الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

كيف تستعد لقيادة مقابلة عمل لأول مرة؟

6 دقيقة
المقابلات الوظيفية
shutterstock.com/Roman Samborskyi

لا يمكنني أن أنسى أول مرة أجريتُ فيها مقابلة عمل مع أحد المرشحين؛ كنت قد بدأتُ مؤخراً عملي في قسم التوظيف، وكنت متوتراً عندما تواصلتُ مع أحد المرشحين عبر الهاتف وواجهتُ صعوبة في طرح أسئلة المقابلة، وكان صوتي مضطرباً ومرتبكاً أكثر من صوت المرشح. كانت إحدى زميلاتي تراقب أدائي، ما أدى إلى زيادة توتري وشعوري بالضغط، لكن ملاحظاتها كانت مفيدة وساعدتني على تطوير نفسي وتحقيق النمو المهني. ومع مرور الوقت، أجريتُ آلاف المقابلات الوظيفية الأخرى وعيّنتُ مئات الموظفين وبدأت أستمتع بهذه العملية أكثر.

إذا لم يسبق لك إجراء مقابلة توظيف مع أي شخص من قبل وأصبحت الآن مسؤولاً عن ذلك، فلا تقلق. على غرار أي مهارة أخرى، يمكنك إتقان مهارات إجراء المقابلات الوظيفية من خلال التدريب والممارسة. بناءً على تجربتي، سأقدم لك 6 نصائح ستساعدك على تعلم هذه المهارات بسرعة.

1. فهم السياق

قبل إجراء المقابلة، يجب عليك التفكير في سياقين رئيسيَين: سياق الوظيفة (ما هي المتطلبات الدقيقة لهذا الدور الوظيفي؟) وسياق المرشح (ما هي المعلومات التي ترغب في استكشافها فيما يتعلق بتجربته وخلفيته وخبراته؟). لنلقِ نظرة مفصلة على كلٍ منهما.

سياق الوظيفة

اِطلع على الوصف الوظيفي والمسؤوليات الأساسية والمهارات المطلوبة لأداء هذا الدور: ما هي المتطلبات التي يجب توافرها في المرشح لنجاحه في  هذه الوظيفة؟ هل هناك مهارات أساسية لا غنى عنها وأخرى من المستحسن توافرها لكنها ليست ضرورية؟ ما هي الجوانب التي يمكنك تقديم بعض التنازلات فيها، وما هي النقاط التي يجب عليك التمسك بها؟ ما هي المهام أو المسؤوليات التي يمكن تعليمها للمرشح في أثناء العمل، وما هي الخبرات التي يجب أن يمتلكها مسبقاً قبل مباشرة عمله؟

على سبيل المثال، قد يتطلب الدور الوظيفي توظيف شخص يمتلك خبرة عالية في إحدى لغات البرمجة، في حين أن بعض المهارات الأخرى، مثل الإلمام ببرامج مثل إكسل (Excel) أو تحليلات جوجل (Google Analytics)، تكون أقل أهمية في البداية ويمكن تعلمها في أثناء العمل.

سياق المرشح

اِطلع على السيرة الذاتية للمرشح وحدد النقاط التي ترغب في الاستفسار عنها خلال المقابلة. هل هناك أي تجارب سابقة أو مهارات أو مشاريع رئيسية ترغب في فهمها ومعرفة مزيد من التفاصيل حولها؟ هل هناك مهارة محددة ترغب في استيضاحها ومعرفة مزيد من المعلومات عنها؟

لنفترض أنك تبحث عن شخص لديه خبرة في إدارة عدة مشاريع في وقت واحد ويتمتع بقدرة على تحديد أولويات المهام المختلفة بفعالية. يذكر المرشح في سيرته الذاتية أنه تعامل مع العديد من المهام والمشاريع في فريق عالمي، لكن هذه العبارة غامضة إلى حد ما، لذلك، يجب عليك تدوين ملاحظة للاستفسار عن هذا الأمر أكثر في أثناء المقابلة. وبالإضافة إلى الأسئلة التي أعددتها، يمكنك أن تطرح السؤال الآتي: "هل يمكنك أن تحدّثني أكثر عن تجربتك في العمل على العديد من المشاريع في وقت واحد وكيفية تعاملك مع هذا الأمر؟" من المهم أن تحصل على معلومات حول المشاريع التي تولاها المرشح والمهام التي نفذها والمهارات التي اكتسبها من تلك التجارب لتقييم مدى ملاءمته للوظيفة المقترحة.

2. إعداد أسئلة المقابلة

من المرجح أن يقدم لك شريكك في قسم استقطاب المواهب (أو قسم الموارد البشرية) قائمة تتضمن الأسئلة التي عليك طرحها في المقابلة، وقد تعملان معاً على صياغة هذه الأسئلة أحياناً. يجب أن تغطي هذه الأسئلة مجموعة من المواضيع السلوكية والتقنية التي تتناسب مع متطلبات الدور الوظيفي، علماً أن غالبية الوظائف تتطلب مزيجاً من المهارات التقنية والشخصية.

لتتمكن من جمع معلومات دقيقة، احرص على طلب أمثلة محددة وواضحة في أسئلتك. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في معرفة مهارات المرشح في إدارة النزاعات، فيمكنك طرح السؤال الآتي: "هل يمكنك أن تخبرني عن موقف واجهتَ فيه صعوبة في التواصل مع أحد زملائك، وكيف تعاملت مع هذا الموقف؟ أو إذا كنت ترغب في معرفة مدى قدرة هذا المرشح على التكيف مع التغيرات، فيمكنك أن تطرح السؤال التالي: "هل يمكنك أن تقدم لي مثالاً على موقف اضطررتَ فيه إلى تعديل توقعاتك بشأن مشروع ما؟ ماذا حدث وكيف تمكنت من التعامل مع هذا الموقف؟" الهدف من ذلك هو تحفيز المرشح للحديث عن كيفية تعامله مع المواقف السابقة، ولا سيما تلك التي تتوقع أن تواجهه في هذا الدور الوظيفي.

عندما يتعلق الأمر بالجوانب التقنية للعمل، اطرح أسئلة تتعلق بالأدوات أو المهارات المطلوبة لأداء المهام في هذه الوظيفة. على سبيل المثال، إذا كنت تسعى لتوظيف مهندس برمجيات، فيمكنك أن تسأله عن بعض القيود التي تواجهه عند استخدام لغة البرمجة المفضلة لديه، وإذا كنت تسعى لتوظيف خبير استراتيجي في مجال المحتوى، فيمكنك أن تسأله عن الأدوات التي يستخدمها لقياس أدائه. قد يكون من المفيد أيضاً طلب نماذج من الأعمال السابقة للمرشحين أو مطالبتهم بإجراء اختبار قصير لتقييم المهارات السلوكية أو التقنية.

3. إجراء مقابلة عمل تجريبية

يمكنك تحسين مهاراتك في إجراء المقابلات إذا كنت مبتدئاً في هذا المجال من خلال التدرب عليها سلفاً وإجراء مقابلة تجريبية مثلما يفعل المرشحون للوظائف. أنصحك بالتدرب على إجراء المقابلة مع زميل تثق به أو مع أحد أعضاء فريق استقطاب المواهب.

اطلب من الطرف الآخر تقديم إجابات غير متوقعة أو معقدة فذلك سيساعدك على تحسين قدرتك على التفكير بسرعة والتفاعل الفوري وطرح أسئلة إضافية عند الضرورة وإعادة توجيه المحادثة إلى المسار الصحيح إذا لزم الأمر. على سبيل المثال، كيف ستتصرف إذا كانت إجابات المرشح طويلة جداً أو إذا استغرق وقتاً طويلاً للإجابة عن سؤال واحد؟ يمكنك التدرب على مقاطعته بطريقة مهذبة ولبقة. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "شكراً لك على إجابتك التفصيلية، لكن لضيق الوقت دعنا ننتقل إلى السؤال التالي".

ماذا ستفعل إذا كانت إجابات المرشح مختصرة جداً أو غير واضحة؟ تدرب على التماس مزيد من المعلومات والتوضيحات الإضافية، يمكنك أن تقول مثلاً: "أود أن أفهم أسلوبك في العمل على نحو أفضل، فهل يمكنك تقديم تفاصيل إضافية عن كيفية تنفيذك للمشروع أو المهمة؟".

في المقابل، يجب أن تتوقع أن يطرح المرشح بعض الاستفسارات. لذلك، فإن المقابلة التجريبية هي فرصة مثالية للتفكير في إجاباتك عن الأسئلة الشائعة المحتملة. على سبيل المثال، ماذا إن سألك المرشح عن سبب انضمامك إلى هذه الشركة، أو عن أكثر ما يعجبك وما يزعجك في دورك الوظيفي؟ احرص على تحضير إجابة مدروسة ومناسبة.

4. إنشاء بيئة مريحة

حاول إضفاء جو إيجابي على المقابلة؛ دعها تبدأ بعبارات ترحيبية ودردشة ودية وغير رسمية لتخفيف توتر المرشح؛ يمكنك أن تسأله عن مدى سهولة وصوله إلى مكان المقابلة (في حال كانت المقابلة شخصية) أو عن أحواله وتفاصيل يومه حتى وقت إجراء المقابلة. لاحظتُ أن بدء المقابلة بمحادثة شخصية وغير رسمية قبل الانتقال إلى الأسئلة الجادة والصعبة يمكن أن يمنح المرشح الراحة، فيقدم إجابات صادقة وواقعية حول جوانب شخصيته. ويمكن أن تساعدك المحادثة الخفيفة أنت أيضاً على الاسترخاء. تذكّر أنها مجرد محادثة عادية.

بعد ذلك، أخبر المرشح بما سيحدث خلال المقابلة، ويشمل ذلك طريقة تنظيم المقابلة ومدتها والمعلومات التي تسعى للحصول عليها من خلال إجاباته، فذلك سيساعد المرشح ويسهل تعامله معها، وسيسمح لك أيضاً بمراجعة الخطوات الملموسة التي ستتخذها. في النهاية، اسأل المرشح عمّا إذا كانت لديه أي استفسارات قبل المتابعة.

عندما تبدأ بطرح الأسئلة، أظهر اهتماماً حقيقياً بإجابات المرشح، تجنب الانشغال بمهام أخرى في أثناء المقابلة. عليك أيضاً أن تخبر المرشح بأنك ستدوّن بعض الملاحظات خلال المقابلة، وسيؤدي تفاعلك واهتمامك إلى تعزيز الحوار المتبادل وسيشجع المرشح على التعبير عن نفسه بحرية أكبر. احرص على طرح أسئلة تعكس فضولك واهتمامك بمعرفة مزيد من المعلومات حول المرشح وخبراته وتجاربه السابقة، فقد تكتشف بعض الأمور التي لم تكن تتوقعها من خلال إجاباته.

5. دوِّن بعض الملاحظات

عند الاستماع إلى إجابات المرشح، احرص على تسجيل النقاط والملاحظات المهمة ولا تعتمد على ذاكرتك، ولا سيما إذا كنت تجري مقابلات مع العديد من المرشحين. سيؤدي تدوين الملاحظات إلى ضمان تذكّر التفاصيل المهمة حول مهارات المرشح وخبراته، ما سيساعدك في عملية صناعة القرار.

من الأفضل أن تضع دليلاً للمقابلة أمامك لضمان عدم التحيز في ملاحظاتك وموضوعيتها وتركيزها على الجوانب المتعلقة بالوظيفة. هذا الدليل هو مستند مصمم لتسهيل المقابلات وتنظيمها يتضمن الأسئلة والمواضيع التي ستتناولها، ويتضمن مساحات فارغة لتدوين الملاحظات، لكنك لست مضطراً إلى كتابة إجابات المرشح حرفياً، بل حاول تسجيل الأفكار الرئيسية وفهم السياق العام للأمثلة التي يقدمها.

ما هي الإجراءات التي اتخذها في مواقف محددة؟ ما هي النتائج أو المهارات التي نتجت عن تصرفاته؟ سيساعدك تدوين الملاحظات على التحقق من حصولك على المعلومات المطلوبة والكافية حول السؤال المطروح وإذا كنت بحاجة إلى طرح مزيد من الأسئلة، مثل: "هل يمكنك أن تخبرني بمزيد من المعلومات عن كذا أو كذا؟".

أخيراً، إذا واجه المرشح صعوبة في الإجابة عن سؤال معيّن، فلا تتسرع في استبعاده أو رفضه؛ إذ يحتاج البعض أحياناً إلى بعض الوقت للتفكير في الجواب. لذلك، امنحه بعض الوقت لجمع أفكاره وصياغة إجاباته، وإذا تأخر، فانتقل إلى السؤال التالي وعُد إلى هذا السؤال في النهاية إذا كان لديك وقت.

6. احرص على تقييم المرشح وتقييم نفسك

من النادر أن تجد مرشحاً يلبي المتطلبات والشروط المحددة للوظيفة جميعها، لذلك من المرجح أن تضطر إلى إعادة النظر في قائمة المتطلبات الضرورية والمتطلبات الإضافية المرغوبة وتقديم بعض التنازلات. تذكّر أن العديد من المهارات يمكن اكتسابها وتعلّمها خلال العمل، لذلك احرص على اختيار المرشح الذي يتمتع بالمهارات الأساسية التي حددتَها في البداية. لا تتوقع العثور على الشخص المثالي، بل حاول تحقيق توازن بين المهارات والخبرات التي تحتاج إليها وحاجتك إلى تعيين مرشح يمتلك هذه المهارات بسرعة، مع الحفاظ على كفاءة عملية الاختيار.

لن تجد مرشحين مثاليين، وكذلك الأمر بالنسبة لمهاراتك في إجراء المقابلات التي لن تخلو من الأخطاء أيضاً، وقد يكون من المفيد دعوة مسؤول التوظيف أو زميلك الذي تدربت معه لمراقبتك في أثناء المقابلة أو مشاهدة تسجيل لها وتقديم ملاحظات إيجابية وبنّاءة لتحسين أدائك. حاول تسجيل النقاط الجيدة والإيجابية التي حققتها واعمل على تحسين بعض الجوانب خلال المقابلة المقبلة.

عندما تنجح في اختيار المرشح المناسب للدور الوظيفي المتاح، فستمنحه فرصة لبناء حياة مهنية مُرضية وناجحة. يستحق هذا الأمر الفخر، فهو يؤثر إيجابياً في المسيرة المهنية لشخص آخر. ما زلت أتواصل مع بعض المرشحين الذين وظفتُهم منذ نحو عقدين من الزمن، وقد واصل بعضهم النمو والتطور في مسيرته داخل الشركة نفسها، في حين اختار آخرون خوض تجارب جديدة واستكشاف فرص مختلفة في شركات أخرى. يمكنك أنت أيضاً إحداث أثر إيجابي في أعضاء فريقك الجدد والقدامى من خلال ممارسة الخطوات المذكورة أعلاه لاختيار أفضل المرشحين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025 .

المحتوى محمي