ما الذي يجعل الشركة متميزة في صناعة القادة؟

9 دقيقة
شركة جنرال إلكتريك
ماليراباسو/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تشتهر شركة جنرال إلكتريك (GE) بأنها “شركة أكاديمية”؛ أي حاضنة مواهب تصدِّر القادة المؤثِّرين لمؤسسات في القطاعات الأخرى. وحتى يعرف المؤلفون جيداً ما هي الشركات التي تعد أفضل حاضنات للمواهب اليوم؛ تعاونوا مع قاعدة بيانات أوفيشال بورد (Official Board)، وهي شركة تقدم بيانات عن المخططات التنظيمية للشركات وتنقلات المسؤولين التنفيذيين، لإجراء استقصاء شمل 853 مسؤولاً تنفيذياً وعقْد مقابلات مع مستشاري البحث التنفيذي. فحددوا 4 خصائص تميز هذه الشركات: 1) تتبنى منهجاً استراتيجياً لجذب المواهب وتطويرها والحفاظ عليها. 2) تستثمر بقوة في التدريب والتطوير. 3) تملك ثقافة قوية وعمليات داخلية فعالة. 4) تحظى باحترام القطاع الذي تعمل فيه.

في عام 2018 كانت 31 شركة مدرجة ضمن مؤشر “إس آند بي” 1500 يقودها موظفون سابقون في جنرال إلكتريك. تعد جنرال إلكتريك واحدة من الشركات التي يُطلق عليها “شركة أكاديمية”؛ أي شركة مرموقة متخصصة في صناعة القادة أكثر من التمسك بهم؛ وتصدِّر القادة المؤثرين للمؤسسات الأخرى، بل وللقطاعات أيضاً. وكانت حاضنات المواهب هذه سمة من سمات عالم الأعمال منذ سبعينيات القرن العشرين.

في محاولة لفهم المشهد العام لحاضنات المواهب في عشرينيات هذا القرن أجرت شركة أوفيشال بورد، المتخصصة في تقديم البيانات عن المخططات التنظيمية للشركات وتنقلات المسؤولين التنفيذيين، استقصاءً في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط شمل 853 مسؤولاً تنفيذياً بخصوص هذا الموضوع. سُئل المسؤولون التنفيذيون عن آرائهم حول الشركات التي تعد أفضل حاضنات للمواهب، وما الخصائص والممارسات التي تميزها. يعرَّف المسؤول التنفيذي على أنه عضو في مجلس الإدارة، أو رئيس تنفيذي، أو مرؤوس مباشر للرئيس التنفيذي، أو أحد المدراء المرؤوسين لدى المرؤوس المباشر للرئيس التنفيذي. عمل المسؤولون التنفيذيون المشاركون في الاستقصاء في شركات متوسطة وكبيرة تتخطى إيراداتها السنوية 100 مليون دولار؛ منها شركات غلوبال فورتشن 500 (Global Fortuve 500)، وغلوبال فوربس 2000 (Global Forbes 2000)، وراسل 3000 (Russell 3000). وأُضيف إلى الاستقصاء بعض المقابلات مع مستشاري البحث التنفيذي.

وقد حدد المشاركون في الاستقصاء طبيعة وظائفهم والقطاعات والمناطق التي يعملون فيها؛ ثم طُلب منهم تسمية أفضل 3 حاضنات للأعمال في كل واحدة من هذه الفئات. يضم الجدول المجمَّع الآتي 25 شركة هي أكثر الشركات التي تكرر ذكرها:

حتى نعرف ما هي الشركات التي تعد أفضل حاضنات للمواهب اليوم، أجرت شركة أوفيشال بورد، المتخصصة في تقديم البيانات عن المخططات التنظيمية للشركات وتنقلات المسؤولين التنفيذيين، استقصاءً شمل 853 مسؤولاً تنفيذياً. وقد أُدرجت أكثر الشركات ذكراً، إلى جانب القطاعات التي تعمل فيها، في القائمة التالية. في المركز الأول جاءت شركة ماكنزي (McKinsey) التي تعمل في مجال الاستشارات. والثاني شركة جوجل، في قطاع التكنولوجيا. والثالث شركة مايكروسوفت، في قطاع التكنولوجيا أيضاً. وفي المركز الرابع والخامس على التوالي شركتا يونيليفر (Unilever) وبروكتر وغامبل (Procter & Gamble)، كلتاهما في قطاع السلع الاستهلاكية المعبأة. وفي السادس والسابع شركتا أمازون وآبل، وكلتاهما في مجال التكنولوجيا. والثامن شركة جنرال إلكتريك في قطاع الصناعة. والتاسع شركة ديلويت (Deloitte)؛ والعاشر شركة أكسنتشر (Accenture)، كلتاهما في قطاع الاستشارات. والمركز الحادي عشر شركة نستله (Nestlé)، في قطاع السلع الاستهلاكية المعبأة. والمركز الثاني عشر شركة غولدمان ساكس (Goldman Sachs)، في قطاع الاستشارات. وتشترك في المركز الثالث عشر شركتا برايس ووتر هاوس كوبرز (PwC) في قطاعي المحاسبة والاستشارات، وشركة سيمنز (Siemens) في قطاع الصناعة. وفي المركز الخامس عشر تأتي شركة آي بي إم (IBM)، في قطاع التكنولوجيا. وفي المركز السادس عشر مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، في قطاع الاستشارات. والسابع عشر شركة جيه بي مورغان (J. P. Morgan)، في القطاع المالي. وتتقاسم المركز الثامن عشر بالتساوي شركتا جونسون آند جونسون (Johnson & Johnson)؛ وفايزر (Pfizer)، في القطاع الدوائي. وتتقاسم المركز العشرين كل من شركة باين آند كومباني (Bain & Company) في قطاع الاستشارات؛ وجامعة هارفارد، في التعليم؛ وشركة بيبسيكو (PepsiCo)، في السلع الاستهلاكية المغلَّفة؛ وشركة شل (Shell)، في قطاع الطاقة. وفي المركز الرابع والعشرين يأتي بنك سيتي بانك (Citibank)، في القطاع المالي. ويحتل المركز الخامس والعشرين بالتساوي شركة بوش (Bosch)، في قطاع الصناعة؛ وشركتي إرنست آند يونغ(Ernst & Young) وكيه بي إم جي (KPMG)، في قطاع المحاسبة والاستشارات. المصدر: قاعدة بيانات أوفيشال بورد؛ ما هي الشركات التي تعد أفضل حاضنات للمواهب؟

إنّ أغلب المؤسسات المذكورة تعمل في القطاعات التي تعتمد على المعرفة. وهو أمر معهود في حاضنات المواهب. فالاستثمار الطويل الأجل في الموارد البشرية والتطوير يحتاج إلى أن تكون حاضنات المواهب حاضرة بقوة في القطاعات ذات هامش الربح العالي (مثل قطاعي السلع الاستهلاكية المعبأة والاستشارات)؛ مقارنة بالقطاعات ذات هامش الربح الضئيل (مثل المطاعم).

تعمل 5 شركات، من بين أفضل 25 شركة هي الأكثر ذكراً، في قطاع الاستشارات (وهو أمر لا يثير الدهشة لأن بناء الخبرة جزء من الأعمال الأساسية لهذه الشركات)؛ وتعمل 5 شركات أخرى في قطاع التكنولوجيا.

هناك فرق شاسع، وفجوة ثقافية ربما، في المنهج بين حاضنات المواهب التقليدية في القرن العشرين وبين حاضنات اليوم الأكثر تأثيراً. وقد أوضح أحد مستشاري البحث ذلك قائلاً: “يوجد كثير من الأشخاص الذين نشؤوا في منطقة الساحل الشرقي للولايات المتحدة وسط القطاعات الصناعية والدوائية والسلع الاستهلاكية المعبأة، إذ كانت هذه المنطقة تحظى بتاريخ بلغ 20 عاماً من الفكر الجاد عن أفضل الممارسات”؛ ثم استطرد:

ثم أصبح لدينا بعد ذلك منظومة مختلفة من “شباب المبدعين” في وادي السيليكون، وهم لا يثقون فيمن هم فوق 30 عاماً، ولا يشاركون في الأعمال التقليدية. ولكنهم يعملون بسرعة ويبدعون في أعمالهم، ولديهم الكثير من الأساليب المبتكرة. ولكنني أعترض علي رفضهم التام لكافة حاضنات المواهب التي تحمل لمحة أكاديمية تقليدية. ولكن يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين هذه القطاعات؛ فقد تواصل معي بعض المسؤولين في [بنك] ما وطلبوا ترشيح شخص من شركة جوجل، فرددت عليهم قائلاً: “أنتم لا تحتاجون إلى ذلك، بل هذا هو أسوأ إجراء يمكنكم اتخاذه”.

أبدى أحد مستشاري البحث الآخرين موقفاً أكثر إيجابية تجاه شركات التكنولوجيا باعتبارها مصدراً للمواهب “لأنها نجحت في مواجهة التحديات الرقمية، و[إدارة] الدورات الاقتصادية التي كانت أسرع كثيراً من مثيلاتها في بعض الشركات الأكاديمية التقليدية”.

ما الذي يميز حاضنات المواهب؟

سُئل المشاركون في الاستقصاء سؤالاً مفتوحاً حتى يمكنهم الإجابة عنه إجابة تفصيلية، لكن كلٌّ بأسلوبه الخاص “عند استعراض الشركات التي وقع اختياركم عليها لإدراجها في القائمة السابقة، ما الخطوات التي تتبعها هذه الشركات كي تصبح شركات أكاديمية؟” فتلقينا أكثر من 500 إجابة، حددنا على إثرها 4 خصائص تميز حاضنات المواهب اليوم:

تتبنى حاضنات المواهب منهجاً استراتيجياً لجذب المواهب وتنميتها والحفاظ عليها

ينظر السوق إلى المؤسسات الأكاديمية على أنها مصدر للمواهب المتميزة. وقد كتب بعض المشاركين في الاستقصاء: “يذهب البعض إلى مثل هذه الشركات ليتعلم ويبني مساره المهني، فهي تؤسس رجال أعمال بارعين”. أشار البعض الآخر إلى أنّ حاضنات المواهب “تنتج بانتظام نخبة وفيرة من المسؤولين التنفيذيين، الذين يصبحون فيما بعد قادة للقطاع الذي يعملون فيه”. وأشار مشارك آخر إلى أن هذه الشركات لا تكتفي بإنتاج كبار القادة، بل تنتج كذلك “خبراء إدارة المشروعات، ومدراء ذوي أداء متوسط. وهم ‘جاهزون للعمل فوراً'” ولديهم “القدرة على مساعدة الشركات في التسريع من طرح منتجاتها في الأسواق وتحقيق نتائج أفضل”.

إن السمعة الطيبة تجعل حاضنات المواهب جاذبة لأفضل المواهب حول العالم. وتتَّبع هذه الشركات “إجراءات دقيقة” للتوظيف تناسب كلاً من حديثي التخرج وذوي الخبرة. وأشار المشاركون في الاستقصاء إلى أن حاضنات المواهب “تفتش عن أساليب مختلفة لجذب شتى أنواع المواهب، وهي “مستعدة للمجازفة من أجل هذه المواهب”.

تتميز حاضنات المواهب، إضافة إلى تميزها في أساليب التوظيف والتعيين، بقدرتها على التعرف على المواهب داخل المؤسسة نفسها، ثم الاستثمار فيها. لذلك فهي تشتهر بأنها من أفضل أماكن العمل التي يمكن للمرء أن ينتمي إليها أو يمكث فيها. وأشار أحد المشاركين الآخرين إلى أن هذه الشركات لديها “التزام بتطوير قدرات القادة على كافة المستويات في المؤسسة”، وتتيح فرص التنقل الوظيفي الداخلي (سواء التصاعدي أو الأفقي أو حتى الدولي).

وعلى الرغم مما ذكُر، فإن هذه الشركات تتوقع شيئاً من تسرب الموظفين. فاقترح أحد مستشاري البحث حلاً يتمثل في ممارسة رئيسية هي “الإبقاء على أفضل العناصر وتسريح البقية”. وبما أن “البقية” انتقلوا للعمل في مواقع جديدة وفي قطاعات مختلفة، حافظت حاضنات المواهب على “شبكة علاقات قوية مع الخريجين”، وهي ميزة استراتيجية كبيرة لأي مؤسسة. ويمثل الخريجون سفراء إيجابيين لشركاتهم السابقة ومصادر معلومات عنها.

وفي الختام أشار المشاركون في الاستقصاء إلى التوازن الذي تحققه حاضنات المواهب بين دورها الذي تؤديه في ريادة الفكر عن طريق “الإبقاء على خبراتها داخل الشركة” من خلال الوثائق الرسمية وبين “التأكد من انتقال الدروس المستفادة إلى الأجيال الجديدة”.

الاستثمار المكثف في التدريب والتطوير

تتبنى حاضنات المواهب رؤية طويلة الأمد برعاية من القيادات العليا للمؤسسة فيما يخص تطوير قدرات الموظفين. وحسبما أشار أحد المشاركين في الاستقصاء، يعد “التطوير المستمر جزءاً أساسياً من رسالة الشركة، وليس عرضياً ولا استثنائياً” داخل حاضنات المواهب.

وحدد المشاركون مجموعة كبيرة ومتنوعة من فرص التدريب والتطوير التي تقدمها حاضنات الأعمال، وتشمل:

  • إعداد الموظفين الجدد
  • دورات تعليمية ومقررات دراسية تُعقَد داخل المؤسسة
  • ابتعاث الموظفين للمشاركة في دورات تدريبية أو برامج تعليمية خارجية
  • تغطية تكاليف البرامج التدريبية
  • شراكات مع مؤسسات تعليمية خارجية
  • شهادات تدريبية معتمدة من القطاع
  • التوجيه والتدريب (سواء الرسمي أو غير الرسمي) داخل المؤسسة
  • تدريب التنفيذيين (بالاستعانة بمدربين محترفين من خارج صفوف المؤسسة)
  • اكتساب الخبرة المبكرة في أثناء مزاولة العمل وفرصة “قيادة الموظفين واتخاذ مجموعة كبيرة من القرارات الاستراتيجية والتكتيكية أو توجيهها”
  • تناوب الموظفين في مناصب العمل
  • مأموريات دولية

ذكر عدد من المشاركين في الاستقصاء أنّ حاضنات المواهب تهتم اهتماماً كبيراً بزيادة الخبرة. والهدف من ذلك، كما ذكر أحدهم، هو “تزويد القادة الناشئين بالخبرات المتنوعة في الأعمال والوظائف والمناطق الجغرافية المختلفة” من خلال “تناوبهم على الوظائف المختلفة وتنقلهم عبر مختلف الدول”. وعندما يتعذر تناوب الموظفين في مناصب العمل، قد تستخدم الشركات برامج أخرى من أجل تحقيق التفاهم بين مختلف الإدارات. ذكر أحد المشاركين في الاستقصاء واحدة من شركات التكنولوجيا الحيوية التي قدمت “للأطباء وغيرهم من العاملين بحقل الطب السريري تدريباً على الأعمال التجارية. وقدمت للعاملين بالأعمال التجارية والإدارية فرصة الاطلاع على بعض مسائل الطب السريري”.

كانت المهارات والجهود المبذولة في موضوعات التدريب والتطوير المذكورة في الاستقصاء شاملة أيضاً:

  • المعرفة الوظيفية
  • معرفة القطاع
  • الآداب المهنية
  • القيادة العملية
  • الإدارة
  • العمليات
  • التفاوض
  • مهارات التواصل
  • الذكاء العاطفي
  • التفكير الاستراتيجي
  • البيانات والتحليلات
  • إدارة التغيير

يخضع الموظفون الجدد في حاضنات المواهب، حسبما ذكر بعض المشاركين في الاستقصاء، “لبرنامج تطوير مكثف يبين للمواهب الجديدة ‘كيف يكون الأداء الجيد'”؛ وتوفر لهم هذه الحاضنات موجهين ماهرين وصبورين يحيطون جميع المواهب الشابة بالترحيب. وتضع بعض المؤسسات، خاصة شركات الخدمات المهنية، المواهب الجديدة في مجموعات وتخضع هذه المجموعات لتدريب مشترك. وتتاح الفرصة مبكراً للموظفين الجدد لاتخاذ قرارات تحمل عواقب حقيقية، وللمشاركة في “مشروعات تحقق لهم التعلم السريع من خلال النجاح أو الفشل”.

هذا البرنامج التطويري مستهدَف بحد ذاته، وهو مصمم ليناسب كل فرد على حدة. وقد بين أحد المشاركين في الاستقصاء أن “البرامج التي تقدمها حاضنات المواهب تمتد لعدة سنوات وتوفر تقييماً للموظفين وتدريباً (داخل المؤسسة وخارجها). تحدد هذه البرامج أوجه القصور والنمو لدى الموظفين، وتضع بعض المهام لمعالجة القصور” وتحقيق ثقافة “الجدارة فوق الاعتبارات السياسية”. وتربط البرامج التدريبية بين خطط المسار المهني الفردي والتخطيط لتعاقب الموظفين على مستوى المؤسسة، وذلك من خلال برنامج إمداد قوي من المناصب التنفيذية العليا أو القادة المنتخَبين، وهو يركز على مواطن القوة وأوجه القصور لدى المرشَّح”.

حاضنات المواهب لديها ثقافة مؤسسية قوية وعمليات داخلية فعالة

تُعرف حاضنات المواهب بأدائها الفائق وثقافتها المؤسسية السامية التي تشجع التعلم المستمر، وتفوقها في إدارة العمليات. ولديها ما يكفي من الموارد المخصصة لبرامج التطوير.

ذكر 65 شخصاً من المشاركين في الاستقصاء “الثقافة” بوصفها عاملاً فعالاً، مشيرين إلى العمل الجماعي “والتعاون بين الموظفين”؛ كما ذكروا التميز والأداء العالي؛ وركزوا على النمو والتعلم، بما في ذلك “روح التعلم من الأخطاء ثم الانطلاق”. ولا بد للقادة أن يجسّدوا هذه القيم الثقافية، خاصة قيمة “الاستثمار في الموظفين”. ولا بد من نشر هذه القيم داخل المؤسسة وخارجها.

تتميز حاضنات المواهب “بما لديها من الموارد والإصرار على الاستثمار الدائم في تطوير قادة المؤسسة”. ومن هذه الموارد: وفرة الأموال المخصصة لبرامج التدريب؛ وأقسام الموارد البشرية التي تعمل بكفاءة؛ والتوسع “الكبير الذي يضم مناصب كثيرة تكون مصدراً للتعلم، والتوسع في القطاع”.

تُعرف حاضنات المواهب أيضاً “بالتميز التشغيلي” الداخلي، وهو الذي يمكّنها من دعم المواهب المتميزة التي ترعاها. ويتضمن ذلك: “إدارة جيدة على الدوام”، وسجلاً حافلاً بالقرارات الجيدة فيما يتعلق بالتغيير المؤسسي، وتبنّي أحدث التكنولوجيات والعمليات، “ومنهجاً منظَّماً في حل المشكلات، وعمليات واضحة، ومؤشرات الأداء الرئيسة”. وتستخدم حاضنات المواهب “أنظمة تشغيل قياسية” وتوظف “أدوات ونماذج قوية في المواقع ووحدات العمل”. ويساعد على عملية التوظيف في مثل هذه الشركات أنها شركات جيدة في المعتاد، “وكثيراً ما تفوز بجوائز ‘أفضل أماكن العمل'”. وكان مما ذكر المشاركون في الاستقصاء: “رواتب وامتيازات تنافسية”، وسياسات وإجراءات فعالة في “إدارة الموظفين”، وبنية تنظيمية تدعم المدراء وتحفز الموظفين.

تحظى حاضنات المواهب باحترام البيئة الأوسع التي تعمل فيها

تشتهر حاصنات المواهب بالتفوق المستدام؛ وبأنها تضع معايير القطاع من خلال تجربة العميل المتميزة، والمنتجات المبتكرة، وقوة الملكية الفكرية. وتتسم العلامات التجارية لحاضنات المواهب بأنها “ذات صلة بالثقافة، وبالتالي بحياة الناس” بحسب ما ذكر أحد المشاركين في الاستقصاء. وقال مشارك آخر: “أهدافها طموحة، وتهتم بتحقيق النتائج”. وذكر غيره: “تقدم المنتجات والخدمات على نحو آمن ووفقاً للمعايير والأنظمة القانونية”.

وتميل حاضنات المواهب إلى الحصول على حصة سوقية مسيطرة. فقد أشار المشاركون إلى قوة هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وإهلاك الدين، والأرباح أو الإيرادات، والتدفق النقدي، والنمو المستمر لصالح المساهمين. في الوقت نفسه، أشار المشاركون في الاستقصاء إلى أن هذه الشركات “تلتزم التزاماً واضحاً بقيمة أصحاب المصلحة، وليس بقيمة المساهمين فقط”. ويسفر هذا عن سمعة طيبة وسط الموظفين والمستثمرين والعملاء والمورّدين.

تشكيل البيئة المحيطة والاستجابة لها

صورت إجابات المشاركين في الاستقصاء، في مجملها، القدرة الهائلة لحاضنات المواهب على تشكيل البيئة المحيطة بها والاستجابة لها. فهي “تغتنم الفرص وترحب بالتغيير”، وهي مؤسسات “لا تكتفي بتبني التوجهات بل تصنعها”. ومع ذلك فإن هذه المؤسسات المعمِّرة ليست كيانات عنيدة مستحدثة لا تؤمن إلا بمبدأ الزعزعة؛ بل كما قال أحد المشاركين في الاستقصاء: “نحن نعيش حالة من التناقض؛ فغالبية الاستراتيجيات الجديدة تفشل، وغالبية الاستراتيجيات القديمة تموت، ولكن أكبر التحديات يكمن في استمرار التقدم والثبات على رؤيتك وعملك الأساسي، وفي الوقت نفسه الاستمرار في الابتكار واستكشاف استراتيجيات جديدة لتحسين العمل والبقاء في مقدمة الصفوف وعلى صلة بالبيئة المحيطة. فلا مفر من تحقيق التوازن بين الاستراتيجيات القديمة والجديدة، ولا مجال للاختيار بينهما”.

كيف تحقق حاضنات المواهب هذا التوازن؟ تحافظ حاضنات المواهب على تأسيسها المتين بالتركيز على التخطيط الطويل المدى ومقترحات القيمة الأساسية. وفي تلك الأثناء لا تتوقف حاضنات المواهب عن التواصل مع العملاء أو الزبائن، والموظفين العاملين معها، والبيئة الأوسع المحيطة بها بهدف جمع الآراء وإنشاء نماذج جديدة.

يمتد هذا التواصل مع البيئة الأوسع المحيطة بحاضنات المواهب إلى خارج حدود القطاع الذي تعمل فيه. وعلى حد تعبير المشاركين في الاستقصاء، تتبنى حاضنات المواهب رؤية أوسع فيما يتعلق “بخلق القيمة والأثر الاجتماعي، فتحقق بذلك مصداقية ومشاركة تتجاوزان المنتجات أو الخدمات”. وتعمل حاضنات المواهب على نطاق دولي ولها “تأثير على السياسة العامة”، وتشارك أيضاً في المجتمعات المحلية. وترتبط رؤية العديد من أصحاب المصلحة، وترتبط بعض القيم الأخرى، بأهداف العمل؛ بالإضافة إلى “التفكير المعاصر حول تجربة الموظف في العمل والغاية الاجتماعية”.

ما المؤسسات التي ستصبح في المستقبل حاضنات المواهب؟ ربما تلك التي نجحت نجاحاً كبيراً في “التعامل مع الحركات الاجتماعية الأخيرة، ومعالجة الخوف من الجائحة، والتعامل مع زعزعة القطاع والاقتصاد العالمي المتغير” اليوم.

ملاحظة المحرر: جميع الترتيبات والمؤشرات مجرد وسيلة واحدة من وسائل التحليل والمقارنة بين الشركات أو الأماكن بناءً على منهجية محددة ومجموعة من البيانات. ونحن في هارفارد بزنس ريفيو، نرى أن المؤشر المصمم جيداً يمكنه تقديم إيضاحات مفيدة، غير أنه، بحكم طبيعته، يعتبر لمحة موجزة من صورة أكبر. لذلك نحث القارئ دائماً على قراءة المنهجية بعناية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .