ذكرت البحوث التي أجريت حول قوة الإرشاد والتوجيه بوضوح أن: الأشخاص الذين يحظون بمرشدين يؤدون أداء أفضل ويحرزون تقدماً في حياتهم المهنية بوتيرة أسرع، ويكونون أكثر رضا عن حياتهم المهنية والخاصة. ويعود ذلك بالنفع على المرشدين أيضاً. ففي نهاية المطاف، "أن تُعلّم غيرك يعني أن تتعلم مرتين". على الرغم من جميع هذه الفوائد، وعلى الرغم من أن 76% من المتخصصين في مجال عملهم يؤمنون أن دور المرشد في حياتهم مهم لتحقيق النمو، لا يؤمن 54% بوجود مثل هذه العلاقة. فما هي إجابة سؤال كيف تبني علاقة رائعة مع مرشدك بطريقة صحيحة؟
اقرأ أيضاً: على رعاة المواهب التوقف عن لعب دور المرشدين
وتتمثل المشكلة في الغالب في أن الأشخاص لا يعرفون كيف يجدون مرشداً لبناء هذه العلاقة. لذا يمكن لهذه الخطوات الثماني المساعدة في ذلك.
كيف تبني علاقة رائعة مع مرشدك
1. حدد أهدافك واحتياجاتك الخاصة
دوّن أهدافك المهنية. وتأكد أنها أهداف ذكية. ثم حدد أكبر العقبات التي تحول دون تحقيقها. فهذا التحديد سيساعدك على معرفة نوع المرشد الذي ينبغي لك أن تبحث عنه. فربما تحتاج إلى تنمية مهارات جديدة أو توسيع شبكة علاقاتك في قطاع محدد أو بناء الثقة لخوض بعض النقاشات الصعبة. فعندما تعرف أولاً ما الذي ترغب في الوصول إليه وأكبر الفرص والفجوات في طريقك للوصول إليه، ستتمكن من تحديد كيف يمكن للمرشد أن يساعدك حقاً.
2. حدد "التوصيف الوظيفي" لمرشدك المثالي
بعد تحديد أهدافك وما الذي تحتاج إليه لتحقيقها، فكر في كيف يمكن للمرشد أن يساعدك. دوّن مواصفات المرشد الذي يمكن أن يساعدك في اقتناص أكبر الفرص المتاحة أمامك أو تخطي التحديات التي تعترض طريقك. لذا كن محدداً، فربما أنت بحاجة إلى شخص يساعدك في إنجاز مشروع ما أو يقدمك إلى أشخاص في مستوى معين داخل قطاع معين أو يوجهك خلال المفاوضات الصعبة. وأثناء تحديد التوصيف الوظيفي، تأكد أيضاً من إدراج "السبب"، فمثلما ترغب الشركات في أن يستوعب الموظفون المحتملون الهدف الأكبر لشركتهم، وضّح لماذا سيثمر تقديم الإرشاد إليك عن تحقيق أهداف أكبر. احرص على إدراج هذا التوصيف الوظيفي عندما تصل إلى مرشديك المحتملين، كي يعرفوا لماذا تحتاج إلى مرشد وأيضاً كي يكونوا أكثر استعداداً ليقدموا لك يد العون (وهو ما تتناوله الخطوتان الرابعة والخامسة).
3. ابحث عن مرشدين في شبكة علاقاتك من الدرجة الثانية
يمكن أن تجد مرشداً لك في أي مكان، حيث يمكن أن تجده في شبكة أصدقائك على موقع "لينكد إن" أو من خلال علاقاتك المهنية أو ضمن الأشخاص الذين قابلتهم في أحد المؤتمرات. ومن المهم أن تتذكر أنه ربما يكون الشخص مشغولاً بالتأكيد ولكن أن تطلب منه أن يكون مرشداً لك يُعد إطراء كبيراً عليه. قد يرفض الأشخاص أن يقدموا لك الإرشاد ولكن يجب أن تعرف أن هذا سيكون تبادلاً إيجابياً وسيعود على كل منكما بالنفع ولا ينبغي لك أن تخجل من طموحك ولا من أن تطلب منهم الإرشاد، حتى وإن كنت تعتقد أنه من المستحيل أن يجد هذا الشخص الوقت ليساعدك. دعهم يقررون هذا بأنفسهم.
4. اعرض طلبك (بأسلوب بسيط)
قد يكون طلب الحصول على الإرشاد من شخص ما لأول مرة أمراً غير مريح بعض الشيء، والأمر نفسه في المرة الثانية والثالثة. على الأرجح أنه لم يُطلب منك أبداً أن ترشد أحداً، ولا تعلمت كيف تطلب من شخص ما أن يقدم لك الإرشاد. لذا تقبّل هذا الشعور بعدم الارتياح واحتمالية التعرض للهجوم والانتقاد. لا أذى يمكن أن يصيبك إذا طلبت من شخص ما أن يكون مرشداً لك ولكن خذ الأمر بروية. اسأل المرشد المحتمل إن كان بالإمكان أن تجري حواراً مبدئياً معه لتعرف المزيد عن عمله واهتماماته. وبمجرد أن تعرفا الكثير عن بعضكما وتتأكد من أن هناك تواؤماً بينكما، حينها اعرض عليه أن يكون مرشداً لك. أما أن تطلب من شخص غير مستعد ولا مبال أن يكون مرشداً لك عن طريق إرسال بريد إلكتروني طويل، فهو لن يستوعب ولن يتفهم ذلك.
اقرأ أيضاً: دور التوجيه والإرشاد الميداني في إعداد الجيل الجديد من قادة الأعمال
5. اعقد أول لقاء من أجل معرفة كيف تبني علاقة رائعة مع مرشدك
هناك هدفان للقائك الأول مع مرشدك المحتمل. الهدف الأول هو أن تقرر ما إذا كان هذا الشخص هو المرشد المناسب لك حقاً. والهدف الثاني هو أن تكتشف ما إذا كان متقبلاً لفكرة أن يرشدك. الكيفية التي ستطلب بها إجراء محادثة بينكما تعتمد عليك، ولكن بشكل عام ينبغي لك فعل بعض الأشياء وهي:
- سهّل الأمر على الشخص، بأن تجعل اللقاء في مكان مناسب له، واحتسِ قهوة (أو شاي) أثناء الانتظار، وكن مستعداً، واجعل اللقاء مريحاً وهادئاً وخالياً من أي توتر.
- اقضِ الوقت في محاولة التعرف على الشخص. ولا ينبغي لك أن تتحدث أكثر من 30% من الوقت.
- لا بأس من أن تطلب منه القليل من المساعدة منذ اللحظة الأولى. في الواقع، قد يساعدك ذلك في بناء العلاقة معه.
- اعرض طلبك بوضوح قائلاً على سبيل المثال: "لقد استمتعت حقاً بالحديث معك، هل تمانع أن أتحدث معك مجدداً في غضون شهر بعد أن أحرز تقدماً في تحقيق أهدافي؟".
- اشكره وتحدث معه مجدداً عبر البريد الإلكتروني لتعرب عن شكرك مرة أخرى.
6. ابدأ التعامل بشكل بسيط
اجعل اللقاء التالي بسيطاً وتابع التواصل معه بناء على ما اتفقتما عليه في لقائكما السابق. بمجرد أن يؤكد الشخص على أنه سيقابلك مرة أخرى، أرسل بريداً إلكترونياً مقترحاً جدول أعمال وملمحاً إلى فكرة بناء علاقة طويلة الأمد بينكما. قل شيئاً من قبيل: "في حديثنا القادم آمل أن أحظى بلقاء سريع معك لمناقشة المستجدات، وأتمنى أن يتسع نطاق الحوار بيننا عما كان عليه في المرة السابقة. وسنتناقش في بعض الأسئلة المحددة التي أعتقد أنك ستساعدني في الإجابة عنها".
7. احرص على الاتفاق على عملية مساءلة منظمة مع مرشد في بداية تعاونكما
بعد أن تجري حواراً بسيطاً أو حوارين، حاول أن تضفي على الأمر طابعاً رسمياً بشكل أكبر بأن تسأل ما إذا كان الشخص مستعداً لأن يلتقي معك مرة كل شهر في الشهور الستة القادمة إلى أن تحقق أهدافك أو تحل مشكلتك. إذا كان مستعداً، يمكنك إعداد وثيقة بسيطة من ورقة واحدة لتبيان ما الذي ستنجزه في تلك الشهور الستة مع مرشدك. قد يبدو أنه أمر مبالغ فيه بعض الشيء، ولكنه سيساعد في أن تكون العلاقة بينكما قائمة على الوضوح من خلال الاتفاق على الهدف من بنائها. كما سيساعدك أيضاً على وضع جدول أعمال واضح لكل لقاء بينكما. يمكنك أن تقترح ذلك بقول: "إنني ممتن حقاً لتخصيص بعض من وقتك لي، وأود استغلاله بالشكل الأمثل. لذا فكرت في إعداد وثيقة بسيطة أشارك معك من خلالها أهدافي والتزامي تجاهك والإنجازات التي آمل أن أحققها في الشهور الثلاثة المقبلة. أعتقد أن هذا سيساعدني على تحمل مسؤولية أن آتي مستعداً أثناء لقاءاتنا. فهل توافق على ذلك؟".
اقرأ أيضاً: لماذا يتجنب الكثير من المدراء توجيه الثناء؟
8. تابع لقاءاتك مع مرشدك وأعرب عن شكرك له
عليك بالتأكيد أن ترسل رسالة شكر بعد كل لقاء. وفضلاً عن ذلك، بمجرد أن يوشك الاتفاق بينكما على الانتهاء، ينبغي لك أن تستمر في شكره. تلقيت ذات مرة رسالة عبر البريد الإلكتروني من أحد الأشخاص الذين كنت أقدم لهم التوجيه والإرشاد بعد مرور عامين على انتهاء الشراكة بيننا. وقد أسعدتني رسالتها هذه مدة أسبوع كامل! وفي المقابل، تمكنت أيضاً من المساعدة في تكوين بعض العلاقات الجديدة والمهمة، والأمر نفسه ينطبق عليها. تذكر أنه لا بأس من تطلب من أحدهم خدمة أو معروف، احرص فحسب أن تعرب عن تقديرك وشكرك بشكل مناسب!
اقرأ أيضاً: كيف يستفيد المدراء التنفيذيون من المرشدين؟