4 إجراءات يضمن بها الرئيس التنفيذي صياغة استراتيجية جريئة

4 دقيقة
الرئيس التنفيذي
يورغ غرويل/غيتي إميدجيز

ملخص: يعاني الرؤساء التنفيذيون مصاعب غير معهودة اليوم في ظل الحاجة المُلحة إلى القيادة التحويلية الجريئة. وفي خضم المخاطر العالية ومشهد التنافس السريع التطور، لم تعد القناعة بالوضع الراهن خياراً آمناً لأحد. أفاد الاستطلاع السنوي العالمي السابع والعشرون لانطباعات الرؤساء التنفيذيين، الذي تجريه شركة برايس ووتر هاوس كوبرز (بي دبليو سي) (PwC)، بأن 45% من المشاركين يعتقدون أن شركاتهم لن تستمر أكثر من عقد إن لم تبادر بتنفيذ إصلاح كبير؛ أي أن عدداً كبيراً من الشركات يخاطر بخسارة مكاسبه التجارية في مواجهة الشركات المنافسة أو المزعزعة. لذلك، يجب على الرئيس التحقق من أن استراتيجية شركته تتسم بدرجة كافية من الجرأة تؤهلها لتحقيق النمو مستقبلاً. يشرح هذا المقال 4 إجراءات يتعين على الرئيس التنفيذي المبادرة إلى اتخاذها اليوم. إن إعادة بناء نموذج العمل مهمة تتطلب الشجاعة، لكن تعاونك مع فريق عمل كفء ومستعد لاتخاذ خطوات جريئة كفيل بأن يرتقي بشركتك إلى آفاق جديدة لم تكن لتتصورها.

منذ فترة قريبة، خضت حواراً عسيراً مع رئيس تنفيذي صديق؛ تعمل شركته في قطاع شديد التنافسية، وأعرب عن مدى فخره بخطته الاستراتيجية والجهد الذي بذله فريقه لتحقيقها على أرض الواقع، وعلى الرغم من أن فريقه كان مرهقاً، فالتقدم الذي أحرزه جدد نشاطه. هذا الرئيس التنفيذي محق في فخره، إذ كان أداء شركته جيداً في مجالات مهمة، لكن برصد أداء الشركات الأخرى، بما فيها الشركات المنافسة، مع الدراسة المتأنية لنموذج عمل شركته، أيقنّا بأنها متخلفة عن الركب من حيث النمو والكفاءة وقابلية التوسع والتأهيل التنظيمي. عندئذ، اقتنصت الفرصة التي لاحت لي وأقررت بجوانب الكفاءة في نموذج عمله قبل أن أصارحه بما هو أقسى، ألا وهو قناعتنا بأن شركته تتخلف عن الركب، وكان الحوار صعباً لا ريب.

هذه الحالة ليست منفردة، خاصة في بيئة العمل اليوم الدائمة التغير. غالباً، تتعرض خطة الرئيس التنفيذي الاستراتيجية القصيرة المدى لضغوط كبيرة من عدة اتجاهات مختلفة؛ فالمساهمون يطالبون الإدارة بنتائج مالية قوية، والجهات التنظيمية تطالب برفع مستوى القواعد المعمول بها أو فرض قواعد جديدة في كثير من المواضيع بدءاً من الأمن السيبراني مروراً بالذكاء الاصطناعي وصولاً إلى المناخ والتنوع، كما أن توقعات العملاء تتغير باستمرار والمنافسة المتزايدة تفرض تحدياً على الشركات وتضطرها إلى الاستمرار في الابتكار.

أدت هذه القوى إلى اتباع الشركات خططاً متطابقة على المدى القصير؛ فأصبح كثير منها يركز جهوده على تحسين القدرة التنافسية من حيث التكلفة وتعزيز نمو الإيرادات وتغيير مكونات محفظة الأعمال بإتمام صفقات استحواذ جديدة وتصفية بعض الأصول، والتعامل مع المشكلات التنظيمية، والسعي إلى الابتكار اعتماداً على تكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي والعمل على تحسين الرافعة التشغيلية.

يفتخر معظم الرؤساء التنفيذيين الذين حاورتهم بخططهم الاستراتيجية وما يبذلونه من جهد في تحقيق أهدافها، لكن 45% من المشاركين في استطلاع برايس ووتر هاوس كوبرز السنوي العالمي السابع والعشرين لانطباعات الرؤساء التنفيذيين يعتقدون أن شركاتهم لن تستمر أكثر من عقد إن لم تبادر بتنفيذ إصلاح كبير؛ أي أن عدداً كبيراً من الشركات يخاطر بخسارة مكاسبه التجارية في مواجهة الشركات المنافسة أو المزعزعة، وهذا ما يقودني إلى أهم سؤال على الرئيس التنفيذي في عصرنا أن يطرحه على نفسه: "هل تنطوي استراتيجيتي على الجرأة الكافية، وهل أمتلك الفريق المؤهل لتنفيذها؟" إذا لم تمتلك الثقة الكافية للإجابة بـ "نعم"، فإليك 4 إجراءات رئيسية يمكنك اتخاذها لضمان أن استراتيجيتك جريئة بما يكفي وأن فريقك هو الأنسب لتحقيق أهدافك النهائية.

4 إجراءات يُعزز بها الرئيس التنفيذي جرأة استراتيجيته

التقييم الموضوعي لموقف الشركة

حتى تتيقن من جرأة استراتيجيتك، ادرس وضع شركتك ووضع منافسيها وأداءهم دراسةً عميقة وموضوعية، دون أن تدحض مزايا هؤلاء المنافسين. ويتطلب ذلك أن تضع نفسك موضع عملاء منافسيك حتى يتسنى لك تحديد الاختلافات من كثب؛ وأن تتأمل بموضوعية نظرة المستثمرين والناشطين إلى خطتك ووتيرة تنفيذها؛ وأن تفرز البيانات الموضوعية لتمييز النموذج الفاشل من الناجح؛ وأن تلتمس آراء فريقك وأعضاء مجلس الإدارة والمستثمرين والمستشارين الموثوقين وغيرهم من المعنيين؛ وقبل كل شيء، أن تطرح الأسئلة المناسبة وتتقبل النقد البنّاء بصدر رحب.

تفضيل إعادة البناء

وضع التقارب بين العديد من التوجهات العالمية الكبرى وقوى الاقتصاد الكلي كثيراً منا على مفترق طرق حاسم؛ إما أن نعيد البناء وإما أن نصبح ضحية الزعزعة. ولكي نكون واضحين، إن إعادة بناء نموذج العمل مهمة شاقة، لكن القائد الجريء هو من يمعن الفكر في تلك المشكلات في حين يتطلع إلى إحداث تغيير جذري في آلية تفاعل شركته مع العملاء وطرق تقديم منتجاتها وخدماتها الجوهرية بكفاءة أكبر وقيمة أعلى. ومن أساليب إعادة بناء نموذج الأعمال إحداث تغيير شامل في منتج تقليدي لدى الشركة، ليصبح قائماً على الاشتراك أو على البرمجيات، أو تحسين قنوات التفاعل مع العملاء من خلال التخلص من الوسطاء، أو التوسع بسلسلة القيمة إلى قطاعات أخرى. كما أن دمج التكنولوجيا في نموذج عمل الشركة وسيلة أخرى لتغيير كيفية جني الأرباح ومصادرها، وتعميق تجربة العميل، وزيادة القيمة التي تحققها الشركة. وتذكّر ألا تحيد عن هدفك وأن تستفيد من نقاط قوتك وألا تفقد مرونتك، أياً كان نهجك في إعادة البناء.

تقييم التوافق بين أفراد فريق القيادة

يجب أن تتأكد من أن فريقك المؤهل لتحقيق التغيير وأن ثقافة الشركة مواتية وتمهد السبيل أمام التغيير. إن مفهوم توافق فريق القيادة مع الاستراتيجية ليس بجديد، لكن الجديد هو الترابط الشديد بين عناصر خطة القيادة؛ فلن تنجح في إعادة بناء نموذج العمل إن لم يستوعب فريق القيادة أبعاد مهمته وآلية التعاون بين أفراده للتنفيذ ومن ثم التوسع. هذا ما يجعل القدرة على تنفيذ التغيير بفعالية كفاءةً جوهرية في كل شركة، لذلك احرص على تعزيز بيئة تشجع الشفافية والثقة والحوار البنّاء. وفي حين قد لا يتفق القادة طوال الوقت، فمن المهم أن يستمعوا إلى الآراء المختلفة باحترام ويحرصوا على التوافق فيما بينهم ويعملوا بصفتهم فريقاً واحداً على تنفيذ المهمة.

اتخذ إجراء عملياً

الوقت مناسب لاتخاذ إجراء عملي قوي، في ظل احتدام المنافسة والتوجهات العالمية الكبرى التي تفرض التغيير. وهناك حاجة ماسة إلى خطط جريئة لا تقتصر على اختيار تكنولوجيا عظيمة أو الاستسلام لهوس الذكاء الاصطناعي التوليدي (مع أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يحفزنا على التحلي بالجرأة). إن ركيزة الطموحات الجريئة هي التحلي بالشجاعة لتخيل طرق جديدة لتنفيذ أعمالك ومن ثم إعادة بناء نموذج العمل، أما تحقيق ذلك الطموح فيتطلب تأملاً في الذات وإبداء التواضع والضعف الإنساني؛ مثلما فعل صديقي الرئيس التنفيذي بكل قوة.

يعاني الرؤساء التنفيذيون مصاعب غير معهودة اليوم في ظل الحاجة المُلحة إلى القيادة التحويلية الجريئة. وفي خضم المخاطر العالية ومشهد التنافس السريع التطور، لم تعد القناعة بالوضع الراهن خياراً آمناً لأحد. إن إعادة بناء نموذج العمل مهمة تتطلب الشجاعة، لكن تعاونك مع فريق عمل كفء ومستعد لاتخاذ خطوات جريئة كفيل بأن يرتقي بشركتك إلى آفاق جديدة لم تكن لتتصورها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي