بحث: كيف تؤثر تجربة القيادة على الطلاب؟

4 دقائق

يمكن أن تكون القيادة المبكرة ذات قيمة كبيرة، حيث توصّل مسح لجامعات مختارة من أجل تجربة قيادة عملية، إضافة إلى بعض الدراسات، إلى أن الأشخاص الذين يمتلكون تجربة قيادة في المدارس الثانوية يحصلون على زيادة في رواتبهم بنسبة 33% مقارنة مع غيرهم. وتعتبر علاوة الأجور هذه مشابهة للعلاوة المرتبطة بامتلاك شهادة جامعية.

نحن لا نعلم الكثير عن أنواع المهارات التي من الممكن أن تتطور نتيجة القيام بمهام قيادية في مراحل مبكرة. وعلى الرغم من أن البالغين الذين يقومون بمهام قيادية مختلفون بشكل واضح عن غير القادة، حيث يميل القادة إلى امتلاك قدرات معرفية أعلى وثقة أكبر بالنفس وحافز أو دافعية أكبر، إلا أننا لا نعرف الكثير عما إذا كانت هذه الاختلافات تنشأ لأن القيام بمهام قيادية يغيّر الأفراد أم لأن هؤلاء الأفراد اختيروا بسبب امتلاكهم لهذه المهارات مسبقاً.

وللإجابة عن هذا السؤال، قمنا بدراسة 378 من طلاب الصف السابع في إحدى المدارس الصينية. ومن بين الطلاب الـ 92 الأفضل، قمنا بتعيين أدوار قيادية على مستوى الصفوف لـ 46 منهم. تابعنا الطلاب على مدار 22 أسبوعاً وجمعنا بيانات حول نتائج الاختبارات والآراء والشبكات الاجتماعية. ويساعدنا التوزيع العشوائي على فرز آثار تجربة القيادة عن آثار الاختلافات في الشخصية أو القدرة الإدراكية أو الخصائص البدنية.

يجلس الطلاب في معظم المدارس الإعدادية والثانوية الصينية في نفس الصف مع نفس الزملاء على مدار الفصل الدراسي بأكمله، حيث يتناوب معلمو المواد المختلفة طوال اليوم. ويصل متوسط عدد الطلاب في الصف إلى نحو 50 طالباً، يقع على عاتق كل واحد منهم مجموعة من الأدوار القيادية الطلابية. يتولى طالبان أدوار مساوية لرئيس الصف ونائب الرئيس. كما يوجد قادة لمواد معينة، مثل مسؤولي اللغة الصينية، ومسؤولي اللغة الإنجليزية، ومسؤولي الرياضيات، الذين يوزعون الواجبات المنزلية ويساعدون أحياناً في رصد الدرجات. لهذه الأدوار مكانة رفيعة، ويضغط بعض الآباء والأمهات بقوة كي يتم اختيار أبنائهم لها. ويتعامل قادة الصف بشكل أكبر مع المعلمين ومع زملائهم الطلاب، الذين يجب عليهم تحفيزهم كجزء من المسؤوليات الملقاة على عاتقهم. وفي دراسة استقصائية منفصلة أجريت على طلاب صينيين آخرين، وجدنا أن أكثر من 60% من الطلاب عبّروا عن رغبتهم في الالتحاق بأحد هذه الأدوار.

يقوم المعلم عادة باختيار قادة الصف في أغلب الأحيان على أساس الجدارة الأكاديمية. وفي دراستنا، قدم لنا المعلمون قوائم مختصرة بأسماء المرشحين الاثنين الأفضل لكل دور قيادي، قمنا بتعيين نصفهم بشكل عشوائي في أدوار قيادية. وكان النصف الآخر بمثابة مجموعة الضبط. قام المعلمون بتصنيف قوائمهم، لذا كان بوسعنا أن نقدّر بشكل منفصل آثار تجربة القيادة على المرشحين ضمن المرتبة الأولى والثانية. وقمنا بقياس أدائهم الأكاديمي ومستوى الثقة لديهم ومحددات النجاح الملحوظة وشعبيتهم.

على مستوى الأداء الأكاديمي، وجدنا أن درجات الطلاب في اختبارات نصف الفصل والاختبارات النهائية بعد تعيينهم في دور قيادي ارتفعت بنسبة 0.3 نقطة انحراف معياري، وهو ما رفع تصنيفهم في الفصل بنحو 7 نقاط مئوية. ولكن الزيادة كانت كبيرة إحصائياً فقط بالنسبة للمرشحين الأعلى تصنيفاً. وتم إخفاء هوية الطلاب في بيانات الاختبارات بشكل يضمن عدم وجود تحيز في رصد الدرجات.

نعتقد أن الدراسة الإضافية هي ما قادت بشكل رئيس لحصول هذه المجموعة على هذه الدرجات الأعلى في الاختبارات، حيث تحدث أعضاء هذه المجموعة عن حاجتهم للموازنة بين الدراسة وواجباتهم القيادية. ويوجد العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة جهودهم المبذولة في الدراسة. فربما خافوا من أن يتم استبدالهم إذا لم يقوموا بأداء جيد في الاختبار النصفي، أو قد يصبح الأشخاص أفضل عندما يكون لدى الآخرين توقعات عالية منهم، وهو ما يسميه خبراء علم النفس بأثر روزنتال. وفي هذه الحالة، ربما لم تكن لدى قادة الصف رغبة في خذلان المعلمين الذين قاموا بتعيينهم، أو قد يكون لديهم أمل في تعيينهم بأدوار قيادية مستقبلية. وقد تكون مكانتهم المتميزة في الفصل أيضاً سبباً في وضعهم في إحراج أكبر إن قاموا بأداء سيئ في الاختبار.

قمنا بقياس الثقة من خلال سلسلة من الألعاب والأسئلة لاستطلاع الآراء. أحد الأسئلة التي وجهناها لكل طالب كان عن التصنيف الذي يعتقد أنه ينتمي إليه. دل المتوسط العام على حصولهم على تصنيف يفوق 70%، وهو ما أدى إلى أثر "ليك وبيغون"، ما يعني أن الجميع فوق المتوسط. وزادت تجربة القيادة من مستوى التصنيف الملحوظ لدى القادة المصنفين في المرتبة الثانية، وليس القادة المصنفين في المرتبة الأولى، بنحو 7 نقاط مئوية مع أنها لم تزد من تصنيفهم الحقيقي. وكان لدينا أيضاً قادة يتقمصون أدوراهم في لعبة يمكنهم فيها التبرع بالمال إلى مدرسة عامة أو الاحتفاظ بالمال لأنفسهم. يحصل الطلاب على أغلب المال إن قام الجميع بالتبرع، ولكن يكون أداء الفرد أفضل إن احتفظ بماله في الوقت الذي يتبرع فيه الآخرون بأموالهم. وجدنا أن تجربة القيادة زادت قابلية الطلاب لـ "القيادة بالقدوة الحسنة" والتبرع أولاً. وكان من المرجح بنسبة تقارب 50% أن يقوم المرشحون المصنفون في المرتبة الثانية بالتبرع أولاً عند تعيينهم في أدوار قيادية.

واستطلعنا آراء جميع الطلاب عن محددات النجاح لرؤية ما إذا كانت رؤيتهم حول العالم قد تأثرت بإنجازاتهم الشخصية. وطلبنا منهم تصنيف العوامل الثلاثة الأكثر أهمية في تحديد نجاحهم الأكاديمي من بين الخيارات الستة التالية: الجهد، والمعلمين الجيدين، والدعم من الآباء والأمهات، والموهبة الفطرية، والمساعدة من الأصدقاء والزملاء، وبيئة الدراسة في المنزل. إذا عانى الأفراد من "التحيز لمصالح شخصية"، وهو تحيز يحرف أفكار الشخص لدعم مصالحة الشخصية، عندها يمكننا أن نتوقع منهم أن ينسبوا النجاح لجهودهم الذاتية وفشل العوامل الخارجية. ووجدنا أن الحصول على دور قيادي جعل الطلاب يضعون الجهد كمحدد مهم للنجاح الأكاديمي، وهم بالتالي أقل ميلاً إلى نسبة الفضل للمعلمين أو الوالدين كعوامل مهمة.

وفي النهاية، قمنا باختبار آثار القيادة على الشبكات الاجتماعية والشعبية بين الطلاب. فتحدث الطلاب الذين قاموا بمهام قيادية، خصوصاً المرشحين من المرتبة الثانية، عن امتلاكهم عدداً أكبر من الأصدقاء المقربين في الصف، مع أن الآخرين لم يذكرونهم كأصدقاء مقربين. وهذا يعني أن الآخرين قد يحاولون استرضاء القادة، الذين يفهمون المصلحة الاجتماعية على أنها صداقة حقيقية. وعلى أي حال، في انتخابات الصف الافتراضية، حصل القادة المصنفين في المرتبة الأولى على أصوات أعلى من زملائهم، ما يوحي باحتمال وجود أثر لأنهم مارسوا هذا الدور من قبل.

تجدر الإشارة إلى وجود عائقين لدراستنا. الأول هو أن الدراسة قامت فقط بتغطية النتائج المقاسة في نفس عام تجربة القيادة، ولا نستطيع الحديث حول ما إذا كانت الآثار ستستمر أو تتحقق في السنوات القادمة. والثاني هو أننا اختبرنا فقط آثار فرص القيادة في المدرسة. وقد يكون لفرص القيادة في الأطر الاجتماعية والسياسية ومكان العمل آثار مختلفة. وتثبت دراستنا أن القيام بمهام قيادية ليس بالضرورة مؤشراً على امتلاك مهارات أو شعبية، إنما يمكن أن يكون لذلك آثار عظيمة على الطلاب.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي