كيف تتجنب توظيف الشخص غير المناسب؟

8 دقائق

يرى خبراء الموارد البشرية أنّ عملية توظيف شخص جديد ربما تكون مقلقة وتستغرق وقتاً طويلاً، وفي أحسن الأحول ربما تجد شخصاً مثالياً قادراً على أن يشغل المنصب ويبدأ العمل مباشرة ويزيد من إنتاجية فرق وأقسام الشركة ويخفف من عبء عملك. أما في أسوأ الأحول ربما تجد ذلك الشخص المثالي غير مناسب للوظيفة التي عين من أجلها، وبالتالي تقضي شهوراً لمواجهة اختيارك الخاطئ، وإيجاد بديل عنه. وفي كلتا الحالين يبدو الأمر وكأنك تجري استفتاء على عملية اتخاذك للقرار. وهنا يجدر بنا السؤال: كيف يمكنك التأكد من خبرتك في توظيف شخص ما أكثر من مسؤول التوظيف السابق أو القادم مستقبلاً؟ والجواب ببساطة: يمكنك تحسين فرصك من جانب الخبرة عبر الالتزام بعملية توظيف منتظمة ووضع خطوط عريضة لها.

ما الذي يقوله الخبراء؟

يرى الخبير الأرجنتيني كلاوديو فيرنانديز أراوز، كبير المستشارين في شركة إيجون زيندر الدولية (Egon Zehnder International) التي تعمل في مجال توظيف كبار المسؤولين التنفيذيين، ومؤلف كتابي "قرارات الأشخاص العظماء" (Great People Decisions) و"الدليل النهائي للتوظيف في الأوقات الجيدة والسيئة" (The Definitive Guide to Recruiting in Good Times and Bad)، أنّ قرارات التوظيف تجلب التوتر والضغط لسبب ما. ويقول فرنانديز: "يُعتبر توظيف أي شخص جديد عملية معقدة، ليس فقط للكيان الوظيفي فحسب، بل للشخص نفسه أيضاً". وبحسب الخبير الأرجنتيني، فإنّ الموظف الجديد ربما لن يلام حول اتخاذ المسؤول قرار تعيينه، إلا أنه سيتحمل العبء الأكبر إذ لم يكن مناسباً للمنصب الذي عيّن من أجله.

في حين ترى أديل لين، مؤسسة ومالكة مجموعة أديل لين للقيادة (Adele Lynn Leadership Group)، ومؤلفة كتاب "مقابلة الذكاء العاطفي"  (The EQ Interview)، أنّ عملية التوظيف الدقيقة يمكن أن تجنب الشركات معظم العثرات. وتقول لين: "تُعتبر الشركات التوظيف أكثر من فن اختيار الموظف الصحيح، أنه علمية بحد ذاتها، وفي أسوأ الأحوال يعتمدون على النية في اختيار الموظف الجديد".

الوقاية أفضل حل

يمكن الحد بشكل كبير من فرص اتخاذك لقرارات خاطئة بشأن توظيف شخص جديد، باتباع نهج واضح وثابت يتضمن معرفة الصفات التي تفضلها الشركة في الموظف مثل (التواضع وروح المبادرة)، وإجراء مقابلات عادلة ومنظمة تشرك فيها عدة أشخاص ضمن المؤسسة، بالإضافة إلى وضع نظام تصنيف موحد لتقييم المرشحين لشغل المنصب.

وهنا يمكننا القول بأنّ الحصول على الشخص المناسب يتطلب وقتاً وانضباطاً، وتحذر أديل لين من فخ الوقت بالقول: "في كثير من الأحيان عندما تكون الشركات في حاجة ماسة إلى شغل منصب، تلجأ في المقابلة إلى طرح أسئلة عامة على المرشح، مع بعض المعلومات حول طبيعة العمل". وبحسب لين، فإنّ الحاجة إلى شغل المنصب بالسرعة القصوى لا يعد سبباً جوهرياً لعدم الاهتمام بعملية التوظيف بالشكل الأمثل.

كن على علم بالكفاءات التي تبحث عنها

يرى فرنانديز أننا دوماً نميل إلى توظيف الأشخاص الذين يشبهوننا أو أولئك الذين يجعلوننا متكيفين مع العمل، إلا أنّ ذلك لا يعني بالضرورة الحصول على المرشح الأفضل. فعند اختيار الشخص المناسب نحتاج إلى أن نكون حذرين من ما يسميه فرنانديز بـ"المصائد النفسية اللاإرادية النموذجية" التي تؤدي بنا إلى اتخاذ قرارات تبدو خاطئة، كتقييم المؤهلات التي يتمتع بها الشخص بشكل مبالغ فيها، أو وضع أحكام مفاجئة.

وينصح عوضاً عن ذلك بأن نحدد الكفاءات والصفات التي نحتاجها ونرغبها في الموظف الجديد والمهارات التي يتطلبها المنصب، وطرح أسئلة مثل: هل الخبرة مؤثرة في الوظيفة؟ وما السلوكيات التي يتطلبها الشخص في دوره الوظيفي؟ على سبيل المثال: "هذا المنصب يتطلب 7 سنوات من الخبرة في مجال برمجة الحواسيب، بالإضافة إلى القدرة على العمل بشكل جماعي ضمن فريق العمل، وتحمل ضغط العمل في المشاريع".

وفي سياق متصل، يعتبر الكشف عن المهارات التي يتطلبها العمل أمراً هاماً، وهنا يمكن القول أنّ المدراء من ذوي الخبرة في التوظيف سيخبرونك أنه من الصعب تدريب الموظف الجديد على الأمور السلوكية أكثر من الأمور التقنية. يقول فرناندير بهذا الصدد: "معظم الموظفين الجدد يفشلون في مناصبهم لأنهم غير قادرين على تطوير جوانب العلاقات، سواء مع المدراء أو الزملاء أو الأشخاص الذين يعملون تحت إمرتهم". وترى لين أنّ مقابلة الموظف يجب أن تتضمن أسئلة ذات صلة بالجوانب السلوكية والتحفيزية، بالإضافة إلى أسئلة تعكس مدى تفاعله معها، وبذلك تقييم للجوانب التي يمتلكها الموظف كإنشاء العلاقات والذكاء العاطفي.

قد يكون السؤال كالآتي: (تحدث لي عن شجار حصل بينك وبين أحد زملائك وكيف تعاملت معه؟). وبحسب لين، فإنّ الهدف من هذا السؤال هو الكشف عن المهارات الحقيقية التي يمتلكها المرشح. ومن خلال إجابته "هل ألقى اللوم في الخطأ على زملائه أم تحمل المسؤولية"، يمكنك فهم كيف سيتصرف الشخص المرشح للوظيفة مستقبلاً.

دربه بحذر

عندما يبدو الموظف الجديد وكأنه يعاني، يمكن إلقاء اللوم في ذلك على عملية تدريبه ووضعة على المسار الصحيح، فعظم الشركات يضعون موظفيهم في طريق إما أن يفشلوا أو ينجحوا، وكنتيجة لذلك، أغلبهم يفشل. إلا أنه وبحسب فرنانديز، مع بعض من الدعم يمكن تقليل فرص الفشل وتسريع عملية التعلم والتدريب وزيادة مساهمات الموظف الجديد في منصبه. وبالتالي، فإنّ الطريقة الصحيحة في عملية التأهيل والتدريب من شأنها أن تساعدك في الحصول على فائدة مباشرة من موظفك الجديد، ووضعه على طريق النجاح.
وهنا يمكن القول أنّ أهم عنصر في هذا الجانب يكمن في وضع التوقعات المتعلقة بالعمل، وبحسب لين: "من المهم ربط توقعات الأداء والسلوك، خاصة للموظفين الشباب والذين يعملون في المجال المعرفي، والتي تتضمن مناصبهم استخدام المعلومات".

كيف نتصرف في حال تم تعيين الشخص الخاطئ؟

في بعض من الأحيان، وعلى الرغم من اتباعك لكل القواعد اللازمة، ينتهي الأمر بك إلى اختيار الشخص الخاطئ في المنصب، لذلك، عندما تشك في الأمر، تعامل بحذر، وحاول التأكد من رأيك بمساعدة زملائك، لكن لا تبدأ معهم بأسلوب مباشر بل حاول معرفة ما إذا كانوا يرون وضع الموظف الجديد كما تراه أنت. وبعد معرفة الخلل في الموظف الجديد، أسأل نفسك هل بإمكانك معالجة المشكلة التي يعاني منها بالتدريب؟

وبهذا الصدد تقول لين: "أحياناً يكون الشخص غير مناسب للوظيفة من ناحية التأثير لعدة أسباب، إلا أنّ بعض هذه الأسباب يمكن تصحيحها". وتضيف: "في حال لم يكن السبب خرقاً لقيم ومبادئ التدريب وسلوكيات وتوقعات الأداء يجب أن تكون الخطوة الأول التي تتبعها هي التصحيح بالتدريب". وينصح بإجراء تقييم مبكر للموظف الجديد ووضع خطة لتطويره في مجال التعامل مع المشاكل. وإذا شاهدت عدم تطوره في هذا الجانب، حاول إيجاد دور آخر أكثر ملائمة له ضمن الشركة أو المؤسسة.

وربما يكون فسخ عقد الموظف الخيار الوحيد الأخير الذي يمكن اللجوء إليه، في حال كانت المشكلة التي يعاني منها غير قابلة للتصحيح أو كنت غير راغب في إضاعة وقتك بتدريبه من دون فائدة أو إذا كان الخطأ أو السلوك الذي يعاني منه غير قابل للصفح. وبكل الأحول فإنّ هذا الإجراء يحب أن يكون آخر خيار تلجأ إليه. يقول فرنانديز: "باعتبارك مديراً للتوظيف، فإنّ مسؤولية توظيف الشخص تعتبر من مهامك، وبالتالي، أنت مشارك بشكل كبير في خطأ اختياره، لذلك لا يجب الاستغناء عن الشخص دون اعتبارات عقلانية دقيقة".

وفي حال حدث الأمر وتم فسخ عقد الموظف الجديد، أعد تقييم عملية التوظيف التي استخدمتها، وحاول إيجاد المشكلة التي وقعت فيها، وأدت إلى اتخاذك لهذا القرار، من أجل تجنبه في المستقبل.

مبادئ يجب تذكرها

افعل هذه الأمور:

- حدد الكفاءات التي يحتاجها المرشح المثالي.

- اسأل خلال المقابلة أسئلة حول ماضي ومستقبل سلوك الموظف الجديد وعن مشكلة حدثت معه للكشف عن الوجه الحقيقي للشخص.

- زود الموظف الجديد بتقييم مبكر حول أدائه في المنصب.

لا تفعل هذه الأمور:

- لا تعطي أولوية للمهارات التقنية على حساب المهارات المرتبطة بإنشاء العلاقات ضمن الشركة.

- لا تفترض أنك قمت بتوظيف الشخص غير المناسب من دون التحقق من ذلك عن طريق زملائك في العمل.

- لا تلجأ إلى الاستغناء عن الموظف من دون محاولة تدريبه لمعالجة الخطأ، أو نقله إلى منصب آخر ضمن الشركة.

دراسة حالة رقم 1: فائدة التمسك بالرأي

في كل مرة كان يُصبح عند روكسان بوند المديرة التنفيذية للموارد البشرية في شركة يو إس أيه أيه (USAA) للعقارات شاغر لوظيفة ما ضمن الشركة، تتعاون مع مدراء التوظيف لملء هذا الشاغر. إذ قامت مجموعة المدراء الذين يعملون معها بوضع وتطوير عملية توظيف معقدة وفعالة انطلقت من تحديد الكفاءات اللازمة لكل منصب. وتعد الشركة العقارية التي تعمل فيها شركة ذات تاريخ، وليس لها أخطاء كبيرة في توظيف الأشخاص، كما أنّ لديها ثقافة قوية وشاملة لمثل هذه الحالات. وبالرغم من ذلك، فإنّ شركتها مثلها مثل باقي شركات العقارات سريعة الخطى، والمسؤولون عن التوظيف فيها دائماً ما يشعرون أنهم في حالة مستعجلة لملء أي منصب جديد.

في العام الماضي إحدى المدراء، كانت من مسؤولياتها إيجاد شخص مناسب لشغل منصب مالي هام في الشركة يتمتع بمهارات تقنية وخبرة ليبدأ عمله على الفور. وبعد إجراء المقابلات وقع الاختيار على اثنين من المرشحين، هما سارة وأماندا، وتمتلك الاثنتان مهارات مالية، إلا أنّ سارة كانت لديها خبرة في إنهاء المهام التي يتطلبها المنصب. وبالمحصلة، فإنّ المديرة المسؤولة، كانت تميل إلى توظيف سارة على الرغم من وجود  بعض النقاط غير الواضحة عنها عند إجراء المقابلة معها. حيث أنه في سؤال عن الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي خلال المقابلة، تبين أنّ سارة كانت لديها حساسية تجاه الانتقادات الموجهة لها، وعندما تم سؤال أماندا نفس السؤال، توضح أنها تحملت المسؤولية عن دورها في الأخطاء، وكانت لديها مواقف إيجابية.

ناقشت روكسان الأمر مع المديرة المسؤولة، حول هل تُعتبر خبرة سارة أمراً يستحق المخاطرة لتوظيفها، وأمهلتها يوماً فقط للتفكير. وفي اليوم التالي قررت المديرة بالمشاركة مع روكسان اختيار أماندا، لأن الأخيرة أقرت أنه بإمكان تدريب سارة على تغيير سلوكها تجاه الأخطاء، لكن ذلك يمكن أن يستغرق وقتاً طويلاً، ومن الأفضل استغلال هذا الوقت لتدريب أماندا على مهارات تسريع إتمام المهام في منصبها. وكنتيجة لذلك، تبدو الآن روكسان فخورة بأنّ عملية التوظيف التي استخدمتها كانت متأنية وحذرة في اختيار المرشحة المناسبة. قالت روكسان بهذا الصدد: "لم نتخذ قراراً غير صائب في الشركة منذ سنوات، وهذا يعود للطريقة الوقائية التي نتبعها اثناء تنصيب أي موظف جديد".

دراسة حالة رقم 2: الخطأ البدائي يتحول إلى درس مفيد

قبل عدة أعوام، عينت جنيفر ديلوري كليبت في منصب المديرة التنفيذية لمؤسسة شبكة التضامن مع شعب غواتيمالا (سينغوا) (Network in Solidarity with the People of Guatemala). وكانت المؤسسة التي تهتم بحقوق الإنسان في غواتيمالا من خلال جولات المتحدثين والعمل التشريعي وتوزيع المنشورات على أعتاب التحول. وكانوا منصاري المؤسسة هم كبار السن وذوي البشرة البيضاء، وكانوا يشاركون في عملها من خلال مجموعات دينية. لذلك طلب مجلس الإدارة في المؤسسة من جنيفر بناء تحالفات جديدة، خصوصاً مع الشباب والسكان المهاجرين في عملية تحول كلاسيكية لتنويع المناصرين والداعمين.

أخذت جنيفر طلب التحول على محمل الجد، ومنذ البداية عندما كانت المؤسسة في حاجة لتعيين شخص بمنصب البرامج الجديدة، بحثت عن مرشح من السكان المهاجرين الذين كانت المؤسسة تحاول الوصول إليهم. وعند البحث لم تحدد جنيفر الكفاءات المطلوبة للوظيفة، إلا أنها كانت على علم بالشخص الذي تريده للمنصب. كانت جنيفر مسرورة جداً لأنها اعتقدت أنها وجدت شخصاً يبدو مناسباً لتوجه المؤسسة الجديد، إذ يمتاز بمهارات تقنية مناسبة للوظيفة.

بمجرد بدء الشخص عمله، أدركت جنيفر أنّ الموظف الجديد يمثل المستقبل، إلا أنّ المؤسسة لم تكن مقتنعة بالشخص، لأنها كانت تبحث عن مرشح يسد الفجوة بين الاستمرار في التواصل مع المناصرين والمؤيدين التقليديين وحضور فعاليات للتواصل مع آخرين من فئة الشباب والسكان المهاجرين، الأمر الذي يتطلب مهارات ثقافية لم يكن يمتلكها الموظف الذي عُين في المنصب.

وبعد شهر من عمل الموظف في منصبه، اعترفت جنيفر أنها ارتكبت خطأً، إذ أنه يعتبر ناشطاً أكثر من كونه مديراً يستطيع بناء علاقات مع مؤيدين جدد. ولحسن حظ جنيفر أنّ من قواعد المؤسسة وضع أي موظف جديد في فترة اختبار لمدة 90 يوماً قبل الاستمرار معه، لذلك راجعت جنيفر نفسها وأخذت برأي الاشخاص الذين يعملون معها، ووجدت أنها لم تكن الوحيدة التي كانت تؤيد أحقية الموظف الجديد بالمنصب. وعلى الفور ذهبت إليه ووضحت له الأمر، مع إعطائه خلفية عن المهارات التي يتطلبها المنصب، وتفهم الأخير قائلاً بأنه لن يطلب الاستمرار في العمل.

وعندما انتهت جنيفر من المشكلة، وبدأت بالبحث عن بديل للموظف، فهمت الدور الوظيفي جيداً، ووضعت على الفور قائمة بالكفاءات التي يتطلبها المنصب، ونشرت إعلاناً على الملأ بينت فيه (الوظيفة تتطلب شخصاً يتمتع بمهارات ثقافية دولية) كما وضعت في ورقة المقابلة أسئلة للكشف عن تلك المهارات، وتقول بهذا الصدد: "كنت أكثر جرأة في تحديد الكفاءات".

وكنتيجة للعملية التي اعتمدتها المؤسسة مؤخراً، عُينت موظفة مثالية للمنصب استمرت في عملها لعامين (استقالت من المنصب في ما بعد بسبب انتقال زوجها إلى العمل في مكان آخر)، وساعدت المؤسسة في توجهها وتحولها الجديد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي