كن حليفاً أفضل

11 دقيقة
المساواة في مكان العمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
كيف يمكن لقادة المؤسسات وزملاء العمل مساعدة زملائهم من الفئات التي تحتاج للرعاية على الارتقاء.

بدأنا أخيراً في الولايات المتحدة الأميركية وأصقاع أخرى عديدة من العالم نخوض نقاشات جوهرية حول موضوع لطالما كان الاقتراب منه ممنوعاً، ألا وهو حظوة بعض فئات المجتمع على فئات أخرى مهمشة اجتماعياً، لاسيما الرجال على النساء في أماكن العمل. وكانت حركتا #أنا_أيضاً (#MeToo) و”حياة السود مهمة” (Black Lives Matter)، إضافة إلى حالات عدم المساواة المنتشرة على نطاق واسع في الولايات المتحدة وأسهمت جائحة “كوفيد-19” في تعريتها، قد أجبرت من هم في مواقع السلطة – أي الرجال البيض تحديداَ الذين يهيمنون على المناصب القيادية في المؤسسات العامة والخاصة – على إدراك أنهم يجب أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية إذا ما كان هناك أي أمل لجعل المؤسسات أكثر تنوعاً وإنصافاً وشمولاً.

وكانت شركات كثيرة قد تجاوبت مع الأحداث التي حصلت مؤخراً في الولايات المتحدة – من الكشف عن حالات التحرش غير الأخلاقي في مكان العمل إلى موجة الوحشية التي طالت الأميركيين السود – عبر سلسلة من البيانات الصحفية والتصريحات النابعة عن حسن نية، أعادت التأكيد فيها على التزامها بالعدالة الاجتماعية. كما وعد بعضها بتقديم تبرعات ضخمة إلى مجموعات الناشطين، أو دعم الصناديق القانونية، أو تقديم خدماتها لوجه الله، أو إنشاء فرق عمل متخصصة بالتنوع وإقامة سلسلة من الندوات الحوارية. لكن العديد من هذه الجهود يفتقد إلى الخطط والمستهدفات التي تركز على اتخاذ إجراءات عملية محددة.

وكان القادة المنتمون إلى مجموعات الأكثرية قد ساعدوا ولفترة طويلة من الزمن في الإبقاء على الوضع الراهن الذي يحابيهم، من خلال التخلي عن المسؤوليات المتعلقة بجهود التنوع والإنصاف والإدماج وتفويض أمرها إلى أقسام الموارد البشرية، عوضاً عن الاعتماد على سلطاتهم وصلاحياتهم لتحقيق التغيير. وهذا أمر مفهوم نوعاً ما، فقد أظهرت أبحاث آنجي أن العديد من القادة البيض الذكور مثلاً ينكرون العنصرية أو يتجنبون مناقشتها لأن هذه الأحاديث تجعلهم يشعرون بعدم الارتياح أو هي مثيرة للجدل. وهم يخفقون في الاعتراف بالحظوة التي لديهم مصرين على أنهم هم ومؤسساتهم لا يمارسون أي تمييز على أساس النوع الاجتماعي (الجندر) أو لون البشرة أو غيره. وقلة فقط منهم يفهمون المشكلة ويعرفون الخطوات التي بوسعهم اتخاذها لكي يكونوا حلفاء فعالين للمجموعات المهمشة.

نحن نرى أن إقامة التحالفات هو آلية استراتيجية يلجأ إليها الأفراد لكي يتعاونوا كشركاء على البر والتقوى وفي سبيل محاربة الظلم وتعزيز المساواة في مكان العمل عبر العلاقات الشخصية الداعمة وأفعال الرعاية العامة والمناصرة. كما يسعى الحلفاء إلى إدخال تحسينات منهجية على سياسات مكان العمل والممارسات والثقافة السائدة فيه. وفي مجتمع بات الزبائن والموظفون والمستثمرون يعتبرون المساواة والإدماج فيه مطلباً أساسياً وليس ترفاً أو شيئاً لطيفاً فحسب، فإن نسج التحالفات بين كبار القادة في المؤسسة أصبح أمراً جوهرياً. سنصف في هذه المقالة الممارسات الفضلى المدعومة بالبراهين التي تبين لك كيف يمكن أن تصبح حليفاً، مستندين إلى عقود من عملنا على دراسة كيفية ارتقاء النساء، وأصحاب البشرة الداكنة، والنساء من ذوات البشرة غير البيضاء في مكان العمل (الرجاء الانتباه إلى أن العديد من الناس ينتمون إلى مجموعتين مهمشتين أو أكثر. وكما أظهر الباحثون الآخرون، فمن المهم الاعتراف بالهويات المتقاطعة وكيف تتعرض السيدات من ذوات البشرة غير البيضاء تحديداً إلى الانتقاص منهن ضمن هذه المجموعات).

رغم أن نصيحتنا موجهة إلى حد كبير إلى الرجال البيض في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أننا نعتقد أن أعضاء أي مجموعة ذات حظوة ممن يريدون إنشاء مؤسسات دامجة للجميع بوسعهم الاستفادة منها. ويحدونا الأمل أن يقود الاهتمام المتنامي بالعنصرية والتحيز للنوع في النظام الأميركي إلى تحرك عالمي باتجاه المساواة في مكان العمل.

يبدأ التغيير بتحمل القادة الأفراد المسؤولية عن مواقفهم وسلوكياتهم. وثمة عدد من السبل لفعل ذلك:

ثقف نفسك

يجب عليك أداء واجبك في التحضير والاطلاع. وقد يكون من المغري ببساطة أن تسأل النساء، وأصحاب الداكنة، والنساء من ذوات البشرة غير البيضاء عن خبراتهم وتجاربهم مع عدم المساواة والظلم. لكن ذلك يفرض عليهم عبئاً عاطفياً وذهنياً غير منصف. والحليف يأخذ وقته في القراءة، والإصغاء، والمشاهدة، وتعميق فهمه أولاً. إذ يجب على القادة البيض في الشركات الأميركية، على سبيل المثال، عدم الاكتفاء بدراسة تاريخ النظام العنصري والمعاناة التي تواجه الأشخاص ذوي البشرة الداكنة، وإنما ينبغي لهم أيضاً أن يتدبروا كيف أسهمت سلوكياتهم الذاتية في إدامة أمد حالة التمييز العنصري.

عندما تتحدث إلى الآخرين عن العقبات التي واجهتهم، ابدأ بطلب الإذن منهم. وإذا ما حصلت على موافقتهم، تعامل معهم بتواضع وبذهنية تدل على الرغبة في التعلم. تشمل قائمة الأسئلة الوجيهة ما يلي:

  • ينتابني الفضول لمعرفة الأشياء التي تشكل التحدي اليومي الأكبر بالنسبة للنساء/ أصحاب البشرة الداكنة/ النساء من ذوات البشرة غير البيضاء /أصحاب الهمم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي أشياء قد لا ألاحظها. هل تشعرين بالارتياح لفكرة اطلاعي على بعض الأمور التي تقض مضجعك؟
  • إذا كان هناك من شيء واحد ترغبين في أن يُكثر الزملاء الرجال من فعله لتحسين تجربة النساء/ والزملاء البيض تجاه أصحاب البشرة الداكنة/ والزميلات ذوات البشرة البيضاء تجاه زملائهن من ذوات البشرة الداكنة / والزملاء الأصحاء تجاه الزملاء من أصحاب الهمم أصحاب الحالات الخاصة، فما هو؟
  • إذا كان هناك من شيء واحد يمكننا التوقف عن فعله كل يوم فما هو؟
  • لو كنت تقدّمين لي النصح بخصوص كيفية التصرف كزميل يريد جعل مكان العمل منصفاً ومرحباً بالجميع، فماذا تقولين؟

انتبه إلى أن تجارب الأفراد المنتمين إلى المجموعات غير الممثلة في المجتمع على النحو الكافي تختلف من شخص إلى آخر، ولاسيما إذا كانوا ينتمون إلى فئات عمرية مختلفة. فعلى سبيل المثال، ليست تجارب النساء البيضاوات مشابهة بالضرورة لتجارب النساء ذوات البشرة غير البيضاء، اللواتي أظهرت أبحاثنا جميعها أنهن تحديداً يتعرضن للتهميش والإسكات في المؤسسات. لا تعمم بناء على قصة ترويها زميلة أو زميلان. تحدّث إلى عدة أشخاص وانتبه بدقة إلى تجاربهم الفريدة وهوياتهم المتقاطعة.

غالباً ما تكون النساء وأصحاب البشرة الداكنة وأصحاب الهمم وكأنهم “الوحيدون” في الغرفة، وهو سيناريو يؤدي إلى شعور هؤلاء الأشخاص أنهم غرباء ومنتحلو صفة.

لا تعتمد اعتماداً كبيراً على تجاربك الذاتية أيضاً. فعلى سبيل المثال، مر مدير برامج أبيض في شركة “لوكهيد مارتن” بصحوة عندما طلب من امرأة سوداء أن تتصرف بطريقة فيها “شيء من الخيلاء والتعالي” في لقاء تسويقي مع أحد الزبائن. لكنها سرعان ما ردت عليه قائلة: “ليس بوسعي أن أفعل ذلك”، وكانت محقة: فهي لم تكن قادرة على التصرف بالطريقة التي كان يتصرف بها كرجل أبيض. هذا هو مستوى الوعي الذي يحتاج إليه الحلفاء.

أخيراً، انتبه بحذر إلى الطريقة التي تنظر بها النساء وأصحاب البشرة الداكنة والنساء من ذوات البشرة غير البيضاء إلى الاجتماعات وغير ذلك من التجمعات، وكن دائم الترقب لملاحظة أي حالات من عدم المساواة أو التفاوت. عدّل نظرتك كقائد. فعلى حد رأي أحد التنفيذيين العاملين في قطاع التنمية الدولية: “عندما تتبنى هذا المنظور سيكون من الصعب عليك تغييره. والعالم لن يظل يبدو في عينيك بعدها كما كنت تراه من قبل”.

اعترف بالحظوة التي تتمتع بها

إذا ما أراد الإنسان أن يكون نصيراً للآخرين، فإن ذلك يستدعي اعترافه بالمزايا والفرص والموارد والسلطة التي حصل عليها تلقائياً نظراً لأنه مثلاً رجلاً أبيض في الولايات المتحدة، في حين حرم منها الآخرون صراحة أو ضمنياً. قد يكون ذلك مؤلماً لأنه يعني غالباً اعترافك أنك لم تستحق نجاحك بالكامل. لكن ذلك ضروري، كما أنه مهم لفهم أن الحظوة هي مورد يمكن أن يستعمل لفعل الخير.

وكما شرح مسؤول تنفيذي أبيض في مكتب للمحاماة لديفيد وبراد قائلاً: “هل تذكر آخر مرة اتخذت فيها قراراً بخصوص مسيرتك المهنية؟ بوصفك رجلاً، ربما لم تُسأل أبداً سؤالاً من قبيل: “كيف يؤثر هذا القرار على زوجتك وأولادك؟ أو “لماذا تركز على مسيرتك المهنية عوضاً عن التركيز على عائلتك؟” فهذا الحديث سيبدو غريباً حتى في القرن الحادي والعشرين. لكن ليس هذا هو الحال بالنسبة للنساء”.

كما أن الرجال البيض أقل ميلاً إلى الاضطرار إلى تعديل طريقة تعاملهم، مثل تغيير أسلوبهم في الكلام، أو مظهرهم، أو سلوكهم للتأقلم مع ثقافة معيّنة وزيادة فرصهم في أن يجدوا آذاناً صاغية أو أن يحظوا بالقبول، أو أن يحصلوا على ترقية. هذا جهد إضافي يترتب عليه ثمن عاطفي. وكانت سيدة سوداء من المتخصصات في المهن الفكرية قد قالت لكورتني ماككلوني في بحثها حول هذا الموضوع ما يلي: “أجدني أحاول الانتباه دائماً إلى التصرفات المتأنقة لأضمن ألا أظهر أنا أو الأشخاص الذين أمثلهم بمظهر سلبي”.

تقبّل الآراء التقييمية

بادر متعمداً إلى طلب الآراء التقييمية من المجموعات المهمشة، ولكن من الأهمية بمكان أن تنتبه إلى ديناميكيات السلطة القائمة. فعندما يُطلب من النساء ذوات البشرة غير البيضاء، على سبيل المثال، تقديم النصح إلى زملائهن من الرجال البيض بينما هن أنفسهن لسن في مواقع آمنة (كشريكات، أو أستاذات جامعيات مثبتات، وهكذا دواليك)، فإن هذا الطلب يفرض عليهن، ومن حيث لا يدرين، عبئاً وتوتراً غير مرئيين – وهو ما تطلق عليه تسيدال اسم “ضريبة الاندماج”.

أنت بحاجة إلى بناء علاقات قائمة على الثقة مع أشخاص منتمين إلى مجموعات مهمشة (ولاسيما من هم محرومون على عدة مستويات) ممن سيقدمون لك آراء تقيمية غير منمقة حول سلوكك في مكان العمل ويجب عليك تقبّل تعليقاتهم على أنها بمثابة هدية يقدمونها لك. وعندما تفاجأ بما يقوله الآخرون لك أو يزعجك كلامهم، أفصح لهم عن تقديرك للصراحة. أظهر لهم أنك شخص يراعي الآخرين وصادق. وتشمل قائمة الردود المناسبة ما يلي:

  • أدرك أنني يجب أن أبذل جهداً أكبر.
  • كيف بوسعي تصويب هذا الوضع؟
  • أنا أصدّقك.

كن صديقاً صدوقاً

تظهر أبحاث تسيدال أن النساء السوداوات اللواتي ارتقين في مكاتب المحاماة التي كن يعملن فيها قد بنين عادة علاقات قائمة على الثقة مع شركائهن من الرجال البيض ممن كانوا مهتمين اهتماماً صادقاً بمسيراتهن المهنية. لذلك دع النساء، وأصحاب البشرة الداكنة، والنساء من ذوات البشرة غير البيضاء وذوي الحالات الخاصة يعلمون أن بوسعهم الوثوق بك وإخبارك بحالات الاستخفاف والازدراء والاستصغار والإقصاء والتعديات التي غالباً ما تواجههم في أماكن العمل.

أظهر لهم أنك حاضر وتصغي إليهم وحاول التعاطف مع تجاربهم واعترف بصدقيتها. شرحت إحدى السيدات من ذوات البشرة غير البيضاء، وهي تترأس نقابة عمالية على المستوى الوطني في أميركا كيف فعل أحد حلفائها البيض ذلك: “أكثر ما كنت أقدّره فيه هو أنه كان دائماً ما يخصص لي الوقت وكان يشجعني على زيارته على الرغم من كثرة انشغاله”.

اتبع سياسة قائمة على التنوع

غالباً ما تكون النساء وأصحاب البشرة الداكنة وأصحاب الهمم وكأنهم “الوحيدون” في الغرفة، وهو سيناريو يؤدي إلى شعور هؤلاء الأشخاص أنهم غرباء ومنتحلو صفة. لكن الحلفاء يحاربون ذلك من خلال دعوة المزيد من الزملاء الذين ينتمون إلى المجموعات المهمشة إلى التجمعات. وعندما يرتبون لعقد اجتماعات يطرحون السؤال التالي: “من هم الأشخاص الذين يغيب رأيهم في الاجتماع؟” وعندما يلاحظون أنهم في غرفة جميع من فيها يشبههم، يقولون: “هل يجب أن نطلب من آنجي أو تسيدال الانضمام إلينا؟ هل هناك تمثيل لعملهم وتجربتهم في الاجتماع؟”.

عندما تكون شاهداً على حالة تمييز، لا تتواصل مع الضحية لاحقاً لتواسيها وتظهر التعاطف معها. بل قدّم الدعم للشخص المعني ذكراً كان أم أنثى على الفور.

وإذا ما كنت تشغل منصباً أو موقعاً ينطوي على سلطة فإنك يجب أن تعتمد سياسة تقوم على “الجذب”: في الاجتماعات، اطرح أسئلة محددة للغاية عن الأشخاص الذين تتعرض إسهاماتهم أو خبرتهم غالباً للتجاهل أو التقليل من شأنها، بحيث لا يسيطر الرجال المهيمنون مثلاً أو أسلوبهم القائم على التبجح على الاجتماعات. ومن المفيد أيضاً أن تبعد نفسك عن المركز أو “بقعة الضوء”. ففي المجتمعات التي تكثر فيها العنصرية والتحيز للنوع الاجتماعي، غالباً ما يتجه الانتباه بطبيعة الحال نحو الرجال. لكن الحلفاء يتعلمون كيف يُخرجون أنفسهم من تحت الأضواء بطرق عديدة، مثل الطلب إلى امرأة من ذوات البشرة غير البيضاء ترؤس اجتماع، أو التوصية أن يتولى شخص ينتمي إلى مجموعة غير ممثلة على النحو الكافي منصباً مرموقاً أو أن يشغل موقعاً في حدث بارز.

إذا رأيت منكراً فلتقومه

يفرض هذا النوع من الجهد عبئاً أكبر على عاتق أي حليف. راقب مكان عملك بمنتهى الحذر لترصد أي تعليقات أو سلوكيات عنصرية أو متحيزة، ثم كن واضحاً وحاسماً في وضع حد لها. لا تنتظر حتى يُبدي المهمشون رد فعل، بما أنهم متهمون غالباً “بلعب ورقة العرق أو النوع الاجتماعي” – وهو تكتيك يُستعمل تحديداً لإسكات النساء، وأصحاب البشرة الداكنة، والنساء من ذوات البشرة غير البيضاء. وعندما تكون شاهداً على حالة تمييز، لا تتواصل مع الضحية لاحقاً لتواسيها وتظهر التعاطف معها. بل قدّم الدعم للشخص المعني ذكراً كان أم أنثى على الفور.

فتّش عن أي حالات تنمر وتلاعب نفسي بعقول الآخرين بهدف زرع بذور الشك لدى ضحايا الاعتداءات العنصرية أو التحيز، وجعلهم يشككون في ذاكرتهم وسلامة عقولهم. فهذا التكتيك مصمم لنزع الصدقية عن تجربة شخص معيّن. وتشمل الأمثلة تعليقات من قبيل: “أنا واثق من أنه لم يكن يرغب بإلحاق الأذى عندما أبدى هذا السلوك. فهذه طريقته وحسب”. “أعتقد أنكِ تبالغين في كلامك”. “يجب عليك أن تتعلمي كيف تكونين أقل حساسية”. “ألا تتحمل المزاح؟”. “هناك العديد من الأمور الأخرى المهمة التي ينبغي التركيز عليها الآن”.  إذا سمعت أناساً يتفوهون بأشياء مشابهة، وسواء أكانوا من الرجال أم النساء، فإن ردك يجب أن يكون: “بما أننا مؤسسة ملتزمة بالمساواة والدمج، فإننا يجب أن نأخذ الأمور التي تقلق زملاءنا على محمل الجد. ويجب أن نتعامل مع هذا الموضوع فوراً عوضاً عن انتظار وقت أنسب”.

تدخّل حتى لو لم تكن النساء، وأصحاب البشرة الداكنة، والنساء من ذوات البشرة غير البيضاء أو أصحاب الهمم حاضرين في الغرفة. اشرح لهم أنك تشعر بالانزعاج من هذه التعليقات وأن هذه الأقوال والتصرفات غير مقبولة في مؤسستك ولا تمثلها. عبّر عن هذه المواجهة بوصفها فرصة للتعلم أو النمو بالنسبة للشخص أو الفريق. افترض أن ردك سيكون محط تشكيك وجهز لمطالعتك الدفاعية عن الاندماج من خلال إجراء أبحاث عن منافعه بالنسبة للأشخاص والفرق والمؤسسات.

أخيراً، تجنّب ارتكاب الأخطاء التي تبدر عن الأشخاص الذين يزعمون أنهم حلفاء. فبعض الأشخاص الذين يعلنون أنهم مناهضون للعنصرية يعتقدون أنهم متحللون من تحيزاتهم وتحاملهم أو يفعلون ذلك ليضعوا أنفسهم في مرتبة أخلاقية أعلى من الآخرين. فكونك حليفاً لا يعني أن تحاول إظهار نفسك بمظهر الشخص الأفضل أو أن تكتفي بالرضا عن نفسك.

وفّر الرعاية لزملاء عملك المهمشين

يحيط الحلفاء أنفسهم بمقربين موهوبين ينتمون إلى خلفيات اجتماعية وثقافية مختلفة بالكامل ويصبحون من معجبيهم ويدافعون عنهم بالفم الملآن. كما يحاولون التعرف إلى نقاط قوة هؤلاء الزملاء ونقاط ضعفهم ويساعدونهم على أن يتطوروا كي يتبوؤوا مراكز قيادية، ويتحدونهم، ويشجعونهم، ويتباهون بقدراتهم وإنجازاتهم كلما نوقشت مشاريع أو مهام تطويرية أو ترقيات جديدة. وهم يرشحون هؤلاء المقربين بناء على إمكانياتهم، دون أن يتوقعوا منهم إثبات قدرتهم على إنجاز مهمة ما سلفاً. وهذا يستدعي عادة المراهنة ببعض رأس المال الاجتماعي، وهي مخاطرة يجب على الداعمين أن يرتاحوا إليها أكثر. أخيراً، يُعرّف الحلفاءُ المقربين منهم إلى أشخاص أساسيين ضمن شبكاتهم المهنية لكي يفتحوا لهم المجال للحصول على مجموعة أوسع من الفرص.

بينت أبحاث تسيدال أن الرعاية هي عنصر أساسي لحصول النساء على فرص مهمة للتدريب والتطوير والتعارف والترقية. ولسوء الحظ، فإن العديد من الرجال اختاروا مقربين يشبهونهم. وكما قالت فوتولا، وهي محامية تمضي عامها الخامس في مكتب للمحاماة: “أعتقد أن غياب دور الإرشاد تبدّى في عدم وجود أشخاص ليقولوا: “تأكدي من حضور هذه المناسبة. تأكدي من المجاهرة برأيك وقولي هذا الكلام. تأكدي من طرح الأسئلة عن هذا الموضوع،” أو “سمعت أن هناك صفقة ستحصل في المكان الفلاني. وسوف أتأكد من إخبار هذا الشريك أنك مهتمة بالأمر”. ومضت في القول: “أنا لا أقول إنني استحق تلك الفرصة، لكنني أعلم أنني كنت سأحدث فرقاً”.

يجب أن تصر على تعيين مرشحين متنوعين

أحد الأسباب المثبتة لفجوات الأجور في حالة النساء، ولاسيما النساء من ذوات البشرة غير البيضاء، وضعف نسب الاحتفاظ بهم، والجمود في مسيراتهم المهنية هو الانحياز والتمييز في عمليات التوظيف، والتطوير المهني، والترقيات. بينما بوسع الحلفاء من الذكور مساعدة زملائهم المنتمين إلى المجموعات المهمشة في التغلب على هذا العائق.

إذا كنت معنياً بعملية التوظيف، عزز الآليات التي تتبعها في هذه العملية. شدد على الإعلان عن الوظائف علناً، واعتمد آلية الاستهداف في التوظيف لتجنب الاتكال الزائد على التزكيات التي ثبت أنها تتسبب بتأبيد حالة التجانس بين القوى العاملة. تأكد من أن مجموعة المرشحين تتمتع بالتنوع – بحيث تضم شخصاً واحداً على الأقل من بين صفوف المجموعات المهمشة، وفي الحالة المثالية يجب أن يكون هناك أكثر من شخص واحد فقط من هؤلاء. أخيراً، طبّق عمليات مراجعة منصفة لطلبات التوظيف وتأكد من وجود مداولات عادلة ضمن لجان التوظيف، وراقب أي تعليقات غير مقبولة وضع حداً لها، ولاسيما تعليقات من قبيل “سيرته الذاتية تبدو لافتة جداً”، و”يبدو أنها أم مشغولة بتربية أطفالها”، أو “أود أن تثبت لي قدرتها على تحمّل هذه المسؤولية قبل أن نرقّيها” أو “لست واثقاً من أنها مناسبة لشغل هذه الوظيفة” – فاللغة غالباً ما تستعمل لحرمان النساء من الفرص. بوسعك أن ترد بإجابة بسيطة من قبيل: “هل كنا سنخوض هذا الحديث عن رجل؟” وبمقدورك أيضاً الاستعانة بالآخرين ليخضعوك للمساءلة. على سبيل المثال من الممكن إشراك نساء وأشخاص من ذوي البشرة الداكنة وأصحاب الهمم في عملية التوظيف، أو تكليف أحد أعضاء الفريق الآخرين بمهمة “التدخل لوضع حد لحالات التحيز“.

كوّن تجمعاً من الحلفاء

يمكن للحلفاء توسيع نطاق أثرهم من خلال الانضمام إلى مجموعات من الزملاء أو تكوين مجموعات من هذا القبيل معنية بمحاربة العنصرية وعدم المساواة بين الجنسين. فتّش عن أشخاص يشاركونك أفكارك وذهنيتك في جميع أرجاء المؤسسة، بما في ذلك الوحدات الأخرى، ولاسيما في المواقع التابعة للمؤسسة أو في المناطق النائية، وكذلك ضمن مجموعات الموظفين التي تضم أشخاصاً يحملون قواسم مشتركة، ثم اعمل على توسيع قاعدتك. ركز مناصرتك على التكتيكات المُسندة بالبراهين التي ستحقق انتصارات صغيرة ضمن دائرة نفوذك، وأوجد فرصاً للتفاعل عبر التعارف، والإرشاد، والمناسبات المخصصة للتطوير المهني.

إذا كنت من كبار القادة، فإنك يجب أن تدفع باتجاه التغيير في المؤسسة. وبغضّ النظر عن الشوط الذي قطعته مؤسستك في مسيرتها في مجال التنوع والإنصاف والدمج، بمقدورك أن تتصدر المشهد وأن تخصص الوقت والجهد لتصميم مبادرات لمحاربة التحيز، والتعيين، وتطوير القيادة في مكان العمل، وتنفيذ هذه المبادرات.

توصلت إيريس بونيت إلى أن جهود التنوع والإنصاف والدمج تكون في أنجح حالاتها عندما يوضح القادة غايتهم وأهدافهم وعندما يتحلون بالشفافية إزاء خطتهم والتقدم الذي يحرزونه. ووفقاً لآندرو بيهار، الرئيس التنفيذي لجمعية “آز يو سو” (As You Sow)، فإن الشركات التي تفعل ذلك ستنجح في اجتذاب أفضل الموظفين وألمعهم والاحتفاظ بهم، وفي تقليل المخاطر التي تطال المساهمين. وقد لاحظنا أن كبار الحلفاء الفاعلين لا يكتفون بضرب مثال يحتذى، وإنما يحددون أيضاً توقعاتهم لسلوكيات الجميع، ويربطون النتائج بالمسؤوليات والمكافآت.

الوقت المناسب لإنجاز هذه المهمة هو الآن. فالاحتجاجات العالية الصوت والظاهرة للنساء والمهمشين، هي ما يمكننا حتى من كتابة هذه المقالة. لكن أعضاء المجموعات التي لا يحظى أفرادها بالتمثيل الكافي في المؤسسات بحاجة إلى حلفاء من القادة والزملاء. جميعنا لدينا فرصة لدعم التغيير ضمن فرقنا، وتقع على عاتقنا مسؤولية تقديم هذا الدعم الذي سيكون مفيداً في نهاية المطاف للمؤسسات والمجتمع على حد سواء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .