بعد عام من الرفض تعلمت كيف أسوّق نفسي

3 دقيقة
كيف أسوق لنفسي

أدركت بعد إرسالي مئات النسخ من سيرتي الذاتية إلى عشرات الشركات خلال العام الماضي، أن مقاربتي للأمر كانت خاطئة، حيث وجدت أنني وصلت إلى طريق مسدود. لكنني تعلمت أخيراً كيف أسوّق لنفسي. وإليكم الطريقة.

كيف أسوق لنفسي بشكل جيد؟

طبّقت كل ما تعلمته في هذا المجال: أعددت لائحة بأهم 20 شركة أرغب في العمل لديها، وعدّلت سيرتي الذاتية بحسب كل منصب شاغر تقدمت إليه، وتواصلت مع الناس عبر الإنترنت ووجهاً لوجه. وخلال ذلك، قابلت أناساً رائعين غير أنني لم أقترب قيد أنملة من تحقيق مبتغاي بالوصول إلى موقع وظيفي أو حتى الحصول على فرصة مقابلة.

تنبهت عندها إلى أنني أخفقت في طرح بعض الأسئلة الصعبة والصريحة على نفسي خلال وقت مبكر. ويجب أن أنتبه إلى مهارات تسويق الذات.

بدأت قصتي مع مهارات تسويق الذات خلال مايو/ أيار 2014، عندما قررت أن أترك خلفي 10 أعوام من النجاح الوظيفي في الشرق الأوسط، قاصدة وادي السيليكون، لأبحث عن فرص العمل مع شركات التكنولوجيا هناك. أردت أن أتعلم وأكون جزءاً من قصة كبرى. عرفت أن الأمور لن تكون سهلة حين أبدأ مساري المهني في سوق جديدة عليّ، خاصة إذا كانت مليئة بأصحاب المهارات، لذا توقعت أن يأخذ الأمر بضعة أشهر.

ومع تحول الأشهر إلى عام دون حصول أي تقدم يُذكر، وصلت إلى حالة من الهلع. دار في خلدي أن هناك أمراً ما خطأ. كيف يمكن لأحد ما ألا يكلف نفسه عناء محاولة التعرف على خلفيتي الوظيفية؟ كيف يمكن لمسار مهني يمتد من العمل مع الأسرة الملكية إلى الشركات الناشئة وصولاً إلى علامات تجارية هي الأشهر عالمياً ألا يستثير فضول أحد من مدراء التوظيف؟

مهارات تسويق الذات

بصفتي عاملة في مجال التسويق، قررت إعادة صياغة هذا التحدي. وبدلاً من التفكير كباحثة عن عمل، عدلت إلى التفكير بنفسي كسلعة وكيفية إيجاد السبل لخلق حالة من الطلب عليّ وتوظيفي. وقمت بتطبيق كل ما أعرفه عن التسويق ورواية القصص لإطلاق حملة ترويجية تتعرف من خلالها شركات وادي السيليكون على القيمة التي سأضيفها إذا انضممت إليهم.

وكانت التجربة عبر تقرير أعددته لشركة "إير بي إن بي" (Airbnb)، ألقيت فيه الضوء على المكاسب المرتقبة لدخولهم إلى منطقة الشرق الأوسط التي أعرفها بعمق والتي لم يولوها اهتماماً حتى وقت قريب. أمضيت يومين في جمع البيانات عن صناعة السياحة وامتدادات الشركة في هذا السوق وتمكنت من تحديد عدد من الفرص الاستراتيجية لهم للتوسع في الشرق الأوسط.

وأطلقت تقريري على "تويتر" وأرفقت نسخة منه إلى مؤسسي شركة "إير بي إن بي" والفريق القيادي لديهم. وخلف الكواليس، أرسلت تقريري بالبريد الإلكتروني إلى كثير من معارفي الشخصيين والمهنيين وشجعتهم على تمريره إلى غيرهم إذا وجدوه ذا قيمة، ومعظمهم فعل ذلك، كما قام بذلك أيضاً بعض كبار الممولين ورواد الأعمال ونظرائي حول العالم.

وفي غضون ساعات من إطلاق التقرير، تلقيت مكالمة من مسؤول توظيف في "إير بي إن بي" لتحديد موعد مقابلة. وفي غضون أيام، عقدت مقابلات توظيف مع كثير من أشهر شركات التكنولوجيا في واحة السيليكون. وفي غضون أساببع، حددت دوراً وظيفياً رائعاً والتحقت بشركة "أب وورك" (Upwork)، المنصة الإلكترونية الرائدة لوصل الأعمال التجارية بأصحاب المهارات المستقلين.

إنني أشعر بسعادة غامرة أن مقاربتي الإبداعية – مع شيء من الحظ وكثير من استراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي – جعلت العالم كله يسمع بي. آتت التجربة أُكلها وفتحت لي جميع الأبواب التي حلمت بها.

إبراز المهارات لصائدي المواهب

أدركت أنني إذا فعلت شيئاً يُلهم الناس ويشيع ذكره بينهم، فإن خبر هذا العمل سيصل بلا شك إلى صائدي المواهب وسيلفت انتباههم. وقد حدث ذلك عبر ملايين من الانطباعات التي تم التعبير عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتغطية الإعلامية العالمية. غير أن الدروس التي تعلمتها مما حصل تتجاوز أهمية إدارة حملة تسوقية جيدة.

أدركت في المحصلة ما أعتبره واحداً من أهم الدروس في مجالي الوظيفي حتى هذه اللحظة. فقد استطعت عبر هذا المشروع إبراز المهارات التي رغبت في عرضها على الشركات، والأهم من ذلك أنني تمكنت من معالجة أحد أهم نقاط الضعف التي كانت تلحظها الشركات في سيرتي الذاتية.

لقد جعلني الانتقال من الأردن إلى كاليفورنيا أقل قدرة على المنافسة، إذ لا أملك هنا شبكة من المعارف ممن عملت معهم في السابق، أولئك الذين يعرفون عملي وقد يرغبون في انضمامي إليهم. كما أن الشركة التي أسهمت في تأسيسها في الأردن، لا أحد يعرفها هنا، ولا تحظى بالسمعة التي تتمتع بها في الشرق الأوسط. هذه أوجه القصور التي كانت في خاطري حتى وقت متأخر.

لكن ما عجزت عن رؤيته هو أن الشركات التي رغبت في الانضمام إليها، كانت تنظر إلى السوق التي أتيت منها على أنها عديمة الجدوى.

وما ساعدني فيه التقرير هو أنني أريتهم، ولم أخبرهم، كيف تتجاوز قيمتي شكوكهم، حيث حولت ما يعدونه قصوراً عندي إلى موطن قوة من خلال طرحٍ من منظور عالمي مع فرصة لفهم ودخول أسواق جديدة. وبالرغم من أن أياً من المناصب التي أجريت المقابلات بشأنها خلال الشهرين الماضيين ركز على التوسع، فإن تحدي نقطة الضعف هذه جعلني قادرة على إعادة صياغة الحوار ليتمحور حول مواطن قوتي.

في معظم المقابلات التي يجريها المرشحون، يطفو إلى السطح ذلك السؤال النمطي: "ما موطن ضعفك الرئيسي؟". ومعظم الناس تدربوا على أن يجيبوا عن هكذا سؤال من خلال التفكير في أحد مواطن قوتهم وعرضه على أنه موطن ضعف. فنحن نميل -بصفتنا باحثين عن عمل– إلى التفكير فيما يود سماعه الشخص الذي يجلس على الجانب الآخر من الطاولة. والشيء القيّم الذي تعلمته من هذه التجربة، هو أنك إذا طرحت على نفسك نفس السؤال ولكن بأسلوب مختلف، فستكون أكثر استعداداً لأي حوار مع مدير توظيف أو زبون محتمل أو حتى مستثمر متوقع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي