عند البحث عن موظف لشغل وظيفة شاغرة، يكون المرشح الأمثل هو من يستوفي جميع شروط الوظيفة، أليس كذلك؟ ربما لا. فالتوصيف الوظيفي الأفضل صياغة ربما لا يشمل كل شخص يمكنه أن يتألق في هذه الوظيفة، فبعض المتقدمين من ذوي الخلفيات غير التقليدية أو المسارات المهنية غير المعتادة قد يقدموا لك شيئاً لا ترغب في تفويته. فما هي الطريقة الصحيحة لتقييم مرشحي الوظائف؟
الطريقة الصحيحة لتقييم المرشحين الجدد للوظائف
كيف تتأكد إذاً أنك لن تخسر هؤلاء المرشحين الذين قد يزودوك بمواهب واهتمامات وخبرات غير عادية قد تكون هبة حقيقية لمؤسستك؟ بصفتك مدير التوظيف، يجب عليك قراءة السير الذاتية والخطابات التعريفية بحرص والاستماع بعناية إلى السيرة المهنية لكل مرشح، إلى جانب النظر إلى ما هو مهم للوظيفة فعلاً، وليس إلى ما هو مذكور في التوصيف الوظيفي فحسب.
خذ قصة "كمال"، على سبيل المثال. سمعت عن "كمال" (ليس اسمه الحقيقي) من المؤلف المشارك معي جو جوركوف، الذي أخبرني أن كمال درس وعمل في مجال الهندسة، لكنه في النهاية أراد أن يغير مجال عمله إلى مجال بيع التقنيات الحديثة. لم يكن لدي كمال أي تدريب أو خبرة من أي نوع، فواجه على الرغم من مهاراته الفنية مهمة صعبة في إقناع مدير التوظيف أن بإمكانه أن يحقق دخلاً للشركة من خلال إقناع العملاء بشراء منتجاتها.
لحسن الحظ، كان كمال يتمتع بمهارات تمثيل صقلها على مدار سنوات من خلال مشاركته في أعمال مسرحية أداها على مسرح البلدية بعد ساعات الدوام في عمله. كان انطوائياً بطبيعته، فدفع نفسه في البداية لصعود ذلك المسرح وأداء دوره دون أن يهرب قبل الاستراحة. وبالتدريب، أدرك أنه يستمتع بهذه اللحظات التي يواجه فيها الجمهور ويقنعهم أنه الشخص الذي يؤدي دوره.
عندما فكّر كمال في المسار الوظيفي الذي يريد اتباعه، رأى كيف يمكن أن تساعده مهاراته في التمثيل في بيع المنتجات إلى جمهور جديد، هم العملاء المحتملون لشركة تقنية. فبإمكانه أن يمثّل أنه "خبير في الموقف الراهن" ليكسب ثقة المشترين المحتملين ويتمم صفقة البيع بنجاح. علم كمال أن هذا ممكناً وأراد أن يتأكد أن مدير التوظيف سيفهم هذا أيضاً، فأقنع مدير المبيعات في أكثر شركة يودّ العمل فيها وطلب منه أن يمنحه فرصة ليختبر أداءه في الوظيفة. وفي اختبار الأداء، لم يخبر كمال مديره المحتمل كيف ستجعله مهارات التمثيل عضواً ناجحاً في فريق المبيعات فحسب، بل أدى له سيناريو لعملية بيع صعبة. فأُعجِب مدير التوظيف بكمال ومنحه الوظيفة.
لقد سبح كمال عكس التيار ونجح الأمر، إلا أن مدير التوظيف خاطر أيضاً ووضع ثقته فيه، ولهذا كانت النتيجة إيجابية لكليهما. لقد نجح كمال في بيع هذه المنتجات التقنية لأنه تمكّن من الجمع بين معرفته الهندسية وحضوره على المسرح كممثل.
كيف تتجنب خسارة المواهب في عمليات التوظيف؟
كيف تضمن إذاً أنك لن تخسر شخصاً مثل كمال أو مرشحاً جديراً بالوظيفة، لكن سيرته المهنية لا تتفق مع ما هو مطلوب عادة لهذه الوظيفة؟ إليك كيفية تقييم موهبة قادمة من اتجاه يختلف عن المتوقع:
اقرأ المعلومات التي لديك عن المرشح:
سواء كانت ملخصاً أعده فريق البحث التنفيذي أو خطاباً تعريفياً أو سيرة ذاتية. لا تعتمد على وجود أو عدم وجود منصب أو وظيفة محددة في السيرة الذاتية، وابحث عن المهارات والقدرات التي أظهرها هذا الشخص. فالمتقدم الذكي سيلخص ويبرز النقاط التي تجعله عنصراً فاعلاً فعلاً بدلاً من الاعتماد على المسميات الوظيفية كي تقص سيرته.
استخدم التقنيات السلوكية عند إجراء المقابلات الشخصية:
اطلب من المرشح أن يحكي موقفاً استخدم فيه أنواع المهارات والقدرات التي تحتاج إليها مؤسستك. لقد كان كمال يفتقر إلى خلفية رسمية في مجال المبيعات، لكنه تمكن من وصف المهارات التي تعلمها على المسرح وتوضيحها بفاعلية، وكانت وثيقة الصلة بالوظيفة.
انظر واستمع إلى وعي المرشح بذاته:
إلى أي مدى يعرف نفسه ونقاط القوة والضعف لديه؟ الوعي الذاتي مهم لكل مرشح، فعندما يتولى شخص وظيفة جديدة، ويتعرض إلى موقف صعب، يجب أن يكون على علم بمهاراته الحالية بما يكفي ليُعاود نشاطه فوراً. كما يجب أن يكون مدركاً للقدرات التي يفتقر إليها، ليتمكن من طلب المساعدة التي يحتاج إليها لحل مشكلة بسرعة وفاعلية قدر الإمكان. ومن الأهمية بمكان أن يكسب المتقدم غير الاعتيادي ثقتك بأن يوضح ما يمكنه فعله للمساهمة في فريقك، ولكن دون مبالغة. بصفتك مدير التوظيف ستحتاج إلى أن تعرف أن مهاراته وخبرته غير العادية مقنعة ومعقولة، وأنه لا يَعد فحسب بمجموعة من القدرات المستحيلة. لذا، فإن المتقدم الأفضل للوظيفة هو من يتمكن من تحديد ما يمكنه فعله جيداً، وأين يمكنه أن يحقق تحسناً.
استخدم الأشخاص المرجعيين لمساعدتك في فهم المرشح:
فبإمكان رئيسه أو زميله في العمل أو أعماله التطوعية أو مجال دراسته أن يحدد لك مدى دقته ونزاهته وفضوله ورغبته في التعلم ومدى مناسبة مهارات التواصل والتكيف لديه للوظيفة التي لديك، وهو ما لا يقل أهمية عن خلفيته التعليمية ومهاراته الفنية ووظائفه السابقة. اقرأ رسائل التوصية بحرص وابحث عن أمثلة محددة توضح كيف طوّر المتقدم قدراته واستخدمها. إذا تحدثت مع الأشخاص الذين أوصوا بالمرشح، احرص على أن توضح تفاصيل الوظيفة المعروضة كاملةً، واسألهم كيف ستفيد مهارات المرشح وخبرته في هذا الدور برأيهم. أوضح أنك لا تعارض التفكير في هذا المرشح للوظيفة، لكنك تحتاج إلى أسباب محددة تطمئنك أنه سينجح في هذا التحول.
ركّز على الرغبة في التعلّم:
قد تكون هذه أهم صفة تبحث عنها، فالمرشح الذي يستوفي جميع متطلبات الوصف الوظيفي الذي حددته، لكنه متمسك بطريقته ولا يرغب في التعلم والتأقلم، ستكون مساهماته في مجموعتك أقل من الشخص الذي يُقرّ بما لا يعرفه ولديه سجل حافل باكتساب مهارات جديدة. اطلب منه أن يُحدّثك عن مهارة جديدة صعبة كان عليه تعلمها، وكيف أتم تلك العملية. هل كان متحمساً لها؟ هل صمم على متابعة تعلمها ومعرفة كل شيء عنها؟ اسأله أي جزء في الوظيفة يثير حماسه للتعلم، وأي جزء يعرف أنه سيتعيّن عليه تعلمه. هذا السؤال هو الجانب الآخر من "أخبرني بما تعرف كيفية عمله"، حيث يضمن لك أن هذا المتقدم سيبدأ العمل بجد ويتابع التقدم فيه.
عند التفكير في تعيين مرشحين غير تقليديين، قد تضطر إلى المخاطرة بأخذ قفزة ثقة. أحياناً تكون هذه القفزة صغيرة، وأحياناً أخرى تكون أكبر، إلا أن جهدك المبذول لـ "ربط النقاط" بين الخبرة الفريدة لهذا الشخص والأهداف الأساسية لمؤسستك، سيكون استثماراً عظيماً في نجاح مجموعتك، وقد يُسفر عن نتيجة إيجابية هائلة متعلقة بمعرفة كيفية تقييم المرشحين للوظائف.