كيف تتصرف تجاه التحيّزات في العمل؟

3 دقائق

يذكر العديد من الأشخاص أنهم تعرضوا في وقت ما، لسلوك معين في مكان العمل جعلهم يشعرون، هم أو غيرهم، بعدم الارتياح. هل تتذكر شخصاً ما في أحد الاجتماعات أستهزأ بمجموعة أخرى من الأشخاص، مثيراً ضحك جميع من في الغرفة؟ أو هل سبق لك العمل مع فريق بدى فيه أن الرجال يحصلون على مشاريع أفضل بالرغم من أن زميلاتهم كن على قدم المساواة أو حتى أكثر ملاءمة للعمل؟

والسؤال الأهم: هل عبّرت عن انزعاجك من هذا التصرف؟

لا شك في أن الاعتراض على مثل هذه المواقف أمر صعب. فقد يُلحق الشخص الذي يُثير الأمر الضرر بعلاقته مع الشخص الذي صدرت عنه هذه التعليقات أو الذي يوزع مهام العمل، ما يؤثر سلباً في فرص المعترض المهنية. وينطبق هذا على وجه الخصوص عندما لا يمكن وصف تلك التعليقات أو السلوك بأنها مخالفة للقانون أو القواعد المرعية. يتطلب الأمر التحلي بالشجاعة لتكون هذا الشخص، وربما الوحيد، الذي يصف السلوك بأنه مُخل ببيئة العمل المنتجة.

إذاً ما الذي يدفعك للمجازفة؟ لماذا لا تتجاهل ببساطة هذا السلوك، وبخاصة إن لم تكن أنت المستهدف؟ أولاً، يعطي عدم الاعتراف والتصدي للتحيز أو السلوك المهين الضوء الأخضر لمثل هذا التصرف ويخلق انطباعاً بأنه سلوك مقبول، بل ومتوقع في مكان العمل. علاوة على ذلك، يُعتبر من تأثير التعامل مع التصرف المهين بهذا النمط غير الملحوظ على أنه اعتيادي إخافة المعارضين المحتملين الآخرين، ويُوجه لمن يشعرون بالمهانة، بغض النظر عما إذا كانوا مُستهدفين بهذا السلوك، رسالة مفادها أن وجهات نظرهم لا قيمة لها. لذلك، تذكّر أن ضحك الأشخاص على نكتة مُهينة لا يعني أنهم يوافقون عليها، أو أنهم لم يشعروا بالإهانة. ربما يضحكون لإخفاء شعورهم بعدم الارتياح أو لمجاراة المجموعة. وفي مثل هذه البيئة، يجد الموظفون الذين يرغبون بالاعتراض، (إلا أنهم يخشون التكلم)، صعوبة في التفاعل الكامل مع زملائهم في العمل وقادتهم ويصبحون أقل إنتاجية.

خلاصة القول، إن أنماط السلوك المتحيّز والمهين الذي يتم تصويبه في مكان العمل، تفسح المجال أمام إمكانية إضعاف مشاركة الموظفين بالكامل وتضر بفاعلية الشركة أو المؤسسة.

بالنظر إلى المخاطر والتحديات، كيف يمكن لفت الانتباه إلى التحيز أو الإهانة دون وضع الشخص الآخر في موقف دفاعي؟ ما هي بعض الطرق التي من المحتمل أن تقلل بها من العواقب السلبية غير المقصودة؟ لا توجد إجابة أو طريقة واحدة تنجح مع الجميع وفي كل موقف. ومع ذلك، تمتلك القدرة على أن تقرر كيف ومتى ولمن تعبّر عن قلقك من الأمر بطرق ستشجع التغيير الإيجابي في بيئتك.

اختر بعناية من تتحدث إليهم

في بعض الأحيان لا يكون الشخص الذي تعتبره المسيء هو من عليك التوجه إليه للتعبير عن مخاوفك. إذا كان الشخص الذي ألقى الدعابة غير المهذبة أو المهينة من زملائك أو مرؤوسيك، فمن الأفضل أن تعالج المشكلة معهم مباشرة ولكن باحترام وبتكتم. ومع ذلك، في حال كان هناك شخص يوزع المهام بطريقة متحيزة، أو في حال كان الشخص أعلى منك مرتبة أو يملك نفوذاً أكبر من نفوذك، يكون من الحكمة إيجاد حليف موثوق به في مؤسستك، شخص يمكنه أن يقدم لك الدعم، أو مساعدتك في تحديد الشخص المناسب للتحدث معه بالأمر، أو ربما مفاتحته بالأمر نيابة عنك.

حافظ على هدوئك

سواء كنت تناقش الأمر مباشرة مع الشخص الذي بدر منه سلوك مهين أو تشارك الوضع مع حليف، من المهم أن تحافظ على هدوئك. فمن الطبيعي أن ينفعل الشخص الذي لاحظ أو تم استهدافه بتحيز أو بسلوك مسيء من الموقف. ولكن، قد يحول رد الفعل الانفعالي على الموقف الصعب في بعض الأحيان محور النقاش من السلوك الإشكالي إلى رد فعل شخص آخر على هذا السلوك، ما يعيق قدرته على معالجة السلوك وتصويبه. يستحق الأمر أن تخطو خطوة للخلف، وتسيطر على انفعالاتك، وتأخذ الوقت الكافي للتخطيط لما تريد إيصاله لضمان أن طريقة تمرير رسالتك لا تقوّض محتواها.

أوجد فرصة للحوار

لا يتطلب الأمر أن تكون مستفزاً أو اتهامياً لتعرب عن قلقك حيال سلوك تمييزي أو مُهين. ففي جوهره، ينم التحيز واللغة والسلوك المهين عن قلة احترام. وإذا كان الهدف هو خلق ديناميكية مختلفة، فمن غير المجدي مهاجمة وازدراء وعدم احترام الشخص الذي يتفوه أو يتصرف بطريقة مهينة. وتكمن الطريقة الأمثل في أن يكون سلوكك مثالاً لما تدافع عنه. على سبيل المثال، بدلاً من نعت أحدهم بأنه متحيز ضد المرأة لتكليفه الرجال في الفريق بالمهام المميزة، يمكنك ترشيح إحدى زميلاتك المؤهلات التي من شأنها تعزيز الفريق. وإذا ما شكك المشرف في مؤهلات أو استعداد زميلتك، فوضح كيف أن مشاركتها في الفريق ستسهم في تنمية مهاراتها، واقترح إرشادها. أما بالنسبة للزميل الذي يلقي نكات غير مهذبة، إذا ما قررت التحدث معه/معها مباشرة، فقد ترغب في إخباره على انفراد أن تعليقاته تزعجك وتقترح عليه التوقف عن استخدام هذه اللغة. فإذا ما سألك عن سبب انزعاجك، يمكنك إخباره باعتقادك أنه من غير المناسب له إلقاء النكات على حساب مجموعات أُخرى، وتبين أن سلوكه مهين ويشتت الانتباه.

كن مستعداً للاستماع إلى وجهة نظر الطرف الآخر (على سبيل المثال، كانت مجرد مزحة، أو أنت حساس جداً، أو الكلمات لا تؤذي أحد) حتى لو كنت لا تتفق معه/معها. يُعتبر الاستماع لوجهات نظر الآخرين أمراً أساسياً لتهيئة بيئة تُسمع فيها جميع الآراء وتُؤخذ في الاعتبار.

يتطلب الأمر شجاعة لمواجهة التحيز واللغة والسلوك المهينين في مكان العمل. يمكن أن يضع ذلك العلاقات والفرص الوظيفية على المحك. ولكن ألا يستحق الأمر المخاطرة من أجل تحقيق المشاركة الكاملة للموظفين والفعالية في أداء الشركة أو المؤسسة؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي