هل يعاني فريقك من كثرة المهام وانخفاض الأداء؟ إليك الحل

7 دقيقة
العمل الجاد
توشيرو شيمادا/ غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يتجلى العمل الجاد في جانبين متساويين في الأهمية: الجهد اللازم لأداء المهام والجهد اللازم لتحسين أدائنا، لكننا نركز غالباً على الجانب الأول فقط، فننهمك في إنهاء قوائم المهام الطويلة. يسمي المؤلف هذا الجانب “منطقة الأداء”، وعندما نحول تركيزنا ليشمل الجهود المبذولة لتحسين أدائنا وندخل ما يسميه المؤلف “منطقة التعلم”، سنتمكن من إنجاز العمل بطرائق تزيد من فاعليتنا. لا يؤدي هذا النهج إلى نتائج أفضل فحسب، بل يجعل عملنا أكثر إثارة ومتعة ويمنحنا شعوراً بالرضا والإنجاز.

تعلمنا منذ الصغر أن العمل الجاد مهم، لكن ما لم نتعلمه هو أن العمل الجاد يتجلى في جانبين متساويين في الأهمية: الجهد اللازم لأداء المهام والجهد اللازم لتحسين أدائنا.

عندما لا نفهم هذين النوعين من الجهود بوضوح، تقيّدنا قوائم المهام الطويلة بالجهود المستمرة لأداء المهام؛ إذ نعمل بجد ومثابرة لتنفيذ المهام بأفضل طريقة ونحاول تجنب الأخطاء وتقليصها قدر المستطاع. أسمّي هذا الجانب “منطقة الأداء” (performance zone)، حيث تتشكل لدينا رؤية ضيقة تركز فقط على إنجاز المهام، ربما يشعرنا ذلك بأننا منتجون لكنه يؤدي في الوقت نفسه إلى الركود. عندما نركز فقط على التنفيذ، فإننا نستجيب للتحديات من خلال زيادة الجهود وزيادة ساعات العمل وتوظيف مزيد من الأشخاص وربما نلجأ في بعض الأحيان إلى اتباع طرائق مختصرة. لا يكفي كل ذلك لمواكبة وتيرة التغيير السريعة، لذلك نشعر دائماً أننا متأخرون.

عندما نحول تركيزنا ليشمل الجهود المبذولة لتحسين الأداء وندخل ما أسميه “منطقة التعلم” (learning zone)، سنتمكن من إنجاز الأمور بطرائق تزيد من فعاليتنا. لا يؤدي هذا النهج إلى نتائج أفضل فحسب، بل يجعل عملنا أكثر إثارة ومتعة ويمنحنا شعوراً بالرضا والإنجاز.

إليك 5 استراتيجيات تساعد المدراء على تزويد فرق العمل بالمهارات والأدوات اللازمة للانتقال من منطقة الأداء إلى منطقة التعلم، ما يمكّنها من العمل بكفاءة وتعزيز القدرة على التغيير والنمو.

1. وفّر الظروف المناسبة لدخول منطقة التعلم

في العمل والحياة اليومية، يميل معظمنا إلى البقاء في منطقة الأداء، حيث نركز على إنجاز المهام بأفضل طريقة ممكنة وبدقة تامة. ربما يكون التركيز الحصري على الأداء مفيداً عندما نكون مبتدئين، لكن بمجرد أن نتقدم ونصبح خبراء في مجالنا، سيؤدي هذا التركيز إلى الركود، أو إلى أسوأ من ذلك.

على سبيل المثال، خلص تحليل ميتا (التجميعي)، الذي أجرته كلية الطب بجامعة هارفارد، إلى أنه في المتوسط، كلما زاد عدد سنوات ممارسة الأطباء العامين للطب تراجعت نتائج علاج المرضى. وسبب ذلك هو أن كثير من هؤلاء الأطباء يركزون فقط على تقديم الرعاية الصحية، مثل معاينة المرضى وتشخيص حالاتهم ووصف العلاجات بأفضل طريقة. لكنّ الأطباء الذين يواصلون التعلم الفعال، من خلال السعي لاكتساب مزيد من المعرفة والمهارات ودراسة الأخطاء، يستمرون في التحسن.

لا يمتلك معظمنا الوقت الكافي لتخصيص فترات طويلة يومياً للتعلم أو ممارسة مهارة معينة، لذا تتمثل الفرصة الأكبر لتسريع تطورنا في إنجاز المهام بطرائق تؤدي أيضاً إلى تحسين أدائنا؛ أي الانخراط في منطقة الأداء ومنطقة التعلم في الوقت نفسه، وهو ما أسميه “التعلم في أثناء العمل” (learning while doing).

وهذا يعني أن نتجاوز ما نتقنه بالفعل من خلال وضع أهداف صعبة تدفعنا إلى المستوى التالي، مع الاهتمام بما يمكننا تعلمه وتغييره. يمكنك تحقيق التحسين والتعلم في أثناء تنفيذ المهام. على سبيل المثال، حاول اختبار فاعلية تكنولوجيا جديدة أو تقنية سمعت عنها وقدرتها على مساعدة فريقك في حل مشكلات العملاء على نحو أفضل وأسرع وبجهد أقل.

لنقل الفريق من الأداء المستمر إلى التعلم في أثناء العمل، يستطيع المدراء اتباع الخطوات التالية:

  • إعادة النظر في اللغة والمفاهيم التوجيهية، مثل القيم والسلوكيات الأساسية ومعايير الفريق. هل تعزز رسائلك التغيير والتحسين المستمرين باعتبارهما هدفاً أساسياً، وتوجه الموظفين نحو تحقيقه؟
  • يجب توضيح الوقت المناسب للبقاء في منطقة الأداء والتركيز على أداء المهام والوقت الذي يجب فيه الانتقال إلى منطقة التعلم، بالإضافة إلى توضيح كيفية الانتقال بين المنطقتين. على سبيل المثال، إذا كانت لديك مهلة زمنية قصيرة لإنجاز مشروع ذي أهمية بالغة، فلعله من الأفضل البقاء في منطقة الأداء، بالمقابل، لضمان دخول منطقة التعلم باستمرار، يُنصح بإعداد نظام لإجراء التجارب أو تنظيم محادثات بين الأقسام المختلفة لمساعدة الموظفين على فهم المؤسسة بصورة أوضح واستكشاف سبل تعزيز التعاون.
  • يجب على الأفراد والفرق الاتفاق على الأسباب والوقت والطريقة المناسبة للحصول على ملاحظات العملاء والزملاء والمشرفين والمرؤوسين المباشرين وغيرهم. يؤدي الاستماع إلى الملاحظات إلى جمع رؤى حول ما يتقنه الفريق والحصول على أفكار حول ما يجب التفكير في تغييره.
  • يجب إجراء مناقشات منتظمة حول طرائق تعاون الفريق، ومشاركة الأفكار حول ما يمكن تجربته بطريقة مختلفة. لا يمكن تحقيق التحسين دون التغيير.

2. تضمين فرص التعلم في الأدوات والعمليات اليومية

يمكن أن يسهم تطوير إجراءات منتظمة في تحقيق أداء متميز، لهذا السبب نستخدم الإجراءات القياسية والنماذج وقوائم المراجعة والاجتماعات الأسبوعية بجداول أعمال محددة والاجتماعات اليومية السريعة وعمليات التخطيط الاستراتيجي ولوحات المتابعة والمراجعات الربع السنوية.

لكن يجب ألا تركز هذه الأنظمة فقط على إنجاز المهام، يمكنك تصميم العمليات التي تشجع أعضاء الفريق على الدخول بانتظام إلى منطقة التعلم، حتى عندما لا تكون موجوداً حولهم. لوضع إجراءات تضمن التحسين المستمر، اتبع الخطوات التالية:

  • صمم جداول أعمال الاجتماعات لتشمل أجزاء تحث المشاركين على مشاركة الأسئلة أو الصعوبات أو الأخطاء أو الأفكار أو الرؤى أو الملاحظات.
  • تأكد من أن تتضمن قوائم المراجعة خطوات للتفكير في المهام التي أُنجزت بصورة جيدة، والأمور التي لم تُنجز، وما الذي تجب تجربته بطريقة مختلفة في المستقبل.
  • علّم الموظفين أنه عندما ينجم خطأ عن الإجراء أو النموذج القياسي، يجب التفكير في التغيير اللازم للعملية أو الأداة لتجنب تكراره.
  • يجب اعتماد نهج ثابت في المشاريع، بحيث يشمل إجراء مراجعات وتقييمات في أثناء تنفيذ المشروع و(أو) بعد الانتهاء منه لتقييم الأداء والتعلم من الخبرة.
  • ضع الأنظمة موضع التنفيذ، مثل الاجتماعات اليومية السريعة، لتذكير الأفراد والفرق بما يعملون على تحسينه والطرائق المتبعة للتحسين.

3. كن نموذجاً للتعلم

في بداية الكلمات الرئيسية التي ألقيها عادة، غالباً أسأل المشاركين عن الصورة التي يريدون أن يرسمها زملاؤهم عنهم، تشمل إجاباتهم صفات إيجابية، مثل أن يكونوا جديرين بالثقة ومتعاونين ويتحملون المسؤولية ومتفهمين ويمتلكون معرفة وكفاءة في مجال عملهم ويدعمون الآخرين. من النادر أن أسمع شخصاً يقول إنه يريد أن يُنظر إليه على أنه متعلم أو أنه شخص يواصل تطوير نفسه باستمرار.

إذا كنا نرغب في إنشاء ثقافة التعلم، فعلينا أن نحرص على أن يرى الآخرون أننا نسعى للتعلم والاستمرار في تطوير أنفسنا. يتبنى العديد من القادة فكرة التحسين المستمر، فنحن نقرأ الكتب ونستمع إلى المدونات الصوتية ونستعين بأفكار المستشارين الموثوقين ونجري التجارب ونفكر بعمق لتحليل هذه التجارب وتقييمها والاستفادة منها، لكننا نميل إلى إجراء ذلك بمفردنا بعيداً عن أعين زملائنا في الفريق.

يجب علينا التحدث عن أهمية التعلم وإظهارها من خلال أفعالنا. يشجع هذا الأمر الآخرين على التصرف بوصفهم متعلمين أيضاً من خلال التعاون، ما يؤدي إلى نمو أقوى.

فكر في الأسئلة التالية:

  • هل يعرف فريقك المهارة التي تعمل أنت شخصياً على تحسينها؟
  • هل تطلب الملاحظات من مجموعة متنوعة من الأشخاص، على الأقل بضع مرات كل أسبوع؟
  • هل تقرّ بعدم معرفتك بشيء معين عندما لا تكون لديك المعلومات الكافية، أم تظهر نفسك على أنك شخص يمتلك الإجابة الصحيحة دائماً؟ يدعم طلب آراء الآخرين ووجهات نظرهم فكرة أن أي شخص يمكنه دائماً زيادة فهمه ومعرفته من خلال التعلم من تجارب الآخرين وآرائهم.
  • عندما تخوض تحدياً أو تواجه صعوبة أو ترتكب خطأ ما، هل تشاركه مع الآخرين وتتحدث عن رأيك فيه وتحاول معرفة أفكارهم؟

ربما تخشى أن تؤدي هذه السلوكيات إلى فقدان ثقة الآخرين فيك أو في المؤسسة التي تعمل لصالحها. على الرغم من ذلك، فإن هذه السلوكيات الدقيقة تمكّننا من تحقيق النجاح، لا سيما في عالمنا الحديث المقعد والسريع التغير. إذا تبنيت هذه السلوكيات، فستزداد ثقة فريقك في التعلم ويصبح جاهزاً لتحقيق النجاح.

4. عزّز الرسائل المتعلقة بالتعلم بانتظام

على الرغم من أن القادة يمكنهم تهيئة الظروف المناسبة من خلال وصف الثقافة المرغوبة، فتغيير النماذج العقلية والسلوك يحتاج إلى وقت وجهود مستمرة ويتطلب تعزيزاً دورياً. في المراحل الأولى، ستحتاج إلى تذكير الفريق بانتظام بالأفكار والسلوكيات المطلوبة للحفاظ على التركيز والالتزام.

وعليك تذكيره باستمرار بأن الملاحظات والتقييمات هي معلومات يستخدمها أصحاب الأداء الأفضل لتحسين أدائهم أكثر. شجع زملاءك على التفكير في الأخطاء ومناقشتها لاستخلاص الدروس القيمة منها. قدّم المديح والثناء لسلوكيات التعلم الأساسية هذه.

ذكّر فرقك باستمرار بالقيم الأساسية والمعايير التي تتبعها. عندما تلاحظ أن أفراد فريقك يتبعون السلوكيات المطلوبة، يجب أن تشيد بذلك وتعبّر عن تقديرك لهم. عندما يخفق أفراد الفريق، لا سيما القائد أو المدير، في تحقيق النتائج المرجوة، فيجب التحدث عن المشكلة ومناقشة أسبابها والتغييرات اللازمة لتحقيق أداء أفضل في المستقبل.

يجب تقديم إرشادات مستمرة للفريق حول كيفية الانتقال بين منطقتي الأداء والتعلم وتوقيته. إذا كنت تستعد لاجتماع مهم مع أحد العملاء، فهل يجب على الفريق أن ينظر إلى هذا الاجتماع على أنه منطقة أداء لتقديم مهمة معينة فقط، أم أنه ينطوي على أمر جديد يرغب الفريق في تجربته خلال الاجتماع لتحقيق نتائج أفضل؟ في كلتا الحالتين يجب أن تكون الافتراضات والتوقعات الضمنية واضحة. يجب أن توضح الأهداف التي ترغب في تحقيقها وتتفق عليها مع الفريق، وأن تغتنم الفرص لتعزيز طرائق التفكير الجديدة.

5. إجراء مناقشات منتظمة حول ما تجب تجربته بطريقة مختلفة وكيفية تطوير مهارات التحسين الذاتي

من المهم مراجعة إجراءات التعلم والأداء وأنظمتها دورياً ومناقشة الأمور التي يجب تعديلها. إذا استمر فريقك بالعمل بالطريقة والأساليب التي استخدمها في الشهر الماضي أو العام الماضي، فمن المحتمل أنه لم يشهد أي تحسن. في الواقع، ربما تراجعت فعالية فريقك مع مرور الوقت؛ إذ يتغير العالم من حولك ويتطور في حين بقي فريقك في مكانه.

ربما تقضي وقتاً طويلاً في الاجتماعات المخصصة للتفاعل وإيصال الأفكار، التي ربما يكون إيصالها بوسائل اتصال غير متزامنة أفضل بكثير. ربما كانت الرسائل الإلكترونية قصيرة جداً ولا توفر معلومات كافية، ما يؤدي إلى الالتباس وزيادة العمل غير الضروري، وبالمقابل، يمكن أن تكون رسائل أخرى طويلة جداً وتحتوي على تفاصيل إضافية لا جدوى منها. يمكن إجراء اجتماعات منتظمة تتناوب فيها الفرق على مشاركة عملها والطرائق التي تتبعها لتغييره، بهدف تعزيز الفكر المنظومي والتعاون بين الأقسام المختلفة.

تؤدي هذه المحادثات إلى رفع مستوى الأداء، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة التعلم التي تدفع الجميع إلى التعامل مع أعمالهم اليومية بطريقة مختلفة.

التغلب على مفارقة الأداء

نظراً لعدم وعينا بهذين الجانبين من الجهود، بالإضافة إلى تحيزنا البشري لتقدير الأمور الحالية والتقليل من قيمة الأمور المستقبلية، والأنظمة غير المصممة للتعلم، نستمر في عدم الاستثمار في تطوير أنفسنا،

ونعتقد في بعض الأحيان أن الانخراط في عملية التعلم سيكون على حساب الأداء، لكنّ هذه النظرة ضيقة وغير صحيحة؛ إذ تُظهر الأبحاث في العديد من المجالات عكس ذلك: فأصحاب الأداء المتميز هم الذين ينخرطون بانتظام في منطقة التعلم. لا يستغرق هذا الأمر وقتاً إضافياً، لكنه يتعلق بتعاملنا مع حياتنا وأعمالنا اليومية في أثناء إنجاز مهامنا.

نستطيع اكتشاف أساليب جديدة للعمل بطرائق أذكى وتحقيق أثر أكبر من خلال استكشاف أفكار الآخرين وتجاوز المألوف وتجريب أساليب جديدة للعمل وطرح الأسئلة ودراسة الأخطاء وطلب الملاحظات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .