كيف تتجنب المصافحة باليد؟

3 دقائق

سافرت الأسبوع الماضي لحضور مؤتمر في ولاية كنتاكي، وبعد أن قرأت جميع الإجراءات الوقائية للمسافرين مسحت مقعد الطائرة وطاولة الطعام المتحركة بعناية وكما ينبغي وابتعت مطهر يدين إضافي، ولكن ما إن وصلت إلى مقر المؤتمر في صباح اليوم التالي حتى وجدت نفسي في وضع محرج ومربك، فكثير ممن التقيتهم عرّفوني بأنفسهم وامتدت أيديهم بالمصافحة، وخوفاً من أسيء لأحدهم، صافحتهم في المرات الأولى القليلة (ثم توجهت مباشرة صوب مطهر اليدين)، ولم يمر الكثير من الوقت حتى تخليت عن حرجي لرفض المصافحة، رفضت بالقول حيناً وحيناً بأسلوب أكثر براعة، وبالنظر إلى سرعة تفشي "كوفيد-19" فأنا سعيد برفضي ذاك الأمر.

فكيف تنجو، إذاً، من المواقف المحرجة التي قد تتعرض لها خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة، عندما تلتقي أشخاصاً جدد أو تلتقي زملاء العمل أو عملاء لم تلقهم منذ فترة؟ إليك بعض النصائح التي يجب وضعها في الاعتبار:

تقبل حقيقة أن الأمر محرج.

على الرغم من أن تبادل التحية عادة ما يكون بإيماءات بسيطة، إلا أنها تحمل الكثير من المعاني، فعندما يبادر أحدهم لتحيتك وتقابله بالرفض، فأنت تخرق التقاليد الاجتماعية، وفقاً لوصف آندي مولينسكي، الأستاذ في "جامعة برانديز" (Brandeis University) ومؤلف كتاب "المهارة العالمية: كيف تُكيّف سلوكك مع الثقافات دون أن تفقد هويتك" (Global Dexterity: How to Adapt Your Behavior Across Cultures without Losing Yourself in the Process)، ويضيف: "إن التعدي على هذه التقاليد والأعراف قد يكون محرجاً لأن سلوكك يخالف العادة والأسلوب المتعارف عليهما للتعبير عن الترحيب الودود". كما أنه "رفض مقنّع" يثير الانزعاج وفقدان الإحساس بالأمان، وقد تقلق من ترك انطباع سيئ أو توجيه رسالة تفتقر إلى روح الود، وهو ما يزداد صعوبة في الثقافات التي تطبّق مبدأ فارق القوى وتلزم الأفراد بالنظر بعين الاحترام إلى الأشخاص ذوي المكانة الرفيعة وفق الطريقة التي يفضلون تحيتهم بها، وربما يؤدي هذا إلى الارتباك عند محاولة التعرف على التحية التي يحبذها كل شخص، هل ستكون ضربة القبضة؟ لمس المرفقين؟ القدمين؟ مجرد التلويح أم الانحناء؟ ومن يجب أن يتبع نهج الآخر.

بادر بتحديد ما ترتاح إليه.

قبل الذهاب إلى الاجتماعات أو تبادل التحية مع شخص تتعرف عليه للمرة الأولى، فكر فيما تود القيام به، فالتخطيط يمنحك الثقة وعلى الأرجح سيخفف من حدة الشعور بالحرج، وقد اعتدت في مؤتمر الأسبوع الماضي على إبقاء يدي في جيبي وممازحة زملائي مبتسماً: "أرى أنه يجدر بنا تجنب التصافح في الوقت الحالي". ساعدت هذه العبارة على إعادة صياغة ما قد يعتبره البعض نوعاً من الرفض وتحويله إلى اعتراف متبادل بالوضع الحالي، وبعد أن نفذت هذه الحيلة مرة واحدة، شعرت براحة أكبر في تكرارها طوال اليوم.

شاركت ماغي ستيج، المدربة رفيعة المستوى لدى شركة "ذا آرييل غروب" (The Ariel Group) المتخصصة في التدريب على القيادة والحضور الشخصي، درساً تعلمته من ورشات العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة مع الإماراتيين والوافدين، إذ كان البرنامج يتضمن تمرين المصافحة، فقالت: "لقد اكتشفنا الطرق التي تخبر بها المرأة الإماراتية الآخرين بأنها لا تصافح، وكانت إحدى أفضل الطرق وضع اليد اليمنى ببساطة على الصدر (كما في وضعية تحية العَلَم)، ويبدو أن هذه الوضعية تغني عن أي كلام".

أضاف مولينسكي أنه لاحظ أن الناس يقولون مرحباً على مسافة أبعد قليلاً ويلوحون سريعاً قبل إعادة أيديهم إلى جيوبهم، وقد جرب ذلك عدة مرات بنفسه ويقول إنها طريقة "للإشارة غير اللفظية إلى أننا سنتجاوز الطقوس المعتادة".

استخدم الفكاهة لتخفيف حدة الانزعاج.

بما أنك تخرق قاعدة سلوكية متعارفاً عليها، فمن المفيد أن تخفّف حدة الموقف. عندما كنت على متن الطائرة عائداً من المؤتمر، سحبت أنا والراكب الجالس بجواري مناديل التعقيم في الوقت نفسه بالضبط، واصطدم مرفقانا بالصدفة، فقال: "هكذا صرنا نحيي بعضنا اليوم"، وهو ما كان كافياً ليضحك كلانا ولنشعر بأننا في قارب واحد. وبالطبع لا يجوز أن تكون الدعابة على حساب أي شخص أو أي مجموعة، ولكن طالما أنها تتصف بالطرافة وتهدف إلى التواصل، فهي طريقة لطيفة للاعتراف بأننا جميعاً نتبع سلوكيات مختلفة هذه الأيام.

تجنب الحكم على الآخرين.

نظراً للظروف الحالية فلن تحتاج على الأرجح إلى الاعتذار عن عدم رغبتك في المصافحة ولكن لا بأس بالاعتذار إذا كنت تفضل ذلك، فمن بين الأسباب التي تجعل هذا الموقف محرجاً أن رفض مصافحة شخص ما قد تؤدي إلى الحكم عليك مثلاً بأنك تريد أن تقول: "أنا أعتني بنفسي أكثر منك" أو "هل أنت مصاب بهوس النظافة؟" يقول مولينسكي، بدلاً من القلق حول تقييم الآخرين لسلوكك لا بد أن تدرك أننا جميعاً في خطر محدق ومغلف بسلسلة متواصلة من الشك، فالبعض يشعرون بالارتياح أكثر عند المصافحة ويفضل البعض الآخر ملامسة المرفق بينما يريد البعض الآخر تجنب أي نوع من الاتصال. وربما كانت هناك أسباب لا تعرفها، أو لا يجب أن تعرفها، وراء اختياراتهم، كمعاناتهم مثلاً من مشكلة صحية أساسية أو بسبب خلفيتهم الثقافية. يقول مولينسكي إن علينا أن نذكر أنفسنا في هذه اللحظات بأن "الآخرين لن يطلقوا علينا الأحكام لأننا جميعاً في قارب واحد".

يعد عدم إطلاق الأحكام وعدم القلق بشأن ما يعتقده الآخرون نصيحة سديدة في جميع الأوقات وتزيد أهميتها الآن في هذا المناخ المفعم بالتوتر والقلق، لذلك افعل ما تطمئن إليه وافترض أن الآخرين سيتفهمون الموقف، فكلنا في قارب واحد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي