كيف تكسب ثقة مديرك في العمل؟ خبيرة تُجيب

4 دقائق
قرار فصل موظف
shutterstock.com/BelleMedia

يُعتبر كسب ثقة المدير أساس النجاح في أي مؤسسة، إذ قد يتردد مديرك في تأييد أفكارك ودعمك إن لم يثق بك. وقد تؤدي الثقة، أو الافتقار إليها، دوراً مهماً في قدرتك على تحقيق أهدافك أو الإخفاق في بلوغها، لكن ما المقصود فعلياً بثقة المدير بموظفه؟

يرى رئيس شركة جينسيس أدفايزرز (Genesis Advisers) والأستاذ بالمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، مايكل واتكينز، أن ثقة المدير واحترامه لموظف لهما عدة مستويات بدءاً من: “النظر إلى الموظف باعتباره شخصاً يجدر الاحتفاظ به في الشركة أو يرغب شخص ما (مديره) في أن يضمه إلى فريقه، ثم يتطور هذا الاحترام حتى يُنظر إلى هذا الموظف باعتباره يستحق أن يكلَّف بمهام صعبة ومهمّة، وانتهاءً بالنظر إليه باعتباره موظفاً يريد مديره أن يبذل الوقت والجهد لتطوير قدراته لأنه يعتقد أن له مستقبلا واعداً”. 

لكن قبل السعي إلى كسب ثقة المدير، عليك أن تسعى أولاً إلى أن تثق بنفسك وقدراتك، إذ لاحظتُ خلال سنوات عملي في العديد من الشركات ومع مئات الموظفين أن الكثير من الأفراد لا يثقون بأنفسهم وقدراتهم، لا سيما مَن كانوا في بداية مسيرتهم المهنية، وهو في الحقيقة أمر طبيعي؛ في الواقع، فإن متلازمة المحتال -أي الخوف المتسلل إلى نفسك من أن يكتشف الآخرون أنك لست ذكياً أو قادراً أو مبدعاً كما يعتقدون- أكثر شيوعاً مما قد تعتقد. إذ يشعر معظم الناس أنهم محتالون من وقت لآخر، “ولا يستطيع كثيرون منا التخلص من هذا الشعور بشكل نهائي، بل نتعامل معه عندما يجتاحنا” هذا ما تقوله الأستاذة بكلية هارفارد للأعمال ومؤلفة كتاب: “الحضور: استجماع شخصيتك الأكثر جرأة في مواجهة تحدياتك الكبرى” (Presence: Bringing Your Boldest Self to Your Biggest Challenges)، آمي كادي. وتُضيف أن المفتاح لفعل ذلك هو “إيهام نفسك بالخروج من حالة الشك الذاتي”، وأن التظاهر بالثقة لا يعني أن تمثِّل دور الواثق وأنت لا تملك الثقة. بل أن “تتظاهر لنفسك بأنك واثق” حتى تتمكن من العمل بجد لإنجاز المهمة. لذا، نصيحتي الأولى هي ما ذكرته الأستاذة في المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال إنسياد (INSEAD) ومؤلفة كتاب “تصرف كقائد، فكر كقائد” (Act Like a Leader, Think Like a Leader): “توقفوا عن جلد الذات”. 

اخترت لك في هذا المقال نصائح عملية لاكتساب ثقة مديرك وتحقيق النجاح في مسارك المهني:

1. داوم على تحقيق الإنجازات ولو كانت صغيرة 

في بيئة العمل، يجذب الموظفون الذين يحققون أهدافهم الانتباه، لا سيما انتباه المدراء الذين يحبّذون الموظفين المنجزين لأنهم ببساطة جديرون بالثقة أكثر من غيرهم. نصيحتي لك هي أن تقيّم وضعك المهني جيداً وتقدِّم اقتراحات وتطلعات واقعية تناسبه، ولا تغفل عن قوة الإنجازات الصغيرة، فسلسلة متتابعة من هذه الإنجازات يمكن أن تدفع مسارك المهني للأمام بشكل ملحوظ وتُشعرك بالسعادة وتعزز قدرتك على الاندماج والابتكار في العمل، وذلك وفقاً لما ورد في كتاب “مبدأ التقدم” (The Progress Principle) لتيريزا آمابيل وستيفن كرايمر منذ ما يقرب من عقد من الزمان. إليك 4 نصائح تساعدك في أن تصبح أكثر إنجازاً:

  • وائِم أهم أعمالك مع جدولك الزمني. احرص على جدولة المهمات التي تتطلب أكبر قدر من الطاقة الذهنية في الأوقات التي تكون فيها في ذروة نشاطك.
  • خطِّط ليومك في الليلة السابقة، وقم بذلك في نهاية يوم عملك بحيث يظل كل ما تحتاج إلى القيام به غداً حاضراً في ذهنك.
  • ابنِ عادات مختلفة (مثل تلك التي تتصل بمكان عملك وزمانه) لأنواع المهمات المختلفة. وبمرور الوقت سيربط دماغك تلك الإشارات المادية والزمانية بمهمات محددة.
  • لا تجعل جدول مواعيدك مزدحماً للغاية، إذ يمكن أن يمنحك اليوم المزدحم للغاية إحساساً زائفاً بالإنجاز ولا يترك أي مجال للحظات الإبداع والإلهام.

2. حافظ على سمعة مهنية مُشرفة 

تحضرني المقولة الشهيرة لرجل الأعمال الشهير وارن بافيت “يتطلب بناء سمعة جيدة 20 سنة، و5 دقائق لتدميرها”، لذلك، في أثناء سعيك لاكتساب هذه السمعة الإيجابية، فإن أهم صفة يجب أن تتحلى بها هي الصبر، أضِف إلى ذلك هذه النصائح العملية:

  • اطلب من مديرك أن يعرّفك إلى الموظفين الآخرين في الشركة.
  • تطوّع للمشاركة في مشروعات ولجان تمكّنك من مقابلة زملاء جدد وتعلم مهارات جديدة.
  • ابذل جهداً لتكوين صداقات مع الزملاء وربط علاقات شخصية معهم.
  • لا تخجل في الاجتماعات؛ واجعلها فرصة لعرض خبرتك.
  • لا تغفل حقيقة مفادها أن فرض سمعتك الشخصية يتطلب أحياناً وقتاً أكثر مما ترغب فيه.

3. تَعلّم مهارة الذكاء العاطفي 

نسمع الكثير عن مهارة الذكاء العاطفي، لكن من النادر أن نجد من يعرف السمة الأساسية التي يمتلكها الأشخاص الأذكياء عاطفياً، وهي التعاطف والقدرة على تقمص شعور الآخرين، لكن بحسب مختص علم النفس دانيال غولمان، فإنّ هناك 3 أنواع مختلفة من التعاطف موجودة في أجزاء مختلفة من الدماغ:

  • المعرفي: أن تعرف طريقة تفكير الشخص الآخر.
  • العاطفي: أن تعرف ما يشعر به الشخص الآخر.
  • الاهتمام التعاطفي: أن تهتم لأمر الشخص الآخر.

أذكر موقفاً استعنت فيه بمهارة التعاطف ساعدني في كسب ثقة مديري، حينما قدَّم أحد الموظفين البارزين استقالته بسبب عرض وظيفي آخر. كان مديري المباشر في حالة توتر وغضب شديدين لفقدان موظف يتمتع بقدرات ومهارات قد لا تتوافر لدى قلة من الأشخاص فقط، لكني تدخلتُ، وتحدثت مع هذا الموظف وفهمت ما يحتاج إليه بالضبط للبقاء في الشركة، دون توجيه اللوم له أو انتقاد رد فعل مديري. ومن خلال إشعاره أني مهتمة به فعلاً وبقراره، تراجع عن تقديم استقالته وحُلَّت المشكلة بالحوار مع المدير.

4. تحلَّ بالأخلاق الحميدة خاصة الصدق وتجنب النفاق

احرص على عدم الخوض في النميمة والكذب وتزييف الحقائق. فاللجوء إلى هذه السلوكيات يشبه أخذ مسكنات الألم، بمعنى أنه قد يوفر لك راحة مؤقتة من المشكلة دون حلها جذرياً. علاوةً على ذلك، قد تسهم سلوكياتك هذه في إضعاف معنويات زملائك أو جرح مشاعرهم والأسوأ تقويض مصداقيتك وسمعتك المهنية! لهذا احرص على وضع حدود صارمة فيما يخص بوصلتك الأخلاقية، وارفض المشاركة في أي موقف قد يستلزم منك التخلي عنها، ولو كان ذلك ضد رغبات مديرك، كما يجب أن تتحلى بالصدق وتتجنب النفاق، فإن لم تُعارض مديرك باحترام إن رأيته مخطئاً، فقد قصّرت في عملك. طبعاً مع استخدام الطريقة الصحيحة لمعارضته ونقده على نحو بنّاء. في إحدى المرات، طرح مدير سابق لي سؤالاً يتعلق بمسار العمل، فذكر أحد الزملاء بصدق كل ما يعجبه وكل ما يحتاج إلى تحسين في العمل. ونتيجة لذلك، طلب مديري عقد اجتماع عاجل يترأسه هذا الموظف، كان الجميع مندهشاً حينها، بما في ذلك أنا، لأننا كنا نعتقد أن مديرنا يفضّل الإطراءات الزائفة، لكنه في الواقع، كان يقدّر الحوار الصريح الخالي من النفاق.

5. ضع مديرك في الصورة دوماً 

عند عقد الاجتماعات الأسبوعية مع مديرك المباشر، يجب أن تضعه في الصورة بإبلاغه بأهم أخبار العمل ومجرياته. يمكنك استخدام بعض هذه الأسئلة لتحقق أقصى استفادة من اجتماعك مع مديرك وتُبقيه على اطلاع بمستجدات العمل وتُظهر له في الوقت نفسه أنك جدير بالثقة.

يجب أن تتذكر أن النجاح في مكان العمل ليس له قواعد محددة تنطبق على الجميع، إذ تختلف احتياجات المؤسسات وثقافاتها. وقد تكون هناك عوامل أخرى مهمة للنجاح في مكان عملك، مثل المهارات التكنولوجية أو القدرة على التعلم السريع أو القدرة على التكيف مع التغييرات. لكنّ ثقة المدير تُعدّ أيضاً عاملاً لا غنى عنه للنجاح الوظيفي، فهي تعطيك هامشاً واسعاً للإبداع وإظهار معدنك الحقيقي في مكان العمل. 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .