هل تعتقد أنك ثرثار؟ استخدم قاعدة إشارة المرور لضبط حديثك

3 دقائق
shutterstock.com/bgpsh

ربما سمعت القول "الحب يعمي العين عن أخطاء شريك الحياة"، والأمر مماثل بالنسبة للكلام الكثير، فهو يعمي العين ويصم الأذن أيضاً؛ بمجرد أن تبدأ الاسترسال في الحديث لن تلاحظ أن الطرف الآخر لم يعد مهتماً به، وقد لا تدرك حتى أنه يتحين الفرصة لقول شيء ما أو يحاول بلباقة الإشارة إلى ضرورة إنهاء المحادثة لأنه مضطر إلى المغادرة (ربما يفضل أن يكون في أي مكان آخر إذا كان ما تتحدث به مملاً جداً).

هناك 3 مراحل للتحدث مع الآخرين: في المرحلة الأولى، يركز المتحدث على الموضوع المطروح ويكون حديثه وثيق الصلة وموجزاً، ولكن بعد ذلك يكتشف دون وعي أنه يشعر بالارتياح أكثر كلما تحدث أكثر، وقد يجد أن مشاركة أفكاره ومشاعره ممتعة وتخفف من توتره، ولكن الحال قد لا يكون كذلك بالنسبة للمتلقي. بعبارة أخرى، ستشعر في المرحلة الثانية أن الاستمرار في التحدث مفيد جداً، لكنك لن تلاحظ أن الطرف الآخر لا يستمع أو فقد الاهتمام.

ستصل إلى المرحلة الثالثة بعد أن تبتعد عما كنت تتحدث عنه في الأصل وتدرك أن عليك إشراك الطرف الآخر في المحادثة من جديد. إذا شعرت خلال هذه المرحلة أن المحادثة باتت أشبه بحديث من طرف واحد فقط وأن الشخص الآخر بدأ يشعر بالضيق، فخمن ماذا سيحدث بعد ذلك؟

لسوء الحظ، بدلاً من محاولة إعادة إشراك ضحيتك البريئة في الحديث والسماح لها بالتكلم والاستماع إليها، تميل دون وعي عادة إلى التحدث أكثر محاولاً استعادة اهتمامها.

لماذا يحدث ذلك؟ أحد الأسباب البسيطة هو أن جميع البشر لديهم رغبة طبيعية في أن يستمع الآخرون إليهم ويفهموهم. والسبب الآخر هو أن التحدث عن أنفسنا يفرز هرمون الدوبامين الذي يرتبط بالمتعة والمكافأة، وأحد الأسباب التي تدفع الناس في الواقع إلى مواصلة الثرثرة هو أنهم أصبحوا مدمنين على شعور المتعة هذا.

لم يمض وقت طويل على صدور كتابي "استمع فقط" (Just Listen) حتى بدأت أيضاً بالتحدث كثيراً وتجاهل العلامات التي تشير إلى أنني بدأت في إزعاج صديقي وزميلي المدرب المهني، مارتي نيمكو، الذي يعمل مضيفاً لبرنامج إذاعي حول العمل في محطة كيه أيه إل دبليو (KALW) في سان فرانسيسكو والتابعة للإذاعة الوطنية العامة، إن بي آر (NPR). لقد درّب أحدنا الآخر لبعض الوقت، ولأجل المفارقة أصاب وتراً حساساً لدي عندما قال لي: "مارك، كي تكون خبيراً في الاستماع، يجب عليك التحدث أقل والاستماع أكثر".

بعد أن استعدت رباطة جأشي وتجاوزت مشاعر الإحراج، ذكّرني باستراتيجية مفيدة كنت أستخدمها، وقال لي إنها تساعده وقد تساعدني أيضاً؛ يدعوها قاعدة إشارات المرور، ويقول إنها تكون فعالة أكثر عند التحدث إلى معظم الناس، لا سيما الأشخاص الذين يتميزون بقلة الصبر.

في أول 20 ثانية من الحديث، يكون ضوء الإشارة أخضر، ما يعني أن المستمع يتقبل ما تقوله طالما أنه وثيق الصلة بالمحادثة ويأمل أن يجد الفائدة فيه. ولكن ما لم تكن راوياً بارعاً، إذا واصلت الحديث لأكثر من نصف دقيقة تقريباً في كل مرة فستصبح مملاً وغالباً ما يُنظر إليك على أنك شخص ثرثار، وبالتالي يتحول الضوء الأخضر إلى الأصفر خلال العشرين ثانية التالية، ويزداد احتمال أن يبدأ الطرف الآخر في فقدان الاهتمام أو يعتقد أنك ثرثار وممل. يتحول الضوء إلى اللون الأحمر بعد 40 ثانية؛ في حين أن هناك حالات عرضية يكون من المناسب فيها مواصلة الحديث بعد هذه النقطة، فمن المستحسن عموماً التوقف عن التحدث لتجنب فقدان اهتمام المستمع.

يقول نيمكو إن اتباع قاعدة إشارات المرور ليس سوى الخطوة الأولى في منع نفسك من التحدث كثيراً، من المهم أيضاً تحديد الدافع الأساسي للتحدث بإسهاب؛ هل تواصل التحدث لأنك تشعر بالراحة وتريد التخلص من مشاعرك المكبوتة؟ أم لتوضيح أفكارك؟ أو هل تتحدث لأنك غالباً ما تضطر إلى الاستماع إلى الآخرين، وعندما تتاح لك الفرصة للتحدث لا يسعك إلا أن تغتنمها؟

بغض النظر عن السبب، عادة ما يعطل الحديث المطول الحوار، وقد يؤدي إلى انخراط الطرفين في محادثة من طرف واحد بالتناوب، ويمكن لذلك أن يعوق تقدم المحادثة ويؤثر سلباً على تطور العلاقة.

أحد الأسباب التي تدفع البعض للحديث مطولاً هو محاولة إقناع نظرائهم في المحادثة بمدى ذكائهم، لأنهم غالباً لا يشعرون أنهم يظهرون كذلك أمامهم في الواقع. إذا كان هذا هو الحال بالنسبة لك، فمن المهم أن تدرك أن لمواصلة الحديث تأثير معاكس في الواقع ولن يؤدي إلا إلى تقليل إعجاب الشخص الآخر بك.

وفقاً لنيمكو، فإن بعض الأشخاص الذين يتحدثون كثيراً قد لا يكون لديهم بالطبع إحساس بمرور الوقت ببساطة، وفي هذه الحالة لا يكمن الحل في البحث داخلك لتوضيح حالتك النفسية، بل بتطوير إحساس داخلي أفضل بقاعدة الـ 20 و40 ثانية. لذلك ابدأ باستخدام ساعة لمراقبة مدة حديثك، على سبيل المثال، عندما تتحدث على الهاتف، وسيساعدك هذا التمرين على اعتياد التوقف عن الكلام عندما يكون الضوء أخضر أو أصفر على الأقل كما أوضحنا أعلاه.

من المهم أخيراً أن تضع في اعتبارك أنه حتى التحدث لمدة 20 ثانية يمكن أن يتحول إلى نقطة توقف إذا لم تشرك الطرف الآخر في المحادثة. لتجنب ذلك، اطرح الأسئلة وحاول بناء مناقشتك على ما يقوله الطرف الآخر وابحث عن طرق لإشراكه في المحادثة لتكوّن حواراً حقيقياً يستفيد منه كلا الطرفين بدلاً من أن تكون مجرد خطبة لاذعة.

حسناً، أعتقد أني أطلت الحديث وتجاوزت الـ 40 ثانية المخصصة لي، لذا سأتوقف هنا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي