نالت شركات الاستحواذ لأغراض خاصة أو ما يعرف اختصاراً باسم "سباكس" (SPACs)، قسطاً وافراً من الاهتمام مؤخراً في غُرَف اجتماعات مجالس الإدارة وفي "وول ستريت" ووسائل الإعلام. وذلك لسبب وجيه، وهو أنها تقدم بديلاً للأساليب التقليدية المتبعة في عمليات الطرح العام الأولي في البورصة، وكانت موجودة تحت مسميات مختلفة لعقود من الزمان، ولكن نجمها لمع في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين. فقد تم إنشاء 59 شركة من هذه الفئة عام 2019 باستثمارات قدرها 13 مليار دولار، وفي عام 2020 تم إنشاء 247 شركة باستثمارات قدرها 80 مليار دولار، وفي الربع الأول وحده من عام 2021 تم إنشاء 295 شركة باستثمارات قدرها 96 مليار دولار، ثم هناك هذه الحقيقة اللافتة للنظر: فقد مثلت شركات "سباكس" عام 2020 أكثر من 50% من الشركات الأميركية الجديدة المدرجة في البورصة.
يشار في هذا السياق إلى أن شركة "سباكس" هي شركة مساهمة عامة لا يتجاوز متوسط عمرها عامين ويتم تأسيسها لغرض وحيد هو الاندماج أو "الامتزاج" مع أي شركة خاصة لتمكينها من طرح أسهمها للاكتتاب العام. وتتحصل شركات "سباكس" على معظم أموالها من مستثمري حقوق الملكية العامة ولديها القدرة على الحد من المخاطر واختصار الفترة الزمنية اللازمة لطرح أسهم الشركات المستهدفة للاكتتاب العام الأولي في البورصة، وغالباً ما تتيح لها ظروفاً أفضل من الاكتتاب العام التقليدي.
فكرة المقالة بإيجاز
الوظيفة
شركات "سباكس" هي شركات مساهمة عامة يتم تأسيسها لغرض وحيد وهو الاندماج مع شركات خاصة لتمكينها من طرح أسهمها للاكتتاب العام.
المزايا
إذا ما قورنت بالأساليب التقليدية لطرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي في البورصة، فغالباً ما توفّر شركات "سباكس" تقييمات أعلى للشركات المستهدفة، وتقلل من تخفيف حقوق ملكية المساهمين، وتسرّع دورة رأس المال، وتضفي قدراً أكبر من اليقين والشفافية، وتقلّل الرسوم والمتطلبات التنظيمية.
العيوب
لن تجد كل شركات "سباكس" بالضرورة أهدافاً متميزة، بل وسيكون مصير بعضها الفشل التام. وهكذا سيخسر الكثير من المستثمرين أموالهم. وقد تحسنت هذه الشركات بشكل كبير كخيار استثماري، لا سيما خلال العام الماضي، لكن السوق لا تزال حُبلى بالتقلبات. ومن المؤكد أننا سنشهد المزيد من التغيرات في المرحلة المقبلة، ما يعني أن الرعاة والمستثمرين ومسؤولي الشركات المستهدفة يجب أن يظلوا على اطلاع دائم على آخر المستجدات ولا يتخلوا عن الحيطة والحذر.
سمحت شركات "سباكس" للكثير من الشركات بجمع أموال تفوق ما يمكن جمعه من الخيارات البديلة، ما شجّع الابتكار في مجموعة من القطاعات.
ومن المعروف أن تدافُع المستثمرين يدعو إلى الشك، وها نحن الآن نشهد تفشي هذه الظاهرة بصورة مكثفة. وعندما انبرى الباحثون مايكل كلاوسنر ومايكل أولروج وإميلي روان لتحليل أداء شركات "سباكس" في الفترة من عام 2019 حتى النصف الأول من عام 2020، خلصوا إلى أن القائمين على هذه الشركات يبلون بلاءً حسناً، وعلى الرغم من ذلك فإن مستثمريها لم يرقوا إلى المستوى ذاته من الحنكة. ثمة سبب آخر محتمل يدعو للقلق وهو أن المشاهير والشخصيات العامة في كافة المجالات، بدايةً من المغنية سيارا، وصولاً إلى المتحدث السابق باسم البيت الأبيض، بول رايان، يركبون الموجة، وهو تطور دفع صحيفة "نيويورك تايمز" إلى توقع تزايد شعبية نظام "سباكس" في فبراير/شباط 2021 لدرجة أنه سيمثل "طريقة جديدة ومعترفاً بها يستخدمها الأثرياء لاستعراض مكانتهم وثروتهم". وربما جاءت أكثر الأفكار تشاؤماً ما شهدناها حتى الآن هذا العام من إيفانا نوموفسكا، الأستاذة في المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (إنسياد)، التي أكدت في مقالها المنشور على منصة "هارفارد بزنس ريفيو" (HBR.org) أن شركات "سباكس" لم تتغير كثيراً عن صيغتها السابقة تحت مسمى "شركات الشيكات على بياض" في التسعينيات وأنها لن تدوم طويلاً. تُرى ماذا كان عنوان مقالتها؟ "فقاعة شركات "سباكس" على وشك الانفجار".
ونحن نتفق مع النقاد على أن كل شركات "سباكس" لن تجد بالضرورة أهدافاً متميزة، بل ونتفق معهم على أن مصير بعضها الفشل التام. وهكذا سيخسر الكثير من المستثمرين أموالهم. وعلى الرغم من ذلك، فإننا نؤمن بأن شركات "سباكس" قد وُجِدت لتبقى وقد يكون أثرها إيجابياً على أسواق رأس المال. لماذا؟ لأنها تقدم للمستثمرين والشركات المستهدفة حزمة جديدة من فرص التمويل التي تمثل منافساً حقيقياً لرأس المال المغامر (الجريء) في المراحل التمويلية الأخيرة والأسهم الخاصة والإدراج المباشر وطرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي في البورصة. فهي تتيح الفرصة لضخ رؤوس الأموال في شبكة أوسع من الشركات الناشئة وغيرها من الشركات، ما يغذي القدرة على الابتكار والنمو.
ونحن نتحدث هنا من منطلق خبرتنا العملية في هذا المجال. إذ يشغل باريش منصب الرئيس التنفيذي لشركة "ناتشورال أوردر أكوزيشن كوربوريشن" (Natural Order Acquisition Corporation) وأحد مؤسسيها بالتعاون مع سباستيانو كوسيا كاستيغليوني، وهي شركة "سباكس" تأسست عام 2020 تركز على اقتصاد النظام الغذائي النباتي. بينما يعمل ماكس عضواً في مجلس إدارتها. وسنستعرض في هذه المقالة الكثير مما تعلمناه حول مزايا وعيوب شركات "سباكس"، مستلهمين تجربتنا الأخيرة وخبرتنا الواسعة في عالم الاستثمار (باريش) وفي التفاوض وصناعة القرار (ماكس). وسنوضح على وجه التحديد سبب سعي بعض الشركات لاستقطاب رؤوس الأموال من شركات "سباكس" بدلاً من جمعها باتباع العمليات التقليدية للطرح العام الأولي في البورصة وأساليب المستثمرون ورواد الأعمال المتمرسين.
ومن هنا فإن الدليل واضح كالشمس: إذ إن شركات "سباكس" تُحدِث ثورة في أسواق رأس المال الخاصة والعامة. وبالتالي فمن المهم بشكل متزايد أن يعرف القادة والمدراء قواعد اللعبة. لكن يهمنا أن نؤكد هنا وبشكل قاطع أننا لم نكتب هذه المقالة على سبيل التأييد المطلق لظاهرة شركات "سباكس"، ويمكن اعتبارها مجرد دليل إرشادي لرجال الأعمال الذين يفكرون في الانتقال إلى هذا المجال سريع التطور (وغير المألوف بالنسبة للكثيرين).
بداية مريبة
عندما ظهرت شركات "سباكس" لأول مرة تحت مسمى "شركات الشيكات على بياض" في الثمانينيات، لم تكن محكومة بقواعد تنظيمية رشيدة، ونتيجة لذلك فقد ابتليت بداء الاحتيال في الأسهم الرخيصة، ما كبّد المستثمرين خسائر تُقدّر قيمتها بأكثر من ملياري دولار سنوياً في أوائل التسعينيات. فتدخل الكونجرس لإقرار التشريعات اللازمة التي اشترطت، على سبيل المثال، ضرورة الاحتفاظ بعائدات عمليات الطرح العام الأولي في البورصة التي يتم بيعها على بياض في حسابات ضمان مجمَّدة ومنع التعامل عليها إلى حين استكمال عمليات الاندماج. وفي ظل إقرار إطار تنظيمي جديد، تم تغيير هوية العلامة التجارية لما يعرف باسم "شركات الشيكات على بياض" لتصبح شركات "سباكس".
وغدت شركات "سباكس" قطاعاً مستقلاً بذاته في العقود التالية، تعمل فيه شركات المحاماة والمراجعون والبنوك الاستثمارية على دعم المجموعات الراعية التي تفتقر إلى حد كبير للتدريب على الاستثمار في الشركات القوية الراسخة، العامة منها والخاصة. إذ كانت تميل إلى التركيز على الشركات المتعثرة أو القطاعات المتخصصة، ما يعكس فرص الاستثمار في تلك الفترة. لكن هذا الوضع تغير عام 2020، عندما راح الكثير من المستثمرين الجادين يتوسعون في إنشاء هذه الشركات بأعداد كبيرة. فتم جذب صناديق التحوط العريقة وشركات الأسهم الخاصة وشركات رأس المال المغامر وكبار المسؤولين التنفيذيين للتشغيل إلى شركات "سباكس" من خلال تلاقي عدد من العوامل، ممثلة فيما يلي: فائض النقد المتاح وتزايد أعداد الشركات الناشئة التي تبحث عن سيولة نقدية أو رأس المال النامي والتغييرات التنظيمية التي وضعت معايير موحَّدة لمنتجات شركات "سباكس".
ولأن هذه الجهات الفاعلة والمتمرسة في الحقل الاستثماري تضفي المصداقية والخبرة على قطاع شركات "سباكس"، فقد انجذب إليه المستثمرون الأقل تمرساً، ما أدى إلى التدافع الاستثماري المشهود حالياً. ومع ذلك، فإن رعاة شركات "سباكس" يتمتعون اليوم بسمعة طيبة أكثر من أي وقت مضى، ونتيجة لذلك تحسنت جودة أهدافهم، وكذلك أداؤهم الاستثماري.
لا يسعى كل مستثمري شركات "سباكس" إلى تحقيق عائدات خيالية، ولا يهتمون بالضرورة بعملية الاندماج في حد ذاتها. ويتيح هذا الهيكل مجموعة متنوعة من فرص العوائد وأوجه المخاطر والجداول الزمنية.
ويركز معظم شركات "سباكس" اليوم على الأسواق الاستهلاكية أو التكنولوجية أو أسواق التكنولوجيا الحيوية المزعزعة. يُوصف بعض هذه الشركات بأنها شركات مضاربة ولديها التزامات رأسمالية هائلة، ولا يمكنها تقديم سوى ضمانات محدودة على الإيرادات والجدوى على المدى القريب. (غالباً ما تندرج شركات السيارات الكهربائية ضمن هذه الفئة). وقد سمحت شركات "سباكس" للكثير من هذه الشركات بجمع أموال تفوق ما يمكن جمعه من الخيارات البديلة، ما شجّع الابتكار في مجموعة من القطاعات. ويمكن وصف الإقدام على المخاطرة والمضاربة على هذا المستوى بأنه يفتقر إلى الحكمة من جانب المستثمرين غير المتمرسين بطبيعة الحال، لكننا نعتقد أن المحللين المتمرسين يمكنهم العثور على فرص استثمارية كبيرة.
بعض المراقبين ليسوا متأكدين من ذلك، وعلى رأسهم الباحثون الذين ذكرناهم أعلاه. فقد ركزت دراستهم التي نُشرت في مجلة "جامعة ييل للقانون التنظيمي" (Yale Journal on Regulation) على سمة مهمة لشركات "سباكس" الحديثة، ألا وهي منح المستثمرين حق الانسحاب من الصفقة بعد أن يحدد الراعي هدفاً ويعلن عن اندماج مقترح. إذا كان المستثمرون يرفضون إبرام الصفقة، فيمكنهم اختيار الانسحاب واسترداد القيمة المالية لأسهمهم المستثمرة في الصفقة بالإضافة إلى الفائدة المقررة. وقد وجد الباحثون أن معدل الاسترداد لكل صفقة بلغ 58%، بمتوسط معدل استرداد عام 73% بين الشركات التي شملتها دراستهم. ليس هذا فحسب، ففي أكثر من ثلث شركات "سباكس"، انسحب أكثر من 90% من المستثمرين.
وبنظرة خاطفة، يمكننا أن نلاحظ أن هذه الأرقام لا توحي بالثقة لأنها تشير إلى أن معظم مستثمري شركات "سباكس" يتراجعون بعد تحديد الأهداف. ولكننا عندما ألقينا نظرة فاحصة على الدراسة، اكتشفنا أن الكثير من شركات "سباكس" قد جمعت مبالغ صغيرة نسبياً من رأس المال وقدمت ضمانات أعلى من المتوسط كحافز لجذب المستثمرين، وكلاهما مؤشر على انخفاض مستوى فرق الرعاة. وقد تغيرت ظروف السوق خلال الأشهر التسعة الماضية، وتحسنت مستويات فرق الرعاة بشكل ملحوظ. ونتيجة لذلك، تراجع الآن عدد المستثمرين الذين يفضّلون استرداد أموالهم بعد إبرام الصفقات. هذا ما توصلنا إليه عندما حللنا تاريخ استرداد الأموال منذ انتهاء الدراسة. وإن شئنا الحديث عن شركات "سباكس" البالغ عددها 70 شركة التي وجدت شركات مستهدفة في الفترة من يوليو/تموز 2020 حتى مارس/آذار 2021، فلم يتجاوز متوسط معدل استرداد الأموال 24% فقط، أي ما يعادل 20% من إجمالي رأس المال المستثمر. وشهد أكثر من 80% من هذه الشركات استرداد الأموال بنسبة تقل عن 5%.
تشير هذه الإحصاءات إلى أن بيئة عمل شركات "سباكس" تختلف اليوم كلياً وجزئياً عن بيئة العمل التي كانت موجودة مؤخراً عام 2019 بكل ما فيها من مخاطر وأصحاب مصلحة وهياكل إدارية ومستويات أداء. ولا يبخل كلٌ من أعضاء مجالس الإدارة والمستثمرين ورواد الأعمال بوقتهم أو جهدهم في هذه البيئة الجديدة لإزالة الغموض عن آلية عمل شركات "سباكس" وجعلها مرنة قدر الإمكان، بحيث يعمل العرض الاقتصادي للشركات المستهدفة على تحسين التقييم الحالي والفرص والمخاطر طويلة الأجل.
وكانت النتائج الأخيرة مشجعة. فقد ارتفع متوسط أسعار أسهم شركات "سباكس" في مرحلة ما بعد الاندماج بنسبة 31%، بالنسبة لجميع الصفقات التي تم إبرامها في الفترة من يناير/كانون الثاني 2019 حتى الربع الأول من عام 2021، وهو رقم يقل عن متوسط مؤشر "إس آند بي 500" الذي ارتفع بنسبة 36% خلال الفترة الزمنية نفسها. لكن إذا ألقينا نظرة سريعة على فترة زمنية أحدث، وتحديداً خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2020 حتى الربع الأول من عام 2021، فسيتبين لنا أن أسعار أسهم شركات "سباكس" في مرحلة ما بعد الاندماج تتفوق على مؤشر "إس آند بي 500" بهامش كبير، حيث ارتفعت أسعارها بنسبة 47% مقارنة بارتفاع أسعار أسهم المؤشر بنسبة 20% فقط. وبالنسبة للشركات التي أعلنت عن إبرام صفقة دون إتمام عملية الاندماج اعتباراً من مارس/آذار 2021، فقد ارتفع متوسط أسعار أسهمها بنسبة 15% منذ الطرح العام الأولي في البورصة، مقارنة بنسبة 5% فقط لأسهم الشركات المدرجة على مؤشر "إس آند بي 500" خلال الفترة الزمنية نفسها. ولا نقصد بكلامنا هذا أن تحليلاتنا صحيحة وأن التحليلات السابقة كانت خاطئة. كل ما هنالك أننا نريد تسليط الضوء على تقلبات سوق شركات "سباكس" والحاجة إلى الانتباه إلى توقيت تحليلات السوق وعيوبها.
مَنْ هم أصحاب المصلحة؟
لدى شركات "سباكس" 3 فئات رئيسية من أصحاب المصلحة: الرعاة والمستثمرون والشركات المستهدفة. ولكل منها مخاوف واحتياجات وتصورات تختلف عن غيرها من الفئات.
الرعاة. تبدأ عملية شركات "سباكس" من قبل الرعاة. فهم يستثمرون رأس المال المغامر في شكل أموال غير قابلة للاسترداد يتم دفعها للمصرفيين والمحامين والمحاسبين لتغطية نفقات التشغيل. وإذا فشل الرعاة في تحقيق عملية اندماج واحدة على الأقل خلال عامين، فيجب حل شركة "سباكس" ورد جميع الأموال إلى المستثمرين الأصليين. وهنا لا يخسر الرعاة رأسمالهم المغامر فحسب، بل يخسرون أيضاً وقتهم الثمين. ولكن إذا نجحوا، فإنهم يكسبون أسهم الرعاة في الشركة المندمجة، وغالباً ما تصل قيمتها إلى 20% من حقوق الملكية التي تم جمعها من المستثمرين الأصليين.
ولنحسب الأمر بطريقة المعادلات الرياضية. ينشئ أحد الرعاة شركة "سباكس" بهدف جمع رأسمال بقيمة 250 مليون دولار، ويستثمر ما يقرب من 6 ملايين دولار إلى 8 ملايين دولار لتغطية التكاليف الإدارية التي تشمل رسوم الاكتتاب والمحاماة والفحص النافي للجهالة. وبعد إقرار الهيكل الإداري والفكرة العامة، باعت الشركة 25 مليون سهم للمستثمرين بسعر 10 دولارات للسهم الواحد. واشترى الراعي أيضاً 6.25 مليون سهم بسعر القيمة الاسمية بنسبة 20% من إجمالي الأسهم المتداولة. وإذا نجح الرعاة في تنفيذ عملية اندماج خلال عامين، فإن أسهم مؤسسيهم تصبح مستحقة بسعر 10 دولارات للسهم، ما يجعل الحصة تبلغ 62.5 مليون دولار.
يرى بعض النقاد أن هذه النسبة مرتفعة للغاية. لكن تذكر أن هذه المكافآت متاحة للجهات الراعية فقط إذا طوروا فكرة جذابة قادرة على استقطاب المستثمرين، وحددوا هدفاً واعداً، وأقنعوا الشركة المستهدفة بالمزايا المالية والاستراتيجية لدمج الأعمال. يجب عليهم أيضاً التفاوض على شروط المعاملات التنافسية ورعاية الشركة المستهدفة وشركة "سباكس" من خلال عملية الاندماج المعقدة، دون خسارة المستثمرين خلال هذه المسيرة. وهذا أمر صعب. ومع انتشار ظاهرة شركات "سباكس"، اشتدت المنافسة بين الرعاة على الشركات المستهدفة والمستثمرين، ما زاد من احتمالية خسارة الرعاة لرؤوس أموالهم المحفوفة بالمخاطر، علاوة على تضييع وقتهم.
المستثمرون. جاءت الغالبية العظمى من الاستثمارات في شركات "سباكس" حتى الآن من مؤسسات استثمارية، وغالباً ما تكون صناديق تحوط شديدة التخصص. ويشتري المستثمرون الأصليون في شركات "سباكس" الأسهم قبل تحديد الشركة المستهدفة، وعليهم أن يثقوا في الرعاة غير الملزمين بقصر أهدافهم على الحجم أو التقييم أو القطاع أو المعايير الجغرافية التي حددوها في إعلانات الطرح العام الأولي في البورصة. ويتلقى المستثمرون فئتين من الأوراق المالية: الأسهم العادية (عادة بسعر 10 دولارات للسهم) والضمانات التي تسمح لهم بشراء الأسهم في المستقبل بسعر محدد (عادةً 11.50 دولاراً للسهم). وتمثّل الضمانات عنصراً محورياً في اتفاق مواءمة المخاطر بين رعاة شركة "سباكس" والمستثمرين. ويصدر بعض شركات "سباكس" ضماناً واحداً لكل سهم عادي يتم شراؤه، وبعضها يصدر جزءاً من الضمان (بمقدار النصف أو الثلث في الغالب) للسهم الواحد، فيما لا يصدر البعض الآخر أي ضمانات على الإطلاق. ولأن الضمانات توفر ميزة إضافية للمستثمرين الأوائل، وتعتبر بمثابة حوافز للاكتتاب، فكلما زاد عدد الضمانات الصادرة، زادت المخاطر المتصورة لشركات "سباكس".
بعد أن يعلن الراعي عن اتفاق مع شركة مستهدفة، يحق للمستثمرين الأصليين الاختيار بين الموافقة على الصفقة، ومن ثم الاشتراك فيها، أو الانسحاب واسترداد أموالهم بالإضافة إلى الفائدة المقررة. وحتى إذا اختاروا الانسحاب، يمكنهم الاحتفاظ بضماناتهم. وهكذا يوفر لهم نظام "سباكس" فرصة خالية من المخاطر لتقييم الاستثمار في شركة خاصة.
تجدر الإشارة هنا إلى أن مستثمري شركات "سباكس" لا يسعون كلهم إلى تحقيق عائدات خيالية، ولا يهتمون بالضرورة بعملية دمج الأعمال في حد ذاتها. إذ لا ينوي بعضهم الاحتفاظ برأس المال في عملية الاندماج، ويستخدمون هذا الهيكل للاستفادة منه في الحصول على عائد مضمون، غالباً بعائد أعلى من عائدات سندات الخزانة وسندات الشركات الحاصلة على تقييم AAA، في شكل فائدة على الدخل المستثمر وبيع الضمانات، بالتوازي مع الإبقاء على فرصهم في إمكانية الاستفادة من نجاح عملية الاندماج التي قد تلوح أمامهم. ويتيح تعقيد هذا الهيكل مجموعة متنوعة من فرص العوائد وأوجه المخاطر والجداول الزمنية، اعتماداً على أهداف المستثمرين.
الشركات المستهدفة. تستهدف شركات "سباكس" الاستحواذ على الشركات الناشئة التي خاضت عملية جمع رأس المال المغامر (الجريء). وعادة ما تفكر الشركات في هذه المرحلة في عدة خيارات: إما اتباع الطرق التقليدية بطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي في البورصة، أو إدراج أسهمها للاكتتاب العام المباشر، أو بيع الشركة إلى شركة أخرى أو شركة أسهم خاصة، أو جمع رأسمال إضافي، عادةً من شركات الأسهم الخاصة أو صناديق التحوط أو غيرها من المؤسسات الاستثمارية. وقد تكون شركات "سباكس" بديلاً جذاباً لهذه الخيارات الأخيرة، فهي قابلة للتخصيص بدرجة كبيرة وتناسب عدداً كبيراً من أنواع الدمج. وعلى الرغم من أن الشركات المستهدفة عادةً ما تكون شركة خاصة واحدة، فإن الرعاة قد يستخدمون هذا الهيكل أيضاً لدمج عدد أكبر من الشركات المستهدفة. وتستطيع شركات "سباكس" أيضاً طرح أسهم الشركات في البورصة بالولايات المتحدة، حتى إذا كان قد تم طرح أسهمها بالفعل في الخارج، بل تستطيع دمج العديد من شركات "سباكس" نفسها لكي تحصل على شركة مساهمة عامة واحدة.
1- الإعلان عن إنشاء شركة "سباكس".
يعمل الرعاة على إعداد خطة العمل قبل تحديد الشركات المستهدفة، ويضخون استثمارات بقيمة 1.5 مليون دولار إلى 2 مليون دولار لصالح مصاريف التشغيل اللازمة لبدء العملية، ويعلنون عن مجلس الإدارة.
2- تجميع فريق الرعاة وجمع رأس المال من المستثمرين.
يشكّل الرعاة فريقهم من ضامني تغطية الاكتتاب وغيرهم، ويقدّمون نموذج "S-1"، ويشاركون في عرض ترويجي محدود لجمع رأسمال يتراوح عادةً بين 200 مليون دولار إلى 750 مليون دولار من المؤسسات الاستثمارية العامة في فعالية خاصة.
3- طرح شركة "سباكس" للاكتتاب العام.
بمجرد طرح شركة "سباكس" للاكتتاب العام، تصبح أسهمها قابلة للتداول، كما هو الحال مع أي شركة أخرى مدرجة في البورصة. حيث يدفع الرعاة لضامني تغطية الاكتتاب 2% من المبلغ الذي تم جمعه كرسوم اكتتاب. ويتم تقسيم وحدات شركة "سباكس" خلال 52 يوماً إلى صكوك وأسهم عادية يتم تداولها بشكل مستقل.
4- تحديد الشركة المستهدفة.
يبدأ فريق إدارة شركة "سباكس" إجراء مناقشات مع الشركات الخاصة التي قد تكون أهدافاً مناسبة للاندماج. وسيكون أمام شركة "سباكس" فترة سماح مدتها عامان كاملان للتوصل إلى اتفاق مع الشركة المستهدفة، وإذا فشلت في التوصل إلى اتفاق، يمكن للإدارة إما السعي للحصول على تمديد فترة السماح أو رد كل الأموال المستثمرة إلى المستثمرين، وعندها يفقد الرعاة رأس المال المغامر الذي تم جمعه.
5- جمع أموال إضافية.
عندما توافق شركة "سباكس" والشركة المستهدفة على الشروط، تبدأ شركة "سباكس" في تنظيم عرض ترويجي للتحقق من صحة التقييم وجمع رأس المال الإضافي في جولة تمويلية تُعرف باسم "الاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة" (PIPE).
6- التفاوض على الشروط وتوقيع الاتفاقية وتقديم التفويض.
يتم توقيع اتفاقيات الاندماج و"الاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة" في وقت واحد، وتقدّم شركة "سباكس" والشركة المستهدفة نموذج التفويض الذي يتم فيه تحديد السجل المالي للشركة المستهدفة إلى جانب شروط وأحكام الاندماج.
7- تحديد موعد للمستثمرين للموافقة على الصفقة أو رفضها.
تحدد شركة "سباكس" موعداً رسمياً لمساهميها من أجل: (أ) الموافقة على الصفقة وضخ استثماراتهم في الكيان المندمج، أو (ب) الموافقة على الصفقة مع استرداد أموالهم المستثمرة بالإضافة إلى الفائدة المقررة، أو (ج) رفض الصفقة واسترداد أموالهم المستثمرة بالإضافة إلى الفائدة المقررة. وإذا فشلت عملية الاندماج، تبدأ شركة "سباكس" من جديد، بحثاً عن شركة مستهدفة أخرى، وإذا انتهت فترة السماح خلال العامين الأولين، فعليها أن ترد رأس المال المستثمر وتنحل من تلقاء نفسها.
8- إتمام عملية الاندماج.
إذا تمت الموافقة على الصفقة، يتم استكمال عملية الاندماج بعدها مباشرة باستخدام الأصول المتبقية بعد أي انسحابات. ويتم استثمار عائدات شركة "سباكس" و"الاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة" (بعد خصم مختلف المصروفات) في الشركة المستهدفة، ويتم حل هيكل الحوكمة الخاص بشركة "سباكس"، وتبدأ الشركة المستهدفة في التداول باسمها ورمز تداولها الخاص.
كيف تقتحم هذا المجال؟
تحقق شركات "سباكس" الناجحة قيمة مضافة لجميع الأطراف، فهي تتيح فرص الربح للرعاة وتحقق عوائد للمستثمرين تعادل المخاطر التي يتحملونها، كما أنها تعتبر عملية جذابة نسبياً لجمع رأس المال للشركات المستهدفة. وكلما زادت القيمة المضافة التي يمكن تحقيقها، زادت قدرة شركات "سباكس" على التفاوض على شروط مرضية لكافة الأطراف والتوصل إلى توليفة ناجحة.
وقد نجح الرعاة في المراحل المبكرة في تحقيق قيمة مضافة من خلال استثمار رأس مال المغامر وإقناع حملة الأسهم في الشركات العامة بفرصة الاستثمار. ويوفر الرعاة الآن مزيداً من اليقين لأصحاب المصلحة من خلال تشجيع المؤسسات الاستثمارية باختلاف أنواعها (الصناديق المشتركة والمكاتب العائلية وشركات الأسهم الخاصة وصناديق التقاعد والمستثمرين الاستراتيجيين) على التعاون مع شركات "سباكس" في "الاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة" (PIPE). ومن مميزات هذا المصدر الإضافي للتمويل أنه يسمح للمستثمرين بشراء أسهم في الشركة إبان الاندماج. ويستخدم الرعاة "الاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة" للتحقق من صحة تحليلهم الاستثماري (إذ يعتبر الاهتمام بالاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة بمثابة تصويت على الثقة)، إلى جانب زيادة التمويل الكلي المتاح وتقليل أثر التخفيف من حقوق ملكية الرعاة والضمانات. كما أنه يعتبر وسيلة لضمان الحد الأدنى من الأموال المستثمرة في حال اختار المستثمرون الأصليون الانسحاب من الصفقة. ويلتزم المستثمرون في "الاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة" برأس المال ويوافقون على احتجازه لمدة 6 أشهر. وهم يتحملون هذه المخاطر لأنهم واثقون من الفرصة الاستثمارية ويفترضون أنه سيتم تداول أسهم الكيان المندمج بصورة غير مكثفة بعد الاندماج، ويتلقون عروضاً بحيازة الأسهم المطروحة بأسعار الاكتتاب التي يُتوقَّع أن تكون منخفضة مقارنة بأسعار السوق.
ويحتاج الرعاة إلى فريق متمرس لتوجيه شركة "سباكس" خلال العملية بأكملها، بدايةً من بلورة الفكرة، وصولاً إلى إتمام عملية الاندماج. فعلى عكس شركات الأسهم الخاصة، يلجأ الكثير من الرعاة اليوم إلى تعيين مسؤولين تنفيذيين لديهم خبرة في المجال لتقييم الشركات المستهدفة والقدرة على إقناعها بمزايا الاندماج. كما أنهم يبحثون عن أعضاء مجلس إدارة يمتلكون شبكة علاقات واسعة ولديهم خبرة في الحوكمة والتخطيط الاستراتيجي.
تتصف صفقات شركات "سباكس" بالتعقيد، ويجب تنفيذها خلال فترات زمنية محدودة. ويجب أن تتمتع فرق شركات "سباكس" بالخبرة في الفحص النافي للجهالة بالجوانب التشغيلية والقانونية وقوانين الأوراق المالية وتعويضات المسؤولين التنفيذيين وتعيين الموظفين والتفاوض وإدارة العلاقات مع المستثمرين. وعلى الرغم من إمكانية تعهيد بعض هذه الأدوار والاستعانة بمصادر خارجية لأدائها، فإن الرعاة عادةً ما يعينون موظفين متخصصين لتنفيذ هذه العمليات المتوازية. وإذا تمكنت شركات "سباكس" من تشكيل فريق متمرس، فستنجح في الغالب في اجتذاب مستثمرين محنكين يحتفظون باستثماراتهم لآجال طويلة وبشروط جيدة، وستدعوها الشركات المستهدفة الأكثر جاذبية إلى مناقشة مسألة الاندماج معها. وفي واقع الأمر، عندما تتوافر هذه المزايا بصورة ملموسة لدى شركات "سباكس"، فإنها غالباً ما تعلن عنها في عمليات الطرح العام الأولي لأسهمها في البورصة. (تهتم الشركات المستهدفة عالية الجودة بعملية تنفيذ الصفقة بقدر اهتمامها بالسعر).
يستغرق التعامل على الشركات المستهدفة من قِبَل شركة "سباكس" ما لا يزيد على 3 إلى 5 أشهر كحد أقصى، علماً بأن تحديد التقييم النهائي يتم خلال الشهر الأول، في حين أن الأساليب التقليدية لطرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي في البورصة غالباً ما تستغرق من 9 إلى 12 شهراً.
ما الفائدة التي ستعود على الشركات المستهدفة؟
تتيح شركات "سباكس" مزايا محددة للشركات المستهدفة مقارنة بغيرها من أشكال التمويل وتوفير السيولة النقدية. وإذا ما قورنت بالأساليب التقليدية لطرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي في البورصة، فغالباً ما توفّر شركات "سباكس" تقييمات أعلى للشركات المستهدفة، وتقلل من تخفيف حقوق ملكية المساهمين، وتمنح رأس المال سرعة أكبر، وتضفي قدراً أكبر من اليقين والشفافية، وتتطلب رسوماً أقل ومسوّغات تنظيمية أقل.
ولك أن تنظر مثلاً إلى السرعة، إذ يستغرق التعامل على الشركات المستهدفة من قِبَل شركة "سباكس" ما لا يزيد على 3 إلى 5 أشهر كحد أقصى، علماً بأن تحديد التقييم النهائي يتم خلال الشهر الأول، في حين أن الأساليب التقليدية لطرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي في البورصة غالباً ما تستغرق من 9 إلى 12 شهراً، علماً بأنها تأتي مصحوبة بضعف اليقين بشأن التقييم النهائي ومقدار رأس المال الذي يتم جمعه حتى نهاية العملية. وفيما يخص عملية التقييم، فغالباً ما تتيح شركات "سباكس" فرصاً أكبر من تلك التي تتيحها الأساليب التقليدية لطرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي في البورصة. فقبل عدة أشهر من الاندماج، تتفاوض الأطراف المعنية بعمليات شركات "سباكس"، بما في ذلك الشركة المستهدفة، على الالتزامات الرأسمالية والتقييم الملزم (على الرغم من أن التقييم يخضع لموافقة مستثمري "الاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة"). في حين أن الأساليب التقليدية لطرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي تفرض على الشركات المستهدفة تقديم تنازلات كبيرة في عملية التقييم لضامني تغطية الاكتتاب الذين يستقطبون المستثمرين المحتملين ويديرونهم بشكل مباشر.
ثمة ميزة أخرى مهمة، وهي أن شركات "سباكس" غالباً ما توفّر تقييمات أعلى من تلك التي توفرها الأساليب التقليدية لطرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي، وذلك لعدد من الأسباب. أولاً وقبل كل شيء: تتصف الأساليب التقليدية بتضارب في المصالح، فغالباً ما يرتبط ضامنو تغطية الاكتتاب بعلاقة نفعية عابرة مع الشركات التي تريد طرح أسهمها للاكتتاب العام، ولكنهم يرتبطون بعلاقة دائمة مع مستثمريهم المنتظمين. كما أن ضامني تغطية الاكتتاب يتحكمون إلى حدٍّ كبير في توزيع الأسهم ويستغلون هذه العملية لمكافأة عملائهم المميزين والمهمين. وغالباً ما يحددون سعراً أولياً أقل من التقييم الفعلي للسوق، ما يوفر عوائد أعلى لعملائهم ولأنفسهم أيضاً.
ويجب ألا يغيب عن ذهنك الانعكاسات الحقيقية لهذا المسلك على الشركة المستهدفة. فقد ارتفعت قيمة الشركات عام 2020 بنسبة 92% في المتوسط في أول 90 يوماً بعد طرحها للاكتتاب العام بالأساليب التقليدية. قد يبدو لك هذا نجاحاً باهراً، ولكن هذا الأداء القوي بعد طرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي يشير في الواقع إلى أن هذه الشركات جمعت رأسمال ضئيلاً للغاية بسعر منخفض للغاية في عملية الطرح العام الأولي في البورصة. فحينما فشلت الشركات في تحسين موقفها في الميزانية العمومية وتخفيف حقوق ملكية المساهمين، تركت الأموال على الطاولة ليسطو عليها المصرفيون المختصون بطرح الأسهم للاكتتاب العام الأولي وعملاؤهم.
ومن هنا يجب أن تركز الشركات المستهدفة على تنفيذ صفقات الراعي وقدرات تحويل رأس المال. يجب عليها التدقيق في جودة وخبرة فريق المستشارين القانونيين والمصرفيين ومستشاري الاستعداد لطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي في البورصة وقدرتهم على إكمال العمل في إطار زمني ضيّق إلى حدٍّ كبير. يجب أن تطلب من الرعاة شرح أطروحاتهم الاستثمارية والأسباب المنطقية للتقييم المقترح. ويجب عليها تقييم قدرة الفريق على تنفيذ الأنشطة الإدارية، بما في ذلك رفع مستوى "الاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة" وإدارة العملية التنظيمية وضمان موافقات المساهمين وتحسين العلاقات العامة، وكلها أنشطة ضرورية للانتقال السلس إلى مرحلة طرح الأسهم للاكتتاب العام. وحينما تضع هذه الجوانب في الاعتبار، قد تجد أن لديك الكثير من الأسباب لعدم اختيار شركات "سباكس"، حتى إن قدمت لك عرضاً أعلى.
ثمة نصيحة أخيرة للشركات المستهدفة: تذكر أن الرعاة ليس لديهم الكثير من الوقت لإكمال عملية الاندماج. لذا إذا تمكنت من إثبات أن سجلاتك المالية تلبي معايير الامتثال لقوانين "مجلس مراقبة حسابات الشركات العامة"، فستوفر على الجميع الوقت وتوفر المزيد من اليقين، ما سيجعل شركتك أكثر جاذبية ويقوّي موقفك التفاوضي.
تفاوض من أجل النجاح
تؤكد نظرية الألعاب أهمية التفكير في القرارات المحتملة للطرف الآخر من أجل تطوير مسار منطقي لمجريات عملية التفاوض. وتنطبق هذه الفكرة بالتأكيد على بيئة عمل شركات "سباكس"، إذ يجب عليك فهم دوافع كل الأطراف وأهدافهم بصورة تامة.
ادرس مسار العملية التفاوضية بين الراعي والشركة المستهدفة. فإذا نظرت إليها ببساطة على أنها عملية مكونة من طرفين، فستجد أن الشركة المستهدفة لها اليد العليا، خاصة في المراحل المتأخرة من دورة عمل شركات "سباكس" التي تستمر لمدة 24 شهراً لأن رعاتها سيخسرون كل شيء ما لم يستطيعوا إتمام صفقة. ولكن عندما تضع المستثمرين الأصليين في المعادلة، ستتغير كل الحسابات لأنهم يستطيعون رفض الصفقة بعد الإعلان عنها. وإذا أصرّت الشركة المستهدفة على وضع شروط مجحفة للطرف الآخر، فلن تستطيع تمريرها في عملية "الاستثمار الخاص في حقوق الملكية العامة" أو ستؤدي إلى استرداد معظم المستثمرين لأموالهم، ومن ثم تعرّض الصفقة للخطر.
لذا يجب على الرعاة التفاوض بطريقة تمكنهم من الوصول إلى توليفة فاعلة تحقق قيمة مضافة للشركة المستهدفة أكبر من خياراتها الأخرى، وجذابة للمستثمرين في الوقت ذاته. وقد تزداد المفاوضات تعقيداً بسبب تواصل الشركات المستهدفة مع أكثر من شركة "سباكس"، على الأقل في المراحل الأولى من العملية التفاوضية.
وعلى غرار أي مفاوضات معقدة أخرى، فإن اتفاقية الاندماج مع إحدى شركات "سباكس" تقدم خيارات غير محدودة من أجل تكييف عملية الاندماج بما يناسب كافة الأطراف. لذا يجب أن تجلس كل الجهات الفاعلة على الطاولة، بحيث يعرف كلٌ منهم جيداً ما يحتاجه ويريده ويهتم به، حتى يتمكنوا من إيجاد أرضية مشتركة. وإذا كنت مستثمراً أو شركة مستهدفة بعملية الاندماج، فاعلم أن الرعاة لا يركزون على أسهمهم فقط، ولكنهم يركزون أيضاً على سمعتهم، ما قد يؤثر على قدرتهم على إنشاء شركات "سباكس" إضافية. وإذا كنت راعياً أو مستثمراً، فاعلم أن الشركات المستهدفة تحتاج إلى الموازنة بين مختلف أنواع القيمة التي يمكن أن تكتسبها، من فريق شركة "سباكس" ومن تخفيف حقوق ملكية المساهمين ومن تنفيذ الصفقة، بل ومن مرحلة ما بعد الاندماج. ويجب أن تراعي الشركات المستهدفة عدداً من العوامل الأخرى أيضاً، كالسيولة النقدية المتاحة للعمليات التشغيلية وتكاليف الدعاية عند طرح أسهمها للاكتتاب العام والحد من المخاطر وسيولة المساهمين وظروف السوق، وهي العوامل التي قد تزيد من تعقيد المفاوضات.
ونحن نؤمن بأن شركات "سباكس" قد وُجِدت لتبقى، وأنها تتيح مزايا كبيرة في السوق. صحيح أن الفشل التام سيكون مصير بعض شركات "سباكس" في بعض الأحيان، وأن بعض الجهات الفاعلة سينتهج سلوكيات تفتقر إلى المعايير الأخلاقية، على غرار ما قد يحدث في أي طريقة أخرى لجمع رأس المال، لكن شركات "سباكس" شهدت تحسناً ملموساً كخيار استثماري منذ انطلاقها في التسعينيات، بل وقبل عام واحد فقط. ومن المؤكد أننا سنشهد المزيد من التغييرات خلال المرحلة المقبلة في النواحي التشريعية وفي الأسواق، ما يعني أن أي شخص يشارك في عملية شركات "سباكس" يجب أن يظل على اطلاع دائم على آخر المستجدات وألا يتخلى عن الحيطة والحذر. إذ يشهد هذا المجال تطورات متلاحقة.