3 طرق لجعل استراتيجية شركتك واضحة للجميع

5 دقيقة
توضيح الاستراتيجية للموظفين
سينبايز/غيتي إميدجيز

ملخص: على الرغم من الجهود التي يبذلها قادة الشركات لتوضيح الاستراتيجية لموظفيهم، لا يوفرون السياق اللازم في بيان الاستراتيجية لمساعدتهم على فهم كيفية تطبيقها في أعمالهم اليومية. ما الذي يمكن للقادة فعله لمساعدة الموظفين على فهم السياق الكافي الذي يوضح كيفية تطبيق الاستراتيجية إذاً؟ يقدّم مؤلفا هذا المقال 3 توصيات: 1) عرض البدائل المأخوذة في الاعتبار وتوضيح سبب عدم اعتمادها. 2) شرح كيفية ارتباط كل قرار بغاية المؤسسة. 3) إشراك الموظفين في عملية تطوير الاستراتيجية.

سرد لنا طيار ذات مرة قصة حول حادث وقع في رحلة طيران صباح أحد الأيام في خمسينيات القرن العشرين. لاحظ الطيار تعابير حزن على وجه مهندس الطيران في أثناء تسارع الطائرة للإقلاع، فقال له: "ارفع المعنويات يا جمال". لكن ما سمعه المهندس الذي شعر بالنعاس هو: "ارفع العجلات يا جمال"؛ فرفعها كما طلب منه الطيار؛ لكن ذلك الإجراء كان مبكراً لأن الطائرة لم ترتفع عن الأرض بصورة كافية. فانخفضت الطائرة فجأة ولامس هيكلها سطح الأرض، وانزلقت إلى حين توقفت بالكامل، ما تسبب في أضرار بالغة فيها. لحسن الحظ، لم يتأذَّ أحد.

توضح هذه القصة فكرة مهمة، وهي أن عدم وضوح السياق أو مشاركته يزيد من احتمالية حدوث سوء التواصل وسوء الفهم. لو كان جمال يعلم أن موضوع المحادثة متعلق بمزاجه بدلاً من وضع إقلاع الطائرة، لما أساء فهم رسالة الطيار، ولما اتخذ ذلك الإجراء بالتأكيد.

ما هي علاقة هذه القصة بالاستراتيجية؟ يدّعي موظفو الشركات، حتى الناجحة منها، في العديد من الاستقصاءات أنهم لا يعرفون استراتيجيات مؤسساتهم. ولا يعود سبب ذلك إلى غياب التواصل من الإدارة العليا، لأن الأدلة تظهر أن القادة يقضون كثيراً من الوقت والجهد والموارد في محاولة توضيح الاستراتيجية لموظفيهم. وتقدّم قصة جمال تفسيراً محتملاً.

تشير تجربتنا إلى أن قادة الشركات يبذلون جهوداً حثيثة لتوضيح الاستراتيجية لموظفيهم بالفعل، لكنهم لا يوفرون السياق اللازم في بيان الاستراتيجية لمساعدتهم على فهم كيفية تطبيقها في أعمالهم اليومية، أو سبب اختيار استراتيجية معينة عوضاً عن البدائل الأخرى التي أخذها القادة في الاعتبار ثم رفضوها. لنتأمّل مثلاً البيان الذي ترد فيه عبارة: "أحد العناصر الرئيسية في استراتيجيتنا هو الاستفادة من مزايا نموذجنا المتكامل"، قد تبدو هذه العبارة منطقية تماماً للقائد الذي فكّر بعمق في نموذج عمل الشركة، لكنها قد لا تعني شيئاً للموظف العادي الذي لا يفهم حتى طبيعة هذا النموذج المتكامل، أو سبب اختيار هذا النموذج المعيّن في المقام الأول.

لماذا لا يقدم القادة هذا السياق؟ الجواب ببساطة لأن ذلك مستحيل. يتخذ قادة الشركات قرارات مهمة وصعبة تتطلبها الاستراتيجية بعد النظر في وابل من البيانات والمعلومات حول المنافسين والعملاء وديناميكيات السوق، مستندين في ذلك إلى تقديراتهم الشخصية وتقديرات المسؤولين التنفيذيين والمستشارين الآخرين، وهي مهارة طوروها استناداً إلى خبرتهم التي اكتسبوها على مر السنين. ولا يمكنهم أحياناً مشاركة كل المعلومات غير الصريحة والضمنية التي تدفعهم إلى اتخاذ قرار معين، ما يعني أنهم لن يستطيعوا شرح أسباب اتخاذ تلك القرارات.

ما الذي يمكن للقادة فعله لمساعدة الموظفين على فهم السياق الكافي الذي يوضح كيفية تطبيق الاستراتيجية إذاً؟

1. عرض البدائل المرفوضة

يساعد توضيح الأسباب التي تمنع اتخاذ قرار ما على شرح أسباب الموافقة على قرار آخر. وبالتالي، يمكنك عند تقديم الاستراتيجية عرض البدائل المأخوذة في الاعتبار وشرح سبب عدم اعتمادها. لنتأمّل مثلاً تجربة شركة إدوارد جونز (Edward Jones) وهي شركة رائدة في قطاع الوساطة في الولايات المتحدة، يقع مقرها في مدينة سانت لويس. أجرى أحدنا مقابلة مع الراحل جون باكمان، الذي شغل منصب الشريك الإداري للشركة من عام 1980 وحتى عام 2003، حيث أوضح استراتيجية الشركة على النحو الآتي:

"تختلف الشركة عن معظم الشركات المنافسة الأخرى في القطاع في استهدافها المستثمرين الأفراد فقط، لا المؤسسات، لبيع خدماتها. ونركز في هذه الفئة على الأفراد الذين يعيشون في المناطق الريفية في أميركا، لا المناطق الحضرية. إن المنتج الذي نبيعه لهم هو 'الطمأنينة'؛ أي أننا لا نبيعهم أدوات مالية معقدة أو منتجات مالية عالية المخاطر، بل نختار المنتجات المالية الشفافة والآمنة للترويج لها. وتبيع الشركة منتجات صناديق الاستثمار التي تُطلقها شركات أخرى، على عكس منافساتها التي تبيع صناديق الاستثمار المشترك الداخلية الخاصة بها. وتفضّل الشركة تأسيس مكاتبها البسيطة في مجتمعات ريفية صغيرة، لا في المدن الكبيرة، لتسهيل وصول العملاء إليها. ويدير ممثل استثمار واحد، لا اثنان أو ثلاثة، كل مكتب".

لاحظ عدد المرات التي تكررت فيها كلمة "لا". وبالمثل، قررت شركة الأدوية روش (Roche) التركيز على الأدوية التي تحتاج إلى وصفة طبية والتي تهتم بتشخيصات الأمراض من خلال تسليط الضوء على قرارها عدم الاستثمار في قطاعات بديلة، مثل الأدوية العامة، والبدائل الحيوية، والأدوية التي لا تستلزم وصفة، والأجهزة الطبية.

يتيح توضيح استراتيجية الشركة بالتفصيل للموظفين فهم القرارات المتخذة والبدائل المأخوذة في الاعتبار أيضاً. والأهم من ذلك أنها تشجع الموظفين على طرح أسئلة توضيحية حول الأسباب التي أدت إلى رفض البدائل، أو الاعتراض على القرارات التي تتخذها الإدارة العليا. ويؤدي النقاش الذي يتبع الاعتراضات أو طلبات التوضيح في النهاية إلى اكتساب فهم أعمق للاستراتيجية، بغض النظر عن مدى وضوح عملية التواصل الأصلية.

2. ربط الاستراتيجية بغاية المؤسسة

عليك أيضاً ربط القرارات الاستراتيجية بغاية المؤسسة أو هدفها. يسهّل شرح الارتباط بين القرارات والغاية العامة للمؤسسة على الموظفين فهم المنطق وراء القرار دون الحاجة إلى معرفة المداولات جميعها التي جرت لاتخاذه.

لنتأمّل مثال شركة دي بي جي ميديا غروب (DPG Media Group)، وهي شركة إعلامية رائدة في بلجيكا وهولندا تهتم بنشر المحتوى باللغة الهولندية عموماً. أجرى أحدنا مقابلة شخصية مع رئيس مجلس إدارة الشركة، كريستيان فان تيلو، أشار فيها إلى الافتراض المهم الذي توصلت إليه الشركة في بداية عصر الإعلام الرقمي، وهو أن الأشخاص سيستمرون في الاعتماد على وسائط الإعلام الاحترافية بدلاً من الصحفيين والمدونات والمؤثرين. نتيجة لذلك، قررت الشركة تقديم محتوى صحفي احترافي عالي الجودة عبر الوسائط الرقمية بصفته هدفاً استراتيجياً لها.

وتستخدم الشركة هذا الهدف دائماً بصفته نقطة انطلاق لشرح قراراتها الاستراتيجية للموظفين. على سبيل المثال، عندما أعلنت مجموعة دي بي جي قرارها المشاركة في عمليات الاستحواذ للمرة الأولى في تاريخها، أشار فان تيلو إلى أهمية أن تتنافس المجموعة مع شركتَي جوجل وفيسبوك على الإعلانات لتصبح مزوداً رائداً للصحافة الاحترافية في السياق الرقمي، ما يعني أن تتمتع بوجود بارز في أسواقها بحيث تكون خياراً رئيسياً للشركات المعلنة والمستهلكين المحلين. وبالمثل، أشار فان تيلو في شرحه قرار التركيز على سوقين فقط، وهما بلجيكا وهولندا، إلى أن توسّع مجموعة دي بي جي في العديد من الأسواق قد يقوّض جودة صحافتها.

3. إشراك الموظفين في صياغة الاستراتيجية

قد تتخذ مشاركة الموظفين وإشراكهم في عملية الاستراتيجية أشكالاً عديدة، من التماس الأفكار والآراء وحتى المشاركة النشطة في ورش العمل الاستراتيجية واختبار المبادرات الاستراتيجية الجديدة. على سبيل المثال، تتيح شركة العصائر الألمانية، بريميوم كوليكتيف (Premium-Kollektiv)، لأي موظف مهتم بدء حوار حول الاستراتيجية بشفافية كاملة منذ المراحل الأولى لتطويرها، حيث يمكن لأي موظف طرح القضايا أو الرد عليها من خلال إرسال رسالة إلكترونية عبر قائمة بريد مشتركة. قد تتطور المناقشات بالفعل، ما يُسهم في اتخاذ القرارات بالإجماع أو بصورة تدريجية أحياناً.

ومع تعمق الحوارات الاستراتيجية، يزيد عدد الموظفين الذين يشاركون فيها، ما يزيد بالتالي من مستوى الفهم المشترك للسياق الذي جرى تطوير الاستراتيجية فيه. على سبيل المثال، يجب على الموظفين الذين يقترحون مبادرات استراتيجية في شركة الألعاب فالف (Valve) إقناع زميلين على الأقل بتكوين فريق لتنفيذ المبادرات. ومع تقدم عملية التطوير، يزداد عدد الموظفين الذين ينضمون إلى المشروع، ما يعزز بدوره فهم الهدف من المبادرة.

كما أن التكنولوجيا عامل تمكين مهم لتعزيز مشاركة الموظفين أيضاً. على سبيل المثال، ينطوي جزر من تطوير الاستراتيجية في شركة بريدجستون (Bridgestone) العالمية لصناعة الإطارات على تجربة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في استقصاءات الموظفين. تتيح هذه التكنولوجيا إجراء حوار تفاعلي مع الموظفين بكفاءة وعلى نطاق واسع بهدف الكشف عن المعلومات والرؤى الثاقبة التي تُسهم في توجيه عملية التخطيط الاستراتيجي. ويقول قائد عملية تطوير الاستراتيجية والتحوّل في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، جيك رونشولت: "نعتزم إشراك مجموعة واسعة من الموظفين في عملية التطوير. تحفّز الاستقصاءات المدعومة بالذكاء الاصطناعي الموظفين على التفكير بعمق في إجاباتهم، ما يمنحنا رؤى ثاقبة أعمق لتطوير الاستراتيجية".

يتطلب التنفيذ الفعّال للاستراتيجية أن يعرف الموظفون ماهية القرارات التي اتخذتها مؤسساتهم وأن يفهموا أسباب اتخاذها. لسوء الحظ، قد لا يكون التواصل الواضح بشأن هذه القرارات كافياً، لأن التواصل في غياب السياق يؤدي إلى سوء الفهم وعدم الوضوح. وبما أن القادة يتعذر عليهم شرح السياق الكامل الذي دفعهم إلى اتخاذ تلك القرارات الاستراتيجية، يجب عليهم ابتكار طرق مختلفة لمساعدة موظفيهم على فهم قراراتهم وتقديرها. وقد يكون إشراك الموظفين في تطوير الاستراتيجية، وربط القرارات المتخذة بغاية المؤسسة، ومشاركة القرارات المتخذة والبدائل التي أخذها القادة في الاعتبار ثم رفضوها طرقاً فعالة لجعل الموظفين جزءاً من عملية تطوير الاستراتيجية بسرعة، وجعل القرارات الاستراتيجية المتخذة تجارب لا يمكن نسيانها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .