ملخص: تتخذ النميمة أشكالاً مختلفة وتخدم أغراضاً مختلفة. وقد تثير المشكلات في مكان العمل عندما تُستخدم كطريقة غير مباشرة للظهور أو الانخراط في نزاعات شخصية. فما الذي عليك فعله إذا اكتشفت أن أحد الزملاء يُثير الإشاعات عنك؟ ما هي طريقة التعامل مع الإشاعات؟ أولاً، دع الناقل للنميمة يعرف أنك ستناقش الأمر مع الزميل النمّام. قد تفقد الوصول إلى بعض المعلومات بالطبع، لكن إذا اقتدى الآخرون بسلوكك، فقد يصبح مكان عملك أكثر صحة. ثانياً، عندما تجابه الشخص النمّام، فركز أولاً على محتوى النميمة بدلاً من أسلوب نقلها. فإن كان لمخاوفه أي قيمة، فيمكنك حينها أن تستفيد من آرائه وأن تُبدي مدى انفتاحك على التقييمات وأن تتيح للآخرين تحمل مسؤولية اتخاذ خيارات أفضل في المرة القادمة التي تتولد فيها لديهم أي شكوك ومخاوف. أخيراً، اطلب منهم التعهد بإخبارك بما يؤرقهم في المستقبل قبل أن تسمع تلك المخاوف من الآخرين، وتعهد بفعل الشيء ذاته.
تخيّل زميلك براء يدنو منك يوماً ويخبرك أن غيثاً، وهو عضو جديد في فريقك، أدلى بتعليقات مهينة عنك أمامه، واصفاً إياك "بشخص ضعيف الأداء وبشخص حصل على الوظيفة قبل أن تتمكن الشركة من جذب المرشحين الذين يمتلكون شهادات اعتماد".
وينقل براء تلك الإشاعات لك بنبرة خافتة، ثم يختتم حديثه قائلاً: "إياك أن تخبره أنني أنا من نقل إليك تلك المعلومات". فما الذي عليك فعله؟
كما كتبتُ من قبل، تتخذ النميمة أشكالاً مختلفة وتخدم أغراضاً مختلفة:
- فقد تكون مصدر معلومات لأولئك الذين لا يثقون في القنوات الرسمية.
- وقد تكون بمثابة تنفيس عاطفي عن الغضب أو الإحباط.
- وقد تُستخدم كطريقة غير مباشرة للظهور أو الانخراط في النزاعات الشخصية.
وذلك الشكل الأخير من النميمة هو ما يثير المشكلات في مكان العمل؛ فهو تواصل تعوزه المسؤولية، وتزييف تواطئي لحل المشكلات. أي كما في المثال أعلاه، يخبرك شخص ما بانتشار إشاعات عنك، ويستخدم النميمة كوسيلة للقيام بذلك. أي أنه يمرر لك المعلومات شرط حجب هويته.
ولا تكون اللحظة الحاسمة لمعالجة النميمة بعد سماعها، ولكن لحظة سماعها. أي كان من الأمثل أن يطلب براء من غيث مشاركة المعلومات معك على الفور، ما لم يكن مستعداً للقيام بذلك بنفسه بالفعل. لكن بما أن ذلك لم يحدث، فيجب أن تقرر أنت بصفتك محور النقاش ما إذا كنت ستبدأ النميمة عنه أو تدعوه إلى التواصل.
وعندما تُوافِق بشكل ضمني أو صريح على ممارسة النميمة حتى تتمكن من معرفة محتوى الإشاعة التي نُشرت عنك، فستصبح بذلك جزءاً من المشكلة. وقد تجنّب نفسك أيضاً اتخاذ الإجراء الوحيد الذي يقود إلى حل: ألا وهو إجراء حوار صريح ومحترم ينتج عنه تفاهم متبادل. وتصبح الطريقة التي تتعامل بها مع تلك اللحظة، اللحظة التي تتلقى فيها دعوة للمشاركة في النميمة، حاسمة جداً. وفيما يلي 3 خطوات عليك اتخاذها عندما ينشر شخص آخر إشاعات عنك.
لا تستمع إذا كنت لا تستطيع التصرف
تبنيتُ ممارسة أخلاقية منذ سنوات لوضع حدود مع أولئك الذين يرغبون في نشر إشاعات عن أشخاص آخرين. فعندما أدركُ أن المحادثة تسير في اتجاه النميمة، أقاطع الشخص بأدب وأعلمه أنني سأتخذ إجراءات استناداً إلى المعلومات التي تلقيتها منه. فذلك يساعده على فهم أن التحدث يعني المسؤولية ويمنحه "فرصة" اتخاذ قرار بالاحتفاظ بالمعلومات لنفسه.
شارك براء في الحالة أعلاه معلومات مهمة بالفعل. ويمكنك في مواقف كتلك أن تقول: "شكراً لإعلامي بمخاوف غيث، سأناقش ذلك الأمر معه. أنا لا أنوي أن أفصح عن اسمك، لكنه قد يخمن أنك الشخص الذي نقل تلك الإشاعات بالفعل". إذا جعله ردك يشعر بالتوتر، فالتزم بقرارك فرض الحدود. يمكنك أن تقول على سبيل المثال: "سأناقش هذا الموضوع مع غيث بشكل مباشر. إذا كنت تحتاج إلى يوم أو أكثر لإخباره بأنك شاركت تلك المعلومات معي، فلك ذلك". وإذا اختار عدم اتخاذ تلك الخطوة، فيمكنك حينها مواصلة قرارك التحدث إلى غيث.
ينطوي الخطر في هذا النهج على أن الناس سيفكرون مرتين قبل مشاركة النميمة معك، قد تفقد الوصول إلى بعض المعلومات بالطبع، لكن إذا اقتدى الآخرون بسلوكك، فقد يصبح مكان عملك أكثر صحة.
عالج المشكلة الصحيحة أولاً
تنطوي الخطوة التالية على إجراء حديث مع غيث. وتتطلب مشكلة النميمة مثل تلك إجراء محادثتين، إحداهما حول العملية والأخرى حول المحتوى.
تتمثّل الغريزة الأولى لدى معظم الناس في معالجة مشكلة العملية، أي حقيقة أن غيث يتحدث عنك بشكل سلبي في غيابك. قد تفترض أن محتوى النميمة لا قيمة له وتتحرك لمواجهة ما يزعجك على الفور، وهي الطريقة غير المناسبة التي يروج بها لـ "افتراءاته". لكن تتمثّل أفضل طريقة لتجاوز المشكلة في التركيز أولاً على مسألة المحتوى، أي مخاوف غيث الواضحة بشأن كفاءتك، وليس على مسألة "التحدث عنك في غيابك".
كُن متواضعاً. لا تقل (ولو بشكل ضمني): "عار عليك لأنك تتحدث عني في غيابي"، بل قل: "إن كنت قد خذلتك بطريقة أو بأخرى، فأريد أن أفهم المشكلة. أو إذا كانت مهاراتي دون المستوى، فأنا بحاجة إلى سماع آرائك". ويُعدّ هذا النهج مفيداً في عدة نواحٍ، أولاً، إذا كانت مخاوف الشخص الآخر ذات قيمة، فيمكنك حينها الاستفادة من تقييماته. ثانياً، يجنّبك هذا النهج تبنّي ممارسة المعاملة بالمثل من خلال منع تصعيد المشكلة إلى نزاع شخصي في المستقبل. وثالثاً، ستُظهر مدى انفتاحك على التعليقات وتتيح للآخرين تحمّل مسؤولية اتخاذ خيارات أفضل في المرة القادمة التي تتولد لديهم أي شكوك ومخاوف.
لا ترتدع إذا بدأ الشخص ادّعاء سوء الفهم أو تحوير أقواله، بل كرر رغبتك في الحصول على تقييمات وحثّه على الالتزام بالصراحة بشأن أي مخاوف.
ناقش مشكلة العملية
بعد أن تستكشف مخاوف الشخص الآخر، يمكنك تحميله المسؤولية بشأن الطريقة غير المباشرة التي بلغت فيها تعليقاته مسمعك. واطلب منه التعهد بإخبارك بما يؤرقه في المستقبل قبل أن تسمع تلك المخاوف من الآخرين، وتعهد بفعل الشيء ذاته. وإذا كنت قد طلبت بأدب الحصول على تقييمات في الخطوة السابقة، فستتمتع حينها بالسلطة الأخلاقية والأمان اللازمين لجعله يتحمّل مسؤولية سلوكه السيئ.
ليس هناك ما يضمن أن معالجة النميمة بهذه الطريقة سيحدّ منها، لكنها ستضمن أن تصبح جزءاً من الحل بدلاً من إدامة المشكلة.