.
  • الأماكن. كن محدداً قدر الإمكان عندما تتذكر الأماكن التي تهمك: المدرسة الثانوية، الممرات، المقصورة في المخيم، ملعب كرة القدم، الجبل، مكتب طبيب العيون، السيارة الحمراء، مهما كان. استخدم الذاكرة المكانية للتحرك في كل موقع وحي وغرفة. إذ إن إعادة تتبع حركاتك ستثير مشاهد وأصوات وروائح، وستزيح ذكريات لتكشف عن أحداث ومواقف منسية منذ زمن طويل.
  • الأشياء. سجّل الأشياء التي لها معنى رمزي في حياتك: الهدايا والمكافآت والكتب، أو أي شيء أحببته. ارسم صوراً لهذه الرموز وتذكر ما يجعلها مشحونة عاطفياً. هذه الأشياء ليست ذات قيمة للآخرين ولكنها ذات قيمة بالنسبة لك أنت، لكن لماذا؟

عندما تنتهي من هذا التمرين انظر إلى نوى القصص التي استخرجتها ولخّص كلاً منها بجملة واحدة. قد تكون بعض هذه القصص شخصية جداً ولا يمكنك مشاركتها مع الآخرين، إلا أنه يمكنك أن تكشف عن بعض الحكايات التي ستشكل أساس قصة مهمة يمكن أن ترويها مرة بعد مرة.

حاول إنشاء فهرس قصص

كي تتمكن من استخدام القصص في أنواع مختلفة من المواقف، خذ قائمتك وأنشئ فهرساً خاصاً بقصصك الشخصية لترجع إليه عند اللزوم.

أنشئ هذه القائمة ورتبها بحسب طريقة عملك. يمكن أن يكون هذا الفهرس على صورة دفتر مذكرات أو جدول مرفق بملخصات. يمكنك تصنيف القصص بحسب المواقف أو المواضيع أو الشعور أو القيمة الأخلاقية. اختر التصنيف الذي يناسبك.

يختار الكثيرون أكثر جزء مؤثر من فهرس قصصهم عند مواجهة الموت، كما فعل ستيف جوبز. اجمع القصص المهمة في حياتك الآن بدلاً من الانتظار حتى تصبح مرغماً على ذلك، ورتبها في فهرس. يمكن أن تساعدك سهولة الوصول إلى هذه القصص من دون أزمة مرافقة لها على الاستمتاع بحياتك أكثر والتأثير على الآخرين أكثر.

اختر قصصاً مع أخذ جمهورك بالحسبان

تذكر من سيستمع إلى خطابك عند اختيار قصة من أجله. ستكون بعض القصص مضحكة جداً وستثير موجة ضحك كبيرة بين الجمهور، بينما تكون قصص أخرى مؤثرة وستجعل عيون الجمهور تفيض بالدموع أو ستثير فيهم أملاً عميقاً. كما ستثير القصص ذاتها ردات فعل مختلفة لدى أشخاص مختلفين، فالقصة التي تذهل شخصاً ما قد تثير غضب شخص آخر.

عندما تبحث في مخزون قصصك عن القصة المناسبة لخطابك، خذ بعين الاعتبار من هو جمهورك وما الذي يهمه. وفكر بقيمه وأهدافه واهتماماته بحذر، ثم حدد القصة التي تناسبه أكثر.

على سبيل المثال، عندما ألقي خطاباً أمام جمهور من النساء، أتحدث عن قصص شخصية وبصورة طبيعية أكثر من خلال طرح قصص عن طفولتي، حيث كانت الاحتمالات كلها ضدي، وهذا يشجع النساء على مجابهة الصعوبات بإصرار أكبر. ولكنني لا أطرح نفس القصص عندما ألقي خطاباً أمام جمهور من الرجال الجديين، فالرجال سيعتبرون هذه القصص طريقة لاستجداء التعاطف.

عندما أسافر إلى بلدان آسيوية أطرح قصصاً عن الفشل. إذ تختلف بنية القصص الشرقية، التي تكون أغلبها تحذيرية يواجه البطل فيها الفشل ويتعلم المستمع من أخطائه، عن الغربية التي ينتصر البطل في معظمها على الصعاب.

تعرّف على كيفية ضغط السوق على أذهان مستمعيك. ابحث عما يجري في قطاعاتهم وجد مدوناتهم وآخر أخبار مؤسساتهم وقصصها. اكتشف الأمر الذي يحتاجون التغلب عليه.

في المرة القادمة التي يتوجب عليك فيها إلقاء خطاب، سل نفسك عن سبب أنك مؤهل بصورة فريدة لإرشاد الجمهور. تعرّف على قصص مررت بها عندما عشت رحلتهم ذاتها وواجهت عقبات مشابهة أدت إلى تغييرك عند خروجك منها، واستجمع قواك لتحكيها.

إن طرح قصص شخصية من موضع إقناع هو أقوى وسيلة تواصل تملكها. هذا ما يفعله أقوى المتحدثين وأكثرهم شعبية. فهم يخاطرون بالكشف عن نقاط ضعفهم بشفافية لكي يتمكنوا من إرشاد أشخاص في محطات ذات احتياجات وعقبات متماثلة وتوجيههم. فهم يتواصلون مع الجمهور ويذكروننا بأننا جميعنا بشر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي