لست بحاجة إلى مدرب مهني للحصول على المشورة التي تحتاج إليها

8 دقائق
الإرشاد المُصغّر
الرسم التوضيحي من قبل ساندرا نافارو

نعلم جميعاً أن العثور على مدرب مهني (أو مُرشد) في أثناء بناء المسار المهني مهم، من فوائده أنه يؤدي إلى ارتفاع الرضا الوظيفي وتوسيع الآفاق المهنية. وفقاً لأحد التقارير، حصل الموظفون الذين حظوا بمرشدين على ترقيات تعادل 5 أضعاف عدد الترقيات التي حصل عليها غيرهم. لكن الحقيقة هي أن عدد القادة الذين يتمتعون بالأقدمية ولديهم الوقت والاهتمام لتوفير الدعم محدود، ما يجعل الخطوة الأولى في العثور على مرشد صعبة. إذا لم يكن لديك مرشد بالفعل، فكيف يمكنك الحصول على التوجيه الذي تحتاج إليه؟

من خلال عملنا في تقديم المشورة للشركات في مجال تطوير القادة الناشئين (دوري هي مستشارة ومتحدثة رئيسية، وأليكسيس هي باحثة أكاديمية وأستاذة جامعية)، اكتشفنا أن المهنيين الشباب لديهم غالباً فرص وفيرة ولكنهم يغفلون عنها بسهولة، لما أطلقنا عليه "الإرشاد المُصغّر" (Micro-mentorship)؛ أي النصائح البسيطة والقابلة للتنفيذ التي يمكن أن تُحدِث فرقاً ملموساً.

فيما يلي 4 طرق يمكنك من خلالها توسيع نطاق فرصك واكتساب الوضوح الذي تحتاج إليه في مسارك المهني باستخدام نهج الإرشاد المُصغّر.

تحديد "المرشدين الخفيين"

نبني غالباً علاقات سطحية مع أشخاص يتمتعون بخبرات مهنية مهمة لنا أكثر مما ندرك. يمكن للأساتذة والمساعدين السابقين في التدريس وأصدقاء العائلة وزملاء تدريبات العمل الداخلية السابقة والأشخاص الذين تربطك بهم معرفة سطحية أن يقدموا جميعاً نصائح محدودة قد يكون أثرها تحويلياً.

على سبيل المثال، افترض زميل يعمل في مجال التأثير الاجتماعي أن المسار الناجح بعد التخرج هو العثور على وظيفة في منطقة حضرية كبرى. دون وجود مرشد يطلب منه النصيحة، تواصل هذا الزميل مع أستاذ لا يعرفه جيداً وتلقى في محادثة قصيرة خلال ساعات العمل اقتراحاً غير متوقع: "لمَ لا تعود إلى مسقط رأسك، حيث قلت إن شغفك بهذا العمل بدأ، وتبدأ مسارك المهني هناك؟" اتبع الزميل هذه النصيحة، وأتاح له هذا النهج زيادة تأثيره إلى أقصى حد مع تطوير مجموعة مهارات مهمة ساعدته في نهاية المطاف في الحصول على وظيفة قيادية في مؤسسة وطنية.

المشورة الجماعية

قد يكون العثور على طرق لاكتساب رؤى أشمل من الغرباء الحكماء المثيرين للاهتمام على القدر نفسه من أهمية التفاعل مع المرشدين الخفيين الذين تعرفهم بالفعل. يمكن أن يتيح لك استخدام شبكتك الموسعة على موقع لينكد إن أو قاعدة بيانات خريجي جامعتك العثور على مجموعة من الأشخاص لتطلب منهم تقديم آراء محددة حول أهدافك المهنية. من المفيد أيضاً أن تبقى منفتحاً على التفاعلات العفوية؛ إذ تلقّى أحد زملائنا نصيحة مهنية غيّرت حياته من امرأة كان جالساً بجانبها على متن طائرة.

لن يوافق الجميع على تقديم المشورة لك، لكن لا تطفُّلَ في أن تطلب من شخص ما نصيحة منفصلة ("أنا أفكر في الحصول على ماجستير في إدارة الأعمال أو ماجستير في السياسة العامة. بالنظر إلى خبرتك في هذا المجال، أي التخصصين هو الأكثر فائدة؟")، أو استفساراً عن تجربته ("ما هي أفضل جوانب العمل في مجال الاندماج والاستحواذ وأسوؤها؟")، أو لقاءً واحداً لتناول القهوة، اعتماداً على الظروف وتوافره.

قد يبدو طلب النصيحة من شخص غريب أمراً مخيفاً، لذا من المهم أيضاً تذكّر أن الكثيرين يُقدّرون طلب تقديم آرائهم. في الواقع، يمكن لطلبك الإرشادي المُصغّر أن يُمكّن هؤلاء الأشخاص من توسيع نطاق تأثيرهم والشعور بالإنجاز المهني دون الحاجة إلى الالتزام بإرشادك على نحو دائم في ظل ضيق وقتهم.

تبنّي التأمل الذاتي

يستطيع المرشدون المُصغّرون أداء دور المرشد، ولكن عندما تتلقى نصيحة من شخص لا يعرفك شخصياً، قد تكون توجيهاته مفيدة عموماً ("عد إلى كلية الدراسات العليا دون تردد!") ولكنها غير مناسبة لوضعك الشخصي (على سبيل المثال، الحاجة إلى العمل بدوام كامل لإعالة أسرتك). لذلك، من المهم أن توازن بين النصيحة وتأملك الذاتي.

عندما تبني شبكة من المرشدين المُصغّرين، عليك أن تعتمد على حدسك ومعرفتك لنفسك بدلاً من مجرد الأخذ بكلام شخص يتمتع بخبرة أكبر. لا مفر من أن تستمع لنفسك وتتعلّم أن تثق بحدسك، وهي مهارة مهمة يجب أن تنمّيها في بداية مسارك المهني. بمرور الوقت، يمكن أن تصبح القدرة على فهم ما يناسبك وتجاهل ما لا يناسبك ميزة تنافسية حاسمة عند اتخاذ القرارات المهنية. على سبيل المثال، قد تشعر بالضغط لقبول عرض عمل يتميز بالأجر الأعلى، ولكن إدراك مجالات اهتماماتك المهنية على المدى الطويل يمكن أن يساعدك على اختيار وظيفة قد تكون أقل أجراً في البداية، ولكنها قد تناسبك أكثر على مدار مسارك المهني.

اغتنام الفرص الرقمية

تماماً كما نتعلم الكثير من الأشخاص الذين لا نعرفهم شخصياً، من خلال قراءة سيرهم الذاتية ومراقبة طريقة تفكيرهم وتعاملهم مع المشكلات، يمكننا أيضاً الحصول على النصح عبر التكنولوجيا الرقمية من روّاد الفكر الذين نعجب بهم. قد تساعدنا الأفكار والقصص التي يشاركونها في منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي على إثارة أسئلة أو رؤى مفيدة. إذا كانوا يعقدون جلسات عمل عبر الإنترنت أو جلسات للإجابة عن أسئلة المتابعين، فقد تتاح لك فرصة التفاعل معهم مباشرةً أو الاطلاع على إجاباتهم عن الأسئلة المطروحة عليهم.

لاحظنا أيضاً أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مثل تشات جي بي تي، قد تساعد على التوصل إلى تصور لطريقة تفكير شخص يحظى بإعجابك في أحد التحديات أو استجابته لها. على سبيل المثال: "ما هي الطرق العشر التي قد يعتقد 'مستر بيست' أنها تساعد على التميز في مقابلة عمل؟" (بالطبع، عند استخدام أي تكنولوجيا من تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي يجب عليك التحقق من صحة المعلومات التي تقدمها، ولكنها يمكن أن تكون نقطة انطلاق مفيدة للعصف الذهني والإلهام).

قد تواجه صعوبات في مسارك المهني إذا لم يكن لديك مرشد يوجهك في تطورك المهني على نحو مستمر. لكن التوجيه المُصغّر لا يقل أهمية عن الاستعانة بمرشد واحد قد يتوصل إلى وجهة نظر ثابتة عنك أو عن مسارك المهني على الرغم من قدرته على تقديم المزيد من النصائح الموجهة بناءً على علاقتك الطويلة الأمد به. من خلال اتباع هذه الاستراتيجيات الأربع، يمكنك الاستفادة من الإرشاد المُصغّر للحصول على المشورة المهنية والانخراط في التأمل الذاتي الذي يمكن أن يكون مفيداً لنموك المهني.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي