ملخص: هناك فريقان عندما يتعلق الأمر بالطريقة الأكثر فعالية لصياغة فكرة مبتكَرة. يحتج فريق بأنه ينبغي لك التأكيد على ما يجعل هذه الفكرة جذابة. ويقول الفريق الآخر إنه ينبغي لك التركيز على كيفية تنفيذ الفكرة. ولكن أي الفريقين على حق؟ أظهر مشروع بحثي حول كيفية عرض الأفكار أن الإجابة تعتمد على جمهورك. إذا كنت تعرض فكرتك على مبتدئين، فركز على السبب. وإذا كنت تعرضها على خبراء، فركز على كيفية تنفيذها.
صياغة رسالتك هي جوهر توجيه أي رسالة إلى جمهور معين. فالأمر يتعلق بفن عرض فكرة ما للحصول على أكبر دعم ممكن. وعلى الرغم من أنها عملية بسيطة من الناحية النظرية، فإن الحقيقة هي أن معظمنا لا يفكر بطريقة استراتيجية بما يكفي في كيفية صياغة أفكاره بشكل صحيح لتحقيق أكبر قدر من التأثير لأننا نستخف بأهمية توصيل الفكرة. يمكن أن يكون هذا قيداً شديداً بوجه خاص بالنسبة إلى رواد الأعمال والمبتكرين الذين يسعون جاهدين إلى بدء مشاريعهم بنجاح.
كيفية عرض الأفكار بطريقة صحيحة
هناك فريقان مختلفان عندما يتعلق الأمر بتحديد أفضل طريقة لصياغة فكرة ما. يجادل سيمون سينك، في أحد أشهر أحاديث مؤتمرات تيد (تيد توكس)، بأنه إذا أردنا حشد الأشخاص والموارد حول فكرة ما، فينبغي لنا صياغة رسالتنا من خلال التأكيد على السبب وراء ما نحاول تحقيقه. ويقول إن توصيل الهدف من الفكرة يسهّل على الأشخاص التفاعل معها لأنه يسمح لهم بفهم الدوافع والأهداف الكامنة ورائها.
المتخصص في علم النفس التنظيمي آدم غرانت اتخذ في كتابه الأكثر مبيعاً "الأصليون" (Originals)، موقفاً مختلفاً؛ فقد ذكر أن المبتكرين الذين يصوغون أفكاراً جديدة من خلال الإشارة إلى هدف نبيل قد لا يحظون بتأييد الآخرين. وبدلاً من ذلك، يقترح غرانت أنه من المرجح إقناع المشككين من خلال التركيز على كيفية التخطيط لتنفيذ فكرتك.
أي منهما على حق؟ هل صياغة الفكرة بالتركيز على السبب أو الكيفية يُعد أكثر فعالية في التماس الدعم لفكرة مبتكرة؟ لنأخذ، على سبيل المثال، رائدة أعمال تحاول الحصول على تمويل مبدئي لبدء مشروع جديد: فهل ينبغي لها التركيز على السبب في أن فكرتها مفيدة أو على كيفية تنفيذ الفكرة، عند عرض الفكرة على جمهور من المستثمرين؟
لمعرفة الإجابة، أجرينا دراسة نشرتها مجلة "الإدارة الاستراتيجية" (Strategic Management Journal) في أغسطس/آب. صممنا مجموعة من التجارب تضمنت أن نطلب من مجموعتين من الأشخاص؛ مجموعة من المستثمرين المبتدئين (العينة الأولى) ومجموعة خبراء من أصحاب رأس المال المغامر (الجريء) المحترفين ومستثمرين ملائكة (العينة الثانية)، تقييم عرض تقديمي صُمم ببرنامج "باور بوينت" (PowerPoint) قدّمه رائد أعمال لعرض فكرة جديدة. ثم درسنا ما إذا كانت تقييماتهم للفكرة قد اختلفت عندما صاغ المبتكر الحل من زاوية الإجراءات الملموسة (على سبيل المثال، "كيف يمكن للمنتج/الخدمة تلبية أهداف محددة") أو الأهداف السامية (على سبيل المثال، "لماذا يُعد المنتج/الخدمة جذابة).
تألفت العينة الأولى من مجموعة ضمت 129 مستثمراً مبتدئاً استعنا بهم من "بروليفيك" (Prolific)، وهي منصة عبر الإنترنت مقرها المملكة المتحدة ومزوِّدة بالبيانات العالية الجودة. وفي العينة الثانية، استعنا بمجموعة من 59 مستثمراً محترفاً ينتمون إلى 3 مراكز متخصصة في ريادة الأعمال وتقع في الولايات المتحدة وكندا. طُلب من المشاركين استعراض عرضين تقديميين وتقييمهما بناءً على نموذج أولي فعلي لجهاز استشعار قابل للارتداء ومخصص للتمارين الرياضية؛ وقد ركز أحد العرضين بعبارات واقعية على ما يفعله هذا المنتج وكيفية استخدامه، وأوضح العرض الثاني السبب في أنك قد ترغب بشرائه.
وكما توقع سينك، كان المبتدئون أكثر تقديراً للفكرة عند صياغتها بمصطلحات مجردة بشكل أكبر مع التركيز على السبب. وكما أشار غرانت، كان الخبراء أكثر تقديراً للفكرة عند صياغتها بمصطلحات واقعية مع التركيز على الكيفية. اتضح أن الفارق كبير؛ فقد أدت صياغة الفكرة مع التركيز على السبب، مقارنة بالتركيز على الكيفية، إلى زيادة احتمالية تقدير المبتدئين للفكرة بنسبة 25%. وعلى العكس من ذلك، عرض الفكرة بالتركيز على الكيفية، وليس على السبب، زاد من احتمالية اختيار الخبراء للفكرة بنسبة 44%.
للتحقق من نتائج أول تجربتين أجريناهما، استعنا بمجموعة مختلفة من المبتدئين ومجموعة مختلفة من الخبراء (مدراء ابتكار)، وطلبنا منهم استعراض العرض الترويجي لمنتج آخر، وهو مصباح شمسي خاص يحاكي الضوء الطبيعي. وأكدت هذه التجارب الإضافية النتائج التي توصلنا إليها. فاختيار صياغة عرض المنتج مع التركيز على السبب أو الكيفية يُحدث بالتأكيد فرقاً كبيراً في حشد الدعم، ولكن لا توجد صياغة مناسبة لجميع الحالات؛ بل ينبغي استخدام الصياغة المناسبة لنوع الجمهور.
ما سبب أهمية ذلك؟
الخبراء (المستثمرون المحترفون أو مدراء الابتكار، على سبيل المثال) هم أشخاص اكتسبوا، على مدى فترة طويلة من الزمن، خبرة كبيرة في تقييم الأفكار المبتكرة، في حين أن المبتدئين ليسوا معتادين على تقييم الأفكار. وبسبب افتقار المبتدئين إلى المعرفة التي يتمتع بها الخبراء، فإنهم يركزون بشكل أكبر على إظهار جاذبية الفكرة وفوائدها المنتظرة في النهاية. العروض الترويجية التي تركز على السبب تساعد المبتدئين في تقدير أسباب الفكرة وسبب جاذبيتها، خاصة إذا كانوا يرون أنها مفيدة. وهذا هو أكثر ما يهمهم. وعلى الجانب الآخر، من المرجح أن يستجيب الخبراء للحجج الملموسة حول كيفية القيام بشيء ما، ربما لأنهم يفهمون بالفعل مزايا الفكرة.
على الرغم من أن الجماهير (مثل الممولين الجماعيين وأصحاب رأس المال المغامر والمستثمرين الملائكة ومؤسسات التمويل ومدراء الابتكار أو البحث والتطوير والمستخدمين، وما إلى ذلك) التي تتحكم في الموارد بالغة الأهمية لدعم الابتكار تسعى جاهدة لاختيار أفضل الأفكار، فإنها غالباً ما ترتكب أخطاء. في مرحلة التمويل المبكر للمشاريع الريادية، غالباً ما تتجاهل الجهات الرئيسية التي توفر الموارد أفكار المشاريع المبتكرة أو حتى تسخر منها ثم يتضح لاحقاً أنها ذات قيمة عالية. من بين مؤسسي المؤسسات التي غيرت قواعد اللعبة والتي تم رفض عروضها المبكرة المقدمة للمستثمرين المحتملين مراراً وتكراراً: الأشخاص الذين قدموا لنا "آبل" و"ساوث ويست أيرلاينز" (Southwest Airlines) و"إير بي إن بي" (Airbnb) و"بنك غرامين" (Grameen Bank) و"تيتش فور أميركا" (Teach for America).
أظهرت تجاربنا حول كيفية عرض الأفكار أن استخدام الصياغة التي تركز على السبب أو الكيفية هو خيار مهم للغاية ويعتمد على الطرف المستقبِل للعرض. يتمتع المبتكرون الذين يدافعون عن أفكار جديدة بفرصة أفضل لجذب المبتدئين (على سبيل المثال، الجماهير والأصدقاء وأفراد الأسرة) عندما يركز عرضهم على السبب في أن الفكرة جذابة. ولكن إذا تم عرض الأفكار نفسها على الخبراء (مثل المستثمرين المحترفين ومدراء الابتكار)، فيُستحسن عرضها مع التركيز على الكيفية التي يمكن بها تنفيذ الفكرة. بمعنى آخر، اختيار التركيز على السبب أو الكيفية يعتمد على نوع جمهورك.