ملخص: من الصعب البحث عن وظيفة بعد تسريحك من عملك. في هذه المقالة تشارك ناتاشا دسوزا تجربتها بعد تسريحها من عملها وإعادة تقييم حياتها المهنية. بدلاً من مضاعفة طلبات التوظيف التي تقدمها، حاول بناء عمل جانبي. وإليك 3 طرق لفعل ذلك:
- الطريقة الأولى: قيِّم مهاراتك لتحديدها وتعرف إلى اهتماماتك الأكثر قيمة (خارج نطاق دورك الوظيفي).
- الطريقة الثانية: ركز على مجال يمكنك التخصص فيه وكسب دخل منه. على سبيل المثال، هل تحب الكتابة وقطاع التكنولوجيا؟ فكر في أن تصبح صحفياً مستقلاً في مجال الأعمال.
- الطريقة الثالثة: فكر في طرق لتوسيع نطاق عملك الجانبي لتنويع مصادر دخلك.
قبل 6 سنوات، في صباح أحد أيام الثلاثاء ذي الطقس الحار في شهر أغسطس/آب، استلمت بريداً إلكترونياً من مدير الموارد البشرية في الشركة التي كنت أعمل فيها طوال السنوات السبع الماضية. وبحلول الساعة الخامسة مساءً من اليوم نفسه، تم تسريحي من عملي.
ربما كان عليّ أن أتوقع حدوث ذلك. فعلى الرغم من أنني حققت النجاح في مرحلة مبكرة، ووثقوا بي وكلفوني بمشاريع بارزة، بدأت أشعر بخيبة الأمل في دوري.
مغادرة مديري قبل بضع سنوات جعلتني بلا إبداع ولا توجيه. وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلتها، لم يتم تعزيز موهبتي واستقلاليتي بالطريقة نفسها، ولم تسفر المقابلات الاستشارية التي أجريتها خارج نطاق الشركة عن أي اقتراحات مفيدة. بدأ مجرد الذهاب إلى المكتب يبدو كأنه مهمة تحتاج إلى بذل جهد نفسياً وجسدياً. كنت منفصلة للغاية عن العمل لدرجة أنني في اليوم الذي تم تسريحي فيه، فكرت في أنني بذلك حصلت على أكثر ما كنت أحتاج إليه: مخرج.
قد يكون من الملائم، وما يتفق مع موضوع هذه المقالة أيضاً، أن أخبرك أنني غادرت عملي ذلك اليوم وأنا أشعر بالحماس ولم أكن أبالي بما حدث. ولكن قول ذلك سيكون محض كذب. فسواء كنت تحب وظيفتك أو تكرهها، يُعد التسريح من العمل مؤلماً تماماً مثل قطع علاقة مهمة في حياتك الشخصية. لا أحد (وبالتأكيد مَن لديهم قدرة عالية على الإنجاز مثلي) يريد مطلقاً أن يعرف أنه "لم تعد هناك حاجة إليه".
كنت في ذلك الوقت في الثانية والثلاثين من عمري وكانت لدي مخاوف بشأن إيجاد فرصة عمل أخرى ممتعة وملهمة مثل تلك التي عملت فيها في العقد الأول من حياتي المهنية. ترقيت في المناصب بسرعة في شركتي الأخيرة وكنت معتادة على العمل مع كبار القادة في سن صغيرة للغاية. لم أكن متأكدة كيف سينظر أصحاب العمل المحتملون إلى مساري المهني غير التقليدي. فهل سأجد أدواراً تناسب مهاراتي المتنوعة؟ وهل سيعتقد مدراء التوظيف أنني كنت صغيرة للغاية على تولي مناصب إدارية عليا كنت أعرف أنني أستحق الوصول إليها؟ كيف ستنظر "السوق" إلى القيمة التي كنت أعرف أن بإمكاني إضافتها (والتي أضفتها من قبل)؟
متى يجب القيام بما هو أكثر من البحث عن وظيفة؟
بعد 6 أشهر (وتقديم ما يقرب من 100 طلب توظيف)، تلقيت رسالة رفض جديدة عبر البريد الإلكتروني تقول "استلمنا العديد من طلبات التوظيف الرائعة، وللأسف لم ينجح طلبك هذه المرة في الوصول إلى المرحلة النهائية". انكسر شيء ما بداخلي.
في مساء هذا اليوم نفسه، بينما كنت أبكي من الغضب، قررت إجراء تغيير. سأتوقف عن بذل كل وقتي وطاقتي في إجراء مقابلة "سخيفة" فقط لمعرفة ما إذا كانت فكرة شخص آخر عن المرشح الناجح تتوافق مع مؤهلاتي. ولن أنتظر حتى تؤثر شركة في مستقبلي المهني. فقد أدركت أن الوظائف تأتي وتذهب، لكن لا يلزم أن يعتمد مستقبلي المهني عليها.
العمل الجانبي
فكر في "العمل الجانبي" كشيء مكمل لبحثك عن وظيفة. ليس عليك التوقف عن البحث عن وظيفة، لكني أدعوك إلى قضاء بضع ساعات هذا الأسبوع في التفكير في طرق إبداعية أخرى يمكنك من خلالها تحقيق دخل. إذا تم تصميم العمل الجانبي بشكل مدروس، فيمكن أن يحقق لك أجراً يعادل أجرك في وظيفة بدوام كامل أو أكثر. وهو أيضاً طريقة رائعة "للتأمين على حياتك المهنية" أو توفير خيار احتياطي في أثناء فترات عدم الاستقرار الاقتصادي أو الفترات التي تكون فيها من دون عمل.
هذا ما تعلمته عن إطلاق عمل جانبي والتحكم في زمام حياتي المهنية خلال الشهور العديدة التي قضيتها من دون وظيفة. آمل أن تلهمك رحلتي، وبعض النصائح المفيدة التي سأقدمها لك، لفعل الشيء نفسه.
أولاً، اكتشفت "مواطن قوتي الخفية".
بعد تسريحي من العمل، والانتقال سريعاً إلى البحث عن وظيفة جديدة، قضيت الكثير من الوقت في البحث عن وظيفة والتعارف، لدرجة أنني نسيت التركيز على شيء أساسي (وفي غاية الأهمية): تحسين مهاراتي. فبعد 6 أشهر، لم تكن لدي وظيفة ولا مجموعة مهارات جديدة.
هذا هو ما دفعني إلى تغيير مساري. في البداية، قضيت بعض الوقت في التفكير في مهاراتي الحالية وكيف يمكنني استثمارها لكسب دخل. قبل بضعة أشهر من تسريحي، كنت قد بدأت الكتابة من حين لآخر كصحفية مستقلة، مع التركيز على التكنولوجيات المزدهرة ووضع الشركات الناشئة في منطقتي. فقد كان هذا مشروعاً أشعر بالشغف تجاهه أكثر من مصدر دخل إضافي ثابت.
بدا لي أن "الكتابة" هي "أدنى ثمرة يمكنني قطفها". كان لدي بالفعل علاقات عمل في مجال الإعلام فيما يتصل بالتكنولوجيات، واستخدمت شبكة علاقاتي للحصول على مهمات بصورة منتظمة بأسعار مماثلة للأسعار المتعارف عليها في القطاع. على الرغم من أن عرض الموضوعات على المحررين الذين عملت معهم كان سهلاً إلى حد ما، فقد استغرق الوصول إلى صحف جديدة وقتاً. ففي كثير من الأحيان، كنت أعرض عدة أفكار دون تلقي رد من الطرف الآخر، على الرغم من متابعاتي الدؤوبة. كان التعود على هذا الرفض صعباً، لكنني حولت تركيزي إلى الدروس المستفادة. يمكنني الآن متابعة آخر التطورات في بيئة الشركات الناشئة، وكذلك تكوين علاقات مع مجموعة كبيرة من الأشخاص من مختلف أنحاء العالم.
الدرس المستفاد: قيِّم مهاراتك لتحديد مواطن قوتك "المعروفة" و"الخفية". اطلب من الأصدقاء المقربين والموجهين مساعدتك على تحديد قدراتك الطبيعية التي تمكّنك من إضافة قيمة والتي ربما لم تستخدمها في وظيفتك السابقة. واطلب من الأشخاص في شبكة علاقاتك الحالية مساعدتك من خلال تقديمك إلى معارفهم في مجال اهتمامك حتى تتمكن من توسيع شبكتك بطريقة موجهة وعاجلة.
ثانياً، تعلمت كيف أتميز عن الآخرين.
كنت أعلم أن الطريقة الوحيدة لجذب الفرص المتميزة هي بأن أتمكن من المنافسة عالمياً. لكن للقيام بذلك، كنت بحاجة إلى ما يميزني عن الصحفيين الآخرين في مجال الأعمال في المنطقة، خاصة أنني لم أدرس في كلية صحافة ولم أعمل سابقاً مع ناشرين مشهورين في هذا المجال مثل بلومبرغ (Bloomberg) أو وول ستريت جورنال (The Wall Street Journal).
قررت من البداية أن أتخصص في مجال محدد لذلك ركزت على إعداد تقارير حول الشركات الناشئة والتكنولوجيا وريادة الأعمال في الشرق الأوسط. وقد تطور هذا المجال منذ ذلك الحين بطبيعة الحال، ولكن في ذلك الوقت كانت بيئة الشركات الناشئة تتطور بسرعة في هذه المنطقة، ورأيت أن أمامي فرصة لأكون صوتاً جديداً في سوق ناشئة.
بحثت في الأمر، وفهمت كل ما يمكنني فهمه عن هذا القطاع، وراقبت المؤسسين والشركات الناشئة الذين يُتوقع نجاحهم، وكنت أعرض باستمرار أفكاراً لموضوعات على رؤساء التحرير الذين أتعامل معهم. والأهم من ذلك أنني بحثت عن كبار الكتاب والمحررين في قطاع الإعلام المتخصص في مجال الأعمال التجارية حتى أتمكن من تحسين مهاراتي وبناء مصداقية. وبعد ذلك بعامين، تمكنت بنجاح من عرض عمودي الأول على مجلة فوربس (Forbes)، ولكنه للأسف لم يُنشر بسبب بعض التغييرات الداخلية في الفريق (وهو درس مؤلم في سياسات غرف الأخبار!).
الدرس المستفاد: يجب أن تكون متميزاً للفوز بأفضل الفرص والأجور. وسيتطلب ذلك بناء مجموعة مهارات متخصصة، بحيث تكون مطلوبة ولكن لا يمكن تقليدها بسهولة. تفحّص مواطن قوتك المتنوعة ومجالات اهتمامك الفريدة، وفكر في كيفية الجمع بينها. إذا كنت تعمل في مجال الموارد البشرية وتستمتع بعملية التواصل مع المواهب المحتملة، ففكر في دخول مجال التدريب المهني. وإذا كنت تحب استخدام التكنولوجيات المتعلقة بنمط الحياة وتجربتها، ففكر في أن تصبح منشئ محتوى لعرض خبرتك سواء كان ذلك من خلال إنشاء مدونة أو حساب على إنستغرام أو قناة على يوتيوب أو عرض تقاريرك على مجلات تحظى بإعجابك. المهم هو ألا تركز على ما تجيد فعله فحسب، بل يجب أن تركز أيضاً على ما أنت مشغوف به حقاً. فغالباً ما يمنحنا هذا الشغف منظوراً أعمق وفريداً لمجالات اهتمامنا، إضافة إلى زيادة قدرتنا على التحمل عندما يتعلق الأمر بإنجاز العمل. وهذا المزيج سيميزك عن الآخرين على المدى الطويل.
أخيراً، تعلمت كيفية تنويع مصادر دخلي وتوسيع نطاق عملي الجانبي.
يُعد التنويع ضرورياً لحياتك المهنية، تماماً مثل المحفظة الاستثمارية، ما يعني أنك بحاجة إلى بناء مسارات عمل متعددة مدرة للدخل. في حالتي، كان هذا يعني بناء أعمال جانبية مختلفة مستمدة من عملي الرئيسي: إعداد تقارير في مجالي الأعمال التجارية والتكنولوجيا. عندما بدأت العمل كصحفية مستقلة، أجريت بحثاً سريعاً عن السوق المحلية والإقليمية التي أعمل فيها لمعرفة الصحفيين الذين لديهم سجل راسخ في مجال الأعمال (باختصار، مَن الذين أُقارَن بهم؟)، واكتشفت أن العديد منهم استكملوا عملهم الصحفي بتلقي دعوات لتقديم/تنسيق/إدارة فعاليات مثل حفلات توزيع الجوائز وإطلاق المنتجات والمؤتمرات الكبيرة.
لاحظت خلال بحثي أن لا أحد من هؤلاء الصحفيين لديه خبرة سابقة في الأعمال التجارية الكبيرة، وأن القليل منهم لديه خبرة في إجراء مقابلات مع الشخصيات البارزة في مجال الأعمال على الصعيد العالمي. وقد دفعني ذلك إلى إجراء مقابلة مع الرئيس التنفيذي السابق لشركة آبل، جون سكولي، وعلمت أنه يمكنني استخدام هذه الخبرة للترويج لنفسي بوصفي رئيسة ومديرة مؤتمرات ذات كفاءة. وذلك بعد فهم أسعار السوق جيداً بمساعدة بعض الزملاء السابقين (إذ يجب أن تجري دائماً الاستقصاء اللازم). في البداية، لم يكن لدي ما يكفي من الخبرة للعمل كمتحدثة. وقد بحثت لمدة عام كامل عن المؤتمرات المحلية وعرضت أن أتحدث في كل منها. تطلب الأمر وقتاً ومثابرة، ولكني في النهاية تمكنت من ترؤس بعض من أكبر المؤتمرات المتعلقة بالتكنولوجيا في العام نفسه.
الدرس المستفاد: ابحث عن الفرص المرتبطة بعملك الجانبي. على سبيل المثال، إذا كنت مدرب صوت متمرساً، فبالإضافة إلى تقديم تدريب صوتي للطلاب، هل يمكنك تدريب مدربي الصوت الصاعدين على فن التدريس؟ وإذا كنت طاهياً، فربما يمكنك التفكير في تأليف كتاب أو إطلاق برنامجك عبر الإنترنت أو إنشاء مدونة صوتية لعرض أفكارك في الطهي. فالتفكير خارج الصندوق سيساعدك على إيجاد طرق لتوسيع نطاق عملك وعلى الصمود أيضاً في حالة تأثُّر أي من مصادر دخلك.
بالنسبة إلى إيجاد وظيفة بدوام كامل، فقد حصلت في النهاية على وظيفة بعد ما يقرب من 10 أشهر من دون وظيفة، وقد كان ذلك بفضل عملي الجانبي. فقد شاهد مؤسس شركة تكنولوجيا محلية مقابلتي مع جون سكولي وعرض عليّ وظيفة تطوير قسم الاتصالات العالمية وقيادته بينما يستعدون للتوسع الدولي.
وبذلك فقد كان عملي الجانبي بمثابة "مغناطيس" لجذب الفرص الجيدة، كما أنه منحني الدافع والدعم اللذين كنت أحتاج إليهما للنظر إلى حياتي المهنية من منظور جديد. تعلمت أيضاً أن مقياس النجاح المهني لا دخل له بما إذا كنت تعمل في وظيفة بدوام كامل أم لا.
تذكر أن ما تَمُر به الآن ليس أسوأ شيء ستمر به في حياتك المهنية. (ألا تذكر زملاء العمل المؤذيين والمدراء الذين يتبعون نهج الإدارة التفصيلية وتخطيك في الترقيات؟). إذا نظرت إلى الفترة التي تكون فيها عاطلاً عن العمل من منظور جديد، فإن الحياة بعد تسريحك من عملك يمكن أن تكون فرصة نادرة لإعادة بناء مسارك المهني وإعادة استكشافه، والبدء من جديد إن لزم الأمر.